هل تستغل إيران انشغال العالم بكورونا لتسريع تخصيب اليورانيوم؟

كورونا

هل تستغل إيران انشغال العالم بكورونا لتسريع تخصيب اليورانيوم؟


12/04/2020

أعربت مصادر إسرائيلية غير رسمية عن قلقها من أنّ إيران ربما تستغل أزمة وباء كورونا لتسريع عملية تخصيب اليورانيوم، بعيداً عن أعين المراقبة الدولية. وذكر معهد أبحاث إسرائيلي، في تحليل نشره أمس، أنّ هذا ممكن تمامًا؛ حيث يمتنع مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن زيارة المواقع النووية الإيرانية، وقد فر العديد منهم من إيران تماماً بسبب ارتفاع مخاطر التلوث، وتزايد أعداد الوفيات والإصابة بكورونا بين الإيرانيين.

نشرت مجموعة من 100 أكاديمي وناشط إيراني رسالة تحمّل خامنئي المسؤولية الرئيسية عن تحوّل الوباء إلى كارثة وطنية

وقال "مركز بيغن- السادات للأبحاث الإستراتيجية" في تحليله إنّه من السابق لأوانه القول إنّ جائحة فيروس كورونا خارج نطاق السيطرة، غير أنّ العديد من البلدان التي تضررت بشدة من الفيروس تطلب المساعدة بشدة. وفي حين أنّ الشفافية الكاملة في الولايات المتحدة وأوروبا هي أداة لا غنى عنها في مكافحة المرض، فإنّ بعض دول الشرق الأوسط تلتزم بنهجها الغامض التقليدي تجاه الأزمات، وتبدو إيران مثالاً بارزاً في هذا الإطار؛ إذْ يشير تدفق مستمر من الأخبار من ذلك البلد، يتضمن في الأساس تسريبات من مصادر غير رسمية، إلى أنّ المرض منتشر بشكل واسع، وبأنّ عدد الوفيات والمصابين في إيران فظيع بالفعل، وأنه إذا لم يتم احتواء الفيروس فسوف يهدد حياة مئات الآلاف من الإيرانيين، وتكون الدولة قد اقتربت من نقطة اللاعودة.
عدد الوفيات والمصابين في إيران فظيع

نقص الكفاءة
ولفت المركز إلى أنّ خطورة الوضع هي في الواقع اتهام بعدم كفاءة النظام الحاكم؛ فلقد فشلت إيران في شكل حاسم في تجهيز البلاد لأزمة من هذا النوع، تاركة العاملين في المجال الطبي يتدافعون للتعامل مع النقص الشديد في الإمدادات الأساسية اللازمة لمكافحة الفيروس وحماية أنفسهم. وكتبت صحيفة "رسالت" اليومية التي تديرها الدولة، والتي تعكس سياسة التستر المدبرة التي يتبعها النظام الإيراني، في أوائل آذار (مارس) 2020 أنّ "إحصائيات [العاملين الطبيين المصابين] مرتبطة بالأمن تماماً ولا يمكن الكشف عنها".
وفي تعليقها على ذلك كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "تبدو السلطات [الإيرانية] قلقة بشأن التحكم في المعلومات كما بشأن السيطرة على الفيروس". وحذرت صحيفة "واشنطن بوست" من أنّ "رد فعل إيران على الفيروس التاجي أصبح خطراً على العالم".

يمكن أن تشكّل أزمة كورونا فرصة فريدة للجانب الأمريكي للحد من التهديد النووي الإيراني وتخصيب اليورانيوم بدرحات غير قانونية

وتشير تقارير غير رسمية من إيران إلى أنّه تم تكليف الحرس الثوري الإيراني ووزارة المخابرات بتهديد أسر الضحايا بالتزام الصمت؛ في محاولة للتغطية على العدد الحقيقي للوفيات. وقال "مركز بيغن- السادات" في تحليله إنّ قيادة الحرس الثوري الإيراني أمرت بتواجد عناصرها وفرقها في المستشفيات والمراكز الطبية للتحكم في التقارير عن عدد المرضى المصابين أو الذين ماتوا بسبب الفيروس. وأضاف أنّه يتم الضغط على عائلات ضحايا كورونا لعدم الكشف عن السبب الحقيقي للوفاة، وأنّه تمّ فرض رقابة شبه محكمة على الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام عبر الإنترنت.
ويذكر المركز أنّه إذا نظرنا إلى الوراء، يتضح أنّ تفشي كورونا في إيران بدأ في مدينة قم المقدسة في شباط (فبراير) 2020. وقد عارض الملالي والزعيم الأعلى الإيراني، السيد علي خامنئي، دعوات عزل المدينة بشدة، وجرى حثُّ الزائرين على الاستمرار في زيارتها. ونُقل عن أحد مساعدي خامنئي يوم 22 شباط (فبراير) الماضي قوله: "يعتزم العدو إظهار أنّ قم غير آمنة وينتقم، لكنه لن ينجح أبداً". وقال رجل دين آخر بعد أربعة أيام: "نعتبر الضريح المقدس" بيت علاج "ويجب أن يبقى مفتوحاً".

اقرأ أيضاً: لماذا ألزمت إيران عائلات المتوفين بفيروس كورونا بالتواصل مع الحرس الثوري؟
وفي 29 آذار (مارس) الماضي، نشرت مجموعة من 100 أكاديمي إيراني وناشط سياسي واجتماعي إيراني رسالة تحمّل خامنئي المسؤولية الرئيسية عن تحوّل الوباء إلى كارثة وطنية. وزعم الموقعون على الرسالة أنّ خامنئي يمنع المواطنين من تلقي المساعدات الأمريكية أو غيرها من المساعدات الإنسانية، مع ضمان حصوله هو ومسؤولي النظام الآخرين على العلاج الطبي.
تم تكليف الحرس الثوري الإيراني ووزارة المخابرات بتهديد أسر الضحايا بالتزام الصمت

قلق بشأن تخصيب اليورانيوم
وأمام تمسّك السلطات الإيرانية بسياسة التعمية والإنكار، أو على الأقل، تقليل هول كارثة انتشار كورونا بين الإيرانيين، نرى أنّ الحرس الثوري الإيراني يشجّع على المضي في أنشطته الإقليمية لدعم تطلعات إيران في العراق وسوريا واليمن. ففي الأول من نيسان (أبريل) الجاري، حذر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إيران من استخدام قواتها بالوكالة لمهاجمة القوات الأمريكية في العراق، وألمح إلى أنّ الجيش الأمريكي يفكر في توجيه ضربة مباشرة للقوات الإيرانية. وقال إنّ إدارته لديها "معلومات جيدة للغاية" بأنّ الميليشيات المدعومة من إيران تخطط لمزيد من الهجمات. في موازاة ذلك، يبدو أنّ ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في اليمن عززت إطلاق الصواريخ البالستية ضد المواقع الإستراتيجية السعودية، وضد الأهداف الحكومية اليمنية، على الرغم من إعلان التحالف العربي هدنة لمدة أسبوعين، لتمكين فرق الأمم المتحدة من محاصرة أي حالات مصابة بكورونا.

اقرأ أيضاً: إيران وسياسة التضليل للتهرب من مسؤولياتها
لكن البعد المقلق الإضافي يتعلق بأنشطة إيران في المجال النووي. وقد أعربت مصادر إسرائيلية غير رسمية عن قلقها من أنّ إيران تستغل أزمة (كوفيد-19) لتسريع تخصيب اليورانيوم بشكل سري. ويقول "مركز بيغن-السادات" إنّ هذا ممكن تماماً، في غياب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن زيارة المواقع النووية الإيرانية، في ظل الظروف الحالية التي خلقها كورونا.

فرصة في توقيت مثالي
ويخلص المركز في تحليله إلى القول إنّ من الممكن أن تشكّل أزمة كورونا فرصة فريدة للجانب الأمريكي للحد من التهديد النووي الإيراني وتخصيب اليورانيوم بدرحات غير قانونية، بأن يتبنى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خطة ذات شقين: حملة دولية بقيادة الولايات المتحدة لتزويد إيران بأقصى قدر من المساعدة الإنسانية والطبية لاحتواء الوباء، والحصول على التزام إيران باتفاق نووي جديد يسد الفجوات التي خلفها الاتفاق السابق، الذي تم توقيعه في تموز (يوليو) 2015.

اقرأ أيضاً: دور وكلاء إيران في نشر كورونا بالمنطقة
ويختم التحليل بالتذكير بأنه على الرغم من أنّ الولايات المتحدة هي نفسها في خضم معركة كبيرة لمحاربة الفيروس، إلا أنها تستطيع التعامل مع مثل هذه المبادرة؛ لأنها تحمل كسباً إستراتيجياً في توقيت مثالي، وفي ظل الغضب المحلي الكامن والمكتوم، داخل إيران، ضد إدارة النظام لأزماته.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية