لماذا لم يعد العرب يثقون في جماعة الإخوان؟

لماذا لم يعد العرب يثقون في جماعة الإخوان؟

لماذا لم يعد العرب يثقون في جماعة الإخوان؟


كاتب ومترجم جزائري
21/02/2024

ترجمة: مدني قصري

منذ إنشائها، عام 1928، تحمل جماعة الإخوان المسلمين شعار "الإسلام هو الحلّ" (الحلّ لكلّ المشاكل). لقد استخدم الإخوان، وشركاؤهم، هذا الشعار، على مدى عشر سنوات، كبشاً لشقّ طريقهم إلى السلطة في عدد من البلدان، منها: مصر وتونس والمغرب والسودان.

في الأسابيع الأخيرة، أظهر كثيرون من العرب والمسلمين أنّ شعار "الإسلام هو الحل" فقدَ كلَّ مصداقيته، وأنّهم فقدوا الثقة في قدرة الإخوان المسلمين على الحكم.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون ونشر الفوضى في باكستان.. ما الهدف؟

وكما قال الكاتب المغربي سعيد ناشد: "لقد قاد الإخوان المسلمون المغربَ إلى عقود من الظلام".

اكتشفت شعوب مصر وتونس والمغرب والسودان، التي منحت الإخوان المسلمين فرصة ثمينة، أنّه في ظلّ اختبار القوة، كان التنظيم فاسداً وغير كفء، مثل الأنظمة العلمانية وزعماء الدول العربية.

في الشهرين الماضيين، منِي الإخوان المسلمون بنكستين كبيرتين، واحدة في تونس، والأخرى في المغرب مؤخراً.

لم تلقَ الإطاحة بحزب النهضة الإسلامي التونسي، في تموز (يوليو)، إشادة واسعة من قِبل التونسيين فحسب، بل ومن قبل كثيرين من العرب الذين اتهموا الإسلاميين بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص بزرع الفوضى وعدم الاستقرار في العالم العربي.

في المغرب، تلقّ إسلاميو حزب التنمية والعدالة، في أيلول (سبتمبر)، هزيمة انتخابية ساحقة؛ لم يفز حزب العدالة والتنمية، الذي شارك في الحكومتين الائتلافيتين السابقتين، في الانتخابات التشريعية إلا بـ 12  مقعداً فقط، من أصل 395 مقعداً في البرلمان، كانت الهزيمة أكثر إذلالاً؛ حيث انتقل الإسلاميون من 125 مقعداً إلى 12 مقعداً.

لا يعني سقوط الإخوان اختفاء التنظيم تماماً من المشهد، لكن اليوم، وبوضوح، يقول العرب في هذه البلدان إنّهم سئموا من الإسلاميين غير القادرين على الدفاع عن مصالح شعوبهم

في المغرب، كما في تونس، احتفل كثير من العرب بسقوط الحزب المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين. يدرك العرب ويعترفون الآن بأنّ الإسلاميين روّجوا وأشاعوا في جميع البلدان التي شغلوا فيها مناصب قيادية، الفسادَ والبؤس، ويضيف معظمهم أيضاً أنهم تعلّموا الدرس، وأنهم لن يثقوا بعد الآن بالإسلاميين و"شعاراتهم الفارغة".

حجم الهزيمة هو علامة فشل للإسلاميين الذين استولوا على السلطة في أعقاب "الربيع العربي": لقد فهِمت الشعوب العرب أنّ الإسلاميين لم يقدّموا سوى شعارات وخطابات دينية فقط.

قال الباحث التونسي، سامي براهَم؛ إن الأحزاب المنضوية تحت جماعة الإخوان المسلمين لم تنجح في إنتاج أية برامج، ولا في أيّ مشروع لشعبها. وقال براهَم: "لقد فشلوا على كل المستويات"، "كما أنّ لفشلهم أهمية سياسية وأخلاقية، لقد صاحَبوا وتعلّقوا بالأحزاب الفاسدة".

ووضّحت هدى رزق، المحللة السياسية اللبنانية، أنّ الإخوان المسلمين أرادوا أن يثبتوا لصنّاع القرار في واشنطن أنهم وحدهم، كمنظمة سياسية معتدلة، قادرون على البراغماتية والكفاءة في السياسة.

وقالت رزق: "كانوا يعرفون أنّ واشنطن تهتمّ بالأمن في الدول العربية أكثر من اهتمامها بالديمقراطية، خاصة في عهد الرئيس أوباما"، وأضافت: "الإسلاميون في تونس والمغرب أظهروا قدراً كبيراً من البراغماتية والمرونة، الأمر الذي ساعدهم في أن يصبحوا مكوّناً مندمجاً في الأنظمة السياسية في بلادهم".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: استقالات جماعية وفقدان مقاعد سياسية وخيانة جديدة

ويعتقد عمرو الشوبكي، الباحث في المركز المصري لدراسات الأهرام، أنّ كلّ إخفاقات الإسلام السياسي لها قواسم مشتركة، لكن لا توضَع كل التجارب في سلة واحدة.

وقال الشوبكي لقناة الحرة؛ إنّ أحد الأسباب الرئيسة لفشل الإخوان هو المكوّن الأيديولوجي لهذا التنظيم، وعدم قدرته على الفصل بين الدين والسياسة، واحتكاره للحق المطلق وادعائه تمثيل الإسلام "الحقيقي".

اقرأ أيضاً: لهذا لحقت حركة النهضة التونسية بتيار الفشل الإخواني

وأوضح الشوبكي؛ أنّ العرب "رفضوا الوصاية التي سعوا إلى فرضها عليهم باسم الدين، وبدأوا يميّزون بين قدسية الدين وبين برامج الأحزاب، وقدرتها على تلبية مطالبها".

وبحسب الباحث المصري، فإنّ فشل الإسلاميين يعود أيضاً إلى حقيقة أنّهم بعد "الربيع العربي" أوضحوا للناس أنّه بعد فشل الاشتراكية والرأسمالية، سيحلّ المشروع الإسلامي كلّ المشكلات.

وأضاف الشوبكي: "بعد 10 سنوات فشل المشروع الإسلامي، ولم تختفِ المشكلات الاقتصادية والاجتماعية".

وأوضح مروان شحادة، المتخصص الأردني في الجماعات الإسلامية، نقلاً عن قناة الحرة، فشلَ الإسلاميين بافتقارهم للخبرة السياسية، وعدم قدرتهم على الانتقال من المعارضة إلى الحكومة.

اقرأ أيضاً: هل انتهى مشروع حركة النهضة الإخوانية في تونس؟

وأضاف شحادة؛ "الإسلاميون فشلوا أيضاً لأنهم تبنّوا السياسات والأدوات السياسية نفسها التي كانت تتبناها الحكومات والأنظمة التي حلّت محلّها، "لقد عانت الجماعات والأحزاب الإسلامية من العلل نفسها التي عانت منها الأحزاب الأخرى، بدءاً بالفساد ... لقد فشلت في إدارة شؤون بلادها، وفي حلّ المشاكل، وفي توفير ما كانت تنتظره منها الشعوب، بالإضافة إلى ذلك، كانت تفتقر إلى الكوادر المدرّبة على عمل الدولة".

وصف أمين السوسي علوي، الباحث المغربي في الجغرافيا السياسية، هزيمةَ الإسلاميين في المغرب بـ "الزلزال الذي سيقصم ظهر الإخوان المسلمين في العالم الإسلامي".

الكاتب حافظ البرغوثي: التجربة تثبت أنّ أحزاب الإخوان مختصة بالهدم، وليس البناء، والدليل أنّهم يحكمون دون أن يقدّموا لمن يحكمون خدمات أخرى غير الانتصارات الوهمية والفساد

وقال إن السنوات العشر التي قضاها المغاربة مع الإسلاميين جعلتهم "يكتشفون زيف الشعارات الشعبوية التي يستخدمها حزب العدالة والتنمية لاختراق الحكومة".

وأكد الكاتب الليبي، ميلاد عمر مزوغي، أنّ العرب أخطأوا، بلا شكّ، بالتصويت لأحزاب تابعة للإخوان المسلمين، لكنّهم "عرفوا كيف يُعاقِبون الذين خيّبوا أملهم".

لم يهتم الإخوان المسلمون في شمال أفريقيا بشعوبهم، لقد ارتكبوا أبشع الأفعال، وربطوا مصير شعوبهم بتركيا، واستوردوا كلّ شيء من هذا البلد لإنعاش الاقتصاد (التركي)، ونتيجة لذلك أفرغوا خزائن بلادهم وأفقروا سكانها، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والجريمة.. قد يحدُث أن يرتكب الناس أخطاءً في اختياراتهم بسبب عدم الوضوح والمعلومات الخاطئة التي يقدّمها المرشَّحون، لكنهم عند الفرصة الأولى لا يتأخرون عن تصحيح خطئهم، لقد أظهرت الانتخابات البرلمانية المغربية تخلّي الشعب المغربي عن الإخوان المسلمين، الإخوان المسلمون نبات شرّير ينمو على الروث".

قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي، فهد الشقران، في المغرب أثار الفساد الجامح الغضبَ الشعبي، وأسقط جماعة الإخوان المسلمين.

وأشار إلى أنّ العديد من الناخبين في المغرب ينظرون إلى جماعة الإخوان المسلمين على أنّها منظمة انتهازية تشقّ طريقها إلى السلطة بشعارات جوفاء.

اقرأ أيضاً: تجارب الإخوان في الميزان بعد 10 سنوات من الخذلان

"الفسادُ الهائل، وعدم القدرة على محاربة البطالة، والافتقار إلى إستراتيجية واضحة للحدّ من الفقر، خيرُ دليل على فشلهم، يحقق الإخوان المسلمون نجاحاً في المعارضة، لكنّهم يفشلون دائماً بمجرد وصولهم إلى السلطة، إنّهم يُجيدون التدمير، لكنهم لا يبنُون أيّ شيء أبداً".

ويضيف الشقران، مشيراً إلى فشل الإسلاميين في العديد من الدول العربية؛ إذا لم يتعلم المسلمون من "تجاربهم المميتة" مع الإخوان المسلمين، فإنّ الفشل نفسه سوف يُكرر نفسه بانتظام إلى ما لا نهاية.

وتابع الشقران قائلاً:

"بعد عقد من الحكم الإسلامي في تونس والمغرب، كان سجل الإخوان المسلمين كما يلي: لقد نَمُّوا الفساد، وعرّضوا الدولة ومؤسساتها لمزيد من الإذلال والاحتقار، وسرقوا أرواح الناس وأموالهم".

وقال الكاتب والإعلامي اللبناني البارز، نديم قطيش: "الإسلاميون في المغرب عوقبوا بشدة عن 10 سنوات أمضوها في الحكومة دون إنتاج أيّ شيء إيجابي لشعبهم".

وكتب: "صوّت المغاربة للتغيير وليس للبلاغة والتفصّح"، وأضاف: "الانتخابات الأخيرة في المغرب فرصة لهذا البلد للتخلص من ابتزاز الإسلاميين".

كما ألقى المحرر والكاتب الفلسطيني، حافظ البرغوثي، حجره على جماعة الإخوان المسلمين في المغرب، حيث قال: "لطالما ادّعت الأحزاب المرتبطة بالإخوان المسلمين أنّها ممنوعة من الحكم، وأنّها لا تستطيع تنفيذ برنامجها، لكنّ الإخوان ظلوا في السلطة في المغرب لمدة عشر سنوات، ولم يفعلوا شيئاً للمغاربة الذين شعروا في النهاية بأنّهم انخدعوا بالشعارات الدينية".

وبحسب البرغوثي؛ فإنّ "التجربة تثبت أنّ أحزاب الإخوان المسلمين مختصة بالهدم، وليس البناء، والدليل أنّهم يحكمون دون أن يقدّموا لمن يحكمون خدمات أخرى غير الانتصارات الوهمية والفساد".

اقرأ أيضاً: أزمة الخيارات المحدودة: أي مستقبل ينتظر الإخوان؟

ويؤكّد الكاتب الفلسطيني؛ أنّ تونس تخلصت من الإسلاميين لأنّهم دمّروا الاقتصاد و"سرقوا أموال الشعب"، وأضاف: "الإخوان المسلمون في المغرب، ظلوا في السلطة لسنوات عديدة، مما أغرق البلاد في أزمة اقتصادية واجتماعية".

ويضيف البرغوثي: "الأحزاب الإسلامية تعتقد أنّ حكمهما سيستمر طالما أنّها ترفع شعارات دينية"، وقال: "لكنهم لا يهتمون إلا بمصالحهم، ويخدمون مؤيديهم فقط، وهذا هو سبب السقوط السريع لجماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة ليس لها تاريخ في البناء والتسامح".

اقرأ أيضاً: الشعوب العربية قالت (لا) لمشروع الإخوان، فلماذا الإنكار؟

منير أديب، الخبير المصري في شؤون الجماعات الإسلامية، صرّح بأنّ "سقوط الإسلاميين في المغرب هو انعكاس لانهيار التنظيم في مصر وتونس ودول عربية أخرى"، حيث قال: "هذا السقوط ليس سقوطاً سياسياً، إنّ ما نشهده هو انهيار أيديولوجية التنظيم التي أصبحت غير مرغوب فيها في الدول العربية، بدأ السقوط الكبير للإخوان المسلمين سياسياً وفكرياً في مصر، وتبعه السودان، ووصلت العدوى إلى تونس، وأخيراً المغرب، وبسبب فشلهم الذريع في هذه البلدان، من المتوقع أيضاً أن يسقطوا في ليبيا في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة".

لا يعني سقوط الإخوان المسلمين في عدد من الدول العربية اختفاء التنظيم تماماً من المشهد، لكن اليوم، وبوضوح، يقول العرب في هذه البلدان إنّهم سئموا من الإسلاميين غير القادرين على الدفاع عن مصالح شعوبهم.

والسؤال الذي يظلّ مطروحاً هو الآتي: في الغرب، هل سيدرك أنصار الإسلاميين هذا الرفض، أي بمعنى آخر؛ متى سيتوقفون عن معاملتهم على أنّهم "فتيان طيبون" يسعون إلى تحسين حياة العرب والمسلمين؟

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

fr.gatestoneinstitute.org

الصفحة الرئيسية