مصر بين الردع والتدخل العسكري في ليبيا.. 3 سيناريوهات محتملة

مصر بين الردع والتدخل العسكري في ليبيا.. 3 سيناريوهات محتملة


22/06/2020

ليس عابراً حديث الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن أنّ لبلاده حقاً شرعياً في التدخل في ليبيا، وطلبه من الجيش الاستعداد لأي عملية عسكرية خارج البلاد إذا دعت الحاجة. هذا الموقف المصري المستجد بصراحته يُعَدُّ تغيّراً مُهمّاً في ديناميات الصراع في ليبيا وآفاقه، فهو يضيف إلى سيناريو تجميد الصراع أو سيناريو حدوث اختراق دبلوماسي يقود لمفاوضات سياسية بإشراف دولي... يضيف سيناريو حدوث المواجهة العسكرية بين المحور التركي والمحور المصري.

الموقف المصري المستجد يُعَدُّ تغيّراً مُهمّاً في ديناميات الصراع في ليبيا وآفاقه، فهو يقود لمفاوضات سياسية بإشراف دولي

وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية فإنّ مصر تمتلك ميزة؛ وهي أنّها على الحدود مع ليبيا، حيث يمكنها بسهولة نقل لواء أو قوات مدرعة إلى خط المواجهة، إلا أنّ تركيا عليها أن تنقلهم جواً أو بحراً، ومن المرجح أن تفضل استخدام المرتزقة من الفصائل السورية للقيام بهذه المهمة. وأوردت الصحيفة أنّه في شباط (فبراير) 2020 اشتبكت القوات التركية مع النظام السوري الذي نجح في تدمير مركباتهم المدرعة وأنظمة الدفاع الجوي. ولذلك، رأت الصحيفة أنّ الهدف من إعلان القاهرة التدخل في ليبيا هو الضغط على الولايات المتحدة للتدخل في الأزمة والتوصل لحل سلمي لوقف إطلاق النار.

ردع قد يتحول إلى مواجهة؟

ولدى سؤال قناة "بي بي سي" السفير المصري الأسبق لدى ليبيا، هاني خلّاف، عمّا إذا كان حديث السيسي مجرد تحذير كلامي أم أنّه مقدمة لتدخل عسكري مصري في ليبيا لمواجهة تركيا، قال خلّاف إنّ رسالة السيسي هي رسالة ردع وتحذير قابلة للتنفيذ في حال لم تستجب تركيا وحكومة الوفاق والحركات المسلحة التي تدعمها لهذه الرسالة.

اقرأ أيضاً: لماذا لوّحت مصر بالتدخل العسكري في ليبيا؟ 

 اللافت أنّ الرسالة المصرية لاقت قبولاً ومساندة عربية واسعة، فبدا وكأنها تعبير عن توافق عربي واسع ضد الاحتلال التركي في المنطقة العربية.

وكان الرئيس المصري قال السبت الماضي إنّ الأهداف الأساسية لأي تدخل ستتضمن حماية الحدود الغربية لمصر مع ليبيا، والتي تمتد لمسافة 1200 كيلومتر، والمساعدة في حماية الاستقرار والسلام في ليببا.

اقرأ أيضاً: بعد تصريحات السيسي عن ليبيا.. الجيش المصري يتصدر توتير

وقبل كلمته وجّه السيسي كلامه لعدد من الطيارين من القوات الجوية والقوات الخاصة في القاعدة قائلاً "كونوا مستعدين لتنفيذ أي مهمة هنا داخل حدودنا أو إذا تطلب الأمر خارج حدودنا"، كما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء.

وأضاف السيسي أنّ مصر لا تريد التدخل في ليبيا، وتفضل بشكل عام التوصل إلى حل سياسي، لكنه أضاف "الموقف الآن مختلف". وقال أمام حشد ضم عدداً من قيادات القبائل الليبية "إذا كان يعتقد البعض أنّه يستطيع أن يتجاوز خط سرت-الجفرة.. ده أمر بالنسبة لنا خط أحمر". وقال السيسي أيضاً إنّ مصر يمكن أن تزود القبائل بالتدريب والأسلحة لمحاربة "الميليشيات الإرهابية"، وهو مصطلح، بحسب "رويترز"،  تستخدمه مصر لوصف بعض الجماعات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق الوطني، لكنه دعا الطرفين المتحاربين في ليبيا إلى احترام خط الجبهة والعودة إلى المحادثات.

ثلاثة سيناريوهات محتملة

هذا يعني أننا، على الأقل، أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة لآفاق الصراع في ليبيا؛ في أعقاب الحديث المصري عن أنّ من الوارد الاستعداد لعملية عسكرية. وهذه السيناريوهات هي:

السيناريو الأول: ذهاب تركيا مع حكومة الوفاق إلى خيار إخراج الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من سرت والجفرة والشرق الليبي، بعد التقدم الذي تحقق في ترهونة والوطية. هذا السيناريو هو "سيناريو حرب"، وسيجعل مصر وروسيا تتدخل بقوة لمنع حدوثه. ومع أنّ احتمالية التدخل العسكري المصري والروسي واردة بقوة في الشرق الليبي، فإنّ فرص النجاح التركي مع حكومة الوفاق في السير للسيطرة على سرت تبدو ضئيلة للغاية، فهذا خط أحمر دولي وإقليمي في الحقيقة.

تسعى تركيا إلى وجود عسكري دائم في ليبيا، وتتطلع إلى قاعدة الوطية وقاعدة القرضابية الجوية بالقرب من سرت

السيناريو الثاني: تجميد الصراع عند الخطوط الحالية وبقاء الاستقطاب وتوازن القوى دون تعديل كبير، في انتظار نضوج الظروف لإجراء مباحثات، ما يزال الطرفان المتصارعان في ليبيا غير مهيّأين لها حالياً.

السيناريو الثالث: تدخل دولي لفرض تسوية سياسية بناء على توازن القوى الحالي، وتبدو الولايات المتحدة هي أكثر الأطراف القادرة على قيادة مثل هذه النافذة الدبلوماسية، وإقناع الأطراف الإقليمية والدولية والليبية على قبولها.

سرت خط أحمر.. لماذا؟

وفي تحليل كتبه (Fehim Tastekin) ونشره موقع "المونيتور" الأمريكي ورد لدى الإجابة عن سؤال: "لماذا سرت خط أحمر؟" ما يلي:

  1. سرت تقع في منتصف الساحل الليبي، وهي البوابة الغربية لمنطقة "الهلال النفطي" في البلاد والطريق الذي يجب على أي طرف أن يسيطرعليه ليتمكن من الوصول إلى موانئ زويتينة وراس لانوف والسدرة والبريقة، حيث يوجد 11 خط نفط و3 قنوات غاز.
  2. من خلال الاستيلاء على سرت، يمكن السيطرة بسهولة على امتداد ساحلي بطول 350 كيلومتراً على طول الطريق إلى بنغازي، حيث تكثر خطوط الأنابيب والمصافي والمحطات ومرافق التخزين ومن الجدير ذكره أنه قبل اندلاع الحرب في 2011 في ليبيا، كان 96 % من الدخل الليبي من النفط، حيث يبلغ احتياطي البلاد 48.3 مليار برميل من النفط و1.5 تريليون متر مكعب من الغاز.
  3. تسعى تركيا إلى وجود عسكري دائم في ليبيا، وتتطلع إلى قاعدة الوطية وقاعدة بحرية في مصراتة، وقاعدة القرضابية الجوية بالقرب من سرت.
  4.  بالنسبة لروسيا، فهي تسعى للسيطرة على سرت للحصول على موضع قدم في جنوب البحر المتوسط، بعد الحصول على قواعد في طرطوس واللاذقية في سوريا.
  5. بالنسبة لمصر، فإنّ سرت خط أحمر؛ لأنه  في حال سقوطها في يد تركيا وحكومة الوفاق ستسيطر على النفط الليبي مما يعطيها التفوق على قوات حفتر، وهذا سيساعدها في السيطرة على باقي المدن حتى تصل إلى الحدود المصرية.
  6. تنظر فرنسا لسرت بالأهمية نفسها التي تنظر إليها روسيا، فهي الأخرى تريد الميناء وقاعدة عسكرية. وفي 14 حزيران (يونيو) 2020، هاجمت فرنسا تركيا بسبب تزايد "عدوانيتها" في ليبيا، متهمة إياها بانتهاك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وطلبت عقد اجتماع للناتو بشأن هذه القضية، وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إنّ موقف تركيا "يشكل خطراً على أنفسنا وخطراً إستراتيجياً غير مقبول؛ لأنها تبعد 200 كيلومتر 124 ميلاً عن الساحل الإيطالي". وتسعى فرنسا للحصول على دعم أمريكي مباشر لكبح جماح تركيا، ولكن بالنسبة لواشنطن، فإنّ الأولوية هي إعاقة روسيا، وما يمكن أن يدفع واشنطن لتغيير موقفها هو عقد أنقرة شراكة مع موسكو في ليبيا، بحسب "المونيتور".


انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية