وسط انهيارات اقتصادية غير مسبوقة.. جرحى وأعمال عنف في مختلف محافظات لبنان

وسط انهيارات اقتصادية غير مسبوقة.. جرحى وأعمال عنف في مختلف محافظات لبنان


27/06/2021

على وقع مزيد من التدهور في سعر صرف الليرة أمام الدولار، تجدّدت الاحتجاجات وقطع الطرق في مختلف المناطق اللبنانية، تنديداً بالوضع الاقتصادي المتردي والجمود السياسي الذي تشهده البلاد.

احتجاجات متواصلة

وقام المحتجون بقطع طريق "أوتوستراد الجية" الذي يصل مدينة صيدا والجنوب بالعاصمة بيروت. وفي شمال البلاد، قام عدد من المحتجين بتنظيم تجمّع عند المسلك الغربي لأوتستراد زوق مصبح مقابل كنيسة مار شربل.

وأقدم محتجون غاضبون في طرابلس، شمال لبنان، على اقتحام بنك لبنان وسرايا طرابلس، وأضرموا النيران أمام عدد من المباني الحكومية والمصرفية في المدينة التي شهدت ليلة ساخنة أمس، حيث سقط عدد من الجرحى بعد أن فتح حراس منزل النائب محمد كبارة النار عليهم وفق ما أكدت مصادر "العربية".

أصيب جنديان في الجيش اللبناني جراء إلقاء قنبلة باتجاههم أثناء الاحتجاجات الدائرة في طرابلس

وأطلق مناصرو النائب محمد كبارة، النار على المحتجين أمام منزله في طرابلس، ما أدى إلى إصابة 5 أشخاص بجروح، أمس السبت، فيما أشارت معلومات أولية، إلى أن أحد المصابين في الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح مدناً لبنانية، في حالة خطرة، وفق ما مواقع إخبارية محلية.

كما أصيب جنديان في الجيش اللبناني جراء إلقاء قنبلة باتجاههم أثناء الاحتجاجات الدائرة في طرابلس.

 

استخدم المحتجون حاويات النفايات والعوائق والأحجار في قطع الطرق بالعاصمة بيروت، في حين أقدم عدد من سائقي الحافلات على قطع الطرق شمال مدينة صيدا

 

وقال الشهود إنّ قنبلة صوتية انفجرت بعد إلقائها باتجاه عدد من جنود الجيش المنتشرين في شوارع المدينة التي تشهد احتجاجات شعبية غاضبة وأعمال شغب، ما أسفر عن إصابة جنديين.

كما اقتحم عدد من المحتجين فرع  بنك لبنان في صيدا، حيث فتحوا بوابته الرئيسية ودخلوا إلى باحته الداخلية، ورشقوا أبوابه الحديدية بالحجارة، كما استقدم الجيش تعزيزات لمنعهم من الدخول إلى البنك.

اقرأ أيضاً: كيف يحوك "حزب الله" إيرانية لبنان بإبر المآسي والخضوع؟

وساد توتر كبير في صفوف المحتجين بعدما أقدم الجيش اللبناني على فتح الطرق التي قطعها متظاهرون، وأُصيب عدد منهم بجروح في مدينة صيدا، أكبر مدن محافظة الجنوب.

وفي العاصمة بيروت، قطع المحتجون، الطريق عند مستديرة الجندولين باتجاه السفارة الكويتية، كما قطعوا السير عند ساحة الشهداء محلة مسجد الأمين، وطريق منطقة الجناح، وطريق المدينة الرياضية بالإطارات المشتعلة.

 

وجد قطاع المخابز في لبنان نفسه أمام خطر التوقف عن العمل، بسبب النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيلها مع تصاعد التحذيرات من نفادها

 

وفي البقاع، تم قطع طريق تعلبايا وسعدنايل وشتورا وطريق ضهر البيدر، وسط توتر كبير بين المواطنين.

واستخدم المحتجون حاويات النفايات والعوائق والأحجار في قطع الطرق بالعاصمة بيروت، في حين أقدم عدد من سائقي الحافلات على قطع الطرق شمال مدينة صيدا؛ احتجاجاً على إبقاء محطات الوقود مقفلة، والوقوف طوابير للحصول على البنزين .

انهيارات جديدة في صرف الليرة

وتم تثبيت سعر الدولار عند 1,507 ليرة منذ عام 1997، لكن أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد جعلت العملة الوطنية تنهار في السوق الموازية غير الرسمية.

ساد توتر كبير في صفوف المحتجين بعدما أقدم الجيش اللبناني على فتح الطرق التي قطعها متظاهرون

وقال صرافون، أمس السبت، إنّه تم التداول بالدولار بسعر بين 17,300 و17,500 ليرة في السوق السوداء، في حين أشار البعض على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنّ سعر الدولار وصل إلى 18 ألف ليرة.

ومنذ عام ونصف العام، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلاً عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار القدرة الشرائية.

 

تم تثبيت سعر الدولار عند 1,507 ليرة منذ عام 1997، لكنّ أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد جعلت العملة الوطنية تنهار في السوق الموازية غير الرسمية

 

وتصاعدت أزمة شح الوقود في لبنان خلال الأيام الماضية؛ ما أدى إلى إقفال معظم المحطات أبوابها بسبب نفاد مخزونها من البنزين، في حين يشهد القليل ممّا تبقى من محطات مفتوحة طوابير طويلة من السيارات والدراجات النارية.

أزمة غذائية تطرق الأبواب

وشهدت المحال التجارية إقبالاً كثيفاً من اللبنانيين على شراء المواد الغذائية لتخزينها، في حين أغلقت محلات أخرى أبوابها للحد من خسائرها، في ظل التراجع المستمر لليرة اللبنانية، وسط توقعات بإقدام الحكومة على ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية، وقد بدأت تدريجياً - من دون إعلان رسمي - رفع الدعم عن سلع عدة.

اقرأ أيضاً: نصر الله يتحدى الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي... ماذا فعل؟

ووصلت الأوضاع في لبنان في الأيام الأخيرة إلى مستوى غير مسبوق من التوتر بسبب الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فيما انخفضت القوة الشرائية لدى معظم اللبنانيين، ويعيش أكثر من نصف السكان الآن تحت خط الفقر، كما أنّ هناك نقصاً حاداً في البنزين والأدوية ومنتجات رئيسية أخرى، ويستمر انقطاع الكهرباء معظم ساعات اليوم.

انهارت العملة الوطنية في السوق الموازية غير الرسمية

وكان  رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال في لبنان، حسان دياب، قد وافق أول من أمس، على مقترح لتمويل واردات الوقود بسعر صرف 3900 ليرة للدولار، بدلاً من سعر الصرف السابق الذي يبلغ 1500، في مسعى إلى تخفيف أزمة المحروقات بالبلاد.

وهو الأمر الذي يرى فيه اللبنانيون تكراراً للحلول الترقيعية التي ما فتئت تقدمها الحكومة اللبنانية للمواطنين للتهرّب من المسؤولية عن فشلها في إدارة الأزمة الاقتصادية الحادة.

 

بدأ أصحاب المولدات الخاصة في مناطق لبنانية عدّة، الأربعاء الماضي، بإبلاغ مشتركيهم بالتوقف عن تزويدهم بالتيار الكهربائي نتيجة نفاد مخزونهم من المازوت

 

ويرى محللون وخبراء اقتصاد أنّه من المتوقع أن يؤدي سعر الصرف الأقل، الذي يُقلّص فعلياً دعم الوقود، إلى رفع سعر البنزين للمستهلكين، لكنّه يسمح للحكومة بتوفير إمدادات من الوقود لفترة أطول.

ويربط مسؤولون وخبراء اقتصاد الأزمة الراهنة بعاملين رئيسيين، هما؛ لجوء الكثير من التجّار إلى عمليات التخزين، إضافة إلى انتشار التهريب إلى سوريا؛ إذ تعلن قوى الأمن اللبنانية دورياً عن توقيف متورطين بعمليات تهريب ومداهمة مستودعات تخزن فيها كميات كبيرة من المازوت والبنزين المدعوم.

اقرأ أيضاً: احتجاجات لبنان تصل إلى عتبات الوزارات... تفاصيل

ووجد قطاع المخابز في لبنان نفسه أمام خطر التوقف عن العمل، بسبب النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيلها مع تصاعد التحذيرات من نفادها.

وقال اتحاد نقابات المخابز والأفران، في بيان الجمعة، إنّ "الأفران والمخابز استنفدت كل الاحتياط لديها من مادة المازوت، وما هو متوافر لا يكفي، ما قد يؤثر على الإنتاج، سيما تلك الكبيرة منها التي توزع على كل المناطق اللبنانية".

وأشار كذلك إلى أنّ المطاحن تعاني أيضاً من الأزمة ذاتها، وحذّر "جميع المسؤولين من مغبة عدم استدراك الأمر ومعالجته بشكل عاجل لأنه سيؤدي إلى أزمة خبز قسرياً".

 أزمة الكهرباء تتفاقم أيضاً

وقطاع الكهرباء ليس بعيداً عن الأزمة التي تعيشها لبنان، فقد بدأ أصحاب المولدات الخاصة في مناطق لبنانية عدّة، الأربعاء الماضي، بإبلاغ مشتركيهم بالتوقّف عن تزويدهم بالتيار الكهربائي نتيجة نفاد مخزونهم من المازوت، وسط شحّ في الوقود تشهده البلاد الغارقة في انهيار اقتصادي غير مسبوق.

وبحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية، أدّى نضوب المازوت إلى انقطاع الكهرباء عن مبنى إداري تابع لوزارة الخارجية والمغتربين، وتوقف الموظفين عن العمل، ما أثار امتعاض مواطنين تواجدوا في المبنى لإتمام معاملاتهم.

وتراجعت تدريجياً قدرة مؤسسة كهرباء لبنان الحكومية على توفير التيار الكهربائي، حيث تصل ساعات التقنين يومياً إلى 22 ساعة.

ويواجه لبنان منذ 3 عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية، ما أجبر غالبية المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب المولدات، التي تعوض نقص إمدادات الدولة.

ويقول أغلب المواطنين إنّهم كانوا معتادين على تقنين كهرباء الدولة، والآن يعانون أيضاً من تقنين المولدات الخاصة، وهم لا يعرفون إلى متى سيصمد الطعام في البرادات (الثلاجات)، حيث لم يعد بمقدورهم بعد شراء احتياجاتهم كما في السابق بسبب ارتفاع الأسعار.

ومع عجز السلطات عن إيجاد حلول إنقاذية تضع حداً للأزمة المتمادية، التي صنّفها البنك الدولي الشهر الحالي على أنّها من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، تتجلى أكثر فأكثر تداعيات الانهيار، وتتعالى صرخات قطاعات عدّة محذرة من تداعيات عدم توفّر الوقود.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية