هل لجأ أردوغان إلى فضيحة مدبرة للإطاحة بزعيم معارض؟

هل لجأ أردوغان إلى فضيحة مدبرة للإطاحة بزعيم معارض؟


04/07/2021

ما زالت تتولى تصريحات زعيم المافيا التركي "سادات بكر"، لتكشف المزيد من أسرار علاقته بقيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن هذه المرة كشف في اعترافاته التي نقلتها "جريدة زمان التركية "عن احتمال تورط قيادي بحزب العدالة والتنمية في الترويج لفيديو مصور على شبكة الإنترنت قيل إنه لزعيم حزب الشعب الجمهوري السابق، دنيز بايكال الذي يظهر فيه مع امرأة في غرفة نوم، عرفت وقتها "بقضية الكاسيت"، وهو ما أعاد القضية إلى واجهة المشهد الداخلي التركي بعد 11 عاماً. 

اقرأ أيضاً: أردوغان يتحدى القوى العالمية بهذا التصريح

ففي غضون العام 2010، عندما كانت الحكومة التركية تستعد للدعوة إلى استفتاء عام على الإصلاحات الدستورية التي تهدف إلى إصلاح القضاء، وإخضاع أفراد الجيش للمحاسبة أمام المحاكم المدنية، قاد حزب الشعب الجمهوري حملة انتقادات واسعة ضد أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وكانت شعبية  دنيز بايكال تهدد خطط الحكومة، وفجأة انتشر بشكل موسع فيديو مصور لبايكال مع امرأة في غرفة النوم، ونشبت معركة اتهم فيها زعيم المعارضة الحكومة بتصوير هذا المقطع لتشويهه، وطالب بعدم تسييس الموضوع، مؤكداً على أنّ الأمر حرية شخصية، ورد أردوغان رئيس الحكومة وقتها مستغلاً الحدث "إنّه يطالبنا بعدم الحديث عن هذه الفضيحة بدعوى أنّها قضية شخصية، غير أنّها ليست قضية شخصية، فهل هذه العلاقة مع زوجته حتى نسميها قضية شخصية، بل هي قضية عامة".

وأمام حملة التشويه الممنهجة التي اتبعها خصومه، دعا بايكال إلى عقد مؤتمر صحفي حينها وحاول الدفاع عن نفسه وكشف أبعاد المؤامرة، فقال "الأمر لا يتعلق بشريط فيديو إنّها مؤامرة"، مؤكداً أنّ "مثل هذا النشاط غير القانوني الذي نفذ ضد زعيم حزب المعارضة الرئيسي ما كان يمكن أن يتم دون علم الحكومة"، وتابع: "إذا كان لهذا ثمن وهذا الثمن هو الاستقالة من قيادة حزب الشعب الجمهوري فأنا مستعد لدفعه. استقالتي لا تعني الهرب أو الاستسلام، بل على العكس إنّها تعني أنني أخوض المعركة".

اقرأ أيضاً: هل تخلّى أردوغان عن مشروع الإسلام السياسي؟

ولم يكن أمام بايكال مفر إلا الاستقالة، وأُسكت صوت معارض، واعتبرت القضية وتوابعها بمثابة ضربة قاسية "لحزب الشعب الجمهوري" الذي خسر بسببها الكثير من المؤيدين، وفي العام 2013 عندما ساءت العلاقة بين فتح الله كولن، الزعيم الروحي لجماعة الخدمة وأردوغان، اتهمهم الأخير بأنّهم من يقف وراء الترويج للفيديو المسيء، وظلت القضية مثار تساؤلات في الشارع التركي، هل فعلاً قام الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" بالسماح بتصوير لقاء جنسي وترويجه في الإنترنت كنوع من تدمير المعارضة أو ابتزاز قادتها، أم أنّ جماعة الخدمة هي من قامت بتلك المهمة لحساب العدالة والتنمية.

مازالت تتولى تصريحات زعيم المافيا التركي لتكشف المزيد من أسرار علاقته بقيادات حزب العدالة والتنمية 

الأيام الماضية كشف "سادات بكر" الكثير من أسرار تلك القضية، ففي فيديو له أكد أنّ "القيادي في حزب العدالة والتنمية وعضو اللجنة الرئاسية للسياسات الاقتصادية، "كوركماز قاراجا"، كان وراء نشر التسجيل المصور لزعيم حزب الشعب السابق، والذي اعتبر فاضحاً، بعد أنّ "أوكلت إليه مهمة تقديم الفتيات لبايكال" من أجل توريطه.

وحسب تغريدة يوسف الشريف، الكاتب والصحفي المختص بالشأن التركي، قال إنّ قاراجا كان من أبرز المقربين من زعيم المعارضة السابق، لكنه ترك حزب الشعب فجأة، وانتقل إلى "حزب العدالة والتنمية"، لتبدأ قصة دخوله في المواقع القيادية الرسمية، في إشارة خفية لقيامه بمهمة لحساب العدالة والتنمية بالتسلل للحزب الجمهوري وعندما تمت عاد إلى حزبه.

وكان قاراجا قد شغل منصب مستشار دنيز بايكال بين الأعوام 2010 – 2017، لكنّ أردوغان عينه عضواً في اللجنة الرئاسية للسياسات الاقتصادية بعدما استحدثها بقرار رئاسي أصدره في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2018، كما أنّه عضو حالياً في اللجنة التنفيذية البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم.

اقرأ أيضاً: أردوغان يرمّم علاقاته الغربية.. فهل ينجح؟

وكشف بكر عن حقيقة "الثراء الفاحش" الذي يعيشه "قاراجا" ومن أين تحصل على هذه الثروة قائلاً: "لقد امتلك عضو اللجنة الرئاسية للسياسات الاقتصادية كوركماز واحدة من الفيلات الفخمة في منطقة "تشاكما كوي" بإسطنبول، خلال خمس سنوات فقط، من توليه هذا المنصب، بينما كان يعيش في منزل عادي في منطقة "مالتبه"؟ متسائلاً "كيف تمكن من البقاء في فنادق Maxx Royals وVogue الفاخرة للغاية؟"، مدعياً أنّ ذلك أشبه بالمكافأة التي قدمها له الحزب الحاكم لقاء "أفخاخ العسل" التي سبق وأن أوقع فيها المعارضين، ومن بينهم بايكال، وعلى الرغم من الضجة التي أحدثتها مزاعم بكر، إلا أنّه إلى الآن لم يصدر أي تعليق من جانب "قاراجا، أو أي من الشخصيات التي ذكرها في الفيديو.

في العام 2021 اتهم زعيم المعارضة الحكومة بتصوير مقطع لتشويهه وطالب بعدم تسييس الموضوع

إنّ مزاعم رجل المافيا التركي هذه المرة، تختلف عن  مزاعمه السابقة، فما قاله بكر (إن صح) يعد سلوكاً يراه المواطن التركي غير أخلاقي ودنيئاً، وربما يفقد حزب العدالة والتنمية الكثير من شعبيته التي بناها على ادعاء تمثيل الحزب للأخلاق الإسلامية، والتي تتعارض بالتأكيد مع تقديم الفتيات لرجال السياسة أو الابتزاز السياسي أو التجسس.

اقرأ أيضاً: كم وصل عدد الاتفاقيات الموقعة بين أردوغان وقطر خلال العام الأخير؟

وفي رد فعل للوقائع التي ذكرها بكر في شهادته قالت صحيفة جمهوريت التركية الأسبوع الماضي إنّ الادعاء العام في ثلاث ولايات تركية استجاب لشكاوى مقدمة من نقابات المحاماة للتحقيق في الفضائح التي كشف عنها زعيم المافيا التركي "بكر" في فيديوهات سابقة، وعلى وجه الخصوص مقتل الصحفي القبرصي التركي المعارض في العام 1996، وقالت الصحيفة أيضاً إنّ "التحقيقات بدأت في كل من إسطنبول وأنقرة وموغلا، بهدف تحليل التسجيلات المصورة والشكاوى المقدمة والاستعانة بالأخبار المتداولة في المصادر المفتوحة".

يذكر أنّ زعيم المافيا التركي قرر فضح العلاقة بينه وبين العدالة والتنمية عبر مقاطع فيديو ينشرها ,يزعم فيها "تورط الشخصيات الحكومية المقربة من أردوغان، في جرائم قتل وتجارة المخدرات، وهذه المقاطع هي الأكثر مشاهدة على الإطلاق داخل تركيا، ربما أكثر من أي مسلسل تركي ويتهم فيها بكر شخصيات نافذة في الحكومة التركية بالقتل والاغتصاب وتهريب السلاح والمخدرات والابتزاز والتلاعب بالإعلام، وعلى رأس هذه الشخصيات وزير الداخلية سليمان صويلو، ونجل رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، وكذلك قائد الشرطة والوزير السابق محمد آغار، فقد زعم أنّهم جزء من مخطط دولي لتهريب المخدرات إلى تركيا، وأنّ هذه الأنشطة المزعومة تتم في مراكز تجارية وفنادق وشواطئ وكازينوهات وساحات في إسطنبول وأنقرة، وتشمل عمليات قتل خارج حدود تركيا تشمل سوريا وروسيا وأذربيجان وكولومبيا وفنزويلا.

ما قاله بكر يعد سلوكاً غير أخلاقي وربما يفقد حزب العدالة والتنمية الكثير من شعبيته

وتسببت الفيديوهات المنشورة باضطراب توازن القوى داخل الدولة التركية عبر تحريض المجموعات المتنافسة ضد بعضها البعض، في أعقاب انتشارها طالب زعماء الأحزاب التركية المعارضة بإقالة سليمان صويلو على الفور، إذ قال زعيم "حزب المستقبل"، أحمد داود أوغلو: "يبدو أن وزير الداخلية غير قادر على الاستقالة. يجب إقالته دون انتظار دقيقة واحدة ويجب أن تبدأ الإجراءات القضائية على الفور، فعصابات التسعينيات لا يمكن أن تحكم تركيا."

من جهته، قال أكرم إمام أوغلو، عمدة اسطنبول وأحد كبار مسؤولي حزب الشعب الجمهوري المعارض: "يجب على صويلو تقديم استقالته في أقرب وقت ممكن، فهذه هي الطريقة التي ينبغي أن تبدأ بها عملية التحقيق". 

ونجح بكر حتى الآن فيما يريده من نشر فيديوهاته، فقد كشف فساد حكومة رجب طيب أردوغان والمقربون منها، وأصبحوا في وضع لا يحسدون عليه، فلا أحد يعلم من هو المستهدف التالي في سلسلة الفيديوهات هذه.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية