هل حانت نهاية "الإسلاموية الجديدة" في الشرق الأوسط؟

هل حانت نهاية "الإسلاموية الجديدة" في الشرق الأوسط؟


21/09/2021

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني

عانى الحزب الذي حصل في السّابق على الأغلبيّة في البرلمان المغربيّ انتكاسةً ساحقة؛ ففي الانتخابات العموميّة التي جرت في الثامن من الشهر الجاري، خسر حزب العدالة والتّنمية 113 مقعداً من الـ 125 مقعداً التي كان قد فاز بها في الانتخابات الأخيرة.

في الاقتراعين السّابقين، لعامي 2016 و2011، حصل الحزب على الأغلبيّة في المجلس المكوّن من 395 مقعداً، لكنّ الحزب، المرتبط بشكل وثيق بجماعة الإخوان المسلمين يحتفظ الآن بـ 13 مقعداً فقط.

اقرأ أيضاً: لماذا لم يعد العرب يثقون بـ"الإخوان"؟

يقول مايكل تانشوم، من المعهد النّمساويّ للسّياسة الأمنيّة والزّميل غير المقيم في معهد الشّرق الأوسط في واشنطن: "تراجع الحزب يعكس تصوّراً شعبيّاً عامّاً مفاده أنّ البيروقراطيّة المركزيّة المغربيّة المتوافقة مع القصر أكثر قدرة على إدارة الاقتصاد، وتجاوز الأزمة، وخلق فرص العمل".

تأتي هزيمة حزب العدالة والتّنمية في الوقت نفسه الذي تواجه فيه أحزاب سياسيّة أخرى مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، والتي وصل معظمها أيضاً إلى السّلطة في المنطقة بعد ما يسمّى بالرّبيع العربيّ، عام 2011، انتكاسات - وإن كان ذلك في ظروف مختلفة.

في تونس، طُرد حزب النّهضة الإسلامويّ من السّلطة بعد أن علّق الرّئيس قيس سعيّد البرلمان في البلاد، في تمّوز (يوليو).

المنظّمات الّتي أخذت شكل الإخوان المسلمين، والّتي وقفت في المعارضة وامتلكت شبكات مناطقيّة، كانت في السّابق أحزاب الشّعب، لكنّها الآن أصبحت أحزاب الدّولة

في مصر، فاز مرشّح الإخوان المسلمين، محمّد مرسي، بالانتخابات الأولى في ذلك البلد بعد الرّبيع العربي، عام 2012، لكنّ الجيش المصريّ، عام 2013، أطاح حكومة مرسي، وهكذا، لجأ الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى تركيا، وحتى وقت قريب نسبيّاً، كانوا مدعومين من الحكومة التّركيّة، ممّا أدّى إلى تبريد العلاقات الدّبلوماسيّة بين مصر وتركيا بشكل كبير.

لكن في أوائل العام الماضي، بدأ ذلك يتغيّر؛ حيث اتّخذت السّلطات التّركيّة إجراءات مثل منع المحطّات الفضائيّة المصريّة المعارضة في البلاد من بثّ انتقادات للنّظام المصريّ.

الموقف التركي من الإسلام السياسي

وكما كتب محلّلون في معهد واشنطن لسياسات الشّرق الأدنى، في آذار (مارس) من هذا العام، فإنّ هذا التّغيير في الموقف التّركيّ نشأ عن عدة عوامل، من بينها حكومة الولايات المتّحدة الجديدة الأقلّ انخراطاً في المنطقة، وتدهور علاقات تركيا مع دول خليجيّة عربيّة أخرى، مثل المملكة العربيّة السّعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة، والمشكلات الاقتصاديّة الموجودة في الدّاخل.

وقد خلص الباحثون إلى أنّه "يبدو أنّ خياره الأوّل (أي الرّئيس التّركيّ رجب طيب أردوغان) هو التّضحية بالإخوان المسلمين لمتابعة التّهدئة مع القاهرة والرّياض (...)، على أمل تأمين أصدقاء جدد في المنطقة".

أدّت هذه التّغييرات في مصير الجماعات المُلهَمَة من الإخوان المسلمين إلى طرح مفاده أنّ عصر ما يوصف بـ "الإسلامويّة الجديدة" قد انتهى الآن.

ومع ذلك؛ فإنّ كثيرين في هذا المجال يرفضون هذا، فرغم كلّ شيء، هذه ليست المرّة الأولى الّتي يُناقَش فيها زوال المنتسبين لجماعة الإخوان المسلمين.

الباحثة جيليان كينيدي، المحاضرة في السّياسة والعلاقات الدّوليّة: كان الإخوان المسلمون الأكبر سنّاً يقولون في كثير من الأحيان "الإسلام هو الحلّ"، لكنّهم لم يعرفوا كيف يحكمون

يقول محمّد الدّعدويّ، أستاذ العلوم السّياسية المتخصّص في سياسة شمال أفريقيا بجامعة أوكلاهوما سيتي بالولايات المتّحدة؛ إنّ زوالهم "كان متوقّعاً في الخمسينيّات والسّتينيّات والسّبعينيّات من القرن العشرين".

ويضيف: "لكنّهم يواصلون العودة، يتمتّع الإسلامويّون بقدرة هائلة على إعادة اختراع وإعادة تنشيط أنفسهم، وقد يكونون في لحظة ضعف الآن، خاصّة في المغرب، في مواجهة الدّولة، لكنّهم لم يختفوا، إنّهم يتمتّعون بمرونة هائلة".

بالرّغم من أنّها بدأت كحركة غير سياسيّة تهتمّ في الغالب بالأعمال الخيريّة والإصلاح الدّينيّ، فإنّ جماعة الإخوان المسلمين نمت لتصبح واحدة من أكثر الحركات الإسلامويّة السّياسيّة نفوذاً في العالم.

لقد ألهمت جماعات وأحزاباً سياسيّة في كافّة أنحاء الشّرق الأوسط، بما في ذلك الأردن والبحرين وسوريا والسّودان وليبيا وفلسطين والجزائر وغيرها، بعض هذه الجماعات والأحزاب ما يزال يربط نفسه صراحةً بالجماعة الأصليّة، فيما لا يفعل البعض الآخر ذلك.

قادرة على الحشد

ولأنّ هذه الجماعات قادرة على حشد مثل هذه المعارضة القويّة، فإنّ قادة الدّول ذات الحكومات الأتوقراطيّة يخشون التحدّي الّذي يمكن أن تمثّله.

 وتُصنّف كلّ من المملكة العربيّة السّعوديّة ومصر والإمارات العربيّة المتّحدة وروسيا جماعة الإخوان المسلمين على أنّها منظّمة إرهابيّة.

ومع ذلك، بالرّغم من التّقلّبات العديدة الّتي شهدتها جماعة الإخوان المسلمين، فإنّها لم تختفِ بشكل كامل.

تقول جيليان كينيدي، وهي محاضرة في السّياسة والعلاقات الدّوليّة بجامعة ساوثهامبتون في المملكة المتّحدة؛ إنّ هذا يرجع جزئيّاً على الأقلّ إلى البنية "الأفقيّة"، لا الهرميّة، للحركة، وقد درست كينيدي بعمق جماعة الإخوان المسلمين المصريّة ووجودها في المنافي.

تصف كينيدي الآلاف من "المجموعات الصّغيرة" الموجودة في كافّة أنحاء العالم. وتوضّح: "يكون لكلّ منها ما يقارب خمسة إلى 15 عضواً، دائماً تقريباً من الذّكور"، وتتابع: "ويكون لهذه المجموعات تركيز خاصّ، مثل التّدريس أو تقديم الرّعاية الاجتماعيّة".

اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" يستند إلى "أدبيات الإخوان" لتفسير هزيمته في المغرب

وتشير إلى أنّ معظم المنفيين من جماعة الإخوان المسلمين يعيشون الآن إمّا في تركيا أو قطر أو المملكة المتّحدة، وتضيف أنّه "رغم أنّ الحكومة التركية لم تعد تدعم فروع الجماعة هناك بشكل علنيّ، فإنّ العواصم الإداريّة للبلد (البلدات) ما تزال تتسامح معهم".

تعتقد أنّ المشكلة الرّئيسة الّتي تواجهها الأحزاب السّياسيّة "الإسلامويّة الجديدة" تكمن في أنّها لم تُثبت أنّها بارعة بشكل خاصّ في إدارة الدّولة.

توضّح: "لقد لعبوا دور المعارضة لفترة طويلة"، و"يعتمدون على الأيديولوجيا"، وتتابع: "كان الإخوان المسلمون الأكبر سنّاً يقولون في كثير من الأحيان "الإسلام هو الحلّ"، لكنّهم لم يعرفوا كيف يحكمون".

وتشير إلى أنّ المؤيّدين يقرّون بأنّه رغم أنّ هذه الأحزاب كانت في السّلطة لمدّة ثماني أو تسع سنوات، فإنّ المشكلات نفسها ما تزال قائمة.

تقول كينيدي إنّ المنظّمات الّتي أخذت شكل الإخوان المسلمين، والّتي وقفت في المعارضة وامتلكت شبكات مناطقيّة، كانت "في السّابق أحزاب الشّعب". وتضيف: "لكنّها الآن أصبحت أحزاب الدّولة"، وكما توضح: "هناك حالة انقطاع".

إنّ جماعة الإخوان المسلمين وأتباعها، كما تقول، ربما تكون في "البراري السّياسيّة" في الوقت الحاليّ، لكن هذه ربما تكون لحظة انتقاليّة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

كاثرين شاير، "دويتشه فيليه"، 15 أيلول (سبتمبر) 2021




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية