وفاة الشاعر العراقي المتمرد سعدي يوسف بعد صراع مع مرض السرطان

وفاة الشاعر العراقي المتمرد سعدي يوسف بعد صراع مع مرض السرطان


13/06/2021

غيّب الموت صباح اليوم، الشاعر العراقي سعدي يوسف، عن عمر يناهز 87 عاماً بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

وكان الشاعر يرقد في إحدى مستشفيات لندن منذ مطلع نيسان (أبريل) الماضي إثر تدهور حالته الصحية بسبب مضاعفات سرطان الرئة.

ويعدُّ سعدي يوسف، المعروف بكونه أحد الأصوت التي ملأت الوسط الثقافي العربي تجديداً وصخباً وتمرداً، من كبار الشعراء العرب خلال العقود الخمس الماضية وأحد أبرز الأصوات الشعرية في عالم الشعر من حيث التجربة الشعرية وغزارة الإنتاج.

وينتمي سعدي يوسف إلى موجة الشعراء العراقيين التي برزت في أواسط القرن الماضي، وجاءت مباشرة بعد جيل رواد ما عرف بالشعر الحر أو التفعيلة، الذي أطلق على رواد تحديث القصيدة العربية من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي.

عُرف الشاعر بغزارة الإنتاج

نشأة الشاعر المتمرد

ووُلد الشاعر والكاتب والمترجم العراقي في بلدة "أبي الخصيب"، في البصرة عام 1934، قريباً من مكان ولادة شاعر البصرة الشهير بدر شاكر السياب.

 وأنهى الشاعر العراقي دراسته الثانوية، ثم التحق بدار المعلمين العالية ببغداد، حيث حصل عام 1954 على "ليسانس شرف في آداب العربية"، وعمل في التدريس والصحافة الثقافية.

وفي أعقاب الانقلاب الذي قاده حزب البعث في الثامن من شباط (فبراير) عام 1963، أُلقي القبض على سعدي يوسف، ثم أُطلق سراحه قبل ليلة واحدة من انقلاب الناصريين أواخر العام نفسه.

 

ولد الشاعر والكاتب والمترجم العراقي في بلدة "أبي الخصيب"، في البصرة عام 1934، قريباً من مكان ولادة شاعر البصرة الشهر بدر شاكر السياب

 

وذهب إلى طهران ودمشق، ثم إلى الجزائر حيث أقام هناك لأعوام قبل أن يعود الى وطنه بعد انقلاب البعث الثاني في تموز (يوليو) من العام 1968، لكنّ إقامته لم تطل هذه المرة؛ إذ كان الوضع يتدهور وكانت هناك حملة قمع واسعة ضد الشيوعيين وضد كل من يشتبه في معارضتهم للنظام وإن كانوا بعثيين.

وفي غربته الثانية، تنقّل سعدي بين مدن كثيرة مثل بلغراد، نيقوسيا، باريس، بيروت، دمشق، وعدن، قبل أن يستقر أخيراً في لندن، ويحصل على الجنسية البريطانية.

ومنذ صباه، أثارت أشعار يوسف الجدل داخل الأوساط السياسية والثقافية العراقية بانتقاده المستمر لزملائه المثقفين والشعراء، ولخصومه السياسيين.

وفي فترة احتلال الموصل من قبل تنظيم داعش، فجرت إحدى قصائد يوسف "قنبلة" داخل العراق، إذ إنّه انتقد فيها القوات العراقية وخصوصاً قوات الحشد الشعبي ورجال الدين.

 أثارت أشعار يوسف الجدل داخل الأوساط السياسية والثقافية العراقية

الشيوعي الأخير

ودفع الشاعر ثمناً باهظاً بسبب أفكاره وانتمائه اليساري، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، صار يسارياً على طريقته الخاصة، وبات يصف نفسه بـ "الشيوعي الأخير" بحسب عنوان آخر دواوينه، وبشكل خاص بعد اختلافه مع حزبه في الموقف من غزو العراق والتحولات السياسية التي أعقبته.

وعرف الشاعر بغزارة الإنتاج، فقد بلغ عدد دواوينه الشعرية التي نشرها 43 ديواناً على مدار ما يقارب 7 عقود من الزمن، كان أولهم "القرصان" عام 1952 وآخرهم "في البراري حيث البرق" عام 2010 مروراً بـ "الأخضر بن يوسف ومشاغله" عام 1972، و "الشيوعيّ الأخير يدخل الجنّة" عام 1978، وغيرها الكثير.

كما نشر 10 كتب ضمت ترجمات لأشعار كبار الشعراء العالميين، أمثال والت ويتمان ولوركا وكافافي ويانيس ريتسوس.

 

نال الشاعر المتمرد العديد من الجوائز في الشعر، أبرزها جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ  للعام 2005، وجائزة "المتروبولس" في مونتريال في كندا عام 2008، وغيرها

 

وترجم أيضاً نحو 12 رواية لكبار الروائيين الأجانب مثل النيجيري وولي سوينكا والإنجليزي جورج أورويل والياباني كينزابورو أوي.

وفي العام 1994، أصدر سعدي يوسف رواية تحت عنوان "مثلث الدائرة"، وقبلها أصدر مسرحية "عندنا في الأعالي" ومجموعة قصصية قصيرة بعنوان "نافذة في المنزل المغربي" إضافة إلى عدد من اليوميات والنصوص السياسية والأدبية مثل "يوميات الأذى" و "يوميات ما بعد الأذى".

ونال الشاعر المتمرد العديد من الجوائز في الشعر، أبرزها جائزة سلطان بن علي العويس، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية.

كما نال أيضاً  جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ  للعام 2005، وجائزة "المتروبولس" في مونتريال في كندا عام 2008.

يشار إلى أنّ الوسط الثقافي العراقي تناقل طوال الفترة الماضية مناشدات من يوسف للحكومة العراقية لمساعدته في دفع تكلفة العلاج، ما دفع وزير الثقافة العراقي، حسن ناظم، لتقديم طلب لوزارة الخارجية لإرسال السفير العراقي في لندن للاطمئنان على صحة يوسف وتلبية احتياجاته.

لكن طلب الوزير قوبل بانتقادات شديدة من القيادة العراقية، ومنها أن سعدي يوسف لا يستحق الزيارة أو الرعاية الحكومية، وفق ما أورد موقع الحرة.

وعقب الانتقادات، أصدر وزير الثقافة حسن ناظم، "إيضاحاً" انقلب فيه على يوسف، واحتوى انتقادات شديدة للشاعر منها وصف أشعاره بـ"التخاريف" وقال إنّه وصل إلى "أرذل العمر".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية