لماذا يريد قادة الإخوان في أمريكا تقويض الحضارة الغربية؟

لماذا يريد قادة الإخوان في أمريكا تقويض الحضارة الغربية؟


02/11/2020

يبعث بدلالات عديدة انخراطُ جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة على قوائم الإرهاب، في عدد من البلدان العربية، في مجريات وتفاصيل المشهد الانتخابي الأمريكي، المحتدم بين الرئيس دونالد ترامب، والمرشح الديمقراطي، جو بادين. وأبرز تلك الدلالات آليات التنظيم للحصول على أصوات الناخبين، وكذا أشكال التأثير السياسي عليهم، وبخاصة بين الجاليات الإسلامية والعربية؛ إذ تتعدد الهيئات والمنظمات، الموالية للإخوان، سواء المالية أو العاملة في المجال الحقوقي والإغاثي أو الاجتماعية، التي تتولى عملية الاستقطاب والاصطفاف السياسي والانتخابي، ومن ثم، توفير كافة الموارد، المادية والمعنوية، لتأدية هذا الدور.  

المنظمات الخيرية والتنموية

ومن بين أبرز الشبكات السياسية والاجتماعية، التابعة للإخوان في الولايات المتحدة، والتي تتعدد مهامها وأدوارها في المجتمع الأمريكي، الجمعيات الإسلامية، مثل الجمعية الإسلامية الأمريكية، التي تأسست في ثمانينات القرن الماضي؛ وقد ساهم قانون الهجرة والجنسية، الصادر في العام 1965، بإحداث نقلة نوعية هائلة في ما يتصل بواقع عدد المسلمين في أمريكا، من ناحية، وكذا نشاطهم المحلي الذي ترتب عليه تطور طبيعة عمل تلك الجمعيات والمنظمات، ومن ثم، اتساع نطاق عملهم، من ناحية أخرى.

وتعد جمعية الطلاب المسلمين، التي دشنت في العام 1963، أول مؤسسة إسلامية يجري تأسيسها، عقب قانون الهجرة والجنسية؛ حيث ترافق وذلك الأمر، تغير في نمط وأهداف عملها؛ إذ تحولت من رعاية الطلبة العرب والمسلمين بأمريكا، وتوفير الدعم لهم، إلى تهيئة بيئة مواتية، بغرض استقطابهم الأيديولوجي والتنظيمي، وعليه، أضحت الجمعية بمثابة وكيل عام لتجنيد عناصر من جنسيات متباينة للجماعة، الأمر الذي ساهم في زيادة وتدفق أعضاء التنظيم، عربياً وعالمياً.

بالرغم من التعريفات والمبادئ التى وضعتها "كير" لنفسها، لكنها تنشط في مجال دعم الإرهاب، إضافة إلى مساندتها لجماعة الإخوان المسلمين، الموضوعة على لائحة التنظيمات الإرهابية

وبحسب مركز دراسات "عين أوروبية على التطرف"، فقد اتخذت الجمعية الإسلامية مساراً مشابهاً لما فعله الإخوان في دول مثل مصر والأردن؛ إذ اتبعت نهجاً من ثلاث خطوات: الأنشطة الطلابية، والتوسع في المجتمع من خلال تعزيز وجودها ضمن فئات مهنية محددة، مثل الأطباء والمهندسين، وإنشاء منظمات سياسية.

وتعد مؤسسة "كير"، إحدى المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة، التي تتخذ من العاصمة الأمريكية، واشنطن، مركزاً لها، وذلك منذ تأسيسها، في العام 1994، على يد نهاد عوض، وعمر أحمد، والكندي المسلم إبراهيم هوبر؛ إذ يعرف المجلس نفسه، باعتباره "منظمة حريات مدنية ذات طابع إرشادي، هدفها الحفاظ على الديمقراطية".

الإخوان بقناع الدفاع عن المظلومين

بيد أنّه بالرغم من "التعريفات والمبادئ التى وضعتها "كير" لنفسها، وتروج بها لوجودها، لكنها تنشط في مجال دعم الإرهاب، إضافة إلى مساندتها لجماعة الإخوان المسلمين، الموضوعة على لائحة التنظيمات الإرهابية في أكثر من دولة، وعلى رأسها مصر والسعودية والإمارات"، بحسب "عين أوروبية على التطرف"؛ إذ تنقسم إدارة المؤسسة إلى فئتين: مجلس الإدارة المكون من رئيس ومدير تنفيذى، وأمين صندوق وسكرتارية ومديرين آخرين، ويلاحظ اهتمام كل منهم بملفات مختلفة، سواء جغرافية أو تنظيمية؛ فهناك من يهتم بملف الأفارقة، وهناك من يعنى بملف منطقة جورجيا، وهناك من يتولى مهمة التحدث إعلامياً باسم المنظمة.

وفي غضون ذلك، صنفت وزارة العدل الأمريكية منظمة "كير" الإسلامية، باعتبارها كياناً معادياً للولايات المتحدة، وينتمي للإخوان المسلمين؛ إذ تطاولها اتهامات تتصل بتمويل الإرهاب، حسبما يوضح مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأعضاء النيابة العامة الاتحادية، والتي تقول إنّ "كير تستخدم خدعاً مختلفة لإخفاء تورطها مع الإرهابيين، كما خضعت المنظمة لهيمنة التنظيم الدولي للإخوان، بغية تأمين وصول التحويلات المالية، وتقديم الدعم لفروع التنظيم تحت غطاء المساعدات الإنسانية"، وقد ساعدها في ذلك "تركيزها على أكثر المناطق فقراً، والتي تعتبر الأرض الخصبة لضمان عملية التحشيد والتجنيد، وهو ما بدا من خلال أهدافها المعلنة التي تنص على حصر مساعداتها في العالم النامي".

هامش الحرية واستغلال الإخوان

يعتبر "الجهاد الحضاري" الآلية المعتمدة من جانب جماعة الإخوان، للتوغل داخل المجتمع الأمريكي، وقد كشفت وثيقة مسربة، تحمل عنوان "الجهاد الحضاري"، عن آليات عمل الجماعة في الولايات المتحدة، بحسب ما يشير الباحث المصري في العلوم السياسية، الدكتور مصطفى صلاح، الذي أبلغ "حفريات" بأنه "تم العثور على الوثيقة مع محمد أكرم، القيادي الإخواني، وأحد قيادات حركة حماس في أمريكا؛ حيث ركزت الوثيقة على فكرة تقويض الحضارة الغربية، من خلال الاختراق الداخلي للمجتمع، وذلك بواسطة استغلال المنظمات الخيرية، مثل: الوقف الإسلامي لأمريكا الشمالية، وتجمع مسلمي أمريكا الشمالية، ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية".

الباحث المصري د. مصطفى صلاح لـ"حفريات": يعتبر "الجهاد الحضاري" الآلية المعتمدة من جانب الإخوان، للتوغل داخل المجتمع الأمريكي، بحسب وثيقة عن آليات عمل الجماعة

وبحسب الباحث المصري، فإنّ الجماعة تعتمد على مفهوم التمكين، كمحور انطلاق لإستراتيجيتها في الحضارة الغربية؛ وهو الأمر الذي تكشف عنه الوثيقة التي تبين آليات العمل والانتشار، وذلك على اعتبار أنّ هذا العمل يستلزم وجود مؤسسات تابعة للجماعة؛ مثل: وسائل الإعلام، والأحزاب السياسية، والكيانات الاقتصادية، كالبنوك والشركات، خاصة، وأنّ الجماعة تمتلك العديد من الصحف والمنابر الإعلامية مثل: الآفاق، الأمل، السياسي، إلى فلسطين، الزيتونة، الراصد الفلسطيني، مجلة العلوم الاجتماعية.

اقرأ أيضاًَ: الإخوان والانتخابات الأمريكية: فترة أوباما العصر الذهبي لجماعات التطرف

لا يعدو حشد الأصوات المسلمة، وتوجيهها، من قبل أعضاء جماعة الإخوان، أمراً جديداً؛ إذ سبق وحدث الأمر ذاته، في عقود ومراحل سابقة، دعمت فيها الجماعة من خلال وكلائها انتخاب بعض الرؤساء الأمريكيين، والذين من شأنهم أن يمثلوا ضغوطاً كبيرة على حكومات الدول العربية، خاصة في ما يتعلق بمنحهم هامش حركة في العمل السياسي؛ وقد اعتمدت جماعة الإخوان على القيام بالتوغل في المؤسسات الرسمية الأمريكية.

ويلفت الباحث المصري إلى أنً "إستراتيجية جماعة الإخوان في الغرب لم تتغير، فهي ذاتها التي انتشرت في مختلف العواصم الأوروبية، منذ البداية؛ إذ سبق وتمكنت بواسطة اتحاد المنظمات الإسلامية، تكوين روابط في مختلف الدول الأوروبية، إضافة إلى استغلال الدعم الذي تقدمه كل من قطر وتركيا في تعزيز انتشارها، الأمر الذي وصل حد السيطرة على مختلف المساجد، والجمعيات الخيرية، وإخضاع كل ذلك للخطاب الإخواني.

اقرأ أيضاً: بايدن أم ترامب.. هل تشهد أمريكا مفاجأة مدوّية في نتائج الانتخابات؟

وإثر هذا الانتشار الهائل للإخوان، قدم السيناتور الجمهوري، تيد كروز، مشروع قانون بالتعاون مع الجمهوريين، مايكل ماكول، وماريو دياز بالارت، مطلع العام 2016، تحت شعار "حماية الأمريكيين من الإرهاب الإسلامي المتطرف الموجه ضد أمريكا"، وذلك لوضع قيود تستهدف محاسبة الإخوان، وكذا الحرس الثوري الإيراني، باعتبارهما جهتين تحرضان على نشر الأيديولوجيا الإسلامية المتشددة، لتدمير الغرب.

اقرأ أيضاً: الانتخابات الأمريكية: لماذا يسعى الإخوان لسرقة أصوات المسلمين؟

ولئن يرى صلاح أنّ مشاريع القوانين الأمريكية، لم تتمكن، حتى الآن، من وضع أطر قانونية صارمة لمواجهة نشاط الجماعات الإسلامية داخل الولايات المتحدة، لكنه يشير إلى ضرورة ملحة تفرض حالها على عدد من القيادات السياسية والحزبية بالغرب وأمريكا، مؤخراً، لوضع قيود على عمل المنظمات الإسلامية، والجمعيات الخيرية والتنموية التي تعمل في أنشطة غير مشروعة، وتتخفى وراء الأهداف الإنسانية؛ وذلك بعد استشعار حجم اختراق التنظيمات المتطرفة لهذه المجتمعات، من خلا دعم وتمويل الأنشطة المشبوهة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية