هل تصمد إيران في مواجهة "الانفجارات الغامضة"؟

هل تصمد إيران في مواجهة "الانفجارات الغامضة"؟


27/05/2021

تتواصل في إيران منذ شهور على نحو لافت الانفجارات والحرائق في المؤسسات الحيوية والمصانع، ويمكن تقسيم تلك الحالة إلى مرحلتين: الأولى ما قبل نيسان (أبريل) الماضي، حيث كانت تتأرجح التفسيرات والاتهامات بين تهالك البنية التحتية حيناً، أو اتهام المعارضة حيناً آخر، أو الإشارة إلى دول أجنبية تسعى لإثارة الفوضى في طهران.

والمرحلة الثانية في نيسان (أبريل) الماضي، حيث طالت التفجيرات منظمة نطنز النووية في إيران، وسط تباين في حجم الأضرار، غير أنها كبيرة على كافة التقديرات، وقتها وجهت إيران مباشرة أصابع الاتهام إلى إسرائيل، وتوعدتها بالردّ في المكان والزمان المناسبين، أمّا إسرائيل، فلم تنفِ وقد أكدت وسائل إعلام عبرية وقوفها خلف الهجوم.

ومبنى منشأة نطنز الإيرانية النووية الذي وقع فيه الانفجار يُعتبر أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم وتصنيع واختبار أجهزة الطرد المركزي في إيران، وبحسب تحليل معهد العلوم والأمن الدولي (ISIS) للصور المأخوذة عبر الأقمار الاصطناعية، فإنّ شدة الأضرار تشير إلى أنه يجب هدمه بالكامل وإعادة بنائه من الصفر، بحسب تقرير سابق لموقع "دويتشه فيله".

تتواصل في إيران منذ شهور على نحو لافت الانفجارات والحرائق في المؤسسات الحيوية والمصانع

ويعتقد المحللون أنّ المنشأة عبارة عن مصنع إنتاج ضخم لإنتاج وتطوير أنواع مختلفة من أجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم، وهي تقنية مهمة لتحويل اليورانيوم إلى وقود نووي، ويتم تصنيع الآلاف من هذه الأجهزة كل عام هناك، ووفق المعهد، فإنه: "على الرغم من أنّ الانفجار والحريق لم يؤثرا على قدرة إيران في تصنيع وتطوير أجهزة الطرد المركزي الحديثة، إلا أنّ الدمار الذي لحق بالمنشأة يمكن أن يشكل ضربة موجعة لها خلال الأعوام المقبلة".

اقرأ أيضاً: تحرّك جمهوري في الكونغرس يُعقّد عودة بايدن إلى الاتفاق النووي الإيراني.. تفاصيل

ولم تتوقف الانفجارات أو السلسلة الغامضة من الحرائق، التي تنتقل من الوسط إلى الجنوب وهكذا، لكن هذه المرّة بعنصر آخر هو الأبرز في المعادلة، إذ يظهر شبح إسرائيل مع كل انفجار جديد، خصوصاً بعدما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية أنّ أحد تلك التفجيرات الذي وقع قبل أيام في مصنع قالت إيران إنه مصنع ألعاب نارية، هو في الحقيقة مصنع لتجميع الطائرات دون طيار، وإسرائيل هي من تقف خلف تفجيره. وفي تلك الحادثة أصيب نحو 9 عمال، ولم تكشف السلطات الإيرانية مزيداً من التفاصيل.

واللافت ارتفاع وتيرة تلك الانفجارات، ففي غضون 4 أيام فقط من انفجار أو حريق مصنع الألعاب النارية أو الطائرات، وفق الروايتين، قتل شخص على الأقل وأصيب 3 آخرون بجروح، أمس، جرّاء انفجار في مجمع للبتروكيماويات، في محافظة بوشهر جنوب إيران.

وكانت "الغارديان" قد أرجعت الهجوم على مصنع الطائرات الإيراني إلى انتقام إسرائيلي من إيران لمساعدتها حماس في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. 

هذه المرّة ظهر عنصر آخر في المعادلة إذ يظهر شبح إسرائيل مع كل انفجار جديد

وقد أفادت وسائل إعلام محلية أنّ انفجاراً وقع صباح الأربعاء داخل مجمع "عسلوية" للبتروكيماويات، على إثر انفجار خط أنابيب الأكسجين في موقع "دمافند أنرجي" بالمجمع، ما تسبب بسقوط قتيل و3 جرحى، في حصيلة أوّلية.

وحسبما ذكرت تقارير صحفية، فقد كان هناك صوت رهيب للانفجار، وبقيت سحب الدخان تتصاعد في السماء فترة طويلة، حسبما تظهر المقاطع التي نشرتها وسائل إعلام إيرانية.

من جهة أخرى، نقلت وكالة "تسنيم" للأنباء عن نائب حاكم ناحية عسلوية علي رحماني قوله: إنّ شخصاً قتل جرّاء الحادث وأصيب 2 آخران بجروح خطيرة ونقلوا إلى المستشفى، بحسب ما أورده "مرصد مينا". 

وتركز هذه الشركة التي تأسست العام 2011 في المرحلة الثانية من تطوير حقل بارس الجنوبي للطاقة الاقتصادية على توفير الكهرباء والمياه والبخار والهواء المضغوط والأكسجين والنيتروجين والغاز والوقود.

تلك الانفجارات، خصوصاً في حال تواليها على النحو ذاته، تضع إيران في مأزق جديد، في ظل إقبالها على موسم انتخابي يحتاج إلى استقرار من جهة، ومعاناتها من أزمة اقتصادية متفاقمة من جهة أخرى.

الغارديان أرجعت الهجوم على مصنع الطائرات الإيراني إلى انتقام إسرائيلي من إيران لمساعدتها حماس بالحرب الأخيرة

وتأتي في وقت حساس للغاية في ظل المفاوضات غير المباشرة بين الإيرانيين والأمريكيين حول الاتفاق النووي في جنيف، وفيما تبدي إيران عدم التعجل في إنجاز تلك المفاوضات وتتبع سياسة التصعيد بهدف الحصول على أكثر مكاسب ممكنة، فإنّ استمرار تلك الانفجارات أو الحرائق يضعها تحت ضغط مضاعف. 

ولا ترغب إسرائيل في عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الانخراط في الاتفاق النووي من جديد مع إيران، والذي سيترتب عليه رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، وتذهب كافة المؤشرات إلى نجاح مرتقب لتلك المفاوضات. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية