هل يشهد الاقتصاد التونسي انفراجة قريبة؟

هل يشهد الاقتصاد التونسي انفراجة قريبة؟


23/06/2022

يمر الاقتصاد التونسي بمرحلة صعبة مع انخفاض وتيرة النمو في البلاد وارتفاع مستوى التضخم، وذلك بالرغم من الجهود الحكومية المكثفة على مدار الأشهر الماضية للمرور بالبلاد إلى انفراجة اقتصادية قريبة، بالتزامن مع إصلاحات هيكلية وسياسية شاملة، وتحضيرات معمقة لدستور جديد يضع منظومة الإصلاح الاقتصادي في مقدمة أولوياته. 

وزير الاقتصاد التونسي، سمير سعيد، أكد الإثنين الماضي على صعوبة المرحلة التي يمر بها اقتصاد البلاد، وأوضح في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، خلال ترؤسه جلسة عمل في إطار الحوار بين القطاع العام والخاص في تونس لتحسين مناخ الأعمال ودفع الاستثمار، أوضح أنّ "هذه المرحلة تتطلب التركيز على اتخاذ إجراءات إصلاحية جريئة في إطار تشاركي ورؤية مستقبلية لتونس تواكب التطورات العالمية على جميع الأصعدة وتعزز قدرتها التنافسية وتحسن موقعها في خريطة الاستثمار العالمية".

رئيس اللجنة المكلفة بإعداد الدستور في تونس، الصادق بلعيد، تحدث أيضاً، خلال الأسبوع الماضي عن إصلاحات جذرية لمنظومة الاقتصاد سوف يخصص لها الباب الأول من الدستور التونسي الذي يجري إعداده في الوقت الراهن.

وأكد بلعيد خلال حديث لإذاعة "موزاييك" المحلية، السبت الماضي، أنّ "التركيز سيكون على بناء اقتصاد البلاد لتحسين الوضعية الاجتماعية للأغلبية الساحقة في بلادنا، والتي عانت الأمرين في العشرية الأخيرة وأفلست فيها البلاد وضاعت خلالها عدة مواطن شغل وأصبح المواطن غير قادر على تلبية حاجيات أسرته أمام الارتفاع الجنوني للأسعار".

الصادق بلعيد: التركيز سيكون على بناء اقتصاد البلاد لتحسين الوضعية الاجتماعية للأغلبية الساحقة في بلادنا

وأضاف بلعيد أنّ "الدستور الجديد سيتضمن باباً خاصاً هو الأول بعد التوطئة بعنوان أسس النهوض بالاقتصاد التونسي عكس دستور 2014 الذي لم يهتم بالمسائل الاجتماعية بل فاقم الاقتصاد الموازي الذي تم اغتصابه من المافيا ويحتكر  نسبة (40%) من الناتج الوطني الخام".

وضمن الإجراءات التونسية لمواجهة الأزمة الاقتصادية تسعى الحكومة للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي، وهو إجراء يرفضه عدد من القوى السياسية في مقدمتها الحزب الدستوري الحر والاتحاد التونسي للشغل.

وتسعى الحكومة التونسية، بحسب شبكة "سكاي نيوز"، للتوصل إلى اتفاق بشأن قرض بقيمة 4 مليارات دولار من الصندوق مقابل حزمة إصلاحات لا تحظى بشعبية لدعم ماليتها العامة المتعثرة، من بينها،  تجميد الأجور في الوظائف العامة والشركات المملوكة للدولة، إضافة إلى خفض دعم الغذاء والطاقة.

المحلل الاقتصادي قيس مقني: الإجراءات التي تتخذها الحكومة التونسية في الوقت الراهن نحو إقرار منظومة اقتصادية متكاملة توحي بانفراجة قريبة

المحلل الاقتصادي التونسي قيس مقني، يصف الإجراءات من جانب حكومة بلاده في مجملها بأنها جيدة، وتمثل بارقة أمل نحو انفراجة مرتقبة للأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد على مدار العشرية الماضية، والتي شهدت، بحسب قوله، تدهوراً اقتصادياً كبيراً وحالة من الركود والفساد وتراجع الناتج المحلي، ونتيجة ذلك وصلت نسبة التضخم في البلاد إلى مستوى غير مسبوق. 

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول مقني إنّ "اهتمام الدستور التونسي الذي يجري الإعداد له بالوقت الراهن، بالإصلاحات الاقتصادية ودعم منظومة الاستثمار وكذلك تعزيز قوانين مكافحة الفساد سيكون له أثر كبير في تحقيق طفرة كبيرة لاقتصاد البلاد".

وبحسب مقني يركز باب كبير من الدستور التونسي على أوضاع الاقتصاد العام والخاص والشركات الأهلية، وكذلك آلية تعامل الدولة مع منظومة الاقتصاد الموازي، ودمجها في الاقتصاد العام وهو أمر مهم، نظراً لأنها تمثل أرقاماً مليارية يمكن للدولة الاستفادة منها بشكل كبير إذا ما نجحت بدمجها تحت مظلتها.

مقني: المعضلة الأهم أمام الحكومة للخروج من عنق الأزمة تتعلق بعامل الوقت وعليها البدء في الإجرءات على وجه السرعة

ويرى مقني أنّ القراءة الأولية للمواد الخاصة بالاقتصاد في الدستور التونسي الجديد تشير إلى أنه سيمنح المواطنين حقوقاً متساوية للاستثمار وتحقيق المكاسب والثروة في ظل أجواء بعيدة عن الاحتكار أو الفساد، وهو أمر سيعزز قدرة الأفراد على المساهمة في دعم الناتج المحلي، وبالتالي زيادة الإنتاج مقابل النفقات أو الدين العام.

كما يشير مقني أيضاً إلى أهمية الدعم العربي للاقتصاد التونسي في الفترة الراهنة، مؤكداً على أهمية الاتصالات التي جرت بين الحكومة التونسية ونظرائها في الإمارات والكويت والبحرين، وأيضاً الدعم المقدم من جانب بعض الدول الأوروبية، لتعزيز الاستثمارات الأجنبية وتوفير احتياطات الدعم النقدي. 

المؤشر الثالث على الانفراجة التي يتوقعها مقني قريباً للاقتصاد التونسي، يتعلق بتحويلات التونسيين بالخارج والتي زادت بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، بدافع المسؤولية الوطنية إلى حد كبير، مشيراً إلى أنّ هذه التحويلات قد أسهمت بشكل نسبي في توفير العملة الأجنبية ودعم القطاع المصرفي. 

مقني: الاقتصاد التونسي قد مر بسنوات عجاف، أثناء فترة حكم الإخوان للبلاد وشهد تراجعاً غير مسبوق وفق الأرقام الرسمية المُعلن عنها، كما استفحلت البيروقراطية والفساد داخل المؤسسات

وبحسب الخبير التونسي، فإنّ المعضلة الأهم أمام الحكومة للنفاذ من عنق الأزمة، تتعلق بعامل الوقت، موضحاً أنّ الوضع الراهن يتطلب التحرك بشكل سريع جداً على كافة الأصعدة لإقرار نظام اقتصادي متكامل للنهوض بالقطاعات الوطنية ودعمها وتقليل الاعتماد على الدين الخارجي، مقابل تعزيز قيمة الناتج المحلي.

كيف أفسد الإخوان منظومة الاقتصاد؟

ويضيف مقني أنّ "الاقتصاد التونسي قد مر بسنوات عجاف، أثناء فترة حكم جماعة الإخوان للبلاد وشهد تراجعاً غير مسبوق وفق الأرقام الرسمية المُعلن عنها، كما استفحلت البيروقراطية والفساد داخل المؤسسات، لذلك فإنّ مهمة الإصلاح ليست سهلة أمام الحكومة، وربما تحتاج إلى تحركات سريعة وفائقة السرعة، لكن المؤشرات حتى الآن تعكس جهوداً حثيثة للنهوض بالاقتصاد القومي وهو أمر جيد ويوحي بانفراجة قريبة، إذا ما كللت هذه الجهود بالنجاح". 

يذكر أنّ معدل نمو اقتصاد تونس بلغ (9%) خلال عام 2010 و2011، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو ( 0.15)، ولم يتجاوز النمو حاجز الـ (1.5%) خلال الفترة من 2017 وحتى 2019، قبل أن يسجل انكماشاً بنحو (9%) خلال العام 2020، بحسب بيانات رسمية للبنك الدولي، أوردها تقرير لشبكة "سكاي نيوز".

ارتفعت معدلات البطالة الرسمية من (12%) قبل عام 2010، إلى (18%) بالربع الأخير من 2020

وبحسب التقرير ذاته، ارتفعت معدلات البطالة الرسمية من (12%) قبل عام 2010، إلى (18%) بالربع الأخير من 2020، في الوقت الذي يتوقع وصوله بين الشباب إلى أكثر من (30%).

ومنذ العام 2011، وعلى مدار حكم الإخوان لم تتراجع معدلات البطالة دون (15%) وسط عجز حكومي في خلق فرص عمل جديدة تستوعب العمالة الجديدة سنوياً، ما فاقم أزمة البطالة.

وفي أول عهد الإخوان قفزت البطالة إلى ( 18.3%) في 2011، و(17،3%) في خلال 2012، ثم (16%) في 2013، بحسب بيانات رسمية.

مواضيع ذات صلة:

الاقتصاد التونسي يدفع ضريبة حكم الإخوان

التمويل الخارجي لحركة النهضة الإخوانية تحت مجهر العدالة التونسية.. ما الجديد؟

الاتحاد التونسي للشغل يعلن إضراباً عاماً.. فهل خانه اختيار التوقيت؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية