هل نجح قيس سعيد في تحصين "سيادة تونس" ضد التدخل الأجنبي؟

هل نجح قيس سعيد في تحصين "سيادة تونس" ضد التدخل الأجنبي؟

هل نجح قيس سعيد في تحصين "سيادة تونس" ضد التدخل الأجنبي؟


20/04/2024

منذ توليه رئاسة البلاد في عام 2019، شدد قيس سعيد في أغلب خطاباته ولقاءاته على مسألة "السيادة الوطنية"، التي اعتبرها "خطا أجمر" لا يمكن تجاوزه، للتعبير عن رفضه للتدخل الأجنبي في القرار التونسي، وذلك كان مطلباً رئيسياً للمعارضة التونسية خلال فترة حكم النهضة الإخوانية، خصوصاً لدى الأحزاب القومية.

وتركزت أغلب خطابات سعيد على عدم تدخّل دول أخرى في شؤون تونس بشكل علني، وعدم الرضوخ لشروط المؤسسات المالية المانحة خلال جولات التفاوض، وحماية حدود البلاد من “الاختراقات” و”المؤامرات”.

وفي أحدث تصريحاته حول ذلك، شدد الرئيس التونسي، قيس سعيد خلال إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي، الاثنين، على ضرورة "دعوة عدد من السفراء الأجانب لدعوة عواصمهم إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتونس".

وقال سعيد في كلمة ألقاها بالمناسبة: "تونس للتونسيين والتونسيات، ومن يريد أن يقيم علاقات ودية معنا مرحبا ولكن من يعتقد أنه سيبسط وصايته علينا فهو مخطئ في العنوان"، مضيفا "نتعامل مع أصدقائنا وأشقائنا، ولكن في احترام متبادل لسيادتنا ونتعامل مع الجميع الندّ للندّ".

شدد قيس سعيد في أغلب خطاباته ولقاءاته على مسألة "السيادة الوطنية" التي اعتبرها "خطا أجمر" لا يمكن تجاوزه

وكانت وزارة الخارجية التونسية قد طالبت في وقت سابق، السفراء الأجانب باحترام قوانين البلاد وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وذلك بعد اتهام القضاء لعدد من المعتقلين في قضية التآمر ضد أمن الدولة بالتخابر مع سفراء أجانب، وهو ما عرض بعضهم لحملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

سعيد وخطاب السيادة الوطنية

ويؤكد قيس سعيد دائما أن السيادة الوطنية خط أحمر لا يجب تجاوزها وأنه سيعمل على منع التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية.

وقد قال في تصريح مثير في أيلول/سبتمبر الماضي: "لن نقبل أن يتدخل أي كان في سيادتنا، وليكفوا عن التدخل في شؤوننا، فنحن نعمل في نطاق الشفافية أكثر منهم بكثير"، وذلك خلال اجتماعه بكل من رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزير الداخلية كمال الفقي ووزيرة العدل ليلى جفال في قصر قرطاج.

وأضاف "وليكفوا عن هذه البعثات التي قالت إنها جاءت لتتفقدّنا وكأننا تحت وصاية الاستعمار. يأتون من الخارج للاطلاع على أوضاعنا، وعليهم أن يراجعوا هذه المفاهيم، وبمبدأ المعاملة بالمثل، نبعث عددا من الملاحظين والمراقبين لانتخاباتهم أو التجاوزات التي حصلت في بلدانهم

شدد الرئيس التونسي، قيس سعيد خلال إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي، الاثنين، على ضرورة "دعوة عدد من السفراء الأجانب لدعوة عواصمهم إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتونس".

في السياق، يرى المحلل السياسي خالد كرونة أن تطرق الرئيس التونسي لذلك الموضوع في اجتماع مجلس الأمن القومي، أمس الاثنين، "يتنزل في إطار الخطاب التعبوي استعدادا للانتخابات الرئاسية بالتأكيد على أنه يتمسك بالخط الوطني السيادي لتونس".

وشدد كرونة في تصريح لـ"أصوات مغاربية" على أن الرسائل المضمنة في خطاب الرئيس سعيد "كانت موجهة بالأساس للداخل التونسي أكثر من الخارج، بالنظر إلى وجود بعض المرشحين للرئاسيات خارج تونس". 

وفي رأي كرونة فإن "الدلالات وراء ذلك هو التأكيد على أن المنافسين في هذا الاستحقاق الانتخابي إمّا مدعومون من الدول الأجنبية أو يحظون بتمويل أجنبي مشبوه أو مرتبطون بأخطبوط الفساد في البلاد".

بعد الثورة التونسية في 2011 أخذت بعض الدول هامشا من التدخل في شؤون تونس أكثر مما هو مسموح به في العلاقات الدولية

وبحسب المتحدث ذاته فإنه "عكس القضايا الأخرى التي تعمّد الرئيس التونسي قيس سعيد أن يكون واضحا ومباشرا في التطرق إليها في اجتماع مجلس الأمن القومي فإن مسألة التدخل الخارجي في الشؤون التونسية لفّها الغموض لأنها كانت معدة للاستهلاك الداخلي إذ ليس من صالح السلطات التونسية خلق مشاكل مع الدول الأجنبية في هذا الظرف".

أبرز المواقف التي اتخذها الرئيس سعيّد 

وليست هذه المرة الأولى التي يتطرق فيها الرئيس سعيد لهذا الموضوع، إذ سبق أن أكد خلال زيارة أداها إلى محافظة القيروان في مارس 2023 أن "تونس لن تفرط في سيادتها لأحد، لأنها ليست تحت الحماية ولا الانتداب"، كما شدد أثناء لقاء جمعه بوزير الشؤون الخارجية السابق عثمان الجرندي، في تموز/يوليو 2022 على أنه يرفض "أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي" في شؤون بلاده.

وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2021 وجّه سعيّد، خلال اجتماع بالمكلّف بإدارة وزارة الداخلية آنذاك رضا غرسلاوي، انتقادات لاذعة لوكالات التصنيف الائتماني التي أصدرت تقييمات سلبية لواقع الاقتصاد التونسي وآفاقه ساخرا منها وناعتا إياها بـ”أمك صنافة”(وصفات المطبخ التونسي التقليدي)، معبّرًا عن غضبه من تدخلها في شؤون البلاد ورفضه لضغوط المؤسسات المالية الدولية.

وقال سعيّد حينها: “سيادة الدولة ليست في مزاد أسواق الأسهم تتقاذفها المؤسسات التي يُقال إنها مانحة…نتعاون معها لكن لتحترم سيادتنا أوّلا”. 

وفي 5  نيسان/أفريل 2022، استدعتْ وزارة الخارجية التونسية السفير التركي في تونس لتبليغه الاحتجاج الرسمي على تدخل تركيا في الشؤون الداخلية، على خلفية تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقد فيها قرار الرئيس سعيّد بحلّ البرلمان، معتبرا أن ذلك يمثل ضربة قوية لإرادة الشعب التونسي. 

حركة النهضة الإسلامية

ولا يخفى على أحد أنّ تركيا تُعتبر من كبار الداعمين لحركة النهضة الإسلامية التي تعد الخصم الأكبر للرئيس سعيّد.

في 30 أيار/ماي 2022 طلَبَ رئيس الجمهورية من وزير خارجيته آنذاك عثمان الجرندي إعلان انسحاب تونس من “اللجنة الأوروبية للديمقراطية عن طريق القانون” (لجنة البندقية) وطرد مبعوثيها على خلفية الآراء التي أبدوها بخصوص الاستفتاء على الدستور الجديد. 

اُثير الجدل مراراً في تونس حول العلاقات التي تربط حركة النهضة الإسلامية بالدوحة وأنقرة في إطار أجندة سياسية مرتبطة بالمشروع الإخواني في تونس

وفي 29 تموز/يوليو، أي بعد أيام قليلة من الاستفتاء الشعبي على دستور تموز 2022، أصدرت وزارة الخارجية التونسية بيانا تعلن فيه عن  استدعاء  القائمة بأعمال السفارة الأمريكية في تونس للاحتجاج على “البيان الصحفي الصادر عن وزير الخارجية الأمريكي بشأن المسار السياسي في تونس وأيضا التصريحات -غير المقبولة- التي أدلى بها السفير المعين أمام الكونغرس الأمريكي، خلال تقديمه “لبرنامج عمله”. 

أما في 26 آب/أغسطس 2022، فقد استدعت تونس سفيرها في المغرب للتشاور -ردّا على خطوة مماثلة قامت بها الخارجية المغربية في نفس اليوم- إثر أزمة نشبت عند استقبال الرئيس التونسي لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي باعتباره رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ومُشاركا رسميا في قمة طوكيو للتنمية في أفريقيا “تيكاد 8”. 

وفي 18 شباط/فبراير 2023 وبأمر من رئيس الجمهورية، دعت السلطات التونسية المختصة “المدعوة Esther LYNCH” -حرفيا ما جاء في نص البيان- الأمينة العامة لاتحاد النقابات الأوروبية إلى مغادرة تونس وذلك في أجل لا يتجاوز 24 ساعة من تاريخ إعلامها بأنها شخص غير مرغوب فيه. 

وقد أثارت لينش غضب السلطة في مسيرة نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل في صفاقس وإدلائها بتصريحات حول الوضع السياسي والاجتماعي في تونس اعتبرها سعيّد “تدخلا سافرا في الشأن الداخلي التونسي”.

سنوات من رهن القرار التونسي 

يُذكر أنه بعد الثورة التونسية في 2011 أخذت بعض الدول هامشا من التدخل في شؤون تونس أكثر مما هو مسموح به في العلاقات الدولية"، كما أن بعض السفراء أصبحوا يدلون بدلوهم في الشأن الوطني ويلتقون بالأحزاب السياسية ويجولون في محافظات البلاد أكثر من أعضاء الحكومة.

واُثير الجدل مراراً في تونس حول العلاقات التي تربط حركة النهضة الإسلامية بالدوحة وأنقرة، في إطار أجندة سياسية مرتبطة بالمشروع الإخواني في تونس، خلال العشرية الماضية التي يصفها التونسيون بـ "العشرية السوداء".

وقد حاول زعيم الحركة خلال الأعوام الأخيرة استغلال منصبه كرئيس للبرلمان التونسي لتمرير اتفاقيات مشبوهة تمكن الدول الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين من إحكام السيطرة على الاقتصاد المحلي.

مواضيع ذات صلة:

كيف قضى قيس سعيّد على زعيم الإخوان بتونس راشد الغنوشي؟.. صحيفة فرنسية توضح

صحيفة فرنسية: 2023 عام مروع بالنسبة إلى حركة النهضة الإخوانية

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية