هل تطمح تركيا للتمدد أكثر في الشمال السوري؟

هل تطمح تركيا للتمدد أكثر في الشمال السوري؟


30/11/2020

منذ نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) وبداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، لم يهدأ القصف من قبل تركيا والفصائل المعارضة الموالية لها، على منطقة عين عيسى في الريف الشمالي لمدينة الرقة، والذي أسفر عن نزوح أهالي عين عيسى الشمالي، صباح يوم السبت 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، نتيجة التصعيد العسكريّ التركيّ المتواصل على المنطقة.

اقرأ أيضاً: ضابط تركي يهرب الآثار من سوريا... ما القصة؟

وكان المرصد السوريّ لحقوق الإنسان قد رصد "وصول قوات روسيّة إلى المناطق التي تعرضت لقصف صاروخي تركي في بلدة عين عيسى، الواقعة بريف الرقة الشمالي، والتي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "إذ تجدّد صباح أمس القصف الصاروخي من قبل القوات التركيّة، على مناطق في بلدة عين عيسى، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطيّة، بريف الرقة الشماليّ، الأمر الذي أدّى لسقوط جرحى، بينهم طفلان اثنان ووالدتهما، إضافة لأضرار مادّية في ممتلكات مواطنين".

تجدّد القصف الصاروخي من قبل القوات التركيّة، على مناطق في بلدة عين عيسى، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطيّة

كما رصد المرصد السوري عمليات قصف صاروخيّ تنفذها قوات سوريا الديمقراطية، مستهدفة مواقع وتمركزات للفصائل الموالية لأنقرة في محيط قرية صيدا، بريف عين عيسى، شمال الرقة، وردّت القوات التركيّة بقصف مماثل استهدف مواقع لقسد في المنطقة، دون معلومات عن خسائر بشرّية حتى اللّحظة.

اقرأ أيضاً: اغتيالات وانفجارات في مناطق سيطرة الميليشيات الموالية لتركيا بسوريا... من وراءها؟

وكان من الواضح أنّ تركيا تخطّط للتمدّد في مناطق أخرى، منذ انسحاب قواتها وقواعدها العسكرية، من نقاط عسكرية في الآونة الأخيرة، وكان من المتوقّع أن تحصل بعض الاستفزازت بين القوّات التركيّة والفصائل الموالية لها وقوات سوريا الديمقراطيّة، خصوصاً بعد إنشاء الجيش التركي قاعدة عسكريّة جديدة تابعة لها، في قرية طماميح بريف عين عيسى، التي تبعد نحو 2 كلم من ناحية عين عيسى.

لتركيا طموحات في التوسّع منذ بداية عملية "نبع السلام"، وكانت تركيا ترغب في التوسّع أكثر، لكنّ التوافق مع الأمريكيين أوقف ذلك

وردّاً على قصف القوات التركيّة والفصائل المعارضة لمنطقة عيسى، نصبت قوات سوريا الديمقراطية كميناً قرب مدينة عيسى، عن طريق زرع ألغام في "قرية معلق"، الواقعة عند أطراف مدينة عين عيسى، ذات الأغلبيّة الكرديّة، وذلك قبل انسحاب "قسد" منها، وبحسب المرصد السوريّ لحقوق الإنسان قُتل 21 مقاتلاً من الفصائل الموالية لأنقرة، وأصيب تسعة آخرون، على الأقلّ، في هذا الكمين. إلا أنّ حصيلة القتلى من الفصائل الموالية لتركيا ارتفعت، لتصل إلى 31 قتيلاً.

كما شهدت مدينة عين عيسى في الأيام الماضية خروج عدّة مظاهرات، تنديداً بالتصعيد التركي على المنطقة، كما تجمّع أهالي المنطقة، بتاريخ 18 تشرين الثاني (نوفمبر) من الشهر الجاري، أمام قاعدة عسكرية روسية في عين عيسى، احتجاجاً على الصمت الروسيّ أمام القصف المتواصل للقوات التركية؛ إذ كان القصف يحدث أمام مرأى الروس، دون أن يقوموا بأيّة ردّة فعل.

حول التصعيد التركي الأخير على عين عيسى، قال الصحفيّ الكرديّ من سوريا، سردار ملادرويش، لـ "حفريات": "تُعدّ "عين عيسى" النقطة الفاصلة المتواجدة بين المعارضة السورية والجيش التركي من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام من جهة أخرى، وذلك بعد احتلال تركيا للمنطقة في عملية "نبع السلام"، العام الماضي، لكن بعد اتفاق وقف التمدّد والتوسع، تمّ رسم النقاط أو الحدود التي تسيطر عليها تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، وكان وجود النظام هو الحدّ الفاصل بين الطرفين، لعدم حدوث أيّ احتكاك بين قوات المعارضة أو الأتراك، وقوات سوريا الديموقراطية، وتبنّت روسيا إدارة المنطقة لضمان عدم حدوث أيّة اشتباكات".

الصحفي الكردي سردار ملادرويش
وأضاف: "كما أنّ هناك نقاطاً في مناطق أخرى موجودة، مثل منطقة زركان / أبو راسين في منطقة رأس العين، تعدّ أيضاً نقاط تماسّ بين المعارضة السورية و"قسد"، وتوجد فيها أيضاً قوات للنظام السوري وقوات روسية، وما بين الحين والآخر تحدث مناوشات، وتقصف مناطق من جهة المعارضة الموالية لتركيا؛ لأنّ الأخيرة تطمح للتمدّد أكثر في المنطقة، ويحدث أحياناً قصف على مناطق مثل أبو راسين وعين عيسى".

الصحفي الكردي مصطفى عبدي لـ "حفريات": لتركيا هدف واضح تحدّث عنه أردوغان مراراً، وهو السيطرة على طول الشمال السوري بدءاً من إدلب

ويرى سردار؛ أنّ الاشتباكات والمناوشات دائماً موجودة في المنطقة، وهي مرتبطة بالتوافقات والصراعات الموجودة بين روسيا وتركيا، وما إن تفتر العلاقة بين البلدين، نرى تركيا تقصف في هذه المنطقة أو في مناطق أخرى، لغرض الاستفزاز، وهذه المناوشات ستستمرّ؛ لأنّ المنطقة تعدّ بؤرة توتر، والصراع فيها لن ينتهي ما لم يحدث اتّفاق سياسي نهائي يفضي إلى الاستقرار، بحسب تعبيره. 

اقرأ أيضاً: مقتل قائد في فيلق الشام المقرب من تركيا في سوريا.. تفاصيل

ما يرى سردار؛ أنّ تركيا دائماً لديها طموحات في التوسّع، وهذا الطموح كان موجوداً مع بداية عملية "نبع السلام"، وكانت تركيا ترغب في التوسّع أكثر في مناطق أخرى، لكنّ التوافق الذي حدث مع الأمريكيين هو الذي أوقف تمدّد تركيا.

ويردف قائلاً: "بالطبع، ما يحدث يسبّب أذية للناس وأهالي منطقة "عين عيسى"؛ إذ إنّ القصف يستهدف الأماكن التي يتواجد فيها مدنيون، وهناك دائماً محاولات للتنديد بهذا القصف والانتهاكات التي تحصل بحقّ الأهالي والمدنيين، وأحياناً يكون هناك تنديد مدعوم من قبل الإدارة الذاتية للناس، للخروج والتظاهر ضدّ الاستهداف التركيّ للمنطقة، خاصّة استهداف فصائل المعارضة السورية غير المنضبطة للمنطقة أيضاً، وهذه الفصائل دائماً تعمل على تعزيز عدم الاستقرار في كلّ المناطق".

اقرأ أيضاً: من سوريا إلى ناغورنو كاراباخ: هكذا استعمل أردوغان المرتزقة

أما الصحفي السوري، مصطفى الخليل، فقال لـ "حفريات": "الهجمات على عين عيسى في هذه الفترة، والتلويح باحتلال مناطق جديدة من قبل تركيا، ماهي إلا بروباغندا إعلامية للتغطية على الإخفاقات في إدلب، خاصةً بعد انسحاب الجيش التركي من النقاط التي كان يتمركز بها".

الصحفي السوري مصطفى الخليل
 وأضاف: "من جانب آخر؛ حملت هذه الهجمات جانباً تعبوياً خاصاً بعناصر المعارضة المدعومة من تركيا، وذلك كي لا تخيب آمالهم، وتبقى مطواعة لتنفيذ الأجندات التركية، وهذا ما يفسّر ازدياد كثافة القصف العشوائي في فترة الانسحاب من إدلب على عين عيسى ومحيطها، وترافق ذلك مع هجوم على بعض نقاط قسد".

اقرأ أيضاً: لماذا سحبت تركيا نقاطاً عسكرية شمال غرب سوريا؟

يرى الخليل؛ أنّه "من المرجّح أن تكون هذه الهجمات بإيحاءات روسية بشكل مباشر، أو على الأقل بغضّ الطرف منها، لأنّ هناك أمل عند الروس، في حال تمّ الضغط على قسد، أن تسلّم المزيد من مناطقها إلى القوات الروسية وقوّات الحكومة السوريّة".

أما  الصحفي الكردي، مصطفى عبدي، فقال لـ "حفريات": "لتركيا هدف واضح تحدّث عنه أردوغان مراراً، وهو "السيطرة على طول الشمال السوري، بدءاً من إدلب، ومروراً بـ "منبج" و"كوباني"، ووصولاً لمدينتَي الحسكة والرقة في سوريا، وشنكال في العراق ودهوك وهولير".

الصحفي الكردي مصطفى عبدي

وأضاف: "إذاً، تركيا تطمح لاحتلال ثلث سوريا والعراق، وهي مناطق غالبية قاطنيها من الكرد، الذين يخطّط أردوغان لتهجيرهم كما فعل في عفرين وتل أبيض ورأس العين، وتوطين الموالين له في هذا المناطق، وفتح معسكرات لإنتاج المرتزقة الذي سيواصل إرسالهم إلى ليبيا وأذربيجان ومختلف مناطق الصراع أو إشعال الصراعات".

اقرأ أيضاً:  تقرير جديد يكشف: كيف انصهر دواعش سوريا داخل الفصائل الموالية لتركيا؟

ويرى عبدي؛ أنّ كلّ التصرفات التركية شمال سوريا تثبت أنّ هناك سعياً تركياً لإلحاق المنطقة بعمليات تتريك وتهجير وتوطين واسعة، بحسب تعبيره.

وختم عبدي حديثه بقوله: "أردوغان صرّح، مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، بأنّ أيّ مكان يتواجد فيه جنوده في سوريا وليبيا يعدّه، بما معناه، ضمن الأراضي التركية، وهذا يؤكّد نواياه في تكرار سيناريو قبرص المحتلة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية