ماذا يعني اعتراف أردوغان باختطاف معارض من قيرغيزستان؟

ماذا يعني اعتراف أردوغان باختطاف معارض من قيرغيزستان؟


08/07/2021

يثير إعلان أردوغان اختطاف مخابراته للمواطن التركي القيرغيزي، أورهان إيناندي، وتقديمه إلى المحاكمة في تركيا، تساؤلات حول سبب هذا الإعلان والتباهي به، رغم مخالفته القوانين الدولية وحقوق الإنسان من جانب، وتأزيم علاقات أنقرة مع دولة قرغيزستان من جانب آخر؛ فما هي المكاسب التي تفوق ذلك التي جعلت أردوغان يخرج عبر وسائل الإعلام ليتباهى بارتكاب جريمة، ستزيد من الصورة الذهنية السيئة عنه أمام العالم.

لا يبدو أنّ هناك إجابة سوى أنّ مثل هذه الجرائم تغذي شعبيته بين ناخبيه من الأتراك، ومؤيديه في الخارج، لكنّ معنى ذلك أنّ أردوغان خلق انقساماً كبيراً بين الشعب التركي، جعل تقبّل القمع والتعذيب، بل والقتل، مبرراً تحت اسم الخصومة السياسية، وهو أمر يهدّد تماسك المجتمع، وذلك ما حذّر منه كثيرون.

اعتراف أردوغان

وخلال لقاء صحفي، عقب اجتماع مجلس الوزراء الرئاسي، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان: "نتيجة جهوده، أحضر جهاز الاستخبارات المسؤول العام لمنظمة فيتو في آسيا الوسطى، أورهان إيناندي، إلى بلادنا، وقدّمه إلى العدالة"، وذلك في الخامس من الشهر الجاري.

إيناندي بعد وصوله إلى تركيا

واختفى إيناندي في 31 من أيار (مايو) الماضي، وهو مواطن قرغيزي من أصول تركية، من أمام منزله في العاصمة بيشكيك، واتّهمت زوجته المخابرات التركية بالضلوع في الحادثة واخفاء زوجها في السفارة التركية، التي احتشد أمامها العشرات للمطالبة بالإفراج عنه.

وعثرت الشرطة على سيارة إيناندي على بعد عدة مباني من منزله، ووُجدت إطاراتها مفرغة من الهواء، وبداخلها معطفه وحافظة نقوده وأوراق تخصه، وفتحت تحقيقاً واسعاً للبحث عن إيناندي، وكلف الرئيس القرغيزي، صدير جاباروف، لجنة الدولة للأمن القومي ووزارة الداخلية بتكثيف البحث للعثور على إيناندي، لكن دون جدوى، حتى الإعلان عن وصوله إلى تركيا بعد مرور أكثر من شهر على اختطافه.

دخل الرئيس القرغيزي جاباروف على خطّ الأزمة، وقال إنّ بلاده ستعمل على إعادة المواطن إيناندي، وأشار إلى أنّ تركيا قامت بثلاث محاولات لخطف إيناندي منذ عام 2016

ومنذ عام 1995 استقر أورهان إيناندي، البالغ من العمر 53 عاماً، في قرغيزستان، وأنشأ وأدار مجموعة "سابات" التعليمية التي تضم عدداً من المدارس وجامعة دولية، وهو مواطن تركي، وحصل على الجنسية القرغيزية عام 2012، ويعدّ أحد كوادر حركة الخدمة، التي يتزعمها رجل الدين فتح الله غولن، ويتهمها أردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، وهي حركة مصنفة إرهابية داخل تركيا.

وأنشأت حركة الخدمة المجموعة التعليمية بعد استقلال قرغيزستان عن الاتحاد السوفييتي السابق، وأصبحت المجموعة حكومية وظلت الحركة تديرها، ويتمتع إيناندي بعلاقات طيبة داخل المجتمع القرغيزي لدوره الكبير في تطوير التعليم في البلاد، ولم يكن له نشاط سياسي له علاقة بالداخل التركي، حيث كان عام 2016، ومن قبل ذلك داخل قرغيزستان.

اقرأ أيضاً: قيرغيزستان تصعد ضد أردوغان على خلفية اختطاف مواطن... القصة كاملة

وخلال زيارة الرئيس القرغيزي إلى تركيا، في التاسع من حزيران (يونيو) الماضي، عقب مرور 10 أيام على اختفاء إيناندي، نفى أردوغان لضيفه أية علاقة له باختفاء إيناندي، ثمّ عاد ليعترف على الملأ باختطاف المخابرات التركية له، ومدح الجريمة بقوله: "عمليات الاعتقال في الفترة الأخيرة، واحدة تلو الأخرى، أظهرت مرة أخرى أنّه لا يوجد مكان آمن في العالم لأعضاء منظمة فتح الله كولن، لقد زادت هذه المنظمة من مساعيها الرامية إلى الحصول على دعم في الخارج وحملاتها المضادة لبلادنا من أجل تهدئة أجواء الذعر بين أعضائها".

أزمة في قرغيزستان

وكان الرئيس القرغيزي قد كلّف لجنة الدولة للأمن القومي ووزارة الداخلية بتكثيف البحث للعثور على إيناندي، لكنّ المدعي العام في البلاد أخبر السيدة ريحان إيناندي، بأنّ لجنة الدولة للأمن القومي لم تكن جزءاً من الفريق المكلف بالتحقيق في اختفاء زوجها، وأنّ اللجنة تحقق في جنسية إيناندي القرغيزية، وهو ما يعني، بحسب تقرير لموقع "Turkish Minute"؛ أنّ أجهزة أمنية قرغيزية تواطأت مع المخابرات التركية في الجريمة، رغم تأكيدات رئيس الدولة ووزير خارجيتها ومجلس الشعب على مواطنة إيناندي، وضرورة الكشف عن مصيره.

غضب شعبي كبير في قرغيزستان ضدّ تركيا بعد خطف إيناندي

وتعليقاً على ذلك؛ يقول المحلل السياسي التركي، جودت كامل، لـ "حفريات"؛ مطالب تركيا بتسليم من تعدّهم مجرمين من دول أجنبية مفهومة وشرعية، إلا أنّ خطف المواطنين من قبل مخابرات تركيا من دول لها سيادتها وحقوقها غير مفهوم وغير شرعي.

وأضاف كامل؛ إذا كان إيناندي مجرماً لطلبت أنقرة تسليمه بشكل رسمي، أما خطفه فيعني أنّ أردوغان ليس لديه أيّ دليل إدانة بحقّه، وما حدث إهانة لدولة قرغيزستان، وفضيحة كبيرة للأجهزة الأمنية التي أخفقت في حماية مواطنيها، وستكون له تبعات كبيرة على الاستثمار والسياحة في دولة باتت سمعتها الأمنية محلّ شكّ.

المحلل السياسي التركي جودت كامل، لـ "حفريات": لو كان إيناندي مجرماً لطلبت أنقرة تسليمه بشكل رسمي، أما خطفه فيعني أنّ أردوغان ليس لديه أيّ دليل إدانة بحقّه.

وعقب إعلان أردوغان خطف إيناندي، سلمت وزارة الخارجية القرغيزية مذكرة احتجاج للسفير التركي، وجاء في بيان للمكتب الإعلامي بالخارجية؛ أنّه "بتوجيهات من الرئيس القرغيزي، صدير جاباروف، اُستدعي السفير التركي لدى بيشكيك، أحمد دوغان، إلى الوزارة حيث تمّ تسليمه مذكرة على خلفية احتجاز مواطن الجمهورية القرغيزية أورهان إيناندي ونقله إلى الجمهورية التركية"، وطالبت الخارجية القرغيزية بضمان سلامة إيناندي، وإعادته إلى بلاده.

اقرأ أيضاً: أردوغان يهدد أعضاء منظمة "غولن"... ما علاقة قيرغيزستان؟

ودخل الرئيس جاباروف على خطّ الأزمة، وقال؛ إنّ بلاده ستعمل على إعادة المواطن إيناندي، وأشار إلى أنّ تركيا قامت بثلاث محاولات لخطف إيناندي، منذ العام 2016، كانت آخرها مطلع العام الجاري، ونجحت لجنة أمن الدولة في إفشالها.

ومن جانبه، ردّ السفير التركي، بحسب وسائل إعلام تركية، بأنّ إيناندي مواطن تركي، دون التطرق إلى جريمة اختطافه.

ذكرى الانقلاب

ويربط المحلل السياسي التركي، ياوز أجار بين خطف إيناندي والذكرى الخامسة لمحاولة الانقلاب، التي ستحلّ في 15 من الشهر الجاري، ويقول؛ الواقع أنّ أردوغان أفضل من يعلم أنّ اختطاف شخص يحمل جنسية دولة أجنبية إلى تركيا يشكل جريمة دولية، وقد يتحول إلى أزمة دولية، وهذا هو السبب الذي دفعه إلى التأكيد لنظيره القرغيزي صدير جاباروف أثناء زيارته لتركيا أنّه (لا يعرف مكان تواجد أورهان إيناندي، ولا يريد أن يسمع عنه شيئًا).

اتهمت السيدة إيناندي المخابرات التركية بتعذيب زوجها

وأردف أجار، في حديثه لـ "حفريات"؛ يبدو أنّهم لم يكونوا يعلمون أنّ إيناندي مواطن قرغيزي، لكنّهم كانوا مصممين على اختطافه إلى تركيا إلى جانب عمليات أخرى، وذلك من أجل الدعاية لصالح نظامهم بالتزامن مع اقتراب الذكرى السنوية الخامسة للانقلاب الفاشل.

وأكّد أجار أنّ؛ قضية إيناندي تحوّلت إلى أزمة دولية؛ حيث طالبت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومؤسسات دولية معنية بحقوق الإنسان بالكشف عن مكان احتجازه، فضلاً عن أنّ الخارجية القرغيزية بعثت مذكرة إلى نظيرتها التركية وطالبتها بتسليم مواطنها أورهان إيناندي.

وعبر صفحتها على "تويتر"؛ قالت السيدة إيناندي؛ إنّ زوجها تعرّض للتعذيب، ويتضح ذلك من خلال نقصان وزنه في الصور التي نشرها الرئيس التركي.

ومنذ عام 2014، بدأت الحكومة التركية في خطف المعارضين من الخارج وإعادتهم للمحاكمة، وذكر تقرير رسمي؛ أنّ السلطات أعادت 116 شخصاً من عدة دول، هي؛ أذربيجان ومولدوفا وكوسوفو وأوكرانيا وباكستان وماليزيا والجابون وكينيا.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية