هل تنجح الحرب الدعائية التركية ضد الأكراد في ما فشلت فيه البنادق؟

هل تنجح الحرب الدعائية التركية ضد الأكراد في ما فشلت فيه البنادق؟


14/02/2021

عندما أعلنت تركيا عن انتهاء عملية "مخلب النسر 2" في شمال العراق ضدّ الأكراد، وتحديداً حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية، ويتخذ من إقليم كردستان العراق بحسب تركيا مخابئ له، كانت حرب أخرى على وشك البدء.

اقرأ أيضاً: أردوغان يندّد بالإسلاموفوبيا بعدما انقلب على ناخبيه وشيطن الأكراد

بدت تركيا فجأة كالمقاتل الذي يلقي بندقيته أرضاً، ويجثو على ركبتيه باكياً على ما لحق به من "الإرهابيين الأشرار"، في محاولة لإحراج الولايات المتحدة التي يُتوقع أن تعيد دعمها للأكراد في سوريا، ولتبرير ما قد تحاول القيام به في سوريا من السيطرة على أراضٍ جديدة واقعة تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وهي قوات كردية تدّعي أنقرة صلتها بحزب العمال الكردستاني.

وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة نفسها تصنّف حزب العمال منظمة إرهابية، غير أنّ تركيا تلصق تلقائياً صلة أيّ كردي في أيّ بقعة بحزب العمال، من أجل تبرير قمعها ومواجهتها لهم.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه تركيا انتهاء عمليتها "مخلب النسر 2"، كانت تعلن نبأ آخر بإعدام عناصر حزب العمال 13 تركياً مدنياً، عثرت على جثثهم في إحدى المغارات شمال العراق، بعدما قُتل 12 منهم بطلقات في الرأس وآخر بطلقة في الكتف، بحسب ما أوردته وكالة أنباء الأناضول.

في الوقت الذي أعلنت فيه تركيا انتهاء عمليتها "مخلب النسر 2"، كانت تعلن نبأ آخر بإعدام عناصر حزب العمال 13 تركياً مدنياً، عثرت على جثثهم في إحدى المغارات شمال العراق

وعلى الرغم من أنّ مقتل الـ13 مدنياً ما زال غامضاً في ملابساته، حيث لم تفصح تركيا عن علاقة هؤلاء المدنيين بساحة تدور فيها مواجهات عسكرية وعمليات تركية براً وجواً منذ حزيران (يونيو) الماضي، إلا أنها سارعت إلى التنديد بـ"الصمت الدولي" عن الجريمة، في نغمة عادة ما يتبعها تبرير لأيّ فعل أو تصرّف نحو الأكراد.

اقرأ أيضاً: ما هي خيارات الأكراد لمواجهة العدوان التركي في شرق الفرات؟

وبحسب موقع "أحوال تركية"، فإنّ متابعين للشأن التركي أشاروا إلى أنّ هؤلاء الذين وُجدوا مقتولين، إمّا أنّهم خطفوا من مناطق في تركيا، ونقلوا إلى هناك من قبل السلطات التركية للتغطية على مقتلهم، وإمّا أنّهم من رجال المخابرات التركية، ممّن كانوا يتواجدون في المنطقة ويحاربون حزب العمال الكردستاني، وتحاول السلطات تبرئتهم من أيّ دور استخباراتي، ولا سيّما أنّها رفضت الإعلان عن هوياتهم لأسباب أمنية، واستغلال الحادثة لإلصاقها بالحزب الكردستاني وتشويه سمعته، ونعته بأنّه حزب إرهابي يستهدف المدنيين ويمارس عمليات إعدام ميدانية بحقّهم.

وسواء كانوا من رجال المخابرات التركية، أو مدنيين تمّ اختطافهم من تركيا وقتلهم داخل الأراضي العراقية، وهو السيناريو البعيد عملياً، إذ من الصعب التسلل بـ13 مدنياً في منطقة تشهد مواجهات ضاربة، وتواجد أمني عراقي وتركي، فإنّ الواضح أنّ تركيا استغلت تلك الحادثة في إطلاق حربها الدعائية ضدّ الأكراد، في الوقت الذي تنهي فيه عملية عسكرية، في وقت كان متوقعاً فيه أن تعلن تركيا عن بدء عملية جديدة ثأراً للضحايا.

ويرجع رئيس منتدى شرق المتوسط الباحث في العلاقات الدولية محمد حامد وقف العملية العسكرية ضدّ الأكراد شمال العراق إلى توتر الأجواء بين إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

 

استبدل أردوغان حربه العسكرية التي يشنّها ضدّ الأكراد شمال العراق، والتي جلبت انتقادات دولية عديدة، سواء لإسقاطها ضحايا من المدنيين أو أنها تُعدّ انتهاكاً لسيادة دولة أخرى، بحرب دعائية

 

ويقول حامد لـ"حفريات": إنّ إدارة أردوغان ترى إدارة بايدن معادية لها، ترفض سياستها وتنحاز للأكراد، ومن ثمّ فمن غير الممكن إقبالها على مغامرة بمواجهة جديدة مع الأكراد شمال العراق، في وقت ما تزال الملفات مفتوحة وكثيرة بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، سواء شرق المتوسط، أو ليبيا، أو سوريا.

وهكذا، استبدل أردوغان حربه العسكرية التي يشنّها ضدّ الأكراد شمال العراق، والتي جلبت انتقادات دولية عديدة، سواء لإسقاطها ضحايا من المدنيين أو أنها تُعدّ انتهاكاً لسيادة دولة أخرى، بحرب دعائية تحاول فيها تركيا ثني الولايات المتحدة عن الدعم المستقبلي للأكراد.

وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت انتهاء عملية "مخلب النسر-2"، التي يشنّها الجيش التركي شمال العراق، بعد تحييد 50 مسلحاً من حزب العمال الكردستاني.

من جهة أخرى، زعم حزب العمال الكردستاني أنه قتل أكثر من 30 عسكرياً من الجيش التركي، لكنّ أنقرة لم تقرّ بذلك، واتهم الكردستاني تركيا بشنّ حملة تضليل ضدّهم، بحسب ما أوردته صحيفة "زمان" التركية.

اقرأ أيضاً: 10 معلومات عن الديانة اليارسانية التي يعتنقها بعض الأكراد

في غضون ذلك، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في تغريدته: "أترحم على أرواح مواطنينا المدنيين الـ13 الذين استشهدوا على يد عناصر "بي كا كا" الإرهابية، بحسب الأناضول.

وأضاف: "المنظمة الإرهابية الجبانة التي لا تتجرّأ على مواجهة جيشنا الباسل قتلت 13 من مواطنينا الأبرياء بشكل غادر".

بدوره، انتقد متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن صمت العالم عن اعتداءات "بي كا كا" الإرهابية ضدّ المدنيين.

وقال في هذا الخصوص: "هذا الصمت المخجل يُعدّ شراكة في الجريمة، لكنّ تركيا لن تظلّ صامتة".

وأشار قالن إلى أنّ "بي كا كا" الإرهابية تستهدف المدنيين وقوات الأمن التركية والعراقية، وتواصل أفعالها الإرهابية في شمال سوريا.

وترحّم رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب على أرواح  المدنيين، وتمنّى الصبر لذويهم ولعامّة الشعب التركي.

وأضاف في تغريدة على تويتر: "عثرنا على جثث 13 من مواطنينا المدنيين في مغارة بمنطقة غارا شمال العراق، قتلتهم المنظمة الإرهابية اللعينة".

وأردف قائلاً: "ندين بشدّة هذا العمل الشنيع، الرحمة لمواطنينا المدنيين، واللعنة على المنظمة الإرهابية وكلّ من يدعمها".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية