ما شكل النسخة الأمريكية من الإسلام السياسي؟

ما شكل النسخة الأمريكية من الإسلام السياسي؟

ما شكل النسخة الأمريكية من الإسلام السياسي؟


08/02/2024

سلّطت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية الضوء على نشأة التنظيم الدولي للإخوان، وأدواره الراهنة، والتشابكات التي تربطه مع عدد من أجهزة الاستخبارات حول العالم، وكيف جرت عملية توظيفه داخل مصر، وفي الشرق الأوسط بشكل عام، لتنفيذ بعض المهام التي تتعلق بأجندات بعض الدول الغربية.

الدراسة، التي نشرها المركز للباحث المصري إيهاب عمر تحت عنوان: "التنظيم الدولي للإخوان... النسخة الأمريكية من الإسلام السياسي"، ركزت على البدايات الأولى لتأسيس التنظيم الدولي والدول التي قدّمت دعماً مباشراً له، وفي مقدمتها بريطانيا ثم ألمانيا ثم الولايات المتحدة.

وبحسب الدراسة: "تُعدّ الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945) نقطة فاصلة في تاريخ جماعات الإسلام السياسي، التي صنعتها بريطانيا في بادئ الأمر قبل أن تحاول ألمانيا القيصرية ثم النازية مزاحمة بريطانيا في السيطرة على الإسلام السياسي الموالي للغرب، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وخسارة برلين للحرب، فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية القطب الجديد قد صادرت أغلب أدوات الهيمنة الغربية من بريطانيا بحكم الأمر الواقع، وكان من تلك الأدوات ملف الإسلام السياسي".

تأسيس بريطاني وإحياء أمريكي

ويرى الباحث أنّه بفرضية "تأسيس بريطانيا لتنظيم الإخوان في مصر عام 1928، من أجل تصدّي الإسلاميين للحركة الوطنية والقومية المصرية، وتفكيك مقاومة المصريين للاستعمار البريطاني، وأيضاً مناوءة الإسلاميين للمدّ اليساري القادم من الاتحاد السوفييتي، وهي الفكرة التي لاقت تأييداً من الملك فؤاد من أجل توظيفها في تفكيك شعبية حزب الوفد، خاصة أنّ العام 1928 قد شهد رحيل سعد زغلول الزعيم التاريخي لثورة 1919 ومؤسس حزب الوفد، فإنّ الولايات المتحدة الأمريكية قد استقرت مطلع خمسينات القرن الـ20 على إحياء تنظيم الإخوان انطلاقاً من مصر، وذلك من أجل مجابهة المدّ السوفييتي".

الباحث المصري إيهاب عمر: واشنطن ساعدت في إحياء نشاط التنظيم في مصر عقب قرار الحظر عام 1949

ويشير الباحث إلى أنّ واشنطن قد ساعدت في إعادة إحياء نشاط التنظيم في مصر عقب قرار الحظر عام 1949، بعد تورطها بحادث مقتل رئيس الوزراء المصري آنذاك محمود فهمي النقراشي، لافتاً إلى أنّه "في فترة حظر التنظيم ما بين عامي 1949 و1951 عيّن أحمد حسن الباقوري مرشداً مؤقتاً وسرّياً للتنظيم، إلى أن تباحثت واشنطن مع القاهرة في أمر السماح للتنظيم بالعمل العلني مرّة أخرى".

مهام أوروبية للتنظيم الدولي للإخوان

ووفق الدراسة "شكّل الهروب الجماعي للإخوان من مصر عام 1954 نواة فكرة تأسيس التنظيم الدولي للجماعة، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية عقب الحرب العالمية الثانية قد قامت بتنظيم تركة الإمبراطورية البريطانية والفرنسية، ما بين مشروع مارشال لإعادة إعمار أوروبا، وحلف الناتو، ولاحقاً حلف بغداد الذي كان في واقع الأمر ترجمة لفكرة حلف يضم دول حكومات الإسلام السياسي أو الراعية لتنظيمات الإسلام السياسي، وأخيراً فإنّ إدارة الرئيس الأمريكي دوايت آيزنهاور وجدت أنّ ضمّ كافة تنظيمات الإسلام السياسي حول العالم في تنظيم موحد سوف يسهّل عمل تلك التنظيمات".

 

النظام الغربي وضع أجندة أعمال وبنك أهداف كاملة للتنظيم الدولي للإخوان، استغلالاً لهروب عناصر الإخوان من مصر وسوريا والعراق أمام حكومات القومية العربية

 

وتحت عنوان فرعي لتفنيد المهام الأوروبية الخاصة بالتنظيم، يقول الباحث: إنّ "النظام الغربي وضع أجندة أعمال وبنك أهداف كاملة للتنظيم الدولي للإخوان، استغلالاً لهروب عناصر الإخوان من مصر وسوريا والعراق أمام حكومات القومية العربية، إذ تمّ توطينهم في الخليج العربي من أجل حسم تمكين الإسلام السياسي من مجتمعات الخليج العربي، وبالفعل خلال الخمسينات والستينات نجح الإخوان الهاربون من مصر وسوريا والعراق في نشر أفكارهم هناك".

وكان الهدف الثاني للتنظيم الدولي، بحسب الدراسة، هو مساعدة المخطط الغربي على توطين الأتراك في ألمانيا والمغاربة في فرنسا، من أجل التلاعب بالتركيبة السكانية والديموغرافية للدولتين، ولاحقاً إيطاليا واليونان، وذلك من أجل كسر الروح القومية والمدّ الشيوعي، وتفكيك الثقافة الجرمانية الألمانية والرومانية الإيطالية واليونانية القديمة والفرنكوفونية الفرنسية، مع تمكين تنظيم الإخوان من الجاليات العربية والمسلمة في القارتين الأمريكية والأوروبية.

أخونة المعارضة المصرية

بحسب الباحث، وضع تنظيم الإخوان في تنظيم معارضة مصرية هاربة في أوروبا لم يكن عناصرها من تنظيم الإخوان، إضافة إلى أخونة الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا الشرقية واستخدامها للتجسس على الحكومات الشيوعية الموالية للاتحاد السوفييتي وتقديم تلك المعلومات للاستخبارات الغربية.

 

التنظيم الدولي للإخوان ضمّ كافة التنظيمات الإخوانية حول العالم، إضافة إلى التنظيمات الإسلامية التي ابتكرها الغرب على مدار (300) عام، سواء سلفية أو صوفية أو شيعية...

 

وفي مقابل ذلك، فإنّ هذا الانتشار العنكبوتي عبر الكتلة الشرقية والغربية تحت ستار الجاليات العربية والإسلامية جعل التنظيم الدولي للإخوان مكلفاً ببعض مهام غسيل الأموال دولياً، وتجارة العملة، وتهريب السلاح والآثار والمخدرات، تماماً كما فعل بشكل علني مع إنتاج أفغانستان من المخدرات عقب بدء الحرب السوفييتية الأفغانية.

 الإخوان والجريمة المنظمة

 بحسب الدراسة "انخراط التنظيم الدولي للإخوان في الجريمة المنظمة، من سلاح ومخدرات ودعارة وغسيل أموال، كفل له الحماية الغربية، فأصبح الإسلام السياسي هو الجناح الإسلامي للنظام الغربي، ولاحقاً الجناح الإسلامي للعولمة الأمريكية النيوليبرالية، لذا لم يكن غريباً أن يكون الثمن في مرحلة ما بعد الحرب الباردة أن يحاول الغرب تسليم حكم مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان وتونس والسودان وفلسطين والبحرين في أعوام ما يُعرف بالربيع العربي إلى الإسلاميين، كما هو الحال في إيران وتركيا وباكستان اليوم".

وتشير الدراسة إلى أنّ التنظيم الدولي للإخوان قد ضمّ كافة التنظيمات الإخوانية حول العالم، إضافة إلى التنظيمات الإسلامية التي ابتكرها الغرب على مدار (300) عام، سواء سلفية أو صوفية أو شيعية، ليس في العالم العربي أو الإسلامي فحسب، ولكن حول العالم أجمع.

وفي مجملها، تلقي الدراسة الضوء على الكثير من التحولات الخاصة بالتنظيم الدولي للإخوان في فترات متعاقبة وأحداث دولية وإقليمية.

وبحسب الدراسة، في ضوء "انتهاء الحرب السوفييتية الأفغانية عام 1989، وانتهاء الحرب الباردة رسمياً عام 1991، فإنّ فكرة عمل التنظيم الدولي بشكل علني تحوّلت إلى عبء على النظام الدولي بوجه عام، وعلى المعسكر الغربي على وجه التحديد".

 مهمة التمكين

ويقول الباحث: إنّه خلال اضطرابات ما عُرف بـ"الربيع العربي" نشط التنظيم الدولي للإخوان في إدارة ملف تمكين الإسلاميين من الحرب، والحكم في بلاد تلك الاضطرابات، وتنسيق العمل بين تنظيم الإخوان وأحزابه السياسية من جهة، والخلايا الجهادية والتكفيرية الإرهابية من جهة أخرى، إلى جانب بعض حكومات العالم الإسلامي التي كان لها مصلحة في إسقاط بعض الأنظمة العربية في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا وتونس والبحرين، وصولاً إلى شبكات المرتزقة في سوريا واليمن وليبيا، إضافة إلى الجماعات الإسلامية التي ظهرت في الحرب السورية، وعلى رأسها جبهة النصرة وتنظيم داعش، إضافة إلى تنسيق انتقال الإرهابيين من أفغانستان إلى منطقة "الربيع العربي"، وما بين سوريا وليبيا، ولاحقاً توظيف مقاتلي "إرهاب الربيع العربي" في نزاعات أخرى حول العالم بحسب تكليفات النظام الدولي، وآخرها الحرب الأوكرانية 2022. 

 

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون: اتجاه للحل في تونس وإساءة للجيش في ليبيا وإفلاس في المغرب

الإخوان المسلمون: اتهامات بالتمويل الخارجي وغضب شعبي وتغريد خارج السرب

الإخوان المسلمون: دعوات تحذير وأعمال عنف وتمدّد اجتماعي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية