هل تنهض حكومة الحريري بلبنان وتوقف الانهيار؟

هل تنهض حكومة الحريري بلبنان وتوقف الانهيار؟


15/07/2021

ينتظر الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، رد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، بعد أن سلمه تشكيلة الحكومة، ظهر أمس الأربعاء.

وفي محاولة لإنهاء ما يقرب من تسعة أشهر من الجمود ووقف الانهيار الاقتصادي، قال الحريري، أمس، إنه قدم تشكيلة حكومية إلى الرئيس ميشال عون تضم 24 وزيراً وينتظر رده اليوم الخميس.

وقال الحريري في تغريدة على "تويتر" بعد اجتماعه مع عون "بالنسبة لي، فإنّ هذه الحكومة بإمكانها النهوض بالبلد والبدء بالعمل جدياً لوقف الانهيار، وتمنيت جواباً من فخامة الرئيس غداً لكي يبنى على الشيء مقتضاه".

تزداد الأوضاع المعيشية سوءاً في لبنان

وتأتي الانفراجة الأخيرة، بعد انسداد كافة الطرق لإنجاز المهمة التي كُلّف بها، بسبب تعنّت فريق الرئيس ميشيل عون وصهره، رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، بوضعهم مطالب تتعلق بتسمية الوزراء المسيحيين حصراً، والحصول على الثلث المُعطل، وهي مطالب إن قبل بها الحريري تعني إفراغ تكليفه من جوهره، والخروج بحكومة منزوعة الصلاحيات، تخضع لأهواء الطبقة السياسية.

والتقى الحريري عون عقب زيارة إلى القاهرة التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكد خلالها دعم بلاده الكامل للجهود التي يبذلها الحريري من أجل حل الأزمة الاقتصادية والسياسية الطاحنة في بلاده، وبحسب "فرانس برس".

هل يظل التعطيل مستمراً؟

الأنظار تشخص نحو قصر بعبدا، اليوم الخميس، فقد مضى ما يقرب من تسعة أشهر منذ تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة اللبنانية، في 22 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عقب استقالة حكومة حسان دياب، إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 آب (أغسطس) الماضي، دون تحقيق انفراجة في التشكيل، فهل يشهد لبنان اليوم الانفراجة المتوقعة؟

وقبل ظهيرة أمس، أخفقت الجهود الدولية والمحلية لتقريب وجهات النظر حول تشكيل الحكومة، بدايةً من المبادرة الفرنسية وجهود قوى إقليمية، إلى جانب مبادرات داخلية كان آخرها مبادرة رئيس مجلس النواب، نبيه بري، خلال الأيام القريبة الماضية.

ومنذ تكليف رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، دأب فريق عون وباسيل، بدعم من حزب الله، على خلق العقبات واحدة تلو الأخرى أمامه، وتحوّل التشكيل إلى تصفية حسابات ومساومات، وصلت إلى حدّ تهديد النظام السياسي للبنان عبر طرح فريق عون وباسيل نقاشات حول اتفاق الطائف التأسيسي، وهو الأمر الذي يعدّ بمثابة خطّ أحمر من الغرب والدول العربية، إلى جانب ذلك باتت مسألة مكانة رئاستَي؛ الجمهورية والحكومة محلّ طرح بين الفرقاء، ويرى المكوّن السنّي أنّ عون وباسيل يسعيان للحطّ من مكانة رئاسة الحكومة، عبر إصدار قرارات من خلال مجلس الأعلى للدفاع الذي يترأسه ميشيل عون على حساب الحكومة، والإصرار على أن يكون لهما اليد العليا في أية حكومة مقبلة.

الأنظار تشخص نحو قصر بعبدا، اليوم الخميس، بعد مضي ما يقرب من تسعة أشهر منذ تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة، في 22 تشرين الأول الماضي

وحاول عون وباسيل إلباس أطماعهما بثوب طائفي، وتصوير الخلاف مع الحريري على أنّه انتقاص من مكانة رئيس الجمهورية، التي يريدون لها كامل الصلاحيات التي حازتها قبل اتفاق الطائف، لكنّ اختلاف موقف الحزب المسيحي الثاني برلمانياً، القوات اللبنانية، وتمسّكه بتشكيل حكومة اختصاصيين وكشفه لأهداف عون الشخصية بإعادة تعويم صهره باسيل، قطع الطريق على استغلاله ورقة الطائفية.

وعود الحريري

ويرى نائب رئيس تيار المستقبل، مصطفى علوش، في تصريح لـ "حفريات"؛ دخلت البلاد في المجهول، بينما الوضع الاقتصادي يزداد سوءاً كلّ يوم، وباتت خطورة الانهيار الاجتماعي قائمة، ولا نعلم إن كانت أية حكومة قادمة ستتمكن من علاج هذا الوضع المتدهور.

نائب رئيس تيار المستقبل، د. مصطفى علوش

وقبل تقديم الحريري تشكيلة حكومته إلى الرئيس اللبناني أمس، انقسمت الرؤى حول خطوة اعتذار الحريري، بين من يراها هدفاً يسعى فريق عون وباسيل الوصول إليه، ويرونه مكسباً لهم على حساب الحريري، وآخرون يرونه بخلاف ذلك، ويقول الكاتب والباحث السياسي، عاصم عبد الرحمن؛ إذا كان لا بدّ من قراءة سياسية في خطوة الاعتذار ووضعها في ميزان الربح والخسارة، فلا شكّ في أنّ فريق رئيس الجمهورية، وجبران باسيل، يعدّ الخاسر الأكبر؛ ذلك أنّ تشكيل حكومة إصلاحية برئاسة الحريري تحديداً، بما يتمتع به من ثقل محلي وعربي وإقليمي ودولي تشكّل رافعة لعهد عون الرئاسي، الذي قرّر بنفسه إحراقه في يومه الأول، بهدف تحضير الأرضية لتوريث صهره مكانه.

وأعرب عبد الرحمن، في حديثه لـ "حفريات"؛ عن خشيته من رفض الرئيس عون تشكيلة الحكومة برئاسة الحريري؛ كي لا يحصد انتصار إنقاذ لبنان سياسياً، خاصّة أنّ محاولات باسيل لإبرام صفقة مع الحريري سقطت كلّها، فالأخير رفض بشكل قاطع الجلوس معه؛ فمكانة رئاسة الحكومة تساوي رئاسة الجمهورية، والتأليف يُبحث دستورياً بين الرئاستَين.

تكاتف البيت السنّي

وكانت أزمة التأليف كشفت ترصّداً وعداءً من موقع الرئاسة وفريقها لمكانة رئاسة الحكومة التي من نصيب السنّة، ما دفع البيت السنّي إلى تنحية الخلافات والتعاضد لحماية مكانة رئيس الحكومة من الاستهداف العوني، وبدا ذلك من خلال لقاءات القوى السياسية السنّية بمختلف مشاربها، والتفاف القيادة الدينية السنّية حولها، واللقاءات المتعددة بين الرئيس الحريري والرؤساء السنّة.

الكاتب والباحث السياسي اللبناني، عاصم عبد الرحمن

وفي ذلك يقول الباحث عبد الرحمن؛ قد تكون هذه المرة الأولى في تاريخ لبنان الحديث التي نشهد فيها رصّ الصفّ السنّي السياسي؛ إذ تشكّل شبه إجماع سنّي حول الحريري، ليس فقط إيماناً منهم بقدرته على تحقيق الإنقاذ المنشود، بل لإمعان رئيس الجمهورية بالاعتداء على صلاحيات رئاسة الحكومة؛ تارة من خلال ترؤّسه لاجتماعات مجلس الدفاع الأعلى كبديل عن مجلس الوزراء، الذي يصدر قراراته العشوائية فتزيد طين الأزمة المستفحلة بلَّة، وتارة أخرى برفض تسمية الحريري لوزيرين مسيحيين من ٢٤ وزيراً.

الباحث عاصم عبد الرحمن لـ "حفريات": القوى السنية لن تدعم أيّ مرشح آخر في حال اعتذار الحريري، ذلك أنّ ما لم يعطَ للحريري لن يعطى لغيره.

وأردف في تصريحات سابقة، قبل تقديم الحريري تشكيلة حكومته لعون، جرت العادة أن يسمي رئيس الحكومة وزراء مسيحيين، خاصة أنّ كتلة الحريري النيابية ممثلة في ثلاثة نواب مسيحيين، عدا عن تأييد عدد من النواب المسيحيين المستقلين له، إضافة إلى دعم وتأييد تيار المردة المسيحي له أيضاً، وإلى جانب الالتفاف السنّي، شددت القوى الإقليمية السنّية على اتفاق الطائف، ومنها مصر وتركيا.

وأكد عبد الرحمن؛ أنّ القوى السنية لن تدعم أيّ مرشح آخر في حال اعتذار الحريري، ذلك أنّ ما لم يعطَ للحريري لن يعطى لغيره.

وعلل بقوله؛ بأنّ الشروط الحكومية الإنقاذية واضحة، اللهم إلا إذا اتُّفق على تشكيل حكومة مهمتها الوحيدة التخفيف من وطأة الانهيار، على أن تكون من غير المرشحين للانتخابات من رئيسها الى وزرائها كافة، بالتالي إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.

وكان نائب رئيس تيار المستقبل، مصطفى علوش؛ رجح إجراء الحريري مباحثات في القاهرة مع الرئيس السيسي، الذي يدعم بقوة تشكيل حكومة برئاسته.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية