هل تنجح الجزائر في لمّ شمل الفرقاء الفلسطينيين؟

هل تنجح الجزائر في لمّ شمل الفرقاء الفلسطينيين؟


25/01/2022

بعد مرور سنوات عديدة على جمود ملف المصالحة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس، الذي ما زال مستمراً منذ 15 عاماً، تبدي الجزائر محاولات نشطة للانخراط في تقريب وجهات النظر، واستضافة حوار شامل للفصائل الفلسطينية، لبناء شراكة سياسية بينهما؛ حيث يرى محللون سياسيون أنّ فرض فشل الحوار وتحقيق المصالحة الفلسطينية تبقى حاضرة، في ظلّ عدم تقديم أيّ طرف منهما لأيّة تنازلات ملموسة على أرض الواقع، من شأنها التمهيد لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية.

اقرأ أيضاً: المؤتمر الجامع للفصائل الفلسطينية في الجزائر.. هل يُنهي الانقسام؟

وأكّد الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور ناجي شراب، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "عوامل فشل الحوار الفلسطيني المزمع عقده في الجزائر خلال الفترة المقبلة تأتي أكثر من فرص نجاحه، في ظلّ عدم وجود أيّة خطوات ملموسة تنادي بها حركتا فتح وحماس، حيث إنّ كلّ ما تغير هي العواصم التي تتنقل فيها وفود الحركتين من دولة إلى أخرى، واحتضنت عدة محطات في محاولة منها لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، دون تحقيق الأهداف المرجوّة في حينها".

وتابع شراب بأنّ "حركتَي حماس وفتح وصلتا إلى مرحلة بعيدة في الرؤى السياسية، في ظلّ إصرار الأخيرة على الالتزام بالشرعية الدولية لعقد أيّة مصالحة مع حماس، وهي شروط مسبقة تنبأ بعدم نجاح الحوار، لعدم نيّة أيّ من الأطراف لتقديم أية تنازلات ملموسة وجوهرية على الأرض، لإنهاء عقد ونصف من الانقسام، مثل إجراء الانتخابات على سبيل المثال، والذي يبدو أنّه من الصعب عقدها، في ظلّ التأكيد على شرط إجرائها في القدس المحتلة".

مكاسب سياسية

ولفت إلى أنّ "الطرفَين هدفهما هو تحقيق أكبر عدد من المكاسب، الأمر الذي يعدّ أحد أهم الأسباب الرئيسة لفشل الحوارات السابقة"، مبيناً أنّه "حفظاً لماء الوجه واحتراماً لموقف الجزائر نحو القضية الفلسطينية وإنهاء الانقسام، فقد يخرج عن الحوار بيان يوحي بأنّ هناك مصالحة قد تمّت، لكن عند عودة الأطراف لممارسة عملها على أرض الواقع، قد يصطدم الأمر بالعديد من المعيقات والصعوبات، لتعود الأمور كما كانت عليه سابقاً".

سبق للجزائر أن احتضنت، في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1988، اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني برئاسة الزعيم الراحل، ياسر عرفات، والذي أعلن فيه قيام دولة فلسطين

شراب أكّد أنَ "المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام من الصعب تحقيقه دون أن يكون هناك دور مصري، وأيضاً معرفة ما هو موقف الاحتلال الإسرائيلي من تحقيقها، بالتالي، يتوجب على جميع الأطراف الوقوف عند مسؤولياتها، والدفع نحو إنهاء الانقسام، باعتباره خطوة يمكن البناء عليها في رأب الصدع في العديد من الملفات، في ظلّ الخطر الذي يواجه القضية الفلسطينية حالياً، والتي تمرّ بأصعب مراحلها من التفكك والانقسام المتجذر، والذي تحوّل إلى حالة من الانفصال، كذلك تراجع العمق العربي، وانكفاء القضية الفلسطينية من سلّم الأولويات الدولية".

وأوضح الكاتب والمحلل السياسي؛ أنّ "الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشدّدة في إسرائيل لا تؤمن بالسلام، وترفض مبدأ قيام الدولة الفلسطينية، وكلّ ما تحاول تقديمه هو الاقتصاد مقابل الأمن، بحسب تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني، بينت، وهذا يدلل على أنّ القضية تمرّ بمرحلة خطرة، وعليه لا بدّ من تفعيل المتغير الفلسطيني الرئيس، لاستعادة أهمية القضية الفلسطينية، وإلا فإننا ذاهبون إلى مرحلة أشدّ كارثية وخطورة، وهي المرحلة الأخيرة من عمر القضية".

فشل مسبق

في السياق ذاته، أكّد الكاتب والمحلل السياسي، عصمت منصور، خلال حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "الآمال بالتوصل إلى اتفاق بين حركتي فتح وحماس لإتمام المصالحة، خلال حوار الجزائر، ضعيفة جداً، في ظلّ عدم وجود نوايا حقيقية لإنهاء الانقسام، وتحقيق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني، حيث ما يزال كلّ طرف من الأطراف يتمسك بمواقفه، دون أن تكون هناك تنازلات يمكن طرحها على أرض الواقع"، موضحاً أنّ "الجزائر ليس لديها أوراق ضغط أو تدخّل مباشر مثل جمهورية مصر العربية في الموضوع الفلسطيني، وهو الأمر الذي قد يجرّدها من الأوراق التي ستستخدمها لإنجاح الحوار".

اقرأ أيضاً: الجزائر تخوض حرباً إلكترونية شعواء... حصيلة الهجمات خلال 2021

وبين منصور أنّ "غياب الإرادة السياسية عند الفصيلَين الكبيرَين يجعل أيّ حوار محكوماً عليه بالفشل المسبق، في حين أنّ بقية الفصائل المشاركة في الحوار لا تتمتع بأيّ تأثير، ولا تبذل أيّ جهد حقيقي لإنهاء الانقسام، بالتالي؛ فهي فصائل لا يتمّ الأخذ بآرائها، وهو ما يزيد من تكريس حالة الانقسام السائدة منذ سنوات".

اقرأ أيضاً: فرنسا تفتح أرشيفها عن حرب الجزائر... ما القصة؟

وتابع بأنّ "موقف السلطة الفلسطينية والرئيس عباس لا يظهران أيّ تغيير في السياسة السابقة، ما من شأنه أن يدفعنا لعدم رؤية أيّة تغييرات جدية وخطوات عملية على الأرض لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، لإزالة بعض المعيقات والصعوبات، للتمهيد لحوار الجزائر، وهو ما يجعل الفلسطينيين لا يستبشرون خيراً في نجاحه، في ظلّ عدم وجود أيّ اختراق جدّي في المواقف الحقيقية للسلطة".

تصفية القضية ومحاصرتها

منصور أوضح أنّ "القضية الفلسطينية ما تزال تقف عند المنعطفات السابقة نفسها منذ سنوات، وهناك محاولات لتصفيتها ومحاصرتها، مع الجهود الإسرائيلية المكثفة لتعزيز الاستيطان، وتهويد القدس، واستهداف السكان في الداخل المحتل، كما يجري في النقب، وكأنّه تطبيق ضمني وصامت لتنفيذ صفقة القرن، وتقليص الصراع مع إبقاء الوضع على ما هو عليه، بحسب الفكر الذي يتبناه رئيس الوزراء الصهيوني، نفتالي بينت، بالتالي؛ فإنّ التساوق مع هذه الطروح، والاكتفاء بلقاء المسؤولين الإسرائيليين، سيوصل القضية الفلسطينية إلى هذا المنزلق الخطير، ويكرّس حالة الانقسام".         

                       

ولفت الكاتب والمحلل السياسي إلى أنّه "ليس من مصلحة إسرائيل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وهي تسعى إلى تعميق هذا الانقسام بسائر الوسائل والطرق المتاحة طرفها، لإبقاء حالة الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، لإضعاف القضية الفلسطينية، ووحدة النضال المشترك".

مؤتمر الجزائر للمصالحة

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن، في 6 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، خلال حديثه في مؤتمر صحفي عقب استقباله نظيره الفلسطيني، محمود عباس، في مقرّ الرئاسة بالجزائر العاصمة، اعتزام بلاده استضافة "مؤتمر جامع" للفصائل الفلسطينية، ولم يحدّد تبون تاريخاً للمؤتمر، مكتفياً بالقول إنّه سيكون قريباً.

وأعلنت حركة "حماس" في وقت سابق تلقّي رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، في 15 كانون الثاني (يناير) الجاري، دعوة رسمية لزيارة الجزائر، للتباحث حول سُبل إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني.

اقرأ أيضاً: الجزائر تحبط محاولة للإخلال بالأمن عبر عصابات أحياء... ما القصة؟

ومن المقرر أن تصل 6 فصائل فلسطينية إلى الجزائر العاصمة تباعاً، حتى نهاية الشهر الجاري، وهي فتح وحماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية، والجبهة الشعبية القيادة العامة.

وسبق للجزائر أن احتضنت، في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1988، اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني برئاسة الزعيم الراحل، ياسر عرفات، والذي أعلن فيه قيام دولة فلسطين. وكانت الجزائر أول دولة تعلن رسمياً اعترافها بالدولة الفلسطينية.

حوارات متعددة

 وتعدّ الجزائر قوة إقليمية ومتوسطية، وهي عضو مؤسس في الاتحاد الأفريقي، وعضو مؤسس في اتحاد المغرب العربي، وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة منذ استقلالها، وأوبك، والعديد من المؤسسات العالمية والإقليمية.

وكانت المملكة العربية السعودية قد استضافت أول لقاء بين حركتي "فتح" و"حماس"، من أجل تحقيق الوحدة الوطنية، عام 2007، والذي عُرف بـ "اتفاق مكة"، ثمّ حذت حذوها الدوحة وروسيا ومصر، حيث أجرت الأخيرة جلسات عدة للفصائل، وتوصلت في أكثر من مرة لرؤية واضحة لإنهاء الانقسام، لكن لم تنجح أيّة محاولة في هذا الملف.

اقرأ أيضاً: وزير خارجية فرنسا في الجزائر.. هل تنتهي الأزمة بين البلدين؟

ومنذ صيف 2007، تعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي، ولم تنجح عشرات الحوارات التي استضافتها العديد من الدول العربية والأوروبية في رأب الصدع وإنهاء هذا الانقسام، في ظلّ سيناريوهات تتكرّر بالعودة لنقطة الصفر كلّ مرة.

حماس والمصالحة الفلسطينية

وكان رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة حماس بالخارج، علي بركة، قد قال إنّ حوار الجزائر يعد فرصة جديدة لإنهاء الانقسام، مؤكّداً تمسّك الحركة بمشروع الشراكة الوطنية. 

تعدّ الجزائر قوة إقليمية ومتوسطية، وهي عضو مؤسس في الاتحاد الأفريقي، وعضو مؤسس في اتحاد المغرب العربي، وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة منذ استقلالها، وأوبك، والعديد من المؤسسات العالمية والإقليمية

وأكّد بركة في تصريحات صحفية، في 19 كانون الثاني (يناير) 2021؛ أنّ الحركة متمسكة بإنجاز الوحدة الوطنية، وترتيب البيت الفلسطيني، وتركيز الجهود نحو انطلاق انتفاضة شعبية تنهي الاحتلال الصهيوني عن أرضنا ومقدساتنا.

ولفت إلى أنّ حماس تعقد الآمال في أن تعزز محطة الحوار بالجزائر روح الشراكة والوحدة الوطنية، وإعادة بناء البيت الفلسطيني على أسس وثوابت وطنية وديمقراطية، بحيث يستطيع الشعب الفلسطيني مواصلة مسار التحرير والاستقلال. 

وأشار إلى أنّ وفد الحركة أنهى زيارته للجزائر، وسلّم المسؤولين رؤية الحركة لملفّ المصالحة الفلسطينية، إضافة إلى استعراضها مسار المصالحة، منذ عام 2005 وإلى الآن.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية