نووي إيران يفاقم الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة

نووي إيران يفاقم الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة


08/12/2021

مع التعثر المستمر في عملية إحياء الاتفاق النووي، لا سيما بعد فشل الجولة السابعة من المسار التفاوضي بفيينا، بين الولايات المتحدة وإيران، تبدو العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في حالة من التوتر على خلفية الملف النووي المأزوم، وكذا تباين وجهات نظر البلدين بخصوص سبل التعاطي مع الموقف الإيراني المتصلب.

يتبنى الطرف الإسرائيلي سياسة الضغط القصوى، والتعامل الخشن مع طهران، بل والتلويح بالخيار العسكري، ومن ثم، الاصطدام معها، سياسياً وميدانياً، لجهة وقف أنشطتها النووية، وقد حققت إيران قفزات لافتة في ظل خروقاتها المتواصلة لبنود "خطة العمل المشتركة"، ثم مواجهة وتقليص نفوذها الإقليمي، وتحديداً تهديداتها للملاحة الدولية في مياه الخليج.

إسرائيل تطالب بوقف مفاوضات فيينا

وبينما يصف مراقبون العلاقات بين واشنطن وتل أبيب بأنّها في "أسوأ أوضاعها"، مؤخراً، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن مطالبات الطرف الإسرائيلي بضرورة وقف المفاوضات النووية في فيينا، كما لفتت الصحيفة إلى أنّ الولايات المتحدة بعثت برسائل لمسؤولين أمنيين إسرائيليين، تحذر فيها من حدوث ثمّة "مفاجآت سرية" تعيق من مسار المحادثات في فيينا.

هناك اختلافات كثيرة في الرؤية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، نفتالي بينيت، ونظيره السابق بنيامين نتنياهو، في العديد من الملفات، لكنّ الملف الوحيد الذي شهد درجة كبيرة من التطابق في المواقف، هو الملف الإيراني، حسبما يوضح مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، الدكتور هاني سليمان.

وبالرغم من علاقة واشنطن وتل أبيب الاستراتيجية، إلا أنّ تعاطي أمريكا مع الملف النووي قد يقود إلى تعكير صفو تلك العلاقات التقليدية بين البلدين

ويضيف سليمان لـ"حفريات": "ثمّة تصريحات واضحة ومتطابقة بين المؤسسات الإسرائيلية المختلفة بخصوص نووي إيران، الأمر الذي يؤكد على محورية هذا الملف وخطورته بالنسبة للأمن القومي الإسرائيلي، وقد كان الملف الإيراني حاضراً وبقوة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، التي تتسم بأنّها إستراتيجية وقوية، غير أنّه ومع مجيء الرئيس الأمريكي جو بايدن، ظهرت هواجس وشكوك إسرائيلية في طريقة تعاطي الإدارة الجديدة مع الملف النووي الإيراني، خاصة مع تأكيد بايدن على الالتزام بالمسار الدبلوماسي، وما تلا ذلك من سحب مذكرة العقوبات "السناباك"، وتجميد بعض العقوبات الأمريكية، ووقف تصعيد مجلس حكماء الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد طهران، بالإضافة إلى الوقوف بشكل ضعيف ومتهاون إزاء الانتهاكات الإيرانية، ومن بينها حرب الناقلات البحرية وتهديد الملاحة الدولية".

خيارات الولايات المتحدة

وبحسب سليمان فإنّ "كل تلك الدلائل، جعلت تل أبيب غير مطمئنة للمسار الذي تنتهجه إدارة بايدن؛ حيث لم تر ضمانات أكيدة للجانب الإسرائيلي، وبالتالي، بدأت تطرح إستراتيجية بديلة للتعامل مع الملف النووي الإيراني، وقد بعثت لواشنطن، قبيل الجولة السابعة، بمعلومات وبيانات تؤكد أنّ إيران تعتزم تخصيب اليورانيوم بنسبة ٩٠%، في منشأة فوردو النووية، كما أنّ قدومها للمفاوضات في فيينا يعد بمثابة محاولة لكسب الوقت دون جدية لإعادة إحياء الاتفاق النووي. والتزامت إسرائيل، في النهاية، بخطاب يؤكد على أنّ لديها مسارها الخاص، وآلياتها للتعامل مع طهران".

وبالرغم من علاقة واشنطن وتل أبيب الإستراتيجية، إلا أنّ تعاطي أمريكا مع الملف النووي قد يقود إلى تعكير صفو تلك العلاقات التقليدية بين البلدين، بحسب المصدر ذاته، خاصة "إذا ما وجدت تل أبيب نفسها مضطرة للقيام بأعمال أحادية عسكرية في حال لم تكن النتائج والضمانات مرضية. وعلى الرغم من وجود لجنة تنسيق مشتركة بين الطرفين، لكن ذلك لن يكون كافياً لإسرائيل".

اقرأ أيضاً: أمريكا وإسرائيل.. وبينهما إيران والاتفاق النووي

وفي حين أعلن الرئيس الإسرائيلي، يتسحاك هيرتسوغ، مطلع الأسبوع الحالي، تأييد بلاده التوصل لاتفاق نووي جديد مع إيران، لكنه شدد على تمسكه بالخيار العسكري. كما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بمعاقبة إيران على خلفية خروقاتها للاتفاق النووي. ودعا، في اجتماع الحكومة الإسرائيلي، القوى الدولية المنخرطة في مفاوضات فيينا بضرورة "التمسك بخط متشدد، والتوضيح لإيران بأنّه لا يمكن أن تخصب يورانيوم وتفاوض في الوقت نفسه". وتابع: "لقد انتهت جولة مفاوضات أولى بين إيران والدول العظمى دون تحقيق أي نتائج. لقد تراجع الإيرانيون عن جميع التفاهمات السابقة، كما اتخذوا موقفاً متشدداً وهمجياً للغاية".

اقرأ أيضاً: ما حقيقة الانفجار الذي وقع قرب منشأة نطنز النووية؟

وأوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي أنّ هدف حكومته "هو استغلال نافذة الوقت التي فُتحت بين الجولات (التفاوض) كي نقول لأصدقائنا في الولايات المتحدة: هذا هو الوقت بالضبط لاستخدام سلة أدوات أخرى مقابل إسراع إيران في مجال التخصيب. وعلى إيران أن تبدأ بدفع أثمان خروقاتها".

واتفق مع الرؤية ذاتها الرئيس الإسرائيلي، لكنه عاود، مجدداً، الحديث عن مخاطر التهديد الإيراني، سواء لإسرائيل أو الولايات المتحدة، وقال: "لا شك في أنّ التحدي الكبير الماثل أمام إسرائيل والولايات المتحدة هو التهديد الإيراني المشترك. ونحن نتابع عن كثب مفاوضات المجتمع الدولي مع إيران. وفي حال لم يتم التوصل إلى حل، فإنّ إسرائيل ستحتفظ بجميع الخيارات على الطاولة. وإذا لم يتخذ المجتمع الدولي خطوات حازمة في هذا الموضوع، فإنّ إسرائيل ستفعل ذلك. وستدافع إسرائيل عن نفسها بنفسها".

المحلل السياسي حبيب الله سربازي لـ"حفريات: يتم تكرار السياسة نفسها؛ إذ تنخرط إيران في مفاوضات نووية لا تحقق نتائج، وفي الوقت ذاته تسعى لزيادة ورفع نسبة التخصيب

ويشير المحلل السياسي والمعارض الإيراني، حبيب الله سربازي، إلى أنّ الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، كان الشخصية الرئيسية في المحادثات النووية قبل رئاسته، وقد كشف، في بيان خلال الانتخابات الأخيرة، أنّه عندما تولى القضية النووية فی فترة رئاسة محمود أحمدی نجاد كان هدف طهران إخراج القضية الإيرانية من مجلس الأمن، وذلك حتى لا يكون هناك إجماع عالمي ضد سياسة الملالي النووية، ومن ثم، كسب الوقت من خلال المحادثات النووية، وزيادة التخصيب.

المحلل السياسي والمعارض الإيراني حبيب الله سربازي: الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، كان الشخصية الرئيسية في المحادثات النووية قبل رئاسته

ويردف سربازي لـ"حفريات: "الآن، يتم تكرار نفس السياسة؛ إذ تنخرط إيران في مفاوضات نووية، لا تحقق ثمة نتائج، وفي نفس الوقت تسعى لزيادة ورفع نسبة التخصيب. ومن المعروف أنّ هذه السياسة هدفها تهیئة الظروف لجهة تحقيق أقصى استفادة من المحادثات النووية، لصالح الأذرع الإیرانیة التي تعمل بالوكالة في المنطقة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية