واشنطن عشية الانتخابات في سوريا: لقد ذبح الأسد شعبه

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في سوريا، المزمع إجراؤها منتصف العام الحالي، راوحت أزمة اللجنة الدستورية السورية مكانها، مجدداً، بين المعارضة والنظام في دمشق، دون أيّة إشارات لوجود انفراجة محتملة؛ إذ ضغطت روسيا، الحليف القوي للنظام باتجاه تدشين جولة سادسة من اجتماعات اللجنة الدستوري، نهاية الشهر المقبل، أيار (مايو)، والذي سيتزامن مع بدء الاستحقاق الانتخابي، بينما ما يزال الرئيس السوري، بشار الأسد، (الذي تصفه واشنطن بأنه ذبح شعبه) يصرّ على إجراء الانتخابات وفق دستور عام 2012.

وثيقة أممية لصياغة الدستور في سوريا

بعث المبعوث الأممي، غير بيدرسن، إلى رئيسَي وفدي الحكومة السورية، أحمد الكزبري، و"هيئة التفاوض" المعارضة، هادي البحرة، بوثيقة تحدّد آليات استئناف عمل اللجنة الدستورية، أثناء الجولة السادسة، في جنيف، بهدف الانتهاء من عملية صياغة الدستور.

اقرأ أيضاً: سوريا.. سيناريوهات الانتخابات الرئاسية بعد عقد من الحرب

ويشير المبعوث الأممي في الوثيقة التي حدّد من خلالها خمس خطوات بعنوان "مقترح لمنهجية العمل"، تلتزم بها اللجنة الدستورية في جولتها السادسة، إلى أنّ اللجنة الدستورية قد "تأسست ودعمت بالاتفاق بين الحكومة السورية وهيئة التفاوض، بتسهيل من الأمم المتحدة حول مرجعية العمل وقواعد الإجراءات، بحيث تعمل اللجنة بموجب ذلك واتفاق قواعد السلوك"، وأضاف: "يقدّم الوفد المرشح من الحكومة والوفد المرشح من هيئة التفاوض، قبل توجههما إلى جنيف، المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص على شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور"، كما لفت إلى ضرورة عقد "اجتماعات دورية بينه والكزبري والبحرة، لتعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة".

ومن بين المواد التي وردت في الوثيقة الأممية، والتي انفردت جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية بالحصول على نسخة منها "يسعى كلّ اجتماع للهيئة المصغرة إلى تحديد ما إذا كان هناك اتفاق مؤقت أو بعض عناصر اتفاق مؤقتة فيما يتعلق بالمبدأ الدستوري الأساسي قيد المناقشة، بما في ذلك من خلال قيام الأعضاء باقتراح ومناقشة التعديلات على النص (النصوص المقترحة)"، وتضمنت الوثيقة مقترحاً لافتاً من المبعوث الأممي بخصوص عمل رئيسَي الوفدين للمرحلة التي تعقب الجولة السادسة؛ حيث ذكر بيدرسن أنّه يجب "تحديد مقترحات المبادئ الدستورية المقترح مناقشتها، ويمكن أن يختار الرئيسان بذلك، من خلال اختيار مقترح، نصّاً واحداً من المقترحات المكتوبة المقدمة من كلّ وفد، ويحدّد كلّ طرف الوسائل العملية لعرض المبادئ ومناقشتها بطريقة فعالة والمساعدة السكرتارية، عبر تسجيل النقاط التي تمّ البتّ فيها أو الاتفاق عليها والنقاط التي لم يحصل اتفاق حولها".

أكدت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، ليندا جرينفيلد، أنّ الشعب السوري واجه فظائع لا حصر لها، بما في ذلك الضربات الجوية لنظام الأسد وروسيا

كما تمّ الاتفاق في مسودة الوثيقة "على موعد انعقاد الجولات اللاحقة (بعد الجولة السادسة)، وخطة العمل حتى نهاية 2021، والتنسيق مع المبعوث الأممي لإعلان نتائج كل جولة والعمل المستقبلي للجنة".

معضلة الحكم في سوريا

وبحسب الباحث السوري، المقيم في باريس، الدكتور إبراهيم مسلم، فإنّ المادة الثالثة من مسودة الاتفاق، تضمنت "اختبار الهيئة المصغرة، والتي تضم 45 عضواً من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، لجهة بحث إمكانية حصول اتفاق حول المبدأ الدستوري ومناقشة تعديلات عليه، فيما أشارت تلك المادة إلى أنّ عدم التوصل إلى اتفاق حول مبدأ يجب ألا يحول دون الانتقال إلى المبدأ الدستوري التالي في الاجتماع اللاحق، وإمكانية عودة الهيئة المصغرة إلى هذه المبادئ في الوقت المناسب، على ألا يمنع ذلك الانتقال إلى قضايا أخرى في الجلسات".

وبخصوص النقطة الخامسة في الوثيقة الأممية، فإنّها، حسبما أبلغ مسلم "حفريات":  تتصل "بوجوب عقد اجتماعات ثلاثية دورية بين بيدرسن ورئيسي وفدي الحكومة السورية، و"هيئة التفاوض" المعارضة؛ حيث يجتمعون عشية انعقاد الجولة السادسة، وخلال أيام إجرائها، لجهة تجسير المواقف وتوفيق الآراء بينهم، كما أنّ مقترح المبعوث الأممي قد تضمن نصوص اتفاق عمل رئيسي الوفدين في المرحلة التي تعقب الجولة السادسة، وتتضمن تحديد مقترحات المبادئ الدستورية المقترح مناقشتها، حيث يمكن أن يقوم الرئيسان بذلك من خلال اختيار مقترح نص واحد من المقترحات المكتوبة المقدمة من كلّ وفد".

اقرأ أيضاً: انتخابات رئاسية في سوريا... والمعارضة ترد

ويلفت الباحث السوري إلى أنّه سيقع على عاتق أعضاء اللجنة "تحديد الوسائل العملية لعرض المبادئ ومناقشتها بطريقة فعالة، وذلك من خلال تسجيل النقاط التي تم البت فيها أو الاتفاق عليها، وكذا النقاط التي لم يحصل اتفاق حولها".

لماذا يماطل النظام السوري؟

ومن جهته، يرى الصحفي السوري باز علي بكاري، أنّ هناك مماطلة من نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، بخصوص تعطيل عمل اللجنة الدستورية المتعمد؛ حيث تخرج بلا نتائج في جولاتها الأخيرة، ويضاف إلى ذلك الضغط الروسي المستمر لشلّ عملية صياغة الدستور حتى عشية الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها في حزيران (يونيو) العام الحالي، بهدف شرعنة الانتخابات الرئاسية والعملية السياسية، وذلك في ظلّ الانتقادات والإدانات، المتكررة والتقليدية، من جهات حقوقية ومنظمات أممية، ضدّ ممارسات النظام، على مدار نحو عشرة أعوام، بالإضافة إلى العزلة السياسية لدمشق، بالتالي، هناك حالة إصرار قصوى من روسيا لعمل الانتخابات، وفق دستور عام 2012.

الصحفي السوري باز علي بكاري لـ"حفريات": هناك مماطلة من نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، بخصوص تعطيل عمل اللجنة الدستورية المتعمد

ويلفت علي بكاري، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّه قبل صدور وثيقة المبعوث الأممي، التقى مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين ببشار الأسد، في دمشق، ألكسندر لافرينييف، حيث أكّد الأخير أنّ "أيّ تقدّم في المسار السياسي يتطلّب التزاماً بالمبادئ الأساسية والثوابت التي يتمسك بها السوريون بخصوص مكافحة الإرهاب وحماية وحدة وسلامة الأراضي السورية والتي لا يملك أيّ طرف الحق في التنازل عنها".

بيد أنّ الناطق الرسمي بلسان الخارجية الأمريكية، نيد برايس، قال في أعقاب صدور الوثيقة الأممية، إنّ "رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لم يستعد الشرعية في نظر الإدارة الأمريكية، ولا توجد على الإطلاق فكرة تطبيع لعلاقات الولايات المتحدة مع حكومته"، وشدّد على أنّ سياسة واشنطن نحو دمشق "لم تتغير"، وأردف: "لقد ذبح الأسد شعبه، وانخرط في أعمال عنف عشوائية باستخدام الأسلحة الكيماوية ضدّ شعبه".

كما أوضحت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، ليندا جرينفيلد، أنّ "الشعب السوري واجه فظائع لا حصر لها، بما في ذلك الضربات الجوية لنظام الأسد وروسيا، والإخفاء القسري، ووحشية داعش، والهجمات بالأسلحة الكيماوية".

وتابعت جرينفيلد بأنّ "الفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية على يد نظام الأسد أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الرهيبة، التي تزايدت بفعل التحدي المتمثل في فيروس (كورونا)".