ماذا يعني تعيين سفير إيراني جديد من قادة فيلق القدس في بغداد؟

ماذا يعني تعيين سفير إيراني جديد من قادة فيلق القدس في بغداد؟


18/04/2022

في خطوة سياسية أكدت أنّ القيادة الإيرانية تواجه أزمة نفوذ في العراق، قررت وزارة الخارجية الإيرانية تسمية سفير جديد لها في بغداد، وإعفاء السفير الحالي ايرج مسجدي، الذي تولى هذه المهمة منذ عام 2017، في إعلان جاء متزامناً مع زيارة مرتقبة لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى طهران.

ومن المقرر أن يباشر السفير الجديد، محمد كاظم آل صادق، عمله قريباً في بغداد، وهو من مواليد النجف التي تحتل مكانة دينية عند الطائفة الشيعية، ويعمل نائباً للسفير المنتهية ولايته "مسجدي" وأحد قادة الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، وهو من الشخصيات المقربة من قائد فيلق القدس السابق "قاسم سليماني" وضمن قائمة الإرهاب التي أصدرتها الولايات المتحدة عام 2021.

 تعيين سفير جديد لديه خبرات بالعراق وعلى صلة مع كل مكوناته يعزز حقيقة أنّ هناك تقييماً إيرانياً يتضمن فشل السفير السابق في الحفاظ على قبضة طهران على بغداد

ورغم محاولات إيرانية في تصدير مقاربات بأنّ تغيير السفراء الإيرانيين في السفارات أمر طبيعي ولا علاقة له بأزمات سياسية، ولا أن تعيين سفير جديد لإيران في بغداد مرتبط بأزمة العراق السياسية، بعد الانتخابات وتعثر تشكيل حكومة جديدة، أو تحولات إيرانية تجاه الملفات العراقية، إلا أنّ موقع العراق في استراتيجية القيادة الإيرانية منذ عام 2003 يكشف حقائق مغايرة، عنوانها أنّ تعيين أي مسؤول إيراني بأية صفة كانت في العراق يخضع لحسابات دقيقة ويعكس اتجاهات السياسات الإيرانية في العراق، وجوهرها أنّ العراق جزء من إيران ويشكل عمقها الاستراتيجي "عسكرياً واقتصادياً ومذهبياً" وهو المحطة الثانية بعد طهران في المشروع الإيراني الذي يبدأ بإيران عبر العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان وشواطئ البحر المتوسط.

إعفاء مسجدي وتعيين سفير جديد لديه خبرات بالعراق وعلى صلة مع كل المكونات العراقية، لا سيما وأنه يعمل نائباً للسفير مسجدي، يعزز حقيقة أنّ هناك تقييماً إيرانياً يتضمن "فشل" مسجدي في الحفاظ على القبضة الإيرانية على العراق، والتي كان من بين مظاهرها: فشل حلفاء إيران في الانتخابات، والفشل في الحفاظ على وحدة المكون "الشيعي" واحتمالات وقوع انشقاقات بين الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، لصالح جهات وأحزاب "معادية" للوجود والسيطرة الإيرانية على العراق، وبالتزامن مع كل ذلك تتعرض فصائل الحشد الشعبي العراقي "الولائية" وهي الأداة العسكرية والأمنية "الضاربة" للقيادة الايرانية في العراق لتساؤلات حول شرعيتها بعد القضاء على "داعش" وازدياد مطالبات عراقية بنزع أسلحتها التي أصبحت عبئاً على العراق، في ظل جيش وطني عراقي وأجهزة أمنية تحقق نجاحات في مكافحة الإرهاب.

من المؤكد أنّ مهمة السفير الجديد ستكون استعادة النفوذ الإيراني في العراق بما لديه من خبرات في العراق ومؤسساته "الدينية، الاقتصادية والسياسية"، ويرجح أن تكون أولى مهماته ضمان سيطرة إيران على الحكومة العراقية، التي ما يزال طريق تشكيلها يواجه عثرات وتحديداً بين الأحزاب الشيعية، في ظل فوز التيار الصدري بأغلبية مقاعد البرلمان وفشل الأحزاب الموالية لإيران "عبر محاولات من خلال القضاء وعبر الشارع من خلال الحشد الشعبي" في إلغاء نتائج الانتخابات، بالإضافة لتوجهات المرجع الديني" مقتدى الصدر" لتشكيل حكومة بالتحالف مع الأكراد والسنة وهو ما فهمته طهران بأنه يستهدف وجودها وتأثيرها بالعراق.

يرجح أن تكون أولى مهمات السفير الجديد ضمان سيطرة إيران على الحكومة العراقية، التي ما يزال طريق تشكيلها يواجه عثرات وتحديداً بين الأحزاب الشيعية

ومن المؤكد أيضاً، أنّ السفير الجديد سيمارس ضغوطاً على الصدر بالتنسيق مع ما يعرف بأحزاب الإطار الموالية لإيران، فيما ستكون مهمته الثانية رفع وتائر التنسيق والدعم لفصائل الحشد الشعبي العراقي الأقرب لإيران، لاسيما وأنّ غالبية تلك الفصائل مرتبطة مباشرة بالمرشد الأعلى علي خامنئي، وتعمل بمفاهيم تصدير الثورة، وهي موالية لإيران أكثر من ولائها للعراق.

وبالتزامن مع أهداف إيران من هذا التعيين، فالمرجح أنّ سفيراً جديداً لإيران في بغداد بهذه المواصفات غير معزول عن مفاوضات إيران النووية في فيينا، وما يتردد عن تحقق إنجازات في ملفات المفاوضات في البرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي، فيما بقيت خلافات يجري العمل على حلها مرتبطة بمطالب إيرانية أن يشمل رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، الذي يعد أداة إيران في التدخل الإقليمي، مقابل مقاربة أمريكية لم تنضج بعد وتتضمن رفع العقوبات عن الحرس الثوري وإبقائها على فيلق القدس، وهي مقاربة ما زالت تخضع لأخذ ورد حتى داخل الإدارة الأمريكية، في ظل ردود فعل واسعة "رافضة" لها من قبل حلفاء واشنطن في إسرائيل ودول الخليج العربي.

والخلاصة، فإنّ تعيين "آل صادق" سفيراً  جديداً لإيران بالعراق يرسل رسالة بأنّ إيران تعيد ترتيب أدواتها في العراق، لاستعادة سيطرتها وإحكام قبضتها على بغداد، عبر شخصية إيرانية تملك خبرة واسعة بمعرفة تفاصيل المشهد العراقي، وعلى صلة وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، وسيكون الحشد الشعبي أداتها إلى جانب أحزاب وقوى نافذة موالية لإيران، وهو ما سيؤثر على مشاورات تشكيل الحكومة العراقية، مستفيداً من خبرات إيران وعلاقاتها مع بعض الأوساط السنية والكردية، وباتجاه إخراج حكومة عراقية "تابعة" لطهران، تؤكد مجدداً مقاربات إيرانية بإفشال الكتلة الحاصلة على أكبر عدد من المقاعد بتشكيل الحكومة، وهو ما عبرت عنه تصريحات جديدة لرموز الإطار التنسيقي.

مواضيع ذات صلة:

لماذا تعارض القوى الموالية لإيران في العراق مشروع أنبوب البصرة – العقبة؟

فراغ دستوري في العراق بعد عجز الفرقاء عن اختيار الرئيس

تقرير أممي: ميليشيات منفلتة.. والعراقيون يدفعون الثمن



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية