لماذا نفى نصر الله التنافس والاشتباكات بين روسيا وإيران في سوريا؟

سوريا

لماذا نفى نصر الله التنافس والاشتباكات بين روسيا وإيران في سوريا؟


24/04/2019

عند قراءة واقع العلاقات الإيرانية-الروسية واستشراف التحديات التي تواجهها في سوريا والمنطقة، ينبّه خبراء مختصون في الشأن الإيراني إلى سيناريو "تعرّض المصالح الثنائية بين البلدين لانحلال جزئي أو أكبر من ذلك عندما يعمّ الضرر". لعلّ هذا بالضبط ما دفع أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، ليعلّق حول ما يتردد في وسائل الإعلام عن تنافس أو اشتباكات بين الجانبين؛ الروسي والإيراني، في سوريا، بقوله هذا "غير صحيح على الإطلاق"، مؤكداً أنّ "التعاون الميداني لا يزال قائماً بين الحلفاء كما كان في السابق".

اقرأ أيضاً: روسيا وإيران... بوادر خلاف حول سوريا؟
وإذا كان من الطبيعي أن يقوم نصر الله بالنفي، فإنّ المؤشرات على أرض الواقع تتزايد باتجاه تأكيد اتساع التباين في سُلّم الأولويات بين طهران وموسكو، وتبدو الساحة السورية أوضح تجليات هذا التباين، وكان من أبرز عناوينه في الآونة الأخيرة:

اشتباكات بين الجانبين
• تسليم روسيا الإسرائيليين، قبل أسابيع، جثة جندي مفقود على الأراضي السورية منذ عام 1982.

الخطوة الروسية تشكل رداً على خطوة توقيع اتفاقية مماثلة بين إيران وسوريا لاستئجار ميناء بحري اللاذقية التي وُقِّعت قبل شهرين

• الحديث عن نشر الشرطة العسكرية الروسية قوات لها على الحدود اللبنانية-السورية، وما قيل عن استنفارها ضد مجموعات من "حزب الله" بالقرب من تلك الحدود.
• إعلان نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، عن أنّه طلب من الرئيس السوري، بشار الأسد، استئجار مرفأ طرطوس على البحر المتوسط لمدة 49 عاماً لتمكين موسكو من الإسهام في حل أزمة الوقود في سوريا، وذلك في أعقاب موافقة دمشق على تسليم مرفأ اللاذقية المجاور لطرطوس إلى إيران، بهدف تسليم مشتقات نفطية إلى النظام السوري، ما يؤشّر إلى حدّة المنافسة للظفر بعقود مجزية في سوريا، إلى جانب الصراع على التموضع طويل المدى في مناطق إستراتيجية وحيوية من سوريا. وأفادت صحيفة "الشرق الأوسط" بأنّه وفقاً لمعطيات مصادر روسية، سوف يتم قريباً (في حال وافقت دمشق على توسيع اتفاق استئجار قاعدة طرطوس البحرية لتشمل كل الميناء والأراضي المحيطة به) البدء بتسليم شحنات النفط الروسية إلى سوريا كبديل عن النفط الإيراني.
واستناداً لمعلومات وسائل إعلام روسية فإنّه بعد الاجتماع بين رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل أسبوعين، منعت القاهرة سراً مرور ناقلات النفط الإيرانية عبر قناة السويس. ونتيجة لذلك، اندلعت أزمة البنزين في سوريا، وأن هذا شكّل السبب الرئيسي لزيارة بوريسوف الأخيرة المفاجئة لدمشق.

توسيع روسيا وجودها بطرطوس سيحظى بقبول الأطراف الإقليمية والدولية، فبدلاً من اللاذقية (الإيرانية)، ستغدو طرطوس (الروسية) بوابة النفط الرئيسية لدمشق

ولدى توسيع الإجابة عن سؤال سبب نفي حسن نصر الله لأنباء التنافس والاحتكاكات بين طهران وموسكو في سوريا، لفتت أوساط روسية، كما تضيف "الشرق الأوسط"، إلى أنّ الخطوة الروسية مع أنّها توسّع الوجود والمصالح الروسية في سوريا فهي تشكل رداً في الوقت ذاته، على خطوة توقيع اتفاقية مماثلة بين إيران وسوريا لاستئجار ميناء بحري اللاذقية، التي وُقِّعت قبل شهرين، وبعدها زار الأسد طهران.
ووفقاً لمعطيات صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" فإنّ الاتفاق السوري الإيراني الذي يدخل حيز التنفيذ بداية تشرين الأول (أكتوبر) 2019 "لم يقلق الولايات المتحدة وإسرائيل فقط، ولكن روسيا أيضاً. ومن الواضح أنّ هذا الموضوع كان موضوع مفاوضات خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لموسكو أخيراً".
وعزت مصادر الصحيفة القلق إلى أنّ دول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لا تستطيع السيطرة تماماً على طرق النقل البري الرئيسية من إيران عبر العراق إلى سوريا، وأنّه باتت لدى إيران الآن الفرصة لزيادة موقعها على الساحل السوري في البحر الأبيض المتوسط. لذلك تنطلق روسيا، وفقاً للمصادر، من أنّ توسيع وجودها في طرطوس سوف يحظى بقبول من كل الأطراف الإقليمية والدولية، انطلاقاً من أنه "بدلاً من اللاذقية (الإيرانية)، ستغدو طرطوس (الروسية) بوابة النفط الرئيسية إلى دمشق".
شكوك عميقة

شكوك عميقة بين إيران وروسيا
وعلى الرغم من أهمية الإقرار بأنّ هناك مساحات مصالح وتعاون عديدة بين موسكو وطهران تتجاوز الساحة السورية، وتتعلق خصوصاً بآسيا الوسطى وأفغانستان وغيرها، وأنه ليس مُقدّراً في المدى المنظور تفككها، فإنّ هذا لا ينفي وجود بنية قوية من الشكوك العميقة والممتدة تاريخياً، المتبادلة بين إيران وروسيا، ما يجعل "عامل الثقة" بينهما متذبذباً. وفي إطار ذلك، قال الباحث في الشأن الإيراني لدى المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، كليمان تيرم، في ندوة نظمها المعهد أخيراً في مقرّه للشرق الأوسط في العاصمة البحرينية المنامة، بعنوان "روسيا وإيران: شراكة مصالح لا قيم"، إنه حتى الجوانب الثقافية ليست متقاربة بين روسيا وإيران، حيث لم يسعَ أي طرف شعبي في إيران للإسهاب في التبادل الثقافي مع روسيا وتعلُّم لغتها، إذْ يظهر ولع فئة الشباب في إيران بكل ما هو غربي، ولكن الساحة السورية كانت مسألة إعادة إثبات وجود لروسيا على الساحة الدولية، واشتركت فيها مع إيران في رفضها لنموذج الديمقراطية الغربية ومفاهيم حقوق الإنسان كما هي في أوروبا وأمريكا، وكراهيتهما للإرهاب في هيئته التي تمثلها التنظيمات السنية، وهما مرتكزان لتدخل الدولتين في سوريا، مع فارق ثقل العلاقات والمصالح الروسية - السورية منذ عهد حافظ الأسد.

اقرأ أيضاً: الانسحاب الأمريكي يترك روسيا وإيران وتركيا في الفخّ
وذكر تيرم، كما نقلت "الشرق الأوسط"، أنّ جذور التفاهم الدبلوماسي بين الدولتين تعود لقرون عدة خلت بين السلالات الحاكمة في إيران؛ كالصفويين والقاجاريين، الذين سعوا منذ القرن السادس عشر لاتقاء سطوة روسيا القيصرية على حدود إيران الشمالية، التي خسرت إيران بسببها أراضي شاسعة.

الانحلال الجزئي في شبكة المصالح
كما تطرق الباحث إلى تأرجح الشراكة بين ميول الشاه الغربية وادعاء الخميني للوسطية وانحياز النظام الحالي لروسيا وربما الصين، مشيراً إلى أنّ روسيا لم تحظَ بعقود كبرى للعمل في قطاعات الطاقة الإيرانية، وحازت عليها شركات أوروبية، مثل "توتال" التي تعمل على حقل "فارس"، أكبر حقل غاز في العالم.

اقرأ أيضاً: هل أدرك أردوغان ورطته في سوريا بالتعاون مع روسيا وإيران؟
وأشار الباحث إلى أنّ توجه الروس والإيرانيين لتشكيل حلف نفطي مع الصين لم يحالفه النجاح، بل عادت روسيا للعمل مع المملكة العربية السعودية ضمن حصص إنتاج النفط.
وأفاد تيرم بأنّ الشركات الروسية في غالبها هرعت للانسحاب من السوق الإيرانية، خشية وقوعها تحت طائلة العقوبات التي أقرها على إيران الرئيس ترمب العام الماضي؛ وذلك في مؤشر، ربما، إلى تعرض المصالح الثنائية بين موسكو وطهران لانحلال جزئي أو أكبر من ذلك عندما يعمّ الضرر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية