2022.. مع تركات العام السابق: نتفاءل أم نتشاءم؟

2022.. مع تركات العام السابق: نتفاءل أم نتشاءم؟


01/01/2022

ينقسم العالم بين التفاؤل والتشاؤم مع استقبال العام الجديد 2022، بين آمال أن يشهد انتعاشة عالمية وحسماً لأزمات عدة نحو السلم، وقلق من أن تنفجر قضايا عديدة كانت حتى نهاية العام 2021 محل تفاوض أو تجميد أو اضطراب لم يرتقِ لمستوى المواجهة. 

مثلا، يأتي الملف النووي الإيراني على قائمة الملفات التي يترقب العالم حسم أحد فصولها، إما لإنجاز التفاوض وعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق ورفع العقوبات عن طهران، وتجميد ملفها النووي؛ أي نجاح مفاوضات فيينا التي تشهد جولتها الثامنة حالياً، أو فشلها، ما يعني دق طبول الحرب.

اقرأ أيضاً: أثار الذعر عالمياً.. كل ما تريد معرفته عن متحور كورونا الجديد "أوميكرون"

حال فشل المفاوضات النووية يتوقع العالم هجوماً إسرائيلياً بضوء أخضر أمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، وأمام رد إيراني نصبح أمام حرب واسعة من المتوقع أن تمتد إلى جبهات عدة.

إذاً، فإنّ مطلع العام يحمل حسماً قد يرجح كفة أحد الفريقين "المتشائمين أو المتفائلين" بالعام الجديد، لكن ذلك لا يعني أنّ الملف النووي أو الصراعات السياسية هي العامل المؤثر الوحيد؛ إذ يعد الاقتصاد وفرص تعافيه وتجاوزه أزمة جائحة كورونا، بل ووضع الجائحة نفسها على رأس تلك العوامل، التي سيؤدي تضافرها إلى الحكم على العام المقبل.

 

حال فشل المفاوضات يتوقع العالم هجوماً إسرائيلياً بضوء أخضر أمريكي على المنشآت النووية الإيرانية

وبخصوص السياسة العالمية وأزماتها، فإلى جانب التوتر أو التهدئة الأمريكية – الإيرانية المنتظرة، ثمة معركة أخرى حمي وطيسها خلال الشهور الأخيرة في 2021، وتنتظر فصلاً أو أكثر في العام 2022، وهي المواجهة الغربية مع روسيا في أوكرانيا.

وحول تلك الأزمة تقول الباحثة في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، مروة أحمد سالم: إنّ أمريكا والناتو اتجها إلى توسيع نطاق نفوذهما في منطقة البحر الأسود. وفي المقابل، حاولت أوكرانيا استغلال هذه المساعي في استقطاب الدعم الغربي في الإقليم لمواجهة روسيا، وكلا الموقفين السابقين يصطدمان بسياسة روسيا التي لا تسمح بالمساس بمصالحها الإقليمية وخاصة من قبل منافسيها.

 

اقرأ أيضاً: تقرير: أفريقيا الأقل حظاً في مواجهة كورونا... وهذه المخاطر المتوقعة

وتضيف الباحثة، في حديثها لـ"حفريات": المؤشرات العسكرية الأخيرة تذهب إلى أنّ روسيا تتجه إلى شن هجوم عسكري ضد أوكرانيا في وقت متوقع أن يكون في أوائل العام 2022 بعدد من القوات ضعف ما كان في العام الماضي، ويكون ذلك خلال تدريبات مفاجئة لروسيا بالقرب من حدود أوكرانيا، بل ومن المتوقع أن تتفوق القوات العسكرية الروسية وعناصرها من الجيش الميداني المشترك الحادي والأربعين وفرقة البنادق الآلية التابعة للحرس الرابع على القوات التقليدية الأوكرانية وتتجاوز كييف في غضون ساعات إذا غزت بتكتيك قتال يعتمد على إجبار القوات الأوكرانية على القتال على جبهات متعددة حتى تستسلم كييف.

وتتابع: على الجانب الآخر، من غير المرجح أن تنخرط الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية أخرى في مواجهة مباشرة مع روسيا حول أوكرانيا، فالناتو ليس لديه العدد الكافي من القوات لإرساله الى هذه المنطقة لمواجهة القوات العسكرية الروسية الضخمة، لذلك لجأت أوكرانيا إلى واشنطن لإيجاد حل. وفي السياق نفسه، فإنّ الرهان الروسي على أنّ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان والعراق يؤشر إلى عدم الرغبة في التدخل العسكري ليس دقيقاً؛ لأنّ الموقف الأمريكى قابل للتغيير، أما بالنسبة لأوكرانيا فهي سوف تستمر بالحملات الإعلامية ضد روسيا والاستعانة بالغرب في أزمتها.

 

باحثة: من غير المرجح أن تنخرط الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى في مواجهة مباشرة مع روسيا بسسبب أوكرانيا

وتوضح سالم أنّ "التصعيد من المتوقع أن يسير وفق سيناريوهين: الأول، هو التصعيد، الذي يستند إلى استمرار الحشود الروسية. والثاني، هو التهدئة، التي بدت مؤشراتها في القمة المغلقة التي انعقدت بين الرئيسين، بوتين وبايدن، وأسفرت عن إجراء اتصالات بين الأطراف المعنية بالأزمة".

جائحة كورونا

يميل المتفائلون إلى الاستناد إلى نتائج عدة أبحاث، وما تعكسه الأرقام حول العالم من أن متحور أوميكرون على الرغم من أنّه واسع الانتشار، لكنه أقل فتكاً، وغير مميت، وأنّه ربما يكون مؤشراً على نهاية وباء كورونا عبر تمحوره لصور أضعف يمكن التعايش معها لتتحول مع الوقت إلى عدوى أقرب بالأنفلونزا الموسمية.

 

اقرأ أيضاً: من أجل الحصول على شهادة التطعيم... حيلة غريبة لتلقي لقاح كورونا

لكن ذلك السيناريو شديد التفاؤل ليس هو ما عقدت عليه التوقعات الرسمية أو التحذيرات المؤسساتية، التي رأت في فيروس كورونا بمتحوراته المفاجئة وغير المتوقعة، والتي قد تخرج أحدها لتنهي فاعلية اللقاحات، أحد أكثر السيناريوهات رعباً في العام الجديد.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية، قبل أسابيع، من أنّ عدد الوفيات من جرّاء كورونا في أوروبا قد يرتفع من 1.5 مليون حالياً إلى 2.2 مليون بحلول آذار (مارس) 2022، إذا بقي الوضع على حاله.

وأضافت أنّها تتوقع "ضغطاً عالياً أو شديداً للغاية في وحدات العناية المركزة في 49 من 53 بلداً بين الآن والأول من آذار (مارس) 2022، مضيفة أنه "يتوقع أن يصل العدد الإجمالي للوفيات المسجلة إلى أكثر من 2.2 مليون بحلول ربيع العام المقبل، استناداً إلى المنحى الحالي"، بحسب ما أورده موقع "سكاي نيوز" آنذاك.

لكن ذلك لا يعني خطأ السيناريو التفائلي بمجمله؛ إذ تلمح تصريحات أخرى للمنظمة عن إمكانيته، معتبرة أنّ المرحلة الحادة من جائحة "كوفيد-19" قد تنتهي في العام الجديد، لكن فيروس كورونا سيبقى حتى بعد ذلك.

 

تعد أفريقيا ودول الشرق الأوسط الأكثر حظاً في العام الجديد، إذ يرتفع معدل النمو في الاقتصاد المُتوقع لها

وقال مدير برامج الطوارئ للمنظمة، مايك رايان، خلال مؤتمر صحفي في 29 كانون الأول (ديسمبر) 2021: "المرحلة الحادة من الجائحة يمكن أن تنتهي في 2022، لكن الفيروس لن يرحل"، بحسب موقع "روسيا اليوم".

ويظل واحداً من أبرز التحديات الخاصة بالوباء في العام الجديد، ذاك الخاص بالقدرة على توفير اللقاحات للدول الفقيرة، والتي تعد الموطن الأول لظهور العديد من متحورات فيروس كورونا.

ووفقاً للمجلس الأطلسي، وهي مؤسسة بحثية دولية مرموقة، فإنّ الافتقار إلى لقاح كورونا في البلدان النامية إلى ظهور أنواع جديدة من التحورات من المحتمل أن تكون أكثر عدوى وفتاكة وتؤذي اقتصاد العالم، بحسب ما أورده موقع العربية.

الاقتصاد

أما فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية حول العالم، فإنها لا ترتفع كثيراً، بل تظل مقيدة باعتبارات عدة، في المقدمة فيروس كورونا، ومنها أيضاً ارتفاع أسعار الطاقة وأزمة عالمية في الشحن، وغيرها.

ويتوقع البنك الدولي مثلاً مستوى نمو عالمي في 2022، بنحو 4.3 فقط، وهو معدل نمو منخفض مقارنة بالعام 2021 الذي توقع فيه البنك معدل نمو 5.6.

يقول البنك عبر موقعه الرسمي، إنّه بحلول العام 2022، لن تُعوض الخسائر التي شهدها نصيب الفرد من الدخل خلال العام الماضي بشكل كامل في حوالي ثلثي اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية. وما تزال التوقعات العالمية عرضة لمخاطر نزولية كبيرة، بما في ذلك احتمال تفشي موجات جديدة من فيروس كورونا والضغوط المالية في ظل ارتفاع مستويات الديون في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية. وسوف يكون لزاماً على واضعي السياسات تحقيق التوازن بين الحاجة إلى دعم الانتعاش والمحافظة على استقرار الأسعار واستدامة المالية العامة، وأن يواصلوا الجهود الرامية إلى تعزيز الإصلاحات المعززة للنمو.

 

يظل واحداً من أبرز التحديات الخاصة بالوباء في العام الجديد، ذاك الخاص بالقدرة على توفير اللقاحات للدول الفقيرة

ويشير البنك إلى أنّه يتوقع لشرق آسيا والمحيط الهادئ أن تتسارع وتيرة النمو في المنطقة بنسبة 7.7% عام 2021 و5.3% في 2022. ولأوروبا وآسيا الوسطى، من المتوقع نمو اقتصاد المنطقة بنسبة 3.9% هذا العام و3.9% في العام الجديد.

أما أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي: من المتوقع نمو النشاط الاقتصادي للمنطقة بنسبة 5.2% عام 2021 و2.9% العام الجديد.

وتعد أفريقيا ودول الشرق الأوسط الأكثر حظاً في العام الجديد؛ إذ يرتفع معدل النمو في الاقتصاد المُتوقع لها من 2.4% في العام 2021 إلى  و3.5% العام 2022.

ويتابع البنك توقعاته، وبخصوص جنوب آسيا، من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في المنطقة بنسبة 6.8% عام 2021 و6.8% في 2022.  وأفريقيا جنوب الصحراء، من المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في المنطقة بنسبة 2.8% عام 2021 و3.3% في 2022.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية