هل يفك مؤتمر باريس أزمات السودان؟

هل يفك مؤتمر باريس أزمات السودان؟


16/05/2021

غداة تسلم النائب العام في السودان نتائج التحقيقات في مقتل متظاهرين في السودان من رئيس المجلس الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، تكشف عن المتورطين في محاولة لتهدئة الرأي العام الغاضب، طار البرهان ورئيس الحكومة عبد الله حمدوك إلى باريس وبصحبتهما نحو 30 مسؤولاً حكومياً آخر، وذلك بحثاً عن أفق جديدة في حل أزمات السودان. 

ويعلّق مراقبون للمشهد السوداني آمالاً كبيرةً على مؤتمر باريس الذي يُعدّ التجمع الأكبر للدول الصديقة والمانحة من أجل ضخ المساعدات والاستثمارات في السودان، كترجمة فعلية لفوائد رفع الولايات المتحدة للسودان من قوائم الإرهاب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ومن ثم يُعدّ فرصة للترويج للسودان الجديد.

لا تتوقف أهمية المؤتمر على كونه يردّ الاعتبار دولياً للسودان ويسوق لها كـ"سودان ديمقراطي" فقط، لكنه يصبّ مباشرة في تحسين عجلة الاقتصاد

وينطلق المؤتمر غداً على مدار عدة أيام، يتقدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يطمح إلى تعزيز نفوذه في أفريقيا، خصوصاً بعد مزاحمة تركيا لذلك النفوذ ومحاولتها المنافسة، وإن كانت ما زالت غير متكافئة، فيما يُعدّ الفوز بالنفوذ الأكبر في الخرطوم دفعة كبيرة في ميزان القوى في القارة ككل. 

ولا تتوقف أهمية المؤتمر على كونه يردّ الاعتبار دولياً للسودان فقط، ويسوّق لها كـ"سودان ديمقراطي" نسبة إلى عنوان المؤتمر "دعم الانتقال الديمقراطي في السودان"، لكنه يصبّ مباشرة في تحسين عجلة الاقتصاد التي تمثل الأزمة الأبرز داخل السودان. 

إقرأ أيضاً: هذا ما تستفيده السودان بعد رفع اسمها من قوائم الإرهاب

وبحسب وكالة أنباء "رويترز"، فإنّ التضخم قفز إلى أكثر من 340%، مع نقص حاد في كل شيء، من الكهرباء إلى الأدوية.

ولم يشعر المواطنون السودانيون حتى الآن بانعكاس الإصلاحات السياسية على أمورهم المعيشية، وسط أزمات متجددة من ارتفاع للأسعار، إلى أزمة في الكهرباء، وتهديد وشيك للملايين في المياه مع إتمام المرحلة الثانية من ملء سد النهضة الإثيوبي، ما يجعل حالة الغضب في السودان إطاراً عاماً قابلاً للاشتعال في صورة تظاهرات تفاقم الأوضاع بسقوط ضحايا، كما حدث الأسبوع الماضي. 

وكان ناشطون سودانيون قد تظاهروا الثلاثاء الماضي في ذكرى فضّ اعتصام قبل عامين، خلال المطالبة بإسقاط نظام عمر البشير، وذلك للمطالبة بتسريع التحقيقات حول المتورط في مقتل المتظاهرين آنذاك، وإصلاحات سياسية، غير أنّ إطلاق النار على المتظاهرين أسفر عن مقتل 2 وإصابة آخرين، وذلك ما فاقم الأزمة، وأصدرت جهات ودول عدة بيانات تعرب عن قلقها من ذلك التطور السلبي في الأحداث. 

ودفع ذلك السودان إلى الكشف سريعاً عن المتورطين، في محاولة لاستيعاب الغضب الداخلي، ومنع أي صور سلبية أو تأثيرات غير مرغوبة قبل مؤتمر باريس. 

 النائب العام السوداني تاج السر الحبر تسلم نتائج التحقيق النهائية التي قامت بها القيادة العامة للقوات المسلحة، وأثبتت تورط 7 من عناصر الجيش في إطلاق الرصاص على المتظاهرين

وبحسب ما أورده موقع "سودان تربيون"، فإنّ النائب العام السوداني تاج السر الحبر تسلم نتائج التحقيق النهائية التي قامت بها القيادة العامة للقوات المسلحة من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان حول هذه الأحداث، وقد أثبتت التحريات تورّط 7 من عناصر الجيش في إطلاق الرصاص تجاه الشباب العابرين بشارع النيل.

 

وقال وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، في تصريح صحفي أمس: "قمنا بمقابلة القائد العام للجيش، وشهد اللقاء تسليم قيادة القوات المسلحة نتائج التحقيقات للنائب العام"، مشيراً إلى أنّ هذه النتائج شملت 7 متهمين بإطلاق الرصاص و92 مشتبهاً بهم من منسوبي الجيش. 

إقرأ أيضاً: آخر إجراءات السودان في حربه ضدّ الإخوان

وبالتزامن، اتفقت قوى سياسية وجماعات مدنية على إعادة هيكلة وتوسيع قاعدة المشاركة في قوى الحرية والتغيير، وهو الائتلاف الحاكم لفترة الانتقال.

وقال بيان صادر عن حزب الأمّة، بحسب المصدر ذاته: إنّ 20 كياناً سياسياً ومدنياً اتفقوا على "تطوير إعلان قوى الحرّية والتغيير، وتوسيع قاعدة المشاركة فيها وإعادة هيكلتها، والعمل على وحدة جميع قوى الثورة".

أفق مؤتمر باريس 

في غضون ذلك، تضع الحكومة السودانية آمالاً كبيرة في دفع عجلة الاستثمار خلال المؤتمر، وقد جهزت مشاريع عدة لذلك، وقال رئيس الحكومة عبد الله حمدوك: إنّ مؤتمر باريس يهدف لتأكيد عودة السودان القوية والمستحقة إلى المجتمع الدولي.

وقال في تصريحات صحفية نقلتها قناة الحدث اليوم: "نحن ذاهبون إلى باريس لكي نوفر للمستثمرين الأجانب فرص الاستثمار في السودان".

وأضاف: "قبل وصولنا باريس توافقنا على معالجة ديون البنك الدولي وديون بنك التنمية الأفريقي، وفي باريس سنتوافق على معالجة ديون صندوق النقد الدولي، وبالتالي سنبدأ عملية إعفاء الديون، لأنّ السودان وبشهادة صندوق النقد سيكون تأهل تماماً ليستفيد من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (هيبك).

ولفت رئيس الوزراء إلى أنّ مشاركة السودان في مؤتمر باريس ليس لجمع المنح والتبرعات، وإنما لتأكيد عودة البلاد القوية والمستحقة إلى المجتمع الدولي.

وقد كشفت حكومة الانتقال عن إعداد عشرات المشروعات في مختلف المجالات لعرضها في مؤتمر باريس، تشمل عدة قطاعات بينها الطاقة والبنى التحتية، والنقل، والاتصالات، والثروة الحيوانية.

ومن جانبها، أكدت مدير عام الإدارة العامة للتخطيط واقتصاديات الثروة الحيوانية بوزارة الثروة الحيوانية والسمكية، جهاد حجار، اكتمال إعداد 6 مشروعات في مجال الثروة الحيوانية لتقديمها خلال المؤتمر، أكبرها إنشاء مجمع متكامل لصادرات اللحوم الحمراء والمنتجات الحيوانية بتكلفة 700 مليون دولار، بحسب "سودان تربيون".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية