من المسؤول عن معاناة العراقيين مع الكهرباء؟ الإرهاب أم إيران أم الحكومات المتعاقبة

من المسؤول عن معاناة العراقيين مع الكهرباء؟ الإرهاب أم إيران أم الحكومات المتعاقبة


04/07/2021

تُعدّ الكهرباء عاملاً مهماً جداً في تأجيج غضب الشارع، بسبب ارتفاع درجات الحرارة "الرهيب" في العراق، وبدأت بالفعل تظاهرات في مناطق مختلفة من العراق، انطلقت الثلاثاء الماضي من محافظة الكوت.

وتجمع المتظاهرون بعفوية للاحتجاج على الانقطاع المستمر للكهرباء خلال فصل صيف حار جداً، وقد ردّت القوات الأمنية بتفريقهم.

وشهدت أيضاً محافظة الناصرية العراقية، في اليوم ذاته، تظاهرات احتجاجية للمطالبة بتحسين وضع الطاقة الكهربائية، وفق فرانس برس.

وخرج العشرات من المواطنين أمام محطة الطاقة الكهربائية الحرارية في الناصرية احتجاجاً على تردي واقع الكهرباء، مطالبين بعزل إنتاج المحطة عن المنظومة الوطنية.

إلى ذلك، بدأ مئات العراقيين أول من أمس اعتصاماً في محافظة النجف احتجاجاً على استمرار أزمة الكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وأقام المعتصمون خياماً في ساحة الصدرين وسط النجف، وأعلنوا بقاء الاعتصام إلى حين حل أزمة الطاقة الكهربائية، حسبما أوردت السومرية.

وفرّقت قوات الأمن بالقوة أمس مظاهرات اندلعت في محافظة ميسان الجنوبية احتجاجاً على انقطاع التيار، ما أدى إلى إصابة 10 بجروح.

التظاهرات تعم المدن العراقية بسبب انقطاع الكهرباء في ظل ارتفاع كبير بدرجات الحرارة 

وذكرت مصادر أمنية نقلت عنها وكالة رويترز أنّ القوات العراقية استخدمت الرصاص الحي والهراوات والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين في منطقة قلعة في ميسان.

وقد أثر انقطاع الكهرباء على مجرى الحياة اليومية في العراق، وعبّر العراقيون والعراقيات عبر وسم #ماكو_كهرباء (ومعناه ليس هناك كهرباء) عن غضبهم إزاء ما حصل، ومن تردي الأحوال المعيشية في البلاد.

اقرأ أيضاً: بين “داعش” وإيران.. درجات الحرارة تشعل “أزمة الكهرباء” في العراق

وتساءل البعض عن السبب الحقيقي لمشكلة الكهرباء في العراق، بينما لام عراقيون آخرون الحكومة لعدم توفير الكهرباء رغم أنّ العراق يعوم على خيرات ونفط".

العراقيون يعبرون عن سخطهم وغضبهم من انقطاع الكهرباء وتردي الأحوال المعيشية في البلاد عبر وسم #ماكو_كهرباء 

ووصف عراقيون آخرون على تويتر الوضع بالبدائي، وقالوا: "ما هي إلا أيام وسيرجعون للعيش على الحطب".

وشارك الطلاب في العراق عبر الهاشتاغ معاناتهم من انقطاع الكهرباء خلال فترة الامتحانات.

ويرى بعض المغردين أنّ العيش في العراق أصبح "أمراً لا يمكن أن يستمر"، ونشرت إحدى الناشطات على تويتر استبياناً تسأل فيه أصدقاءها ومتابعيها ما إذا كانوا سيهاجرون إلى الخارج لو أتيحت لهم الفرصة.

ونشر صانع المحتوى علي عادل العراقي، الذي اشتهر سابقاً بمناشدته للرئيس الأمريكي جو بايدن بسبب أوضاع المعيشة السيئة في العراق، نشر تسجيل فيديو آخر عن انقطاع الكهرباء الأخير، وقال فيه: "استمع لي يا بايدن، سئمت الحياة في العراق".

اقرأ أيضاً: تنظيم داعش يفاقم أزمة الكهرباء بالعراق... ماذا يستهدف؟

وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق قد دعت وزارة التربية والتعليم لتأجيل امتحانات المرحلة المنتهية (الثالث إعدادي والثالث ثانوي) إلى أيلول (سبتمبر) المقبل، وذلك بسبب "غياب المعالجات السريعة لاستقرار المنظومة الكهربائية، وضمان تجهيز المواطنين بخدمتها، وتصاعد أعداد الإصابات بوباء كورونا، التي تزيد من قسوة الظروف المادية والتأثيرات النفسية"، حسب بيان المفوضية على فيسبوك.

هذا، وفاقمت الهجمات الإرهابية التي استهدفت أبراج الكهرباء معاناة العراقيين، وأعلنت السلطات العراقية أمس أنّ تفجيرات بعبوات ناسفة استهدفت خطوطاً وأبراجاً لنقل التيار الكهربائي شمالي البلاد وتسببت بخروجها عن الخدمة.

الشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية الشمالية: تفجيرات بعبوات ناسفة استهدفت 3 خطوط لنقل الكهرباء و6 أبراج في محافظة نينوى 

وفجر الجمعة شهد العراق انقطاعاً تاماً للتيار الكهربائي في محافظات البلاد باستثناء إقليم كردستان، أي أنّ الخدمة انقطعت عن 15 محافظة من أصل 18.   

وقالت الشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية الشمالية أمس في بيان نقلته وكالة واع الرسمية: إنّ تفجيرات بعبوات ناسفة استهدفت 3 خطوط لنقل الكهرباء في محافظة نينوى الليلة الماضية ما تسبب بخروجها عن الخدمة.

وأضافت الشركة الحكومية أنّ "التفجيرات استهدفت أيضاً 6 أبراج للكهرباء في المحافظة ذاتها وخرجت عن الخدمة".

وقد استقال وزير الكهرباء الأسبوع الماضي، وأقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المدير العام للشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية جنوب العراق من منصبه، وشكّل "خلية أزمة"، ووجّه بفتح تحقيق بحالات التقصير والإهمال في بعض مفاصل وزارة الكهرباء.

وكلّف الكاظمي قوات الجيش حماية خطوط نقل الطاقة الكهربائية، وذلك بعد سلسلة الهجمات التي تعرّضت لها على مدى الأيام الماضية.

الكاظمي يكلف الجيش بحماية خطوط نقل الطاقة الكهربائية، وذلك بعد سلسلة الهجمات التي تعرّضت لها 

وجاء في بيان صادر عن الحكومة العراقية أمس أنّ الكاظمي ترأس اجتماعاً طارئاً لمحافظي المحافظات، تقرّر فيه أن تتولّى قيادة العمليات المشتركة حماية أبراج نقل الطاقة الكهربائية وتخصيص قوّة خاصة لهذه المهام، بالإضافة إلى قيام قيادات الشرطة والمحافظين بحماية المنشآت الكهربائية والعاملين فيها وتخصيص مفارز خاصة بذلك.

اقرأ أيضاً: طائرة مسيرة تستهدف مطار بغداد... و"داعش" يفاقم أزمة الكهرباء.. ما القصة؟

وقال الكاظمي خلال ترؤسه خلية أزمة الكهرباء: إنه لا يمكن تحميل حكومته "مسؤولية 17 عاماً من الفساد والفوضى والهدر في مجال الكهرباء"، وفق موقع بغداد الآن.

وكانت الحكومة العراقية قد أصدرت أمس بياناً قالت فيه إنّ 61 خطاً من الخطوط الرئيسية للطاقة الكهربائية تعرّض للتخريب.

مدير في قسم العقود بوزارة الكهرباء: الخط الإيراني توقف بسبب مشاكل بتسديد المستحقات المالية نتيجة العقوبات المفروضة على طهران

وأعلنت الحكومة في بيانها مقتل 7 أشخاص خلال صد العمليات التي حاولت استهداف أبراج الطاقة.

من جهته، قال وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار: إنّ شركة "بريتش بتروليوم" تدرس الانسحاب من العراق.

وأضاف عبد الجبار أنّ شركة "لوك أويل" الروسية أرسلت أيضاً إخطاراً رسمياً قالت فيه إنها تريد بيع حصتها في حقل غرب القرنة إلى شركات صينية.

ورأى وزير النفط العراقي أنّ مناخ الاستثمار في العراق غير مناسب لإبقاء كبار المستثمرين.

وكانت وزارة الكهرباء قد أعلنت أول من أمس إعادة تشغيل منظومة الطاقة الكهربائية في البلاد، بعد توقفها لساعات إثر استهداف أبراج لنقل الطاقة في ديالى وصلاح الدين ‎ من قبل مجهولين.

وبحسب السلطات، فإنّ معدل إنتاج الطاقة عاد إلى العمل بشكل طبيعي، وبدأ إنتاج 16 ألف ميغاواط في معامل إنتاج الطاقة المحلية.

 

التحرك لربط العراق بالمنظومة الكهربائية الخليجية يواجه عرقلة من قبل أحزاب سياسية وميليشيات موالية لإيران

وفي السياق، قال مدير في قسم العقود بوزارة الكهرباء، فضل عدم ذكر اسمه: إنّ "الخط الإيراني توقف بسبب مشاكل بتسديد المستحقات المالية نتيجة العقوبات المفروضة على طهران".

وأضاف في تصريح صحفي لموقع "الحرّة": إنّ "التجهيز الإيراني لم يكن ضرورياً أساساً، وهو كان في البداية على شكل خدمة يقدمها العراق لدعم الاقتصاد الإيراني، قبل أن نعتمد عليه بشكل كبير".

وذكر المسؤول أنّ "وجود هذا الخط تحوّل فيما بعد إلى نقمة، لأنّ الأموال التي يوفرها لإيران كانت مهددة في حال تحسن قطاع الكهرباء العراقي، وربما يكون هذا سبباً لعدم تحسنها".

وقال المسؤول: إنّ هناك تحركاً لربط العراق بالمنظومة الكهربائية الخليجية، لافتاً إلى أنه يواجه عرقلة من قبل أحزاب سياسية وميليشيات موالية لإيران.

ولم يستطع العراق دفع ديونه لإيران بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، وبسبب وضعه الاقتصادي الناتج عن تراجع معدلات تصدير النفط الذي يمثل المورد الرئيسي لميزانية البلاد، بسبب تداعيات انتشار كوفيد-19.

وتعاني السلطات من صعوبة جباية فواتير الكهرباء التي لا يدفعها سوى عدد قليل جداً من العراقيين، ناهيك عن تجاوزات في أغلب مدن البلاد من العامّة وحتى من المسؤولين.

وتتوقع الأرصاد الجوية العراقية ارتفاع درجات الحرارة أكثر في الأسابيع المقبلة، ويبدو أنّ 60 مليار دولار صرفت على قطاع الكهرباء منذ 2003 غير كافية لينعم العراقيون بصيف بارد، أو محتمل على الأقل.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية