لماذا يميل المتحولون للإسلام للانضمام إلى الجماعات الجهادية؟

لماذا يميل المتحولون للإسلام للانضمام إلى الجماعات الجهادية؟

لماذا يميل المتحولون للإسلام للانضمام إلى الجماعات الجهادية؟


10/01/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

تُدعى إلى اعتناق الإسلام بشكل متكرّر إذا سافرتَ في العالم الإسلاميّ، ولم تظهَر عليك سيماء الإسلام، يحصل ذلك بشكل مشابه في أجزاء من الولايات المتّحدة - هل تقبل يسوع بصفته ربّك ومخلّصك؟ - بالرّغم من أنّه في دول مثل باكستان أو بنغلادش أو السودان، يُطرَح السّؤال بديباجة أقلّ من نظيره المسيحيّ في الولايات الجنوبيّة "ذي بايبل بيلت"، سمعتُ دعوة الغرباء في الحافلات، وأصحاب المتاجر الذين يرفعون أعناقهم من نوافذهم، ودوماً ما يحصل ذلك بشكل ودّيّ، وتُعدّ "لا" إجابة مقبولة، لكن في بعض الأحيان تُثير الفزع وتقود إلى إلقاء محاضرة قصيرة، لا أتّخذ أيّ موقف هنا بشأن الكيفيّة الّتي ينبغي أن تُجيب بها، لكن إذا كان هدفك الوحيد هو إنهاء اللّقاء الدّعوي دون الإضرار بمشاعر مُضيفك، فإنّني أقترح أن تشير إلى أنّه من شأن تغييرك لدينك أن يُحطّم والديك، يتفهّم الجميع واجب أن تكون ابناً صالحاً، وفي معظم الحالات سيتركك الدّاعية لحالك.

يميل المتحوّلون للانضمام إلى الجماعات الجهاديّة بمعدّل غير متناسب بما يعادل ثلاثة إلى أربعة أضعاف مثيله لدى المسلمين غير المتحوّلين

بالنّسبة إلى كثيرين ممّن يدرسون الجهاد؛ فإنّ السّؤال الأكثر إلحاحاً حول التّحوّل الدّينيّ ليس كيفيّة تجنّبه بأدب، لكن لماذا يميل المتحوّلون للانضمام إلى الجماعات الجهاديّة بمعدّل غير متناسب، ما يعادل ثلاثة إلى أربعة أضعاف مثيله لدى المسلمين غير المتحوّلين (مع تباين كبير، حسب البلد)، يستحيل عدد قليل من المتحوّلين إلى جهاديّين ويختفون بشكل تامّ، لكنّه عدد كاف إلى درجة أنّه يدعونا إلى التّكهّن بشأن الصّلة. راقَ لتنظيم داعش ذات يوم أن يضع المتحوّلين أمام كاميراته، لكن حتّى وراء الكاميرات يبدو أنّ المتحوّلين مُثِّلوا بشكل زائد، ومن بين المسلمين الموالين لداعش في أوروبا، التقيتُ كثيراً ممّن اعتنقوا الإسلام من ذوي الشّعر الفاتح.

كنت أفترض، مع آخرين كثيرين، أنّ المتحوّلين إلى الإسلام أكثر حماسة بشكل عامّ؛ ففي النّهاية، بذل هؤلاء قصارى جهدهم لاعتناق إيمان جديد، في حين أنّ غير المتحوّلين يولدون بهذه الطّريقة، لكنّ الأبحاث الحديثة تشير إلى خلاف ذلك.

اقرأ أيضاً: شوكة النكاية والتمكين في الفكر الجهادي المعاصر

 بحثت ورقة نشرها مؤخّراً دانيال دبليو سنوك، ولي برانوم-مارتن، وجون جي هورغان، تَديُّن الأمريكيّين الذين تحوّلوا إلى الإسلام، ووجدَت أنّهم يميلون إلى أن يكونوا أقلّ تديّناً من أقرانهم غير المتحوّلين، وكتبوا أنّ المتحوّلين إلى الإسلام "يؤمنون بالمعتقدات الإسلاميّة بشكل أقلّ قوّة ويكافحون أكثر مع العقيدة الإسلامية" من المسلمين الّذين نشأوا كذلك، لم تُضمِّن الدّراسة المتحوّلين الأوروبيّين، الّذين يمكن أن يتصرّفوا بشكل مختلف، وعليّ أن أشير أيضاً إلى أنّ "كفاح" المرء مع إيمانه لا يشير بوضوح إلى نقص الدّين، كما يزعم المؤلّفون، فالمتعصّبون الدّينيّون يكافحون مع إيمانهم أيضاً.

بعض النّاس يتحوّلون لإرضاء أناس آخرين كالتّوافق مع الأصدقاء أو لتلبية طلب عائلة الزّوجة فيما يتحوّل آخرون بالرّغم من استياء الآخرين

لكن دعنا نقول إنّ المؤلّفين على حقّ بشكل عامّ، و"الفكرة الشّائعة القائلة بأنّ المتحوّلين أكثر حماسة والتزاماً، وحتّى تعصّباً مقارنةً بإخوانهم غير المتحوّلين، رغم أنّها مقنعة بشكل متناقَل، قد لا تكون أكثر من تحيّز يجعلنا نبحث عمّا يؤكّد قناعاتنا المسبقة"، لا يختلف المؤلّفون على أنّ المتحوّلين يُمثَّلون بشكل زائد بين الأقلّيّة الشّنيعة من المسلمين الّتي تنجذب إلى الإرهاب، إذاً، ماذا يحصل؟ عندي بعض الفرضيّات.

اقرأ أيضاً: كيف ستتعامل فرنسا مع الجهاديّين المفرَج عنهم؟

بعض النّاس يتحوّلون لإرضاء أناس آخرين، للتّوافق مع الأصدقاء، لتلبية طلب عائلة الزّوجة، ويتحوّل آخرون بالرّغم من استياء الآخرين، فكّر في العودة إلى الإستراتيجية الخاصّة بإبعاد المُجنِّد عن ظهرك، وتعمل هذه الإستراتيجيّة بسبب الفهم المشترك للتّقوى البنويّة، والرّغبة في تجنّب إغضاب الأسرة أو إحباط أملها، أن تُبلِغ والدتك ووالدك بأنّك لن تحتاج إلى الكتاب المقدّس الخاصّ بالعائلة عند وفاتهما، أن تُجري مكالمة هاتفيّة عمادها البكاء، وتُعلِن أنّك غيّرت اسمك إلى محمّد عبد الرّحمن، هذه أعمال مفرطة تتطلب بنية عاطفيّة فولاذيّة. "آسف، يا أمّي، ولكنّني لستُ آسفاً" (رأيتُ حالات لأشخاص يبدو أنّهم تحوّلوا على وجه التّحديد نكايةً في الآخرين).

لم يتمكّن الباحث دانيال دبليو سنوك وزملاؤه من التّحقّق لمعرفة ما إذا كان الذين اعتنقوا الإسلام يميلون إلى هذه الاتّجاهات المعاكسة، يتوقون إلى إرضاء أحدهم في بعض الحالات، وفي حالات أخرى على استعداد لإزعاج المقرّبين منهم وإحباط آمالهم بشأن مسألة مبدأ، من بين المتحوّلين الذين رصدتهم من من المرتبطين بتنظيم داعش، يُعدّ الإعلان الدّائم عن الاعتراض أسلوب حياة، إنّهم على استعداد تامّ لقول أشياء يعرفون أنّني سأراها مثيرة للاشمئزاز، إذا اعتقدوا أنّها صحيحة، تساءلَ العديد من غير المطّلعين بقوّة على الموضوع عن سبب بدء تنظيم داعش عهده الإرهابيّ من خلال إحياء ممارسة العبوديّة الجنسيّة الإسلاميّة، بدلاً من التّركيز أوّلاً على الممارسات الإسلاميّة الأكثر جاذبيّة مثل الصّدقة والعطف، ثمّ الذّهاب باتّجاه الأمور البغيضة، أعتقد أنّ هذا هو الجواب: أراد داعش مؤمنين حقيقيّين، لكن ليس فقط أيّ مؤمنين حقيقيّين، أراد أكثر الأشخاص اعتراضاً وإفراطاً، قبل كلّ شيء، يمتلك الحقيرون قيمةً واضحةً في ساحة المعركة، وإذا كان من المرجّح أن يكون المتحوّلون شخصيّات اعتراضيّة أكثر من المسلمين المولودين كذلك، فسنرى المزيد من المتحوّلين بين الجهاديّين، حتّى لو لم يكونوا، في المتوسّط، أكثر تديّناً.

اقرأ أيضاً: النساء الجهاديات: المرأة صانعة للإرهاب أم ضحية له؟

قد تساعد ديناميكيّة أخرى للتّحوّل في حلّ اللغز، عند التّرحيب بالمتحوّلين، يفترض المؤمنون المولودون كذلك بطبيعة الحال أنّ القادمين الجدد في حاجة إلى الإرشاد، سبق أن قال لي أحد الدّعاة ضمن سعيه لإقناعي بتغيير ديني: "ستكون طفلاً مسلماً، وسنساعدك على تعلّم المشي"، لكن يمكن للوافدين الجدد أن يكونوا أذكياء، أو عنيدين جداً ، في كثير من الحالات، وقد يكون هذا التّعالي مزعجاً، لا سيما إذا كان المتحوّل قد كرّس نفسه للدّراسة الجادّة لدينه الجديد وتفوّق على معظم المؤمنين الأصليّين في المعرفة الدّينيّة.

إذا كان من المرجّح أن يكون المتحوّلون شخصيّات اعتراضيّة أكثر من المسلمين المولودين كذلك فسنرى المزيد من المتحوّلين بين الجهاديّين حتّى لو لم يكونوا في المتوسّط أكثر تديّناً

بالنّسبة إلى المتحوّلين الاعتراضيّين للغاية، خاصّةً أولئك الذين اكتسبوا فهماً حقيقيّاً للدّين، قد يبدو التّعالي وكأنّه تحدٍّ، وقد يتفاعل البعض من خلال التّعويض المفرط واعتماد أشكال متطرّفة من الدّين، يحدث هذا طوال الوقت: الكاثوليكيّ المتحوّل الّذي يصرّ على قدّاس ترايدنتاين؛ البوذيّ المتحوّل الذي يتعلّم اللغات القديمة ويحلم بارتداء الجلباب الكركميّ، ليست المعرفة الدّينية من المتغيّرات التي قاسها الباحثون عند تقييم التديّن، ورغم أنّ الباحثين وجدوا أنّ المتحوّلين أقلّ تديّناً، فإنّ كثيرين منهم ما يزالون متديّنين، وقد تكون خصائص هذه المجموعة الفرعيّة هي ما يهمّ في فهم المتحوّلين الجهاديّين.

السّؤال الصّعب هو أين ستظهر هذه النّظريّات في البيانات، في عموم السّكان، تميل مجموعة صغيرة فقط لتعلّم اللّغة العربيّة الفصحى بشكل كافٍ لقراءة وفهم القرآن (رحلة فكريّة مدّتها عقد من الزّمن، ما لم يتمّ القيام بها بدوام كامل)، ويجب على المرء أن يحقّق مستوى معيّناً من البراعة ليشعر بوخز تعالي الآخرين الأقلّ إنجازاً عليه.

 استطلعَت الورقة فقط 177 شخصاً متحوّلاً، من أصل 356 مسلماً بالغاً، وأتساءل كم منهم كان أكثر متصلّب الرّأي وإحالة إلى الكتب من الشّخص العاديّ، على نحو ينمّ عن انحرافات معياريّة، أظنّ أنّه سيتعيّن على الباحثين العثور على العديد والعديد من المتحوّلين للعثور على أعداد كبيرة من الأشخاص الذين لديهم هذه الصّفات النّادرة.

 يجب أن تتضمّن الدّراسة التّالية المزيد من أسئلة الفحص؛ هل أنت متحوّل؟ هل أنت أيضاً أحمق؟

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

غرايم وود، "ذي أتلانتيك"، 6 حزيران (يونيو) 2012



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية