14 معملاً جديداً.. كيف بات حزب الله من أعمدة تجارة المخدرات بالعالم؟

14 معملاً جديداً.. كيف بات حزب الله من أعمدة تجارة المخدرات بالعالم؟


17/02/2021

كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير حديث سلّط فيه الضوء على قضية المخدرات المنتشرة في عموم الأراضي السورية، عن تنامي هذه الظاهرة، سيما في المناطق التي يُسيطر عليها حزب الله اللبناني والميليشيات السورية الموالية له.

وقال تقرير المرصد الحقوقي إنّ "ظاهرة تصنيع وترويج الحشيش والحبوب المخدرة تتصاعد  في منطقة القلمون الحدودية مع لبنان بريف دمشق"، مشيراً إلى تورّط مسؤولين وعناصر في حزب الله بمشاركة ميليشيات محلية موالية لهم في تأسيس وإدارة معامل لتصنيع هذه المواد التي يتم ترويجها داخل سوريا وخارجها.

اقرأ أيضاً: ضبط شحنة مخدرات تركية في ليبيا... ما علاقة قادة الميليشيات الموالية للوفاق؟

وتحدّث المرصد عن وجود نحو 14 معملاً لتصنيع المخدرات، توزّعت في مناطق ريف دمشق على الشكل التالي: "3 معامل في سرغايا، و2 في كل من رنكوس وعسال الورد، ومعمل واحد في كل من تلفيتا وبخعة والطفيل ومضايا والصبورة"، حيث يتم بيع منتجات تلك المعامل في مناطق تواجدها، فيما يتم تصدير الفائض إلى مختلف الأراضي السورية، والدول العربية المجاورة.

وبات معروفاً أنّ الميليشيا اللبنانية تتخذ من تجارة المخدرات مصدراً لتمويل أنشطتها الإرهابية في المنطقة؛ إذ صدرت عشرات التقارير الإعلامية والأمنية التي تربط بين حزب الله اللبناني وتجارة المخدرات؛ حيث بات أحد أعمدة هذه التجارة على مستوى العالم، ولعلّ شراكته الأخيرة مع النظام السوري جعلت منه واحداً من أكبر مُصنّعي ومُصدّري هذه المواد إلى العالم.

صدرت عشرات التقارير الإعلامية والأمنية التي تربط بين حزب الله اللبناني وتجارة المخدرات، حيث بات أحد أعمدة هذه التجارة على مستوى العالم

وكان "المرصد السوري" قد أشار في 16 من الشهر الماضي، إلى أنّ مادة "الحشيش والحبوب المُخدّرة تتصاعد بين أوساط السوريين داخل البلاد عامة، وبين الشبان والفتيات على وجه الخصوص، حيث باتت شوارع العاصمة دمشق وريفها، وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، تنتشر فيها مادة الحشيش والحبوب المُخدّرة بشكل علني وبأسعار رخيصة، مقارنة بأسعارها في باقي دول العالم، وبات من السهل لأي شخص الحصول عليها من أي مكان يقوم ببيعها بالخفاء وبالعلن قد يكون بقالة أو محلاً تجارياً لبيع الألبسة مثلاً".

البداية من لبنان!

ولا يعد نشاط الحزب هذا وليد اللحظة أو مرتبطاً بالأزمة السورية، رغم أنّ صلته بنظام الأسد مكّنته من توسيع أنشطته الإجرامية؛ إذ إنّ الحزب مسؤول أيضاً عن معظم  مزارع نبتة "القنب" التي تُحضّر منها المخدرات في لبنان، وتعدُّ من أهم موارد حزب الله.

اقرأ أيضاً: آخرها مصنع قرب دمشق.. حزب الله يتورط في تجارة المخدرات

ويسيطر الحزب على مناطق زراعية واسعة في لبنان من شمالها وجنوبها، إضافة إلى وجود سلاح بيد مقاتليه تحت ذريعة "المقاومة"، جعل منه قوة خارج سلطة الدولة، واستغّل ذلك في تأمين حماية مزارعي المخدرات التابعين له؛ فمن المعروف في لبنان أنّ مناطق زراعة المخدرات هي مناطق سيطرة حزب الله ولا يسمح للدولة اللبنانية بالدخول إليها، حتى أنّ حزب الله يقيم مناطق عسكرية فيها للتدريب والتخزين.

ويُعدُّ سهل البقاع الشمالي الخاضع لسيطرة الحزب المكان الأول لزراعة "القنب" المستخدم في تصنيع الحشيش.

وباتت هذه التجارة إساءة للبنان، الذي يُعتبر من أهم الدول المصدّرة لهذه المادة الخطيرة، بفضل حزب الله والمجرمين الذي يأمن حمايتهم.

حزب الله.. أخطبوط للمخدرات في العالم 

ولم تقتصر عمليات تهريب المخدرات على المناطق السورية أو حتى البلدان العربية التي أعلنت ضبط شحنات هائلة من المخدرات، مثل؛ الأردن والسعودية ومصر واليونان وإيطاليا، بل تعداها إلى أمريكا اللاتينية وأوروبا.

يُعدُّ سهل البقاع الشمالي الخاضع لسيطرة الحزب المكان الأول لزراعة (القنب) المستخدم في تصنيع الحشيش

ففي العام 2020، ألقت السلطات الإيطالية القبض على شحنة مخدرات ضخمة، وصل وزنها إلى نحو 14 طناً، وتضم نحو 85 مليون حبة "كبتاغون"، أُخفيت داخل شحنة ورق صناعي في ميناء ساليرنو الإيطالي، وتقدّر قيمتها بنحو 1.2 مليار دولار.

وفي العام نفسه أيضاً، صادرت السلطات اليونانية شحنة كبيرة من حبوب الكبتاغون، قادمة من سوريا وقُدّرت قيمتها حينذاك بأكثر من نصف مليار دولار.

وفي العام 2017، ألقت أجهزة الأمن في الباراغواي القبض على شحنة مشبوهة بالقرب من ميناء تجاري في مدينة أسونسيون، قالت إنّها مرتبطة بالحزب.

وتحدّثت تقارير إعلامية حينها عن امتلاك السطات دليلاً بأنّ الشحنة المشبوهة عائدة لشركة استيراد وتصدير تأسست عام 2017 تحت مسمى "global trading group"، وهي غطاء عالمي لحزب الله، لتمويه تهريب المخدرات وغسل أموالها، وربط الحدث حينها باسمي اللبنانيين "حنان حمدان وناصر عباس بحمد" المرتبطين بحزب الله اللبناني.

وتعتبر دول البرازيل والأورغواي والبارغواي والأرجنتين وفنزويلا، من أكثر الأسواق المفتوحة التي تنشط فيها شركات وهمية تابعة لحزب الله، وتعمل على تمويه عمليات تهريب المخدرات والإتجار بها.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد وضعت اسم "أسعد بركات"، وهو لبناني مقيم في البرازيل على قائمة العقوبات، واصفةً إياه بأنّه "الذراع الأيمن لحسن نصر الله في أمريكا الجنوبية".

في العام 2017، ألقت أجهزة الأمن في الباراغواي القبض على شحنة مشبوهة بالقرب من ميناء تجاري في مدينة أسونسيون، قالت إنّها مرتبطة بالحزب

 

وفي وقت لاحق من العام 2013، قُبض على حمزة علي بركات، وهو شقيق أسعد بركات، بتهمة تأسيس شبكة احتيال وتهريب بصحبة مجموعة من المهربين اللبنانيين.

 كما أُلقي القبض عام 2008 على "نمر زعيتر"، التابع للحزب الإرهابي، بعد محاولته تهريب مادة "الكوكايين" المُخدّرة للولايات المتحدة.

ووفق تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي صدر عام 2008، فإنّ حسن نصر الله قال لأنصاره إنّ "تهريب المخدرات أمر مقبول أخلاقياً عندما يتم بيع المخدرات إلى الغربيين كجزء من الحرب ضد أعداء الإسلام".

كيف يُوزّع الحزب مخدراته؟

ويعتمد حزب الله خطوط تهريب دولية في تجارة المخدرات بعد أن وجد منها مردوداً مالياً قيّماً لخزينته، حيث بنى الحزب مصفوفة متقنة من الأشخاص والمواقع وطرق إيصال البضائع الممنوعة.

ويرى الباحث والخبير في العلاقات الدولية طارق زياد وهبي، في تصريح صحفي، أنّ "الحزب يعتمد على خطين مهمين في تجارته؛ الخط الخليجي عبر البر مروراً من سوريا إلى الأردن ثمّ المملكة العربية السعودية ومنها إلى باقي دول الخليج، وسُمّي (طريق الكبتاغون) لتدمير الشباب الخليجي، والخط الأمريكي الجنوبي الذي يستقدم الكوكايين مروراً بدول أفريقية ومنها إلى مطارات أوروبية، وبموازاة هذين الخطين كان هناك الخط الأفغاني الذي يرعاه مباشرةً الإيرانيين تساندهم بعض الفصائل العراقية، لتسويق هذه البضائع في الخليج والعمل على تصدير بعضها إلى أوروبا".

أكّد أحد التقارير الأمريكية الصادرة عن وزارة الخزانة بالتعاون مع الـ CIA، أنّ الجنرال قاسم سليماني، هو من دعم وعزّز وقوّى استدامة ما سمّاه (الحرب بالمخدرات)

ويلفت وهبي، خلال حديثه، إلى أنّ أحد التقارير الأمريكية الصادرة عن وزارة الخزانة بالتعاون مع الـ CIA، يؤكد أنّ الجنرال "قاسم سليماني"، القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، هو من دعم وعزّز وقوّى استدامة ما سمّاه "الحرب بالمخدرات".

وكان الهيكل التنظيمي الموكل بمهمة هذه الحرب قد استعان بأفراد ومجموعات معظمها خارج عن القانون في لبنان، وقام حزب الله بحمايتها تحت شعار أنّها مصدر مالي غير الأموال الإيرانية التي تُقدّم كموازنة للحزب.

ويؤكد الباحث الدولي أنّ حزب الله استطاع عبر هذه المنظومة أن يحمي الخارجين عن القانون لمصلحة الأموال القادمة من تجارة المخدرات والتي تصبّ في صناديق تعوّضه عن التمويل الإيراني.

ورغم نفي حزب الله على لسان زعيمه "حسن نصر الله" في العديد من المناسبات ضلوع الحزب بتجارة المخدرات، إلّا أنّ الوثائق الدولية لدى أجهزة الأمن بعدة دول أوروبية ولدى الولايات المتحدة الأمريكية التي شكّلت وحدة خاصة لملاحقة تجارة حزب الله بالمخدرات، تؤكّد هذه العلاقة والتجارة المسمومة للحزب دولياً، والتي انضم إليها لاحقاً، وفق تقارير دولية، النظام السوري للحفاظ على آلته العسكرية وتمويل قواته من أجل استمرار السيطرة على البلاد ومنع الانتقال السياسي فيها.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية