هل تلجأ روسيا إلى العملات المشفرة في مواجهة العقوبات الغربية؟

هل تلجأ روسيا إلى العملات المشفرة في مواجهة العقوبات الغربية؟


28/02/2022

منع البنوك الروسية من الوصول لنظام الدفع الدولي "سويفت" واحدة من بين حزم من العقوبات قالت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيون إنّها سوف تؤدي إلى عزل روسيا عالمياً، في ضربة قاسية للتجارة الروسية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات هذا الأسبوع على البنوك الروسية الكبرى، وكذلك على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، من بين آخرين، بعدما توغلت القوات الروسية في قلب أوكرانيا باتجاه العاصمة كييف.

استبعاد البنوك الروسية من نظام سويفت، شبكة المدفوعات الدولية الرئيسية في العالم، جعل من الصعب على الشركات الروسية القيام بأعمال تجارية.

أصبح المسؤولون الحكوميون الأمريكيون يدركون بشكل متزايد أنّه يمكن استخدام العملات المشفرة بدلاً من ذلك لتقليل تأثير العقوبات

و"سويفت"، أو "مجتمع الاتصالات المالية العالمية بين البنوك"، هو نظام مراسلة آمن، يُسهل المدفوعات السريعة عبر الحدود، ممّا يجعل التجارة الدولية تتدفق بسلاسة. لقد أصبح الآلية الرئيسية لتمويل التجارة الدولية، حيث يتمّ تحويل تريليونات الدولارات باستخدام هذا النظام كلّ عام.

وتُعتبر العقوبات أداة دبلوماسية قوية بشكل خاص للولايات المتحدة؛ لأنّ الدولار الأمريكي هو العملة الاحتياطية في العالم، وهو الوسيلة الأكثر استخداماً للتبادل، ووسيلة للمدفوعات عبر الحدود في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، أصبح المسؤولون الحكوميون الأمريكيون يدركون بشكل متزايد أنّه يمكن استخدام العملات المشفرة بدلاً من ذلك لتقليل تأثير العقوبات.

هل تمثل العملات المشفرة طوق نجاة للروس؟

العقوبات الغربية طالت "الأوليغاركية" الروس، أو بمعنى آخر النخب الثرية في روسيا، ممّا جعلهم يتطلعون إلى التخفيف من آثار العقوبات من خلال عقد صفقات مع أيّ شخص حريص على العمل معهم. في المقابل، يمكن لهذه الكيانات الروسية استخدام العملات المشفرة لتجاوز الضوابط التي تعتمد عليها الحكومات التي تفرض العقوبات، ولا سيّما تحويل الأموال من خلال النظام المصرفي التقليدي، وفقاً لتحليل نشره موقع "إنفيستوبيديا".

التحايل على النظام المصرفي

يعتمد برنامج العقوبات الفعّال على النظام المالي العالمي، وخاصة البنوك، لتنفيذها لتعقب حركة الأموال وإطلاع السلطات على ما لاحظوه. ومع ذلك، فإنّ العملات الرقمية تسمح للكيانات الخاضعة للعقوبات بالالتفاف على النظام المصرفي، وبالتالي إكمال المعاملات غير المرئية من قبل جهاز المراقبة الذي توفره البنوك.

وتلتزم البنوك قانونياً بقواعد "اعرف عميلك"، التي تتضمّن التحقق من هوية العملاء، لكنّ البورصات وغيرها من المنصات المستخدمة في تداول العملات المشفرة والأصول الرقمية الأخرى نادراً ما تتبع هذه القواعد بالصرامة نفسها التي تتبعها البنوك، على الرغم من أنّه من المفترض أن تفعل ذلك.

تعمل روسيا على تطوير "روبل رقمي" مصمّم للاستخدام من قبل الشركاء التجاريين دون تحويله إلى الدولار الأمريكي

وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2021، حذّرت وزارة الخزانة الأمريكية من أنّ العملات المشفرة تمثل تهديداً متزايداً لبرامج العقوبات الأمريكية، ونصحت بأنّ السلطات الأمريكية يجب أن تصبح أكثر تثقيفاً بشأن هذه التقنيات الناشئة.

الروبل الرقمي

ولتجنب العقوبات يمكن لروسيا استخدام أدوات متعددة متعلقة بالعملات المشفرة، المفتاح هو إنشاء طرق لإجراء التجارة دون استخدام الدولار الأمريكي على الإطلاق، ووفقاً لـ"إنفيستوبيديا"، تعمل روسيا على تطوير عملتها الرقمية الخاصة بالبنك المركزي، وهي "روبل رقمي" مُصمّم للاستخدام من قبل الشركاء التجاريين، دون تحويله إلى الدولار الأمريكي، ويمكن لتقنيات القرصنة مثل برامج الفدية أن تسهّل سرقة العملات الرقمية من قبل روسيا، وبالتالي تعويض الإيرادات المفقودة بسبب العقوبات.

في الواقع، في تشرين الأول (أكتوبر) 2020 أشار ممثلو البنك المركزي الروسي إلى أنّ "الروبل الرقمي" الجديد سيجعل هذا البلد أقلّ اعتماداً على الولايات المتحدة، وأكثر استعداداً للتهرب من العقوبات، وسيسمح للكيانات الروسية بالمشاركة في معاملات خارج النظام المصرفي الدولي مع أيّ بلد أو طرف مقابل آخر يرغب في التداول بتلك العملة الرقمية.

ويتمّ تسجيل معاملات العملة المشفرة على نظام "blockchain" الأساسي، ممّا يجعلها شفافة، ولكنّ الأدوات الجديدة المطورة في روسيا يمكن أن تساعد في إخفاء أصل هذه المعاملات، سيسمح ذلك للأطراف الأخرى بالتجارة مع الكيانات الروسية دون أن يتم اكتشافها.

ويأتي تطوير روسيا لـ"الروبل الرقمي" بعدما تكبدت خسائر تقدر بـ(50) مليار دولار بسبب العقوبات الأمريكية، حيث منعت واشنطن مواطنيها من التعامل مع البنوك الروسية وشركات النفط والغاز الروسية على خلفية غزو شبه جزيرة القرم.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية