هل اقتربت نهاية حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا؟

هل اقتربت نهاية حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا؟


15/07/2021

يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم الكثير من التحدّيات؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية والديون الكبيرة التي وضعت البلاد على شفير الإفلاس، والتحديات السياسية المتعلِّقة بفساد وزراء من الحزب الحاكم، بالإضافة إلى التحديات التي يفرضها المجتع الدولي على تركيا بسبب سياسة التوسع التي ينتهجها الرئيس، والتدخل في الصراعات الإقليمية، وعدم الانصياع للقرارات الدولية، هذا إلى جانب استغلال الحزب الحاكم للاجئين لابتزاز حكومات أوروبية.

 

تواجه حكومة العدالة والتنمية الاتهام الدولي الذي تعلق باستغلال تركيا للأطفال في حروبها

 

أحدث تلك التحديات، التي اعتبرها مراقبون مأزقاً سيعجل من نهاية الحزب الحاكم، هو الانشقاقات، فقد أعلن أحد نواب حزب "العدالة والتنمية" عن مدينة موش في تركيا فاتح جنكيز انضمامه و2500 آخرين من أعضاء الحزب إلى حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، وفق ما أوردت وكالة "سبوتنيك" الروسية.

ونقلت وسائل إعلام عن جنكيز، وهو أيضاً رئيس غرفة التجارة التركي السابق، قوله: "انطلقنا مع حزب الشعب الجمهوري، وسنواصل حتى النهاية بإذن الله".

وأقيم حفل حاشد في المدينة حضره نائب رئيس حزب "الشعب الجمهوري" أوغوز كان ساليجي احتفاءً بالأعضاء الجدد، في ضربة سياسية قاسية للرئيس رجب طيب أردوغان، وفقاً لوكالة "فرانس برس".

وقال رئيس مقاطعة موش في حزب الشعب الجمهوري إسماعيل أدانور: "أود أن أشكر وأرحب بالأفراد الجدد الذين انضموا إلينا، أود أيضاً أن أشكر زكي عكر نائبنا السابق عن موش، وفاتح جنكيز الرئيس السابق لغرفة موش التجارية".

 

أبرز التحديات هي الأوضاع الاقتصادية والديون الكبيرة، والتحديات السياسية المتعلِّقة بفساد وزراء من الحزب الحاكم، بالإضافة إلى سياسة أردوغان التوسعية

 

وتابع: "سنواصل مسيرة القوة التي بدأها رئيسنا دون إضاعة الوقت من خلال التوسع إلى كل شبر من مدينتنا مع أصدقائنا الجدد".

وسبق أن انشقّ عن حزب "العدالة والتنمية" شخصيات مؤثرة من المؤسسين، على رأسهم رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، والوزير السابق علي باباجان، وآخرون من الصف الثاني، ويرجح أن يتحالف المنشقون ممّن أسسوا أحزاباً في تكتل واحد وتشكيل جبهة موحدة لعزل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سياسياً.

ورغم الانشقاقات والشعبية المتهاوية للحزب في الشارع التركي، فقد بدأ أردوغان الدعاية للانتخابات قبل عامين، وبدأت التساؤلات في الشارع التركي ما إذا كانت "هناك تحضيرات مبكرة للانتخابات؟" بالتزامن مع السؤال عن آليات حزب العدالة والتنمية في استعادة أصوات الناخبين الذين انفضّوا عنه جرّاء سياسات أردوغان التي توقع البلاد في أزمات متتالية، بحسب ما يقول معارضون أتراك.

 

النائب عن الحزب الحاكم فاتح جنكيز يعلن انضمامه و2500 آخرين من أعضاء الحزب  إلى حزب "الشعب الجمهوري" المعارض

 

وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل التركي محمد أوجاكتان في صحيفة قرار التركية: إنّه ممّا لا شك فيه، إذا وجد أردوغان الفرصة، أو على الأقل يعتقد أنّ لديه نوعاً من التفاؤل، فسوف يذهب إلى انتخابات مبكرة، لكنه إلى الآن يقيس نبض الشارع دون الإعلان عن أي انتخابات، في بيئة تشهد مثل هذه الآلام والمظالم الاقتصادية، من المحتمل ألا تذكر أي حكومة اسم "الانتخابات المبكرة".

ولفت أوجاكتان إلى أنّه سواء كانت الانتخابات مبكرة أم في موعدها، فهذه مسألة أخرى، وإذا استمرت الحكومة في طريقها بهذا النمط من السياسة القائمة على الخوف والشجاعة، فيجب أن تكون مستعدة لهزيمة أخرى في الانتخابات المحلية.

وقال إنّه في العادة تتعلم القوة السياسية من تجربتها في الانتخابات المحلية، وترى ما لا ينبغي فعله في السياسة وتطور استراتيجية عقلانية وفقاً لذلك، وكل حكومة تعرف أنه لا يمكن حل مشاكل البلاد بالانحراف عن الطرق الديمقراطية وتعليق الحريات وتجاهل العقلانية الاقتصادية.

 

أوجاكتان: إذا شعر أردوغان أنّ لديه نوعاً من التفاؤل، فسوف يذهب إلى انتخابات مبكرة، لكنه إلى الآن يقيس نبض الشارع دون الإعلان عن أي انتخابات

 

وأشار المحلل أوجاكتان إلى أنّه لا توجد سلطة معقولة، الادعاءات التي أدلى بها زعيم المافيا، والسياسيون والقضاة والصحفيون المتنافسون على أخذ إجازة في فندق الشخص المطلوب لـ "المال الأسود"، وأن يكون في إطار الصورة نفسه معه، وأولئك الذين يعملون كمسؤولين عن المارينا "نيابة عن الدولة" وكأنّ شيئاً لم يحدث.

لا يمكن لحكومة عادية أن يكون لها موقف "لم أسمع، لم أرَ، لا أعرف" في مواجهة المزاعم المروعة حول "فقدان الأسلحة" من قبل سادات بكر، المطلوب كزعيم للمافيا، لأنّ المزاعم مخيفة لدرجة أنّ صمت القانون والحكومة غير مقبول على الإطلاق.

 وادّعى بكر أنّه تم تسليمها إلى عثمان توماكين، نائب طه أيهان، رئيس فرع شباب إسطنبول لحزب العدالة والتنمية، وفق مقالة أوجاكتان.

 

من التحديات أيضاً اتهامات زعيم المافيا سادات بكر حول توزيع أسلحة على الموالين، وحول جرائم وزير الداخلية سليمان صويلو

 

هذا إلى جانب اتهامات بكر التي طالت عدداً من المسؤولين بالحزب كوزير الداخلية سليمان صويلو، المتهم بإقامة علاقات مع خارجين عن القانون لتنفيذ جرائم ضد معارضين له ولسياسته.  

 أمّا عن قناة إسطنبول التي تُعتبر أحد أهم التحديات التي تواجه حزب العدالة والتنمية، فقد انتقد أكاديميون وناشطون بيئيون المشروع بشكل واسع النطاق، ومع ذلك واصلت الحكومة العمل عليه دون أي تشاور بشأن تأثيره المحتمل، والتي تشكل خطراً على البيئة الطبيعية والحضرية والثقافية والبشرية، وفق ما أوردت صحيفة "زمان" التركية.

وبالعودة إلى الفساد في تركيا، فقد ظلت قضية الـ 128 مليار دولار أمريكي حاضرة منذ أشهر طويلة، بعد أن أثارها "حزب الشعب الجمهوري"، ويتهم فيها صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير ماليته السابق بيرات البيرق بتبديدها خلال توليه منصبه الذي استمر فيه أعواماً قبل استقالته في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي.

 

قناة إسطنبول تُعتبر أحد أهم التحديات التي تواجه حزب العدالة والتنمية، فقد انتقد أكاديميون وناشطون بيئيون المشروع، واعترض مواطنون عليها

 

هذا بالإضافة إلى فساد حزب العدالة والتنمية في التعيينات بالوظائف العليا، وفي المشاريع التي تُعطى بعطاءات صورية إلى مقاولين مقرّبين من قيادات الحزب، إلى جانب الأداء الاقتصادي البطيء لتركيا الذي يعود بشكل أساسي إلى سوء الإدارة الاقتصادية والمالية، إذ لا توجد سياسة نقدية أو مالية عقلانية ومنطقية، لأنّ صانع مختلف القرارات "شخص واحد"، في إشارة إلى الرئيس التركي، ممّا أفقد حكومة الحزب التي يقودها أردوغان الثقة داخلياً وخارجياً، وأكبر دليل على ذلك استطلاعات الرأي الكثيرة التي تتناقلها بشكل شبه يومي وسائل إعلام محلية حول انهيار شعبية الحزب الحاكم ورئيسه أردوغان.

ومن التحديات أيضاً التي تواجه حكومة العدالة والتنمية الاتهام الدولي الذي تعلق باستغلال تركيا للأطفال في حروبها، فقد أدرجت الولايات المتحدة بداية تموز (يوليو) الجاري تركيا في قائمة الدول المتورطة في تجنيد الأطفال، وذلك في ظل علاقات السلطات التركية مع فصيل "فرقة السلطان مراد" المسلح الناشط في سوريا.

 

ظلت قضية الـ 128 مليار دولار أمريكي حاضرة منذ أشهر طويلة، بعد أن أثارها حزب الشعب الجمهوري متهماً حزب العدالة بإهدارها

 

ونشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريراً معنوناً باسم "الاتجار بالبشر عام 2021"، أفادت فيه بإدراج تركيا في قائمة الدول المتورطة في استخدام الأطفال جنوداً. 

وقالت الوزارة في تقرير نقلته "سي إن إن": "تركيا تقدّم دعماً ملموساً" لـ"فرقة السلطان مراد" في سوريا، وهي فصيل للمعارضة المسلحة تؤيده أنقرة منذ زمن طويل، وتقول الخارجية الأمريكية إنه جنّد واستخدم أطفالاً كمقاتلين.

ورداً على هذا الاتهام، أعرب الناطق باسم حزب العدالة والتنمية التركي عمر جليك عن رفض بلاده القاطع لمزاعم الولايات المتحدة المتعلقة باستخدام تركيا لـ"مقاتلين من الأطفال"، مبيناً أنّ ذلك جزء من الدعاية السوداء.

وشدد أنّ تركيا الدولة ذات السجل الأنظف في العالم فيما يتعلق بتقرير استخدام "مقاتلين أطفال" و"أطفال إرهابيين"، دون التطرق لعدد الأطفال الكبير في السجون التركية، فقد اتهم تقرير حقوقي أصدرته مؤسسة ماعت للسلام والتنمية حكومة العدالة والتنمية بأنها تحتجز في سجونها نحو 800 طفل، وفق "روسيا اليوم".

التحديات الكبيرة التي تواجه حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تؤكد أنّ المرحلة المقبلة سوف تحمل في طياتها الكثير من التغيرات، التي تتعلق بالرئيس أردوغان وحلفائه، وتعكس أيضاً المخاطر التي سترافقها، خاصة أنّ انتزاع أردوغان وحزبه المستشري في كافة أركان الدولة لن يكون سهلاً وسلساً، في ظل تهم الإرهاب التي تلاحق كل من يقول "لا" للرئيس وحزبه الإسلامي.

الصفحة الرئيسية