"نهر النار": تاريخ الهند على مدار 2500 عام

"نهر النار": تاريخ الهند على مدار 2500 عام


15/06/2020

أصدر مشروع "كلمة" للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي ترجمة رواية "نهر النار"، لمؤلفتها قرة العين حيدر، ونقلها إلى العربية الأستاذ الدكتور مجيب الرحمن.
وتمثل الرواية التي حازت مؤلفتها على جائزة "جانا بيث" - أعلى جائزة أدبية في الهند - إحدى الشوامخ في الفن الروائي الهندي قديمه وحديثه وقد برزت مؤلفتها كواحدة من أهم أعلام الأدب الهندي المعاصر، وفق بيان أصدرته دائرة الثقافة والسياحة.

اقرأ أيضاً: "أبوظبي الدولي للكتاب" يستضيف الروائي عبد الوهاب عيساوي في جلسة افتراضية

وفي هذه الرواية يمتدّ الزمان ليتقلص ضمن أوراقها وسطورها حيث تحكي الكاتبة قرة العين حيدر تاريخ الهند على مدار 2500 عام بدءاً من عصر "تشاندرا جوبتا موريا" في القرن الرابع قبل الميلاد إلى فترة ما بعد استقلال الهند في عام 1947، وتعرض السياق لتقسيم شبه القارة الهندية المؤلم إلى دولتين قوميتين. وُصفت الرواية بأنّها واحدة من أشهر روايات شبه القارة الهندية، نشرت عام 1959 ونشرت ترجمتها الإنجليزية على يد الكاتبة نفسها عام 1998.

غلاف الرواية

أربعة عصور في التاريخ الهندي
تتتبع الكاتبة عبر أربعة عصور في التاريخ الهندي؛ البوذي-الهندوسي، والإسلامي، والاستعمار البريطاني، وما بعد الاستعمار، مصير أربع شخصيات رئيسية؛ غوتام، وتشامبا، وكمال، وسيريل. تظهر شخصية غوتام أولاً كطالب متجول في جامعة الغابة في شراوستي في القرن الرابع قبل الميلاد، وتظهر معه تشامبا التي تجسّد المرأة الهندية عبر العصور، وتظهر شخصية كمال في العصر الإسلامي الذي يحكي ما قام به وما أنجزه الحكام المسلمون في القرون الوسطى في الهند، ويظهر سيريل في عصر الاستعمار البريطاني الذي هو بدوره يجسّد ما رمز له الاستعمار البريطاني في الهند، وتتقاطع حكاياتهم على مدى عصور مختلفة؛ حكايات حب وهيام وصراع للملوك من أجل السيطرة على السلطة، وفي ثنايا الأحداث تقدم الكاتبة صوراً بارعة عن تشكل الثقافة الهندية الجميلة المشتركة من العناصر الهندوسية والإسلامية، وأخيراً تقدم السياق التاريخي للصراع الطائفي بين الهندوس والمسلمين الذي أدى في نهاية الأمر إلى كارثة تقسيم الهند إلى دولتين قوميتين الهند وباكستان، وما لهذه الحادثة من آثار مدمرة على الثقافة الهندية المشتركة.

اقرأ أيضاً: جوليان جرين.. القلب بيت المسرح
وتجسّد شخصيات الرواية التي يتكرّرُ ظهورها في كل عصر من عصور التاريخ الهندي وحدانية الطبيعة الإنسانية وسط الاضطرابات القومية والدينية في التاريخ الهندي، فالكاتبة قرة العين حيدر تؤمن إيماناً قوياً بالثقافة الهندية المشتركة وتعتبرها من أجمل مقومات الحضارة الهندية التي هي بمثابة النهر المتدفق الذي يصدر من منبعه وتلحق به روافد في طريقه التي بدورها تغذيه وتثريه إلى أن يصبّ في مصبه النهائي.
تجربة مثيرة
من الناحية الفنية تقدم رواية "نهر النار" تجربة مثيرة إذ وظّفت الكاتبة تقنيات عديدة في سرد الأحداث؛ رسائل، ومذكرات، وأمثال، وتيار الوعي لتقديم رؤيتها الحزينة عن تآكل الزمن، وتتسم الرواية بأسلوب غنائي بارع، وعلى الرغم من أنّ الرواية تقدم تاريخ الهند في قالب قصصي إلا أنها تحمل في طياتها ما يكفي من عنصرَي التشويق والإمتاع.

تعد رواية "نهر النار" رثاءً لضياع تلك الثقافة الغنية المشتركة في الهند ما قبل التقسيم

وتعد رواية "نهر النار" ثرية ثراءَ الهند بفلسفاتها وأفكارها وتنوعها الديني واللغوي والثقافي، وهي تقدّم كل ذلك في قالب قصصي مبهرٍ وممتع، وفوق ذلك هي رثاء على ضياع تلك الثقافة الغنية المشتركة في الهند ما قبل التقسيم. وبحسب رأي النقاد فإن رواية "نهر النار" تحمل نفس المكانة بالنسبة للأدب الهندي التي تمثّلها رواية جابريل جارسيا ماركيز "مائة عام من العزلة" للأدب الإسباني.
وتعد قرة العين حيدر (1927-2007) روائية وقاصة هندية بارعة، وصحفية ممتازة، وأكاديمية بارزة، ومفكرة شهيرة. وتأتي في طليعة أدباء الأردو ومفكريها الكبار في القرن العشرين. طبقت شهرتها في الآفاق برائعتها "آغ كا دريا" (نهر النار) التي نُشرت لأول مرة بالأردية عام 1959. كما أنها نشأت في بيت يهتم بالأدب والكتابة، فوالدتها نذر سجاد ووالدها سجاد حيدر يلدرم، وكلاهما من رواد القصة القصيرة والرواية الأردية.
قرة العين حيدر من الكاتبات المكثرات في الأدب الأردي

من الكاتبات المكثرات في الأدب الأردي
قرة العين حيدر من الكاتبات المكثرات في الأدب الأردي؛ فقد نشرت لها اثنتا عشرة رواية وأربع مجموعات قصصية، وسيرة ذاتية إلى جانب عدد كبير من المقالات الصحفية والأدبية في اللغتين الأردية والإنجليزية. ومن أشهر رواياتها "آغ كا دريا" (نهر النار) (1959)، "ميرى بهي صنمخانى" (معبدي أيضاً) (1949)، "سفينه غم دل" (سفينة أحزان قلبي)، (1952)، وبتجهار كي آواز" (صوت الخريف) (1965)، و"آخري شب كى همسفر" (رفيق آخر ليلة) و "روشني كي رفتار" (سرعة الضوء) (1982)، وسيرتها الذاتية المعنونة " كار جهان دراز هي" (مهمة العالم طويلة).

الرواية تعرض لشخصية كمال في العصر الإسلامي الذي يحكي ما أنجزه الحكام المسلمون في القرون الوسطى في الهند

ترجمت معظم أعمالها إلى كثير من اللغات الهندية والعالمية، وحصلت على جوائز عديدة أهمها "جائزة أكاديمية الأدب" المرموقة سنة 1967 على روايتها "صوت الخريف"، وأعلى جائزة أدبية في الهند جائزة "جانا بيث" كما تلقت جائزة "بادما شيري"، و"بادما بوشان" المرموقة من حكومة الهند.
أما المترجم مجيب الرحمن، فهو أستاذ بمركز الدراسات العربية والأفريقية بجامعة جواهر لال نهرو، نيو دلهي، الهند، وهو كاتب وباحث أكاديمي ومترجم ترجم إلى العربية "فكرة الهند" لسوني خيلناني، و"مواطن الحداثة" لديبيش تشاكرابورتي، و"السير في الطريق السريع" لرام بوكساني، وترجم إلى الهندية " كلمات القائد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان"، وله عدد من المؤلفات وما يزيد عن 50 بحثاً منشوراً في مختلف الجرائد والمجلات، وأشرف على ما يزيد عن 30 رسالة جامعية، حصل على الجائزة الرئاسية "مهارشي بادريان وياس سمان" للعلماء الشباب عام 2012.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية