مشاركون في مؤتمر دولي بالفجيرة يدعون إلى تعليم الفلسفة بالمدارس

مشاركون في مؤتمر دولي بالفجيرة يدعون إلى تعليم الفلسفة بالمدارس


25/11/2021

أكد المشاركون في المؤتمر الفلسفي الدولي الأول الذي نظمه "بيت الفلسفة" بالفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، على ضرورة تدريس مادة الفلسفة في جميع مراحل التعليم في البلدان العربية، وضرورة إنشاء أقسام للفلسفة في الجامعات، ومدّ جسور الحوار مع الفكر الفلسفي العالمي، فضلاً عن أهمية جعل الفلسفة جزءاً من الحياة العربية، بحيث تجيب عن أسئلتها، وتحولها إلى أداة من أجل رقي المجتمعات العربية ونمائها.

ولي عهد الفجيرة الشيخ محمد بن حمد الشرقي: أهميّة العلوم الإنسانية والمعارف الفلسفية

وانعقد المؤتمر، على مدار يومين، تحت عنوان  "من السؤال إلى المشكلة" في العشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، متزامناً مع اليوم العالمي للفلسفة.

اقرأ أيضاً: فروسيني... معرض فني يحتفي بالميثولوجيا اليونانية في عمّان

ورعى المؤتمر سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، الذي أكد أهميّة العلوم الإنسانية والمعارف الفلسفية التي تنهض بالمجتمعات، وتسهم في رفع الوعي الإنساني تجاه الآخر من خلال الفلسفة ومبادئها، مشدّداً على تجديد الأفكار التي تدعم الطموحات المستقبلية للشعوب، وتسهم في تطوير مسيرة النهضة الحضارية، والتنمية الشاملة للدولة ومناطق العالم.

وكان ولي عهد الفجيرة، الذي أطلق الموقع الإلكتروني لبيت الفلسفة، التقى بنخبة من المشاركين في المؤتمر، وأثنى على دورهم في تطوير الأفكار، وتعميق أفكار التسامح الإنساني، وربط اللحظة الراهنة بماضي العرب والمسلمين الذي أبدعوا في الفلسفة وتركوا إرثاً حضارياً مرموقاً.

ولي عهد الفجيرة الشيخ محمد بن حمد الشرقي يؤكد أهميّة العلوم الإنسانية والمعارف الفلسفية التي تنهض بالمجتمعات، وتسهم في رفع الوعي الإنساني تجاه الآخر من خلال الفلسفة ومبادئها

وبعد عرض فيلم مصور عن تاريخ الفلسفة وأبرز الشخصيات الفلسفية العربية والغربية وإنجازاتهم التي أثرت في العديد من مناحي الحياة على مر التاريخ، افتتح المؤتمر أولى جلساته بمحاضرة ألقاها عميد بيت الفلسفة الدكتور أحمد برقاوي بعنوان "ما المشكلة الفلسفية"، وقد أدارها الدكتور أنور مغيث.

مشكلة السؤال في الفلسفة

 برقاوي شدد على أهمية مشكلة السؤال في الفلسفة: "السؤال الفلسفي تعّينٌ هو انطلاق من المجهول إلى المعلوم، ومن المعلوم إلى المجهول... والسؤال هو أرق وجودي، والسؤال هو أكثر من سؤال: سؤال علمي، سؤال أسطوري، سؤال ديني، وبذلك، فالفلسفة تطرح الأسئلة الحقيقية في الوجود والحياة، والفلسفة هي الحب... إنها احتفال العقل بذاته، الفلسفة تنير الكهوف المظلمة".

اقرأ أيضاً: السعودية تختار الفيلم الروائي "حد الطار" لتمثيلها في الأوسكار.. تفاصيل

أما الجلسة الثانية فكانت برئاسة الدكتور موسى برهومة وقد ألقيت فيها محاضرتان، الأولى بعنوان "الفلسفة ومشكلة الآخر" للدكتور خلدون النبواني، أما الثانية فكانت بعنوان "الفلسفة ومشكلة الوعي" للدكتور أنور مغيث.

لقاء ولي عهد الفجيرة بعدد من المشاركين في المؤتمر الفلسفي

الجلسة الثالثة أدارها الدكتور قاسم محبشي، حيث استمع الجمهور إلى محاضرتين الأولى بعنوان "الفلسفة والتعليم" للدكتور موسى برهومة، والمحاضرة الثانية بعنوان "الفلسفة وحرية التفكير" للدكتور عبد الله المطيري.

تعليم الفلسفة في المدارس

ودعا برهومة إلى أهمية تدريس الفلسفة لطلبة المدارس والجامعات بدءاً من الإمارات وحتى الأقطار العربية الأخرى. وقال "نأمل في هذا المؤتمر أن نخرج بصيغة عملية لتفعيل تدريس الفلسفة في المدارس، كأن نتوافق مثلاً على منهاج للتدريس، أو إنتاج كتب مرافقة لمناهج الفلسفة ومعزّزة لها، وأن يبادر مؤتمر بيت الفلسفة بالفجيرة إلى إطلاق هذه المبادرة، وتعميمها بحيث تشمل دولاً عربية تحتاج إلى هذه المناهج، أو تتلكأ في تدريس الفلسفة لافتقارها إلى هذه المناهج، وثمة من يزال يعتقد أنّ الفلسفة تتعارض مع الدين والإيمان".

اقرأ أيضاً: ما الإشكاليّات التي تواجه اللغة العربية في ظل العولمة؟

واستعرضت وزير الثقافة الجزائرية الدكتورة مليكة بن دودة تجربتها في تعليم الفلسفة للأطفال في المدارس الجزائرية، لافتة إلى التفاعل الكبير الذي لمسته من هذه التجربة التي عززت أهمية تربية الأطفال على التفكير الناقد.

عميد بيت الفلسفة الدكتور أحمد برقاوي: الفلسفة تطرح الأسئلة الحقيقية في الوجود والحياة، والفلسفة هي الحب. إنها احتفال العقل بذاته، الفلسفة تنير الكهوف المظلمة

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة التربية والتعليم في الإمارات في تموز (يوليو) 2020 أنّ الفلسفة ستنضم إلى حزمة المواد الدراسية بداية من العام الدراسي 2020/ 2021، وسبق هذا الإعلان تنظيم برنامج للمعلمين يتصل بتمكينهم من تدريس الفلسفة، وقالت الوزارة إنّ "تدريس الفلسفة حدث ثقافي فكري يُعبّر عن تحوّل في الرؤية الإستراتيجية الرسمية لاستكمال بناء المواطن الإماراتي، المستقل في تفكيره والمتوازن في شخصيته".

اختتم المؤتمر فعالياته في اليوم الثاني مع جلسته الرابعة والأخيرة برئاسة الدكتور عبد الله المطيري مع محاضرتين الأولى بعنوان "الفلسفة العربية الراهنة" للدكتور قاسم محبشي، والثانية بعنوان "الفلسفة ومشكلة الهوية" للدكتور مصطفى النشار.

الشباب والفلسفة

وعقد المؤتمر جلسة نقاشية فلسفية تتعلق بتجربة الشباب حول الفلسفة، شارك فيها مجموعة من الشباب والحضور وضيوف المؤتمر. نظّم الجلسة مجلس الفجيرة للشباب بالتعاون مع بيت الفلسفة. وتناولت الجلسة التي قدمها الدكتور أحمد برقاوي معنى الفلسفة بوصفها علم التفكير وطرح الأسئلة والبحث المنطقي عن المعاني العميقة للأشياء، بالإضافة إلى دور الفلسفة الثقافية في تكوين ذهنية الحوار لدى الشباب وأهميتها في تكوين المنطق ومواجهة التعصب الإيديولوجي لضمان استقرار المجتمعات والشعوب.

تناولت الجلسة التي قدمها الدكتور أحمد برقاوي معنى الفلسفة بوصفها علم التفكير وطرح الأسئلة والبحث المنطقي عن المعاني العميقة للأشياء

كما ناقشت الجلسة معاني القيم الإنسانية التي ترتقي بالعقل ومفاهيم حب الحياة، وتبحث الغاية من الوجود الإنساني وكيفية تحويل الأفكار إلى واقع ممكن.

يذكر أنّ المؤتمر ترافق مع إطلاق مجلة فلسفية، تحدث العدد الأول منها عن "التنوير" تناول محاور: ما التنوير وما حاجتنا إليه؟ تعرف على الكندي الشخصية الفلسفية. حالة جدل: العلاقة بين المنطق والفلسفة، بالإضافة إلى موضوعات أخرى.

اقرأ أيضاً: الثالوث المحرّم إضافة أم إضعاف للرواية العربية؟

كما ترافق المؤتمر مع إصدار كتيّبات متخصصة في حجم كتب الجيب تعرّف بالكندي، وابن طفيل، والفارابي، وابن سينا، وابن رشد، وابن باجه، وهي كتيّبات مهمّة بالنسبة لمن يريد الاقتراب من أعلام الفلسفة العربية الإسلامية في أكثر أزمانها تنويراً وتأثيراً في الثقافة العربية، وفيما بعد، كما يعرف كل قارئ للفلسفة حجم الأثر المعرفي والحضاري الذي انتقل من الفلاسفة المسلمين إلى دوائر ومؤسسات الثقافة الغربية بشكل صريح يعترف به إلى اليوم فلاسفة ومثقفو أوروبا والغرب عموماً، وهم فلاسفة الفكر المعاصر والحداثة وما بعد الحداثة، وهي وغيرها جميعاً تعود في جذورها المعرفية والاصطلاحية إلى الفلاسفة العرب والمسلمين، حسبما ذكر الكاتب يوسف أبو لوز في جريدة "الخليج".

الأمل معقود على الفلسفة

وحظي المؤتمر الدولي للفلسفة بالفجيرة بردود فعل طيبة في الصحافة، حيث كتب أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة د. مصطفى النشار في صحيفة "الوفد" المصرية، إنّ الأمل معقود على المؤتمر وعلى الجمعيات الفلسفية المنتشرة في الدول العربية المختلفة "في أن يكون عالمنا العربي كله بيتاً للفلسفة تستوطنه وتصبح الأداة الأولى لنهضته الجديدة، وكما كان عصر حضارتنا العربية الاسلامية زاهياً بكل ألوان الفلسفة والمنطق ومناهج البحث العلمي التي أسهمت في جعل الحضارة الاسلامية حضارة العالم كله آنذاك، ومنها اغترفت الحضارة الغربية بوادر نهضتها من خلال فلسفة ابن رشد ومقدمة ابن خلدون وإبداعات العلماء العرب في كل العلوم، ينبغي أن يساهم الجميع في توطين الفلسفة في كل ركن من أركان عالمنا العربي وتنشئة الأبناء على التفكير الفلسفي والعلمي".

ولي عهد الفجيرة الشيخ محمد بن حمد الشرقي لدى استقباله وزيرة الثقافة الجزائرية السابقة مليكة بن دودة

وأضاف النشار أنّ من شأن ذلك "إعادة بناء الانسان العربي كإنسان مثقف واعٍ لا يقبل من الأفكار إلا ما يقتنع به عقلياً ولا يهدأ له عقل حتى يشارك بكل قوة في ركب الحضارة العالمية بجدارة وابداع، وليس بالتقليد والاتباع".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية