هل يفلت الإخوان من رقابة السلطات الألمانية؟

هل يفلت الإخوان من رقابة السلطات الألمانية؟


25/07/2021

حذر التقرير السنوي للاستخبارات الداخلية بولاية شمال الراين- وستفاليا، التي تعد أكبر الولايات الألمانية في 15 تموز (يوليو) الجاري من وجود منظمة تدعى (المجتمع الإسلامي)، التي تعد أهم ممثلي جماعة الإخوان، وتقوم بأنشطة خاصة بتمويل واستقطاب الشباب للانضمام للجماعة.

كما حذر من جماعة "أنصار الدولية" التي كانت بمثابة حلقة الوصل بين جماعة الإخوان والمتطرفين، وموّلت العديد من الحركات والتنظيمات الجهادية المتطرفة.

حذر تقرير استخباراتي من وجود منظمة تدعى (المجتمع الإسلامي) تعد أهم ممثلي جماعة الإخوان

وكشفت السلطات الأمنية الألمانية وفق وسائل إعلامية تسمى "مسلم انتراكتف" كونها تنتمي لحزب التحرير المحظور المنبثق عن جماعة الإخوان، وأنتجت مقاطع فيديو شديدة الاحترافية، تستغل من خلالها مشاهد ما ادعته بوقائع عنصرية ضد المسلمين، لحشد التأييد وجذب الأعضاء.

من جانبها أكدت مجلة "دير شبيغل" الألمانية أنّ الحركة تستطيع جمع آلاف المتابعين خلفها عبر قنواتها في مواقع التواصل الاجتماعي وهو أمر يقلق السلطات الأمنية.

وفي شباط (فبراير) الماضي صدر تقرير عن الاستخبارات الداخلية في ولاية بادن عن مشروع يحمل اسم "سيرة" يستهدف التأثير على الأطفال والمراهقين في كل أنحاء ألمانيا، من خلال برامج تدريبية ونماذج محاكاة تعمل على نشر التطرف وأفكار حسن البنا بين الأجيال الجديدة للسيطرة عليهم، وهذا البرنامج هو الضلع الثالث في تنظيم محكم يضم منظمتي الشباب المسلم، ومؤتمر الشباب المسلم لزرع الأفكار المتطرفة بين المراهقين.

وقد أصدرت السلطات الأمنية في ألمانيا قراراً بمنع شعار جماعة الإخوان، لكن هل تتخلى الجماعة عن مشروعها في ألمانيا؟

هل يتخلى الإخوان عن شعاراتهم؟

يرى المراقبون أنّ الجماعة في ألمانيا تتحرك بشكل رسمي قانوني عن طريق بعض الكيانات مثل: المجلس المركزي للمسلمين، والمؤسسة الإسلامية، التي تتحكم بنحو 60 مركزاً إسلامياً، وتتحرك بشكل غير رسمي عن طريق جمعيات بعيدة عن هيكلها التنظيمي مثل جمعيات الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

الجماعة مستمرة بالتأطير الديني للأقليات فيما تعتمد في جناح العلاقات العامة على شخصيات غير معروفة تنظيمياً

وتتحرك جماعة الإخوان في ألمانيا أفقياً من خلال الجمعيات التابعة لها، مثل الاتحاد العالمي لطلاب المسلمين، أو رأسياً من خلال توظيف الهجرات.

ومن أبرز المنظمات القريبة من الجماعة، جماعة ميللي جوروس التركية، ذات الروافد الإخوانية، التي تسيطر على قطاعات عريضة من الجالية التركية في ألمانيا، وهي التي اندمجت فيما بعد في إطار كيان جديد أطلق عليه ZENTRALRAT، يترأسه المصري إبراهيم الزيات.

كما يدير الإخوان مركز "الرسالة" بقيادة جعفر عبدالسلام، والجمعية الإسلامية فى ميونيخ، بقيادة أحمد خليفة، والمجلس الأعلى للمسلمين الذي يترأسه نديم محمد عطا إلياس، ومؤسسة "عطاء الخير"، ومنظمة المرأة المسلمة في مدينة "بون".

ورصدت دراسة تحت عنوان "ألمانيا والإخوان المسلمين" عن مركز أبحاث الدراسات الدولية للباحث الألماني جيدو شناينبرغ، سيطرة الإخوان على التجمع الإسلامي في ألمانيا «IGD»، والاتحاد التركي للجمعيات الثقافية الإسلامية في أوروبا «ATIB» واتحاد المراكز الإسلامية الألبانية فى ألمانيا «UIAZD» والجمعية الإسلامية للبوسنيين في ألمانيا «IGBD»، إضافة إلى رابطة الجمعيات الإسلامية الألمانية بالراين ماين «DIV».

غطاء الجماعة السري

وما تزال الجماعة تتحرك في ألمانيا وفق مشروعية قانونية، حيث تتخلى عن مشروعها العالمي ظاهرياً، مع الاحتفاظ بعلاقات داخلية سرية مع التنظيم، وتتحلل من الخطاب الديني القديم، وتعتمد على جيل جديد من الأبناء، وكلهم أوروبيون، ثقافتهم مختلفة عن الجيل المؤسس، والآن يتقدمون في الانتخابات، وأغلبهم في أحزاب اليسار الاشتراكي وأحزاب الخضر، بل ووصلوا للبرلمان، وهم يركزون نشاطهم على خلق تحالفات سياسية بأوروبا تساعد في تنفيذ مشروعهم، سواء في تنظيم الشبيبة الأوروبية، أو التنظيم النسوي.

تتحرك جماعة الإخوان في ألمانيا أفقياً من خلال الجمعيات التابعة لها كالاتحاد العالمي لطلاب المسلمين أو رأسياً عبر توظيف الهجرات

وينقسم الآن عمل الجماعة في ألمانيا إلى تنظيم ميداني (شبكة لامركزية دعوية واجتماعية)، عبر تنظيم تمويلي اقتصادي، وشبكة إعلامية، وتنظيم سياسي علني، يقوده الجيل المؤسس الذي ما يزال له حضور، مثل أحمد الراوي، وأنس التكريني من بريطانيا، وأحمد جاب الله، وأبوبكر عمر، وعمر الأصفر، وفؤاد العلوي من فرنسا، ومصطفى الخراقيو، محمد الخلفي، وشكيب بن مخلوف بالسويد، وأبو شويمة بإيطاليا، وعماد البناني، ومحمد كرموص بسويسرا.

اقرأ أيضاً: ما هي إستراتيجية ألمانيا لمواجهة خطر جماعة الإخوان؟

ووفق بعض المراقبين فإنّ الجماعة مستمرة في التأطير الديني للأقليات عبر المساجد والمراكز الثقافية، فيما تعتمد في جناح العلاقات العامة على شخصيات غير معروفة تنظيمياً، على سبيل المثال فاروق مسهل، عضو ما يعرف باسم المجلس الثوري المصري، وسها الشيخ، ونهال أبو ستيت، ومحمد حمدان، شقيق أسامة حمدان، مسؤول العلاقات الدوليّة في حماس، وهو أحد مؤسسي المجلس النرويجي العام 1993، كمظلة تجمع اليوم 34 مركزاً ومؤسسة إسلامية في النرويج، حيث ينضوي تحت المجلس 9 من جملة أكبر 10 مؤسسات على الساحة الإسلامية العاملة.

ومن أبرز هذه المؤسسات: المركز الثقافي الإسلامي الألباني، والمركز الثقافي الإسلامي، والجمعية الإسلامية المشتركة للبوسنة والهرسك، والرابطة الإسلامية في النرويج، مركز التوفيق الإسلامي، إدارة منهج القرآن، مركز جماعة أهل السنة، وهو من ساهم في شهر آذار (مارس) 2011، للإشراف على إنتاج فيلم "الحرية.. المساواة والإخوان المسلمون" الذي أعده وليد القبيسي.

يطبق التنظيم الآن بألمانيا الفصل بين الدعوة ومؤسسات العمل السياسي، وخطة هيكلية جديدة تعتمد على اللامركزية في العمل

ووفق دراسة للباحث التونسي أحمد نظيف، نشرها مركز المسبار للبحوث والدراسات الاستراتيجية العام 2020، فإن التنظيم انفصم عن رأسه في مصر والدول العربية، وبدأ سياسة التخفيف من الشحنة الإيديولوجية، وانتقال مجموعات من شباب الجماعة الأكثر انفتاحاً على التيارات السياسية الأخرى.

ويطبق التنظيم الآن في ألمانيا الفصل ما بين الدعوة ومؤسسات العمل السياسي، وخطة هيكلية جديدة تعتمد على اللامركزية في العمل، وفق نظرية راشد الغنوشي حول "تشكيل النخبة"، وخلق مجموعات موالية للتنظيم.

مستقبلياً فإن استراتيجيات جماعة الإخوان وأساليبها في ألمانيا يمكن أن تحدّ من الحصار المفروض عليها، لكنها لن تقضي عليها تماماً.

الصفحة الرئيسية