هل تنتظر أفريقيا نسخة من داعش أكثر توحشاً؟... لماذا؟

هل تنتظر أفريقيا نسخة من داعش أكثر توحشاً؟... لماذا؟


08/06/2021

يوماً بعد يوم، تثبت التجربة خطأ الظن القائم على أنّ تنظيم داعش الإرهابي قد تلاشى أو قدّم نسخته الأسوأ خلال الفترة من العام 2015 إلى 2018، حين بدأ نجم التنظيم في الأفول، حتى إعلان القضاء عليه في العراق في العام 2019، واستعادة كافة الأراضي العراقية. 

وقتها توجهت الأنظار نحو أفريقيا كمنطقة آمنة للتنظيم، يستطيع فيها أن يجمع شتاته ويستقبل مقاتليه من العراق وسوريا ممّن استطاعوا الفرار من المعارك، إلا أنّ تلك التوقعات ظلت مقتصرة على أنّ التنظيم وصل إلى مرحلة الشيخوخة السريعة، وأنّ وجوده المقبل لن يضاهي فتراته المنقضية.

غير أنّ التمدد الذي استطاع تنظيم داعش تحقيقه في أفريقيا، والهجمات المتتالية التي تتزايد وحشية، وكان آخرها الهجوم على قرية في بوركينا فاسو أسفر عن سقوط أكثر من 100 قتيل، ينذر بأيام أسوأ لأفريقيا في حضرة التنظيم، يفاقمها الأزمات السياسية والاقتصادية التي تواجهها القارة، وتراجعها في قائمة الأولويات الغربية مقارنة بدولتين مثلتا ساحتين للصراع العالمي مثل؛ سوريا والعراق، وتطلّبتا هبّة دولية لمواجهة التنظيم. 

وعلى الرغم من أنّ تنظيم داعش لم يعلن مسؤوليته عن هجوم بوركينا فاسو، حتى الآن، إلا أنّ كافة المؤشرات وبصمات العملية توحي بتورط التنظيم فيها. 

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإنّ مسلحين أصوليين هاجموا قرية نائية في بوركينا فاسو قرب الحدود مع النيجر، فجر السبت، ليقتلوا أكثر من 130 مدنياً في أسوأ هجوم إرهابي تتعرض له البلاد منذ عدة أعوام. 

اقرأ أيضاً: هذه أبرز طرق مواجهة داعش لبوكو حرام في أفريقيا

وخلال الهجوم الذي استمر 3 ساعات على قرية ياغا، أطلق المسلحون النار عشوائياً، وأضرموا النار في المنازل والمحال قبل أن يلقوا قنابل ومتفجرات على المدنيين الذين حاولوا الفرار بحثاً عن ملاذ آمن، بحسب ما أورده موقع الحرّة. 

وقال آمد، العامل في أحد مناجم الذهب بقرية غايا: إنه استيقط مرعوباً على أصوات إطلاق الرصاص، مشيراً إلى أنّه استطاع أن ينجو من الموت بعد أن اختبأ في حفرة بالمنجم الذي يعمل به دون أن يلفت أنظار المسلحين.

 

كولين كلارك وجاكوب زين: الدول الضعيفة تخلق إقليماً ضعيفاً، لذلك تمكن المتطرفون في داعش والقاعدة من شن عمليات معقدة ومنسقة ضد قوات الأمن في بعض الدول الأفريقية

وتُعدّ تلك المجزرة التي ضربت قرية ياغا الاعتداء الأكثر دموية في بوركينا فاسو منذ العام 2015، وفق المصدر ذاته.

وبحسب خبراء، فإنّ ما حدث في تلك القرية يجدد المخاوف من أنّ الغرب وحلفاءه قد يخسرون المعركة ضد الجماعات المتطرفة والإرهابية في دول الساحل الفقيرة، والتي تشمل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج وتشاد.
ولا يُعدّ الهجوم مفاجئاً، فقبل شهر حذّر الكاتبان كولين كلارك وجاكوب زين، ضمن مقال  عبر موقع Defense One، من تزايد هجمات داعش في أفريقيا خلال الفترة القادمة. 

اقرأ أيضاً: أوروبا قلقة من زيادة نفوذ تنظيم "داعش" في أفريقيا... وهذه خطوات ردعه

وقال المقال، بحسب ما نقله موقع "الشروق": مع ترنح تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة من حملات مكافحة الإرهاب الغربية المستمرة، تحولت قواعدهما المسلحة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا إلى منطقة الساحل ونيجيريا والقرن الأفريقي، ومؤخراً جنوب شرق القارة (الإقليم السواحلي)، فجميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء تمثل موضعاً جيداً لعناصر تنظيم داعش والقاعدة لتوسيع نفوذهم، وحشد مجندين جدد، ونشر أفكارهم، وفي بعض الحالات، الاستيلاء على الأراضي.

وأضاف: إنّ الدول الضعيفة تخلق إقليماً ضعيفاً، لذلك تمكن المتطرفون في داعش والقاعدة من شن عمليات معقدة ومنسقة ضد قوات الأمن في بعض الدول الأفريقية، مستفيدين بطريقة انتهازية من التحولات السياسية المشحونة.

اقرأ أيضاً: إيران في أفريقيا... أهداف خفية وأدوار مشبوهة

وتابع: في منطقة الساحل على سبيل المثال أظهرت حملة حرب العصابات التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى براعة في "نصب الكمائن وإطلاق قذائف الهاون واستخدام العبوات الناسفة. وعلى الرغم من الاشتباكات مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة، وقوات الأمن الفرنسية والإقليمية، تمكن قادة تنظيم الدولة الإسلامية في أفريقيا جنوب الصحراء من البقاء على قيد الحياة والحفاظ على جهاز القيادة والسيطرة، وأثبت مقاتلو داعش أيضاً مهارتهم في تجنيد أعضاء جدد، بمساعدة دعاية داعش من جهة واستغلال المظالم العرقية المحلية من جهة أخرى.

تقرير: تنظيم داعش يسعى إلى الربط بين مناطق نفوذه وإحكام سيطرته على جغرافيا شاسعة متصلة تتمتع بأهمية استراتيجية واقتصادية قصوى تتمثل في منطقة الساحل الأفريقي

على الجانب الآخر من القارة، بحسب المصدر ذاته، شهد كل من القرن الأفريقي والساحل الجنوبي الشرقي السواحلي تصاعداً في النشاط الإرهابي؛ ففي الصومال شنت حركة الشباب هجمات في المناطق الريفية والعاصمة مقديشو من خلال نصب الكمائن واستخدام الألغام الأرضية وقذائف الهاون والعبوات البدائية الصنع. وحدات حركة الشباب المدججة بالسلاح تشن هجمات منسقة ومتزامنة، حتى خارج حدود الصومال، لا سيّما في كينيا، حيث وجدت فيها تربة خصبة للتجنيد، وفي الآونة الأخيرة، بدأت حركة الشباب في استخدام الطائرات بدون طيار لتصوير الهجمات، وقد تستخدمها قريباً كسلاح. 

اقرأ أيضاً: التنافس الفرنسي التركي المتصاعد في أفريقيا... صراع النفوذ العسكري والاقتصاد والقوة الناعمة

وتابع الكاتبان: إنّ المجموعة أظهرت أيضاً ميلاً لكسب القلوب والعقول، مع التركيز على تقديم الإغاثة من كوفيد ــ 19 للصوماليين، بما في ذلك المشورة حول كيفية الحفاظ على النظافة، فضلاً عن الرعاية الطبية في العيادات المؤقتة. ويُذكّر اعتقال شخص كيني في الفلبين، دربته حركة الشباب وخطط لشن هجمات جوية على الولايات المتحدة، بأنّ حركة الشباب ما تزال المجموعة المتطرفة الأكثر تطوراً في القارة، ويأتي تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا وجبهة النصرة في المرتبتين الثانية والثالثة، على الترتيب.

وإلى جانب ارتفاع القدرات القتالية للتنظيم، واستعادة قدرته على الاستقطاب في بيئته الأفريقية، يبرز التنافس بين الجماعات الجهادية كسبب في توحش التنظيم أكثر من أجل كسب الهيبة وفرض الهيمنة. 

وبحسب جريدة العرب اللندنية، فإنّ "حدة الخصومة بين التنظيم وحركة بوكو حرام الإسلامية تزايدت في نيجيريا منذ عدة أعوام، وساهمت في إضعاف الطرفين، لكن يبدو أنّ تنظيم الدولة الإسلامية ـ ولاية غرب أفريقيا الذي صار الجماعة المهيمنة يسيطر بوضوح وبشكل واسع على المنطقة". 

اقرأ أيضاً: لماذا يتجاهل الخبراء الإرهاب في أفريقيا؟

ولفت المصدر ذاته إلى أنّ تنظيم داعش "يسعى إلى الربط بين مناطق نفوذه وإحكام سيطرته على جغرافيا شاسعة متصلة تتمتع بأهمية استراتيجية واقتصادية قصوى تتمثل في منطقة الساحل الأفريقي، مع وجود مناطق حدود مشتركة بين كل من نيجيريا وتشاد ومالي وليبيا، علاوة على بوركينا فاسو".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية