مدارس الإخوان في أوروبا بين تكريس خطاب الكراهية وغسيل الأموال

مدارس الإخوان في أوروبا بين تكريس خطاب الكراهية وغسيل الأموال

مدارس الإخوان في أوروبا بين تكريس خطاب الكراهية وغسيل الأموال


22/02/2024

يظل تمركز التنظيم الدولي للإخوان في أوروبا، علامة استفهام أمام كثيرين، في ظل خطاب الجماعة، وشعاراتها المناهضة للصليبين، كما يحلو لها أن تصف الغرب، وكذلك أجواء الحريات الاجتماعية، التي لا تبدو متسقة مع منهاج التنظيم، وأيديولوجيته الدينية.

الإخوان، منذ هجرتهم إلى أوروبا، عملوا على خلق تجمعات معزولة نسبياً، باستغلال عوز المهاجرين وفقرهم، واحتياجاتهم الدينية، في مجتمعات غريبة، فتم ربط المجموعات المسلمة بالمسجد، الذي يسيطر عليه الإخوان، ومن خلاله يتم تقديم الخدمات، والقروض الحسنة، وتوفير فرص العمل، ما سمح للأيديولوجيا الإخوانية بالتمدد، في ظل قوانين تسمح بإشهار الجمعيات والمراكز الخيرية بسهولة.

أحمد أنور: هناك عملية لغسل العقول، وتأهيل جيل يتم ضخه في شرايين المجتمعات الأوروبية، على غرار وصايا حسن البنا، بحيث يجري تشكيل الوعي، كلياً أو جزئياً

في نفس الوقت، لم تنقطع العلاقة بين التنظيمات الإسلامية الإخوانية، والوطن الأم في المشرق الإسلامي، وارتبطت بالمسارات السياسية والاقتصادية التابعة لها، بحيث أصبح التنظيم في أوروبا، هو نافذة الجماعة، ما منحها القدرة على البقاء، في ظل أعنف الضربات الأمنية، بحيث أصبحت لندن في النهاية، مركز ثقل التنظيم ككل، ومقر القائم بأعمال المرشد.

خطاب العزلة والكراهية

وكانت المدارس الإسلامية، أبرز بؤر الهيمنة الإخوانية، على الجاليات الإسلامية في الغرب؛ حيث عمدت الجماعة إلى إنشاء مدارس للتعليم الموازي، تحولت إلى بؤر لنشر خطاب التطرف والكراهية، وعزل المسلمين عن المجتمعات التي يعيشون بها، من خلال تنمية الشعور بالعزلة الشعورية، وتكريس الإحساس بالاغتراب، كما ساعدت المؤسسات التعليمية، على ضخ أموال من الخارج للتنظيم، تحت غطاء التعليم، وإنشاء المدارس.

من جانبه، أكّد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أنّ مدارس الإخوان في أوروبا، تعمل على جناحين، جناح مباشر يشرف عليه رجال أعمال إخوان، وآخر بمثابة مظلات، في صورة جمعية أهليه، أو رافد داخل جالية من الجاليات، بحيث تفاقمت هذه الظاهرة، لدرجة أنّ هناك بلداناً أوروبية مثل؛ هولندا وألمانيا، أصبح بها عشرات المدارس الإخوانية، التي سارت على خطى مدارس التبشير المسيحية، فيما مضى، بمعنى أنّها فكرة ليست أصيلة، في الوجدان العربي والإسلامي.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: صراع على حكم التنظيم وأكاذيب إعلامية وصحوة في أوروبا

كما أكّد، أحمد نور، أستاذ اللغة العبرية، بجامعة الإسكندرية، في تصريحاته التي خصّ بها "حفريات"، أنّ الجماعة استنبطت الفكرة من المدارس اليهودية في "إسرائيل"، التابعة للجماعات الدينية الأصولية اليهودية، والتي تركت الخلافات بين الأحزاب، وركزت على طلب المساعدات والمنح، وهو نفس الأمر الذي اتبعته المدارس الإخوانية في أوروبا.

سامح مهدي: التعليم أصبح باباً خلفيّاً لغسل الأموال، وتهريب ثروات التنظيم الدولي إلى الغرب، وتوظيفها بشكل سياسي، لإعادة التدوير، وفق خطاب التمكين الإخواني

  وعما يحدث داخل هذه المدارس، يؤكد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنّ هناك عملية لغسل العقول، وتأهيل جيل يتم ضخه في شرايين المجتمعات الأوروبية، على غرار وصايا حسن البنا، بحيث يجري تشكيل الوعي، كلياً أو جزئياً، ساعد على ذلك ازدياد عدد المدارس الإخوانية في أوروبا، بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، وزاد الإقبال عليها، نظراً للدعاية التي استخدمها الإخوان، وتقوم على مبدأ الدفاع عن الهوية الدينية، ومواجهة العلمانية، لكن دراسات متعددة أثبتت القصور الحاد لدى هذه المدارس، في تعزيز التكامل الاجتماعي، وتركيزها على الأهداف الدينية، بغض النظر عن النتائج الأكاديمية السيئة.

استغلال الثغرات القانوية وأجواء الحرية

من جهتها، نشرت وحدة الإرهاب والصراعات المسلحة، بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة أعدتها الدكتورة إسراء علي، أبرزت فيها العوامل التي أثرت على علمية انتشار المدارس الإخوانية في أوروبا، وهي بحسب الدراسة: "النظام السياسي، دستور الدولة، قوانين النظم التعليمية، العلاقة بين الكنيسة والدولة، سياسات الاندماج وحقوق الأقليات"، ما يفسر التباين في عدد ونوعية تلك المدارس، بين دولة أوروبية وأخرى، فإسبانيا مثلاً تسمح بالتعليم الديني، و"يفرض الدستور على الدولة، ضمان اعتماد التدابير اللازمة لتوفير التعليم الديني في المدارس العامة، وفي العام 2006  أصبح التعليم الديني المذهبي، إلزامياً للمدارس وفق القانون"، بينما يعارض الدستور الفرنسي هذه المذهبية، ومن ثم جرى بحسب الدراسة، إنشاء المجلس الفرنسي للدين الإسلامي في العام 2003، و"تمثلت مهمته الرئيسية في توحيد التيارات الإسلامية المختلفة، وبناء المساجد، وتنظيم المنتديات والمؤتمرات والاحتفالات الدينية، وإعداد وتأهيل المعلمين للمدارس الإسلامية، وتدريب الأئمة، وتنقسم المدارس في فرنسا إلى مدارس حكومية (تضم أكثر من 80٪ من الطلاب)، ومدارس خاصة بموجب عقد شراكة مع الدولة، وتقع مدارس الإخوان في فرنسا ضمن النوع الثاني، ويوجد أربع مدارس منها مدرسة واحدة ابتدائية، تم إنشاؤها في العام 1990، وثلاث مدارس ثانوية، تم إنشاؤها في أعوام 2001، 2007، 2008 على التوالي".

وفي هولندا، تتمتع مدارس الإخوان بالدعم المالي الحكومي، وفق شروط موضوعية، أهمها تحقيق نجاحات أكاديمية، وتتمتع بحرية كبيرة في وضع مناهجها الدينية، وتعيين المدرسين، ويختلف الأمر نسبياً في بريطانيا، التي تضم أكبر عدد من المدارس الإخوانية في أوروبا، ذلك أنّ الحصول على دعم الدولة، يتطلب شروطاً صعبة، ما دفع الجماعة إلى الحصول على دعم خارجي، من دول داعمة للتنظيم، ما عالج الفجوة، وساهم في زيادة مطردة لأعداد هذه المدارس.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: مغالطات واتهامات بالتآمر وتحذيرات وجدل في أوروبا

الدكتور سامح مهدي، الباحث المتخصص في الفكر السياسي، والخبير التعليمي المختص بالجودة، في وزارة التعليم المصرية، خص "حفريات" بتصريحات، أكّد فيها أنّ الجماعة اختارت التعليم كأداة للتمدد الاجتماعي، استنساخاً لتجربتها في المملكة السعودية، في ستينيات القرن الماضي، فالتعليم هو روح المجتمعات، فهو عملية تصيغ معطيات العقل ومنطلقات الوجدان، وبالتالي استهدفت الجماعة الجاليات الإسلامية في أوروبا، فعزلتها داخل سياجها التنظيمي، وقدمت لأبناء المسلمين نوعية من التعليم، تتخذ من الهوية شكلاً، لغرز بذور التطرف .

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: استمرار وقع الصدمة في تركيا وتواطؤ في اليمن واستنفار في أوروبا

ويرى مهدي أنّ أوروبا دفعت الثمن، بسبب تغاضيها عن تمدد الجماعة، وسيطرتها على المسلمين في الغرب، باستغلال الدساتير والقوانين، وما بها من ثغرات، بحيث تحول الخطاب الإخواني إلى قنبلة موقوتة، وباتت مدارس الإخوان، معامل لإنتاج المتطرفين، وفي كل أحداث العنف والإرهاب السابقة واللاحقة، كان الخطاب الإخواني نقطة انطلاق مركزية، للتصريح بالقتل.

ويؤكّد مهدي، أنّ الخطوات الأخيرة التي اتخذتها فرنسا، ومن بعدها النمسا وبلجيكا، سوف تكشف النقاب عن مسارات الأوعية المالية، التي استخدمها الإخوان في مجال التعليم الخاص، الذي أصبح باباً خلفيّاً لغسل الأموال، وتهريب ثروات التنظيم الدولي إلى الغرب، وتوظيفها بشكل سياسي، لإعادة التدوير، وفق خطاب التمكين الإخواني.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية