مغربية تتخلى عن جنسيتها الإسبانية لملاقاة فارس أحلامها في غزة

المغرب

مغربية تتخلى عن جنسيتها الإسبانية لملاقاة فارس أحلامها في غزة


18/02/2020

رافعة شارة النصر، وعلى كتفيها العلم المغربي، تقف إلى جانب زوجها الذي توشّح بالعلم الفلسطيني، بالقرب من الحدود الشرقية لمدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة، لتحقق حلمها برؤية الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي، ولو حتى من مسافات بعيدة.

محجوبة قنون؛ فتاة مغربية تنحدر من مدينة سبتة المغربية، عُرفت بحبها الشديد للقضية الفلسطينية والفلسطينيين، وكانت تتضامن معهم عند تعرضهم للحروب من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتمنّت أن تزور أرض فلسطين، ولو لمرة واحدة فقط.


وبعد طول انتظار تحققت أمنية الفتاة المغربية، التي تبلغ من العمر 26 عاماً، واستطاعت القدوم إلى قطاع غزة، ولكن لم تكن الزيارة مؤقتة، وإنما كانت للزواج من الشاب الفلسطيني، محمد العامودي، الذي تربطها به علاقة حبّ من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

دشنت محجوبة قناة يوتيوب خاصة بها وبدأت بالتجول في شوارع غزة، وتصوير مقاطع فيديو وإجراء مقابلات مع الناس

كانت محجوبة تفضّل متابعة القنوات التلفزيونية الفلسطينية والعربية، التي تبثّ أخباراً عن الفلسطينيين، للتعرّف أكثر إلى حياتهم، وأخذ انطباعاتهم، فهي أتقنت اللهجة الفلسطينية جيداً، وأصبحت تتحدث وكأنها فلسطينية وليست مغربية.

حبّ فلسطين وأهلها
وتقول محجوبة قنون، لـ "حفريات": "حبي الشديد لفلسطين وأهلها دفعني لمتابعة كافة الأحداث على الساحة الفلسطينية، وفي أحد الأيام شاهدت مقطع فيديو لشاب تعرض لطلق ناري أثناء مشاركته في الجمعة الثالثة من مسيرات العودة على حدود غزة، وهو يرفع شارة النصر رغم آلامه، هذا المشهد دفعني إلى إضافته عبر الفيسبوك للاطمئنان على وضعه الصحي بعد الإصابة".

محجوبة قنون؛ فتاة مغربية تنحدر من مدينة سبتة المغربية

وتضيف: "بعد موافقة محمد على طلب الصداقة الذي أرسلته له بدأت بالحديث معه، للتعرّف أكثر إلى الاعتداءات التي يتعرضون لها خلال مشاركتهم في مسيرات العودة، وكيف يتعامل معهم جنود الاحتلال، وأصبحت أتحدث معه بشكل يومي، حتى دخل قلبي وأحببته، وفي يوم من الأيام طلب مني أن أتحدث مع والدته وشقيقته، وبعد حديثي معهما طلبتا يدي للزواج من محمد".

اقرأ أيضاً: مصانع أدوية فلسطينية تتحدى القيود الإسرائيلية وتصدّر إلى الخارج
وتواصل حديثها: "وافقت على الزواج من محمد دون تردد، رغم معارضة بعض أقاربي وصديقاتي؛ لأنّي سوف أغادر المغرب، وأتخلى عن وظيفتي والجنسية الإسبانية التي أحملها، من أجل العيش في قطاع غزة المحاصر مع شاب مصاب، لكني أقنعتهم بأني سوف أجد سعادتي معه، فأبدوا موافقتهم على سفري إلى غزة للزواج من الشخص الذي أحب".
تحقيق أمنيتها
وتخبر محجوبة "حفريات" بأنّ محمد لم يتمكن من السفر إلى المغرب بسبب إصابته، الأمر الذي دفعها للقدوم إلى قطاع غزة وحدها، وفور وصولها إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح الحدودي، سجدت وحمدت الله كثيراً؛ لأنّها تمكنت من تحقيق أمنيتها التي تنتظر تحقيقها منذ صغرها، وأن فلسطين أقرب من كافة دول العالم إلى قلبها.

محجوبة قنون مع زوجها على الحدود الشرقية لمدينة خانيونس‎
وتذكر محجوبة أنّها بعد عدة أيام من وصولها إلى قطاع غزة، تزوجت من الشاب الذي أحبّته دون أن تراه على أرض الواقع، وأقيم حفل زفافهما، بتاريخ 9 آذار (مارس) 2019، على الحدود الشرقية لمدينة خانيونس، بالقرب من المكان الذي أصيب به محمد، بحضور جمهور واسع من الفلسطينيين، وعدد من القيادات الفلسطينية.
وتبين أنّه، وعلى الرغم من معرفتها الكثير عن غزة من خلال متابعتها للقنوات التلفزيونية الفلسطينية، والحديث مع أشخاص فلسطينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنّ الصورة على التلفاز تختلف عن الواقع، فهي تعرفت إلى أمور كثيرة تجهلها عن حياة الغزيين، وكيف يجمعون بين الألم والأمل في آن واحد، وعن مساعدتهم لبعضهم رغم الظروف القاسية التي يمرون بها.

اقرأ أيضاً: تقرير أمني يكشف تجسّس حركة حماس على الفلسطينيين
نقل معاناة الفلسطينيين
ولم يكن قدوم محجوبة إلى غزة للزواج فقط، بل كان لديها هدف آخر، وهو التعرّف إلى معاناة الشعب الفلسطيني عن قرب، ونقلها إلى العالم الخارجي، فدشنت قناة يوتيوب خاصة بها، وبدأت بالتجول في شوارع غزة، وتصوير مقاطع فيديو، وإجراء مقابلات مع الناس.

أصبح محمد العامودي عاجزاً على القيام ببعض المهام إلا أنّ زوجته محجوبة كانت له بمثابة السند وخففت أوجاعه

وبحسب محجوبة؛ فإنّ حياتها في قطاع غزة تختلف كثيراً عن الحياة التي كانت تعيشها في المغرب، فهي تعيش في بيت صغير سقفه من الصفيح لا تتجاوز مساحته 30 متراً مربعاً، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة خلال اليوم، وسماع دوي الانفجارات بشكل متكرر، وعلى الرغم من ذلك إلا أنّها تعيش بسعادة مع زوجها، وتفضل أن تبقى في غزة.
وتردف قائلة: "عندما أخبرت عائلتي وصديقاتي عن الحياة التي أعيشها في غزة، وعن فقداني للجنين بسبب القصف الإسرائيلي بالقرب من منزلي قبل ثلاثة أشهر، طلبوا مني العودة إلى المغرب على الفور، خوفاً على حياتي، ولكني رفضت ذلك؛ لأنّ حبي لغزة وسكانها زاد كثيراً بعد العيش معهم، والتعرّف إليهم عن قرب".

اقرأ أيضاً: هل يكون قبول المغرب بصفقة القرن بوابة للاعتراف بسيادته على الصحراء؟
حُبّ تخطى الحدود
وبعد إصابته بطلق ناري في قدمه اليمنى لم يتوقع محمد العامودي أن يجد فتاة توافق على الزواج منه؛ لأنّه أصبح من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكنّ محجوبة وافقت على الزواج منه، وقطعت ما يزيد عن 3000 كيلومتر للعيش معه في غزة المحاصرة، والتي تختلف اختلافاً كلياً عن بلدها المغرب.
وقد أصبح الشاب العامودي، عاجزاً على القيام ببعض المهام، إلا أنّ زوجته محجوبة كانت له بمثابة السند، وخففت أوجاعه، فهي تساعده في ارتداء الملابس والحذاء، وكانت تذهب معه بشكل مستمر للمشاركة في فعاليات مسيرات العودة.


العامودي أخبر "حفريات" بأنّه عندما كان يتحدث مع محجوبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطلب منها الزواج، لم يعدها بحياة وردية، وشرح لها ظروفه، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في غزة، ورغم ذلك وافقت على الزواج منه، وأنّها جسدت كافة معاني الوفاء، وأثبتت له أنّ المال، والحياة الفارهة لا يساويان شيئاً أمام الحب.

اقرأ ايضاً: محللون لـ "حفريات": تركيا تدعم حماس لتقوية التواجد الإخواني في غزة
وكان محمد، الذي يبلغ من العمر (27 عاماً)، يعمل في بيع وشراء الهواتف الخلوية المستعملة في أحد أسواق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، لكن بفعل إصابته لم يستطع العمل، حيث إنّه يتلقى مساعدة مالية من الهيئة العليا لمسيرات العودة تقدر بـ 300 شيكل شهرياً، أي ما يعادل "80 دولاراً أمريكياً"، وبالكاد يستطيع توفير المستلزمات الأساسية لبيته.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية