من العثمانية إلى العلمانية ما الذي تغير في السياسة التركية؟

من العثمانية إلى العلمانية ما الذي تغير في السياسة التركية؟


25/07/2021

تتكئ السياسة التركية على سلسلة مخاوف منها ما هو مرتبط بفوبيا الانقلابات ومن جهة اخرى القلق من السقوط المضطرب لسابقتها، الإمبراطورية العثمانية.

 اشتهر المؤرخ التركي إيلبر أورتايلي بأنه وصف القرن التاسع عشر بأنه أطول قرون للإمبراطورية العثمانية. على الرغم من أن سقوط العثمانيين كان سؤالًا متعدد الأبعاد، إلا أن بيروقراطيي الدولة كانوا مدركين تمامًا لخطورة الوضع بسبب الهزائم المتتالية للجيش العثماني.

وهكذا، ركزت النخبة السياسية والفكرية للإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر طاقتها على هدف أساس وهو المتمثل في إنقاذ الإمبراطورية.

مع ظهور حركات فكرية جديدة، انقسمت نخبة الدولة فيما بينها في اختيار أفضل علاج لسقوط الإمبراطورية.

كانت النزعة الغربية والإسلامية والقومية التركية هي الحركات الفكرية الرئيسية الثلاث التي سادت بين النخبة العثمانية.

من العصور الدستورية الأولى إلى الثانية، كانت السلطة السياسية في الدولة العثمانية تتأرجح بين السلطنة والبيروقراطية المعروفة باسم الباب العالي.

مع تفكك الإمبراطورية العثمانية في نهاية المطاف، تأسست جمهورية جديدة على أنقاض الإمبراطورية، التي ورثت جميع النزاعات السياسية والفكرية تقريبًا في القرن التاسع عشر.

على الرغم من الانتقال الذي طال انتظاره إلى نظام التعددية الحزبية في عام 1950 والذي وعد بحل هذه الخلافات من خلال السياسة المدنية، فقد تم تأسيس نظام الوصاية العسكرية في عام 1960، والذي أوقف مسار السياسة الديمقراطية عبر الانقلابات المتتالية وهو الشبح الذي ما يزال يلاحق اردوغان ونظامه، الخوف من الإنقلاب.

وانطلاقا من ذلك الخوف، ظل حزب العدالة والتنمية ومنذ  وصوله إلى السلطة السياسية في عام 2002، يتبجح بالتصدي للوصاية العسكرية التي طال أمدها ومع قيام  السياسيين المدنيين بالسيطرة على عملية صنع القرار، وأصبحت الانتخابات العامة والمحلية مظهرا من تلك المظاهر في السياسة التركية مع استمرار عملية تغيير المجتمع بالتدريج لقبول نظام إخواني متلفع بعباءة اتاتورك لتمرير اهدافه بالتدريج والتخلص من خصومه.

منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، لم يكن هناك تغيير كبير في الطيف السياسي. خلال جضوره السياسي الذي دام عقدين من الزمن، كان معدل التصويت لحزب العدالة والتنمية حوالي 40٪ وأقل من ذلك، مع احتمالات فقدانه ذلك السقف من التصويت بالتزامن مع تراجع مضطرد في شعبيته بينهما هو ينظر بتفاؤل وهمي خلاصته ان حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري لن يتعدى حاجز 24٪.

 في موازاة ذلك فإن التغيير المهم في الطيف السياسي الذي لايريح اردوغان ولا حزبه هو ظهور حزب سياسي قومي أكثر علمانية  وهو الحزب الصالح من بين كوادر حزب الحركة القومية.

مع الأخذ في الاعتبار وجود حزب الشعوب الديمقراطي، يعول الحزب الحاكم على ان معدل التصويت لكل من هذه الأحزاب السياسية القومية الثلاثة لن يتعدى 10٪.

اليوم، يواصل الحزب مراقبة التغيرات المجتمعية بقلق بالغ  لجهة العلاقة بين المحيط والمركز، قد تقول اوساط الحزب  أن المحيط قد تم نقله إلى المركز لكن الأمر ليس بهذا التبسيط اذ تشير الوقائع الى تسيد المركزية واستبداد الحزب الحاكم بالرغم من جميع الشعارات.

بالإضافة إلى ذلك، يحاول حزب العدالة والتنمية الحاكم التغطية على القضايا الكبرى في رؤيته. إن الافتقار إلى المسار الواضح في مقابرة المشكلات الداخلية صار من علامات هذا الحزب بالاضافة الى تكتل اصحاب المصالح والانتهازيين حيث ركز حزب العدالة والتنمية إلى حد كبير على نشوء تلك الطبقة الطفيلية.

نظرًا لأن المواطنين ينتظرون تلبية احتياجاتهم الأساسية، يحاول حزب العدالة والتنمية التخلص من سلبياته في هذا الاتجاه من خلال الطعن في مسارات احزاب المعارضة.

بالإضافة إلى ذلك ، كان هناك تغيير في النظام السياسي سيؤثر على الحزب الحاكم الذي يحاول التشبث بهياكله وكيفية الحفاظ على السلطة السياسية وكيفية تحقيق التوازنات.

بينما يحدث كل هذا، هناك أيضًا جائحة مستمرة. ومع ان تركيا هي  بلد يدر الدخل من خلال الإنتاج، وقد تسبب الوباء في أزمة خطيرة في هذا المجال.

مع استمرار اخطاء وسلبيات السياسة التركية، بدأت أحزاب المعارضة في تبني أقسى الخطابات السياسية ضد اردوغان ونظامه ومع ذلك، فإن خطابهم السياسي القاسي لم يجعل الحزب الحاكم يصحح مساره الخاطئ وظل يسعى من اجل ان يبعد ناخبي الطبقة الوسطى في المدن الكبرى عن المعارضة وتجيير اصواتهم لصالح الحزب الحاكم، وهم الذين يتوقعون موقفًا سياسيًا أكثر حكمة من من الطبقة السياسية الحاكمة وهو طموح صعب المنال.

على الرغم من أن الانتقادات القاسية لأحزاب المعارضة قد خلقت جوًا من التردد بين قادة الرأي في حزب العدالة والتنمية، إلا أن أردوغان لا يزال يتصدى لمعارضية بالتخويف والترهب والمقاضاة في المحاكم بدعم جزء صغير من المتشددين الأتراك من كوادر حزبه المنتفعين منه.

 انهم يعولون على ما يسمونه الشعبية الثابتة للرئيس أردوغان، ولكنهم وفي نفس الوقت فإنهم يخشون من أحزاب المعارضة في مسعاها من اجل إقامة تحالفات جديدة مع الأحزاب السياسية الصغيرة.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية