مبادرة جديدة لحل القضية الفلسطينية عبر "اتحاد كونفدرالي" بين دولتين.. هل يلقى قبولاً؟

مبادرة جديدة لحل القضية الفلسطينية عبر "اتحاد كونفدرالي" بين دولتين.. هل يلقى قبولاً؟


09/02/2022

في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل خطواتها أحادية الجانب مقوضة بذلك أي فرصة لحل الدولتين، وبعد أيام قليلة من صدور تقرير عن منظمة العفو الدولية "أمنستي"، الذي يوثق ممارسة إسرائيل لنظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، صاغت شخصيات عامة فلسطينية وأخرى إسرائيلية اقتراحاً جديداً للسلام عبر إقامة "اتحاد كونفدرالي" قائم على دولتين، على أمل كسر الجمود السياسي، خصوصاً لدى الفلسطينيين الذين يطالبون العالم منذ عشرات الأعوام بحل واقعي لمعاناتهم.

وكشفت "أسوشيتيد بريس"، عن عناصر المبادرة التي تدعو إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة في معظم مناطق الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967.

على ماذا تنص؟

ووفق المقترح، وستكون لإسرائيل وفلسطين حكومتان منفصلتان ولكنهما تنسقان على مستوى عال جدّاً بشأن الأمن والبنية التحتية والقضايا الأخرى التي تؤثر على كلا الشعبين.

المبادرة تقترح أيضاً بقاء نحو 500 ألف مستوطن يهودي في الضفة الغربية المحتلة، مع ضم مستوطنات كبيرة بالقرب من حدود إسرائيل في تبادل للأراضي.

وسيتم منح المستوطنين الذين يعيشون في عمق الضفة الغربية خيار الانتقال أو أن يصبحوا مقيمين دائمين في دولة فلسطين، على أن يسمح لنفس العدد من الفلسطينيين (اللاجئين إثر حرب عام 1948 عقب الإعلان عن قيام دولة إسرائيل) بالانتقال إلى إسرائيل كمواطنين فلسطينيين مع إقامة دائمة في إسرائيل.

 المبادرة تقترح أيضاً بقاء نحو 500 ألف مستوطن يهودي في الضفة الغربية المحتلة، مع ضم مستوطنات كبيرة بالقرب من حدود إسرائيل في تبادل للأراضي

 

وفيما يخص ضمان أمن الإسرائيليين من جهة، وأمن الفلسطينيين من جهة أخرى في إطار هذا التداخل، تؤشر الخطة إلى حتمية بناء منظومة تسويات أمنية بخصوص إشكالية المستوطنين؛ بالإضافة إلى منح الفلسطينيين داخل إطار الدولة العبرية مظلة أمنية من جانب الجيش والشرطة الإسرائيلية.

ولا تستبعد المبادرة في هذا الصدد إمكانية ضلوع طرف ثالث في ضمان حماية الفلسطينيين في إسرائيل والإسرائيليين في فلسطين في إطار الكونفدرالية الجديدة.

من يقف خلفها؟

من أبرز الشخصيات التي صاغت الخطة الجديدة يوسي بيلين، وهو مسؤول إسرائيلي كبير سابق ومفاوض سلام شارك في تأسيس مبادرة جنيف عام 2003، وشارك في مفاوضات أوسلو، أما فلسطينياً، فتبرز هبة الحسيني المستشارة القانونية السابقة لفريق التفاوض الفلسطيني عام 1994.

اقرأ أيضاً: هل تستطيع السلطة الفلسطينية الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل؟

ويقول بيلين، إنّ "مبادرة الوحدة الكونفدرالية يمكن أن تكون أكثر ملاءمة للمستوطنين من خلال إلغاء إجلائهم بشكل جماعي".

ويضيف "نعتقد أنه إذا لم يكن هناك تهديد بالمواجهات مع المستوطنين فسيكون ذلك أسهل بكثير لأولئك الذين يريدون حل الدولتين". وجرت مناقشة الفكرة من قبل، لكنه قال إنّ الاتحاد الكونفدرالي سيجعلها "أكثر جدوى".

من جانبها، اعتبرت هبة الحسيني أنّ الاقتراح المتعلق بالمستوطنين "مثير للجدل للغاية"، لكنها قالت إنّ "الخطة الشاملة ستلبي تطلعات الفلسطينيين الأساسية في إقامة دولة خاصة بهم"، وفق ما أوردته "العرب" اللندنية.

وأضافت أنّ "إقامة الدولة وتحقيق الحق المنشود في تقرير المصير الذي نعمل عليه منذ عام 1948 لن يكونا أمراً سهلاً". مؤكدة على وجوب تقديم بعض التنازلات.

 

اقرأ أيضاً: هل تنجح الجزائر في لمّ شمل الفرقاء الفلسطينيين؟

ومن المقرر أن يقدم بيلين والحسيني، مبادرتهما إلى نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. ويقول بيلين إنهم بالفعل شاركوا المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين المسوّدات المتعلقة بهذا الشأن.

وذكر بيلين أنه أرسل المبادرة إلى أشخاص يعلم أنهم لن يرفضوها بشكل قاطع، ولم يرفضها أحد، ولكن هذا لا يعني أنهم سيقبلونها. وأضاف مازحاً "لم أرسلها إلى حماس.. لا أعرف عنوانها".

بناء على اتفاقية جنيف

وتتضمن المبادرة الجديدة الممتدة على حوالي 100 صفحة تقريباً، توصيات جديدة ومفصلة حول كيفية معالجة القضايا الأساسية بين الطرفين، وتعتمد على اتفاقية جنيف، وهي خطة سلام غير رسمية تم التوقيع عليها عام 2003.

تتضمن المبادرة الجديدة الممتدة على حوالي 100 صفحة تقريباً، توصيات جديدة ومفصلة حول كيفية معالجة القضايا الأساسية بين الطرفين، وتعتمد على اتفاقية جنيف، وهي خطة سلام غير رسمية تم التوقيع عليها عام 2003

ووقع على اتفاقية جنيف بعض السياسيين الفلسطينيين وعلى رأسهم ياسر عبد ربه مع بعض السياسيين الإسرائيليين المحسوبين على معسكر اليسار، وعلى رأسهم يوسي بيلين.

الاتفاقية، تنص على انسحاب إسرائيل، من معظم الأراضي التي احتلت في حرب عام 1967، وعلى ترسيم الحدود بين الطرفين، وإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وكانت لاقت تأييداً في بعض الأوساط، الأكاديمية والسياسية والثقافية، في كل من فلسطين وإسرائيل حيث تظهر قائمة موقعة، بأسماء المبادرين إلى الوثيقة، التي أرسلت نسخ منها بالبريد، لمختلف الجهات الرسمية، والمؤسسات، لكنها في الوقت ذاته لاقت معارضة من أوساط اليمين الإسرائيلي ومن بعض الأحزاب الوطنية والإسلامية الفلسطينية.

هل تلقى قبولاً رسمياً؟

ويقول مراقبون إنّ المبادرة الجديدة قد لا تجد قبولاً هي الأخرى لدى المسؤولين في الجهتين، لكن استمرار الصراع والتعقيدات الحالية قد يساهمان في تعبيد الطريق أمامها خاصة أنّ الفلسطينيين ملّوا من استمرار الصراع الداخلي بين السلطة وحماس، ما أعاق وجود جبهة فلسطينية قوية قادرة على تقديم خيارات مقبولة للسلام تحرج إسرائيل.

وفي مقابل ذلك ترى شخصيات إسرائيلية أنّ الفرصة مواتية للبحث عن سلام مقبول بعد مغادرة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

 

اقرأ أيضاً: النواة التوراتية: سلاح فتّاك لتهجير العرب من المدن الفلسطينيّة المختلطة

ويعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إقامة الدولة الفلسطينية، لكن وزير الخارجية يائير لابيد، الذي من المقرر أن يتولى منصب رئيس الوزراء في 2023 بموجب اتفاق التناوب، يدعم حل الدولتين في نهاية المطاف.

إلا أنه من غير الوارد أن يكون أي منهما قادراً على إطلاق أي مبادرات رئيسية لأنهما يترأسان تحالفاً ضيقاً يشمل طيفاً سياسياً يتراوح بين الفصائل القومية المتشددة والحزب العربي الصغير.

من المقرر أن يقدم بيلين والحسيني، مبادرتهما إلى نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

أما فلسطينياً، فقد تواجه المبادرة الجديدة هجمات تخوين واتهامات في ظل عدم استعداد طرفيْ السلطة المنقسمة لخسارة مواقعهما ومصالحهما، فالرئيس عباس يتخوف من أن تقود المبادرة الجديدة إلى تنحيته عن الواجهة والبحث عن شخصية مقبولة من الجهتين. ولدى الرئيس الفلسطيني عقدة تجاه كل تغيير أو ترتيبات جديدة خاصة بعد أن انتهت ولايته الرئاسية منذ 2009 وتراجعت شعبيته بشدة بما في ذلك داخل حركة فتح التي يقودها.

في مقابل ذلك تواجه حركة حماس أي مبادرات سلام جديدة بزعم أنها تفويت في الثورة والأرض، لكن مراقبين فلسطينيين يقولون إنّ الحركة تتخوف من خسارة نفوذها في قطاع غزة، حيث بنت نواة لدولة حزبية وجيش خاص من الصعب أن تتولى تسريحه أو القبول بوضع سلاحه تحت الرقابة، وفق "العرب" اللندنية.

ومضى ما يقرب من 3 عقود منذ أن اجتمع القادة الإسرائيليون والفلسطينيون في حديقة البيت الأبيض للتوقيع على اتفاقيات أوسلو، وإطلاق عملية السلام. لكن الأمور مازالت تراوح مكانها وكل طرف يتهم الآخر بأنه مسؤول عن تعطيل مساعي التوصل إلى اتفاق نهائي، وسط توغلٍ إسرائيلي على أرض الواقع واستمرارها في قضم الأراضي الفلسطيني لصالح المستوطنين الذين يعتدون بحماية الجيش والشرطة الإسرائيلية على الفلسطينيين وأراضيهم، فيما تنعدم سيطرة السلطة الفلسطينية على الأراضي التي من المفترض أنها تحكمها بموجب أوسلو.

 

اقرأ أيضاً: تنظيمات إرهابية إسرائيلية تهدد برمي الفلسطينيين وراء النهر

ويظهر الكثير من المراقبين تفاؤلهم تجاه إدارة بايدن فيما يتعلق بإنصاف الفلسطينيين وتسيير عملية السلام، بعدما قطعت إدارة سابقه ترامب علاقاتها مع الفلسطينيين وأغلقت مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة وقرار نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، في انحياز واضح لإسرائيل.

من ناحية أخرى، فالخطوات التي خطتها إدارة بايدن تجاه القضية الفلسطينية أكثر إيجابية نسبياً، وفقاً لتصريحه بأنه سيبذل جهوداً في قضية حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل، وأنّ المساعدات التي قطعت في عهد ترامب ستعود مجدداً أهمية من حيث إعادة تأسيس العلاقات. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية