هل عاد نشاط تنظيم داعش في خدمة تركيا؟

هل عاد نشاط تنظيم داعش في خدمة تركيا؟


09/02/2021

بعد نحو أيام من نشر تقرير منسوب إلى الخزانة الأمريكية يتحدث عن احتياطي نقدي كبير لتنظيم داعش في تركيا، كثف التنظيم الإرهابي من نشاطه في مواجهة الأكراد في سوريا، بالتزامن مع تكثيف تركيا قصف تلك المناطق، ما عدّه البعض دليلاً جديداً على تحريك تركيا للتنظيم في مواجهة خصومه.

اقرأ أيضاً: مسؤول كردي يحذر: تنظيم داعش لم ينته بعد... ما القصة؟

ولا يُعدّ الحديث عن علاقة تركيا بالتنظيم الإرهابي بالجديد؛ إذ تواجه تركيا اتهامات قديمة بعلاقتها بالتنظيم، سواء على نحو مباشر بالتمويل، أو على نحو غير مباشر بفتح حدودها أمام المقاتلين، من كلّ حدب وصوب، للمرور عبر أراضيها إلى سوريا، وذلك في أوج نشاط التنظيم في العام 2015.

وثمّة كثير من الشهادات التي وثقتها الأجهزة الأمنية والقضائية حول عمليات مرور يسيرة من تركيا إلى "أرض الخلافة" المزعومة.

وقد لوحظ نشاط لافت لداعش في الشهور الأخيرة، بدأ في سوريا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بتنفيذ عدة عمليات متتالية، بعضها استهدف مدنيين وبعضها الآخر استهدف قوات للنظام السوري في صحراء البادية، ثمّ انتقلت تلك الصحوة الداعشية إلى العراق، بتنفيذ عملية إرهابية تُعيد إلى الأذهان أيام كان التنظيم في قوته.

عملية العراق، في كانون الثاني (يناير) الماضي، هي عبارة عن عمليتين انتحاريتين متتاليتين في الرقعة نفسها، ضمن تكتيك يستهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا، وبالفعل سقط في التفجيرين 32 شخصاً، وأصيب أكثر من 100 شخص.

اقرأ أيضاً: رفع أعلام داعش في القضارف السودانية بالتزامن مع احتجاجات... ما القصة؟

في غضون ذلك، وبعدما بات نشاط تنظيم داعش ملحوظاً، على هيئة تنفيذ عمليات مباغتة تستعيد استراتيجياته السابقة، بدأ التنظيم في تعديل بوصلته، بعمليات مكثفة ومتتالية في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بالتزامن مع توجّه تركي لاحتلال مناطق جديدة في نفوذ قسد.

بدأ التنظيم في تعديل بوصلته، بعمليات مكثفة ومتتالية في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بالتزامن مع توجّه تركي لاحتلال مناطق جديدة في نفوذ قسد

وقد ربط مراقبون بين النشاط الموسمي لداعش وبين طموحات تركيا، على اعتبار أنّ التنظيم إحدى الأدوات التي تستخدمها تركيا لفرض حضور أكبر على الساحة الدولية، وكآلية لتنفيذ رغباتها، خصوصاً بعدما باتت فرص تركيا في التمتع بالنفوذ ذاته، الذي سمحت به إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، محلّ شك.

وتعزّز تلك الافتراضية الحديث عن التمويل التركي لتنظيم داعش، المنسوب إلى تقرير الخزانة الأمريكية، فقد قال التقرير: إنّ لتنظيم داعش احتياطياً نقدياً يتمثل في 100 مليون دولار في تركيا.

وذكرت الخزانة الأمريكية، بحسب موقع "أحوال تركية" المتخصص في الشؤون التركية، أنّ لدى داعش شبكات مالية يستطيع الوصول إليها بكلّ سهولة في تركيا بفضل النظام المالي التركي، الذي يغضّ الطرف عن كثير من عمليات تهريب الأموال التي تتمّ على أراضيه لتصل إلى عناصر التنظيم في سوريا بشكل خاص.

لماذا داعش؟

خلال الأعوام الـ5 الماضية، اكتسبت تركيا نفوذاً دولياً، وباتت حاضرة إقليمياً على نحو لم يُتَح لها قبل "داعش"، فباتت مسيطرة على أجزاء في سوريا، ولها قواعد عسكرية في العراق، وحاضرة في ليبيا... وهكذا.

لقد بدأ نفوذ تركيا يُهدّد بفعل تغيرات إقليمية عدة، أبرزها وصول بايدن إلى الحكم، بتوجّه يسعى إلى إعادة الدور القيادي الأمريكي إلى العالم، والحضور في الملفات الإقليمية على نحو أكثر بروزاً، على خلاف النهج الذي سلكه ترامب بشعار "أمريكا أوّلاً"، ممّا ترك فراغاً استغلته تركيا، وارتفعت مخاطر التنظيم من جديد.

ويبدو أنّ تركيا استبقت تلك الأدوار المتوقعة لبايدن، والمتوقعة في سوريا على هيئة عودة  الدعم الأمريكي إلى الأكراد ممثلين في قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، لذلك سعت تركيا إلى تمديد نفوذها وتقويض "قسد".

 

لدى تنظيم داعش شبكات مالية يستطيع الوصول إليها بكلّ سهولة في تركيا، بفضل النظام المالي التركي

 

وتلا النشاط الداعشي في سوريا التوجّه التركي لتمديد نفوذه على حساب قسد، في مؤشر جديد على علاقة تربط بينهما كليهما.

 وقد بدأت تركيا محاولة تمديد نفوذها على حساب قسد باستمالة الروس، في صفقة لم تُعلن بنودها أو أساليب الإغراء فيها، غير أنّ الروس أصبحوا قريبين من تركيا في نهاية العام الماضي.

وقتها، بدأت وسائل إعلام روسية تتحدّث عن اتفاق مع قسد يقضي بتسليم منطقة "عين عيسى"، بالتزامن مع تزايد القصف التركي لها، ومع بوادر خطة اقتحامية من تركيا للمنطقة، على غرار ما حدث من قبل في عفرين.

أمّا الأكراد، فقد نفوا وجود مثل ذلك الاتفاق، ولاموا روسيا، وألمحوا إلى ما يبدو أنه اتفاق تركي ـ روسي على حسابهم، وشدّدوا على دفاعهم عن المنطقة حتى الرمق الأخير.

ويبدو أنّ الاتفاق التركي ـ الروسي تعرقل لسبب ما، وهو ما دفع تركيا لإعادة إحياء ورقة "داعش"، في محاولة لمضاعفة الضغط على الأكراد.

وبالتزامن، نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ الروس منحوا "قسد" ضوءاً أخضر للهجوم على مناطق نفوذ تركيا، ردّاً على قصف مناطقهم، في الوقت نفسه الذي نُشر فيه تقرير آخر عن نشاط ملحوظ لداعش في مناطق نفوذ قسد، أسقط ضحايا من المدنيين.

وبحسب المرصد السوري، فإنّ خلايا تنظيم داعش "تسرح وتمرح" ضمن مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، عبر عمليات يومية متصاعدة في إطار العودة القوية للتنظيم إلى الواجهة السورية.

 

خلال أسبوع، أكثر من 22 عملية قامت بها خلايا التنظيم في مناطق نفوذ قسد، ضمن دير الزور والحسكة وحلب والرقة

 

وأضاف المرصد: إنه على الرغم من الحملات الأمنية لقسد والتحالف، واعتقالها عشرات الأشخاص بتهم الانتماء للتنظيم، إلّا أنّ الخلايا تستمرّ بعملياتها في مختلف المناطق، ليس ذلك فحسب، بل تعمد إلى توسيع مناطق عملياتها، وقد أشار المرصد السوري اليوم إلى عملية استهداف بالأسلحة الرشاشة طالت حاجزاً للأسايش في ريف الرقة الغربي، ما أدّى إلى خسائر بشرية.

وفي هذا السياق، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، منذ بداية شباط (فبراير) الجاري، أي خلال أسبوع، أكثر من 22 عملية قامت بها خلايا التنظيم في مناطق نفوذ قسد، ضمن دير الزور والحسكة وحلب والرقة، وقد تمّت تلك العمليات عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات، أدّت إلى سقوط خسائر بشرية، فقد قتل 6 أشخاص، هم مدنيان اثنان، و4 من قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي "الأسايش"، كما خلفت تلك العمليات 11 جريحاً من المدنيين والعسكريين، بعضهم في حالات خطرة.

في غضون ذلك، أفاد المرصد أنّ القوات الروسية منحت ضوءاً أخضر للقوات الكردية بقصف مواقع ميليشيات تابعة لتركيا بريف حلب ردّاً على عدوان تركيا، فقد نفذت المدفعية التركية عدواناً جديداً على قرى عرب حسن والجات والتوخار الخاضعة لنفوذ مجلس منبج العسكري بريف منبج.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية