7 أسباب تثير مخاوف الغرب بعد عودة طالبان

7 أسباب تثير مخاوف الغرب بعد عودة طالبان


06/09/2021

ترجمة: علي نوار

مع عودة حركة طالبان لسُدّة الحُكم في أفغانستان، بعد عقدين من الحرب شهدت مزيجاً من حرب العصابات وأساليب الإرهاب، تنشأ أسباب ذات حيثية للتكهّن بظهور بؤرة الإرهاب العالمي من جديد في أفغانستان وباكستان، حيث كانت موجودة بالفعل في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وحتى 2011، عندما انتقلت إلى سوريا والعراق، بين عامَي 2012 و2020، كما أنّ هُناك دوافع معقولة للتنبّؤ بالترويج لعمليات نشر الفكر الأصولي وتجنيد الإرهابيين، على خلفية النجاح الذي حقّقته طالبان، فضلاً عن التخوّفات من اجترار التهديد الذي يمثّله تنظيم القاعدة من منظور جديد في أفغانستان على المدى القريب والمتوسّط.

والحقيقة أنّ هناك سبعة أسباب وجيهة تدفع دول غرب أوروبا والولايات المتحدة على وجه الخصوص للشعور بالقلق حيال وصول طالبان للحُكم في أفغانستان.

العلاقة مع القاعدة

1- علاقات طالبان الوثيقة والثابتة في أفغانستان بتنظيم القاعدة منذ منتصف التسعينيات.

سمحت طالبان، إبّان فترة حُكمها للمرّة الأولى لأفغانستان، بين عامَي 1996 و2001، لتنظيم القاعدة، الذي قدّم عناصره الدّعم للحركة في عملية سيطرتها على الحكم، بامتلاك عدد غير هيّن من المُنشآت لإيواء وتدريب الإرهابيين، سواء من المحلّيين أو الأجانب الوافدين من الخارج، لا سيما من دول إسلامية أو غربية.

وعلى مدار الأعوام الـ 20 الأخيرة، حافظ طالبان بعد إبعادها عن السُلطة وتحوّلها إلى جماعة متمرّدة مُسلّحة على علاقات طيّبة مع القاعدة، وارتكزت هذه العلاقة إلى أسس عِدّة، في مُقدّمتها إسهامات القاعدة لصالح طالبان، وكذلك الأواصر المُختلفة التي انتقلت من جيل إلى جيل لكنّها حافظت على جوهرها الرئيس الذي يُضفي مشروعية دينية على العُنف والإرهاب.

ففي آب (أغسطس) 2021، حين دخل مقاتلو طالبان مُظفّرين إلى كابول وعلى أهبة الاستعداد لإعلان قيام إمارة إسلامية في أفغانستان، كان لدى القاعدة مئات المقاتلين الموالين لها، بما في ذلك إرهابيون أجانب، يلعبون دور حلفاء طالبان في نصف ولايات أفغانستان تقريباً، خاصّة في المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد، وبطول الأجزاء المُتاخمة لباكستان. ومن بين هؤلاء المقاتلين يبرز عناصر فرع تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، الذي تأسّس عام 2014 على يد مُقاتلين من باكستان.

2- وجود القيادة المركزية للقاعدة منذ 2002 في المناطق القبلية من باكستان بالقرب من أفغانستان وتحت حماية حركة طالبان الباكستانية.

يُمكن التنبّؤ بعودة القاعدة للهيكل المركزي كتنظيم، بحيث تتحوّل إلى مرجعية لعمليات نشر الأفكار الأصولية وتجنيد المجاهدين خاصّة في أوروبا الغربية

تشترك حركة طالبان الباكستانية مع قرينتها الأفغانية في الجذور نفسها، كجماعة إسلاموية متشدّدة ينحدر أعضاؤها من عرق البشتون، وتجمعهما أيضاً المواقف والمُعتقدات ذاتها، وتبنّي المنهج المحلّي نفسه للسلفية الجهادية، المخلوطة في الحالتين بالتقاليد القبليّة؛ لذلك فإنّ العلاقات بين الحركتين عبر الحدود الأفغانية الباكستانية قويّة ووثيقة، رُغم بعض فترات الخلاف الوجيزة، لكن في نهاية المطاف فإنّ طالبان الباكستانية قدّمت دعماً هائلاً لشقيقتها الأفغانية طوال 20 عاماً، إضافة إلى تأمين الحماية للقيادة المركزية لتنظيم القاعدة.

بل حين اضطرّت القاعدة لإعادة الانتشار في مناطق قبليّة بباكستان تقع على الحدود مع أفغانستان تحت وطأة العمليّات العسكريّة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، فعلت ذلك في مناطق كانت تخضع لسيطرة طالبان الباكستانية، وبدعم من الاستخبارات الباكستانية أيضاً.

اقرأ أيضاً: طالبان سيطرت على أفغانستان فهل تستطيع الاحتفاظ بالحكم؟

ومُنذ ذلك الوقت، استمرّ وجود القيادة المركزية للقاعدة، بزعيمها والأعضاء البارزين والهيئة الاستشارية ومسؤولي بعض اللجان المُتخصّصة، على الأراضي الباكستانية، الدولة التي تمتلك سلاحاً نووياً، والتي لطالما اعتبرت القيادة العسكرية فيها حركة طالبان الأداة الأكثر فعالية لتحقيق مصالحها وتطلّعاتها في أفغانستان، التي استمرّ تنظيم القاعدة في تثبيت أركانه فيها، واللجوء في العقدين الماضيين إلى إيران في إطار التعاون التكتيكي الذي أبقت سلطات طهران عليه مع قيادات القاعدة.

على أيّ حال، ورغم تراجع قوام القيادة العُليا في تنظيم القاعدة وانهيارها خلال العشرين عاماً الأخيرة، لا سيما بين عامَي 2005 و2011، نتيجة القضاء على أبرز رموزها بهجمات صاروخية شنّتها أجهزة مكافحة الإرهاب الأمريكية، إلّا أنّها استطاعت البقاء في باكستان بفضل حماية طالبان الباكستانية وعلى الجانب الآخر من الحدود في أفغانستان تحت لواء طالبان الأفغانية.

مُنظّمات إرهابية نشطة في جنوب آسيا

3- علاقات طالبان الأفغانية تتجاوز القاعدة لتمتدّ إلى مُنظّمات إرهابية أخرى نشطة في جنوب آسيا.

خلال الأعوام الخمسة التي سبقت اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر)، وأثناء فترة حُكم طالبان الأولى لأفغانستان، قدّمت الحركة المأوى ليس فقط للقاعدة، بل لمجموعة من التّنظيمات الإرهابية التابعة للقاعدة، وقد أشارت الأخيرة على طالبان بالسماح بإنشاء مُعسكرات تدريب لتلك الجماعات في الداخل الأفغاني.

وبعد مرور 20 عاماً، لم يعد لبعض تلك الجماعات أيّ ولاء للقاعدة، أو تعمل تحت إمرتها، خاصة في المناطق التي يعمل فيها التنظيم بشكل لا مركزي من أجل التأقلم والبقاء، مثل: سوريا وجنوب شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي والمغرب ودول الساحل.

اقرأ أيضاً: من العداء إلى التحالف... المراحل التي مرت بها علاقة طالبان بإيران

على أنّ أهمّ المُنظّمات الإرهابية التي نجحت في البقاء على قيد الحياة هي "شبكة حقاني"؛ التي أضحت مكوّناً رئيساً بين الجماعات الأفغانية المُسلّحة، وتعمل كحلقة وصل بين حركة طالبان والقيادة المركزية للقاعدة، وما تزال هناك جماعات أخرى نشطة، مثل: الحركة الإسلامية في أوزبكستان، والحركة الإسلامية في تركستان الشرقية، وجميعها تعمل بالتعاون مع طالبان في شمال وشمال غرب أفغانستان.

كما أنّ طالبان الأفغانية لها صلات أيضاً بجماعة لشكر طيبة الإرهابية، التابعة للقاعدة، والتي تحصل على الدعم من أجهزة الاستخبارات الباكستانية لكنّ نطاق عملياتها يتركّز، خلافاً للحركات السابق ذكرها، في الأراضي الهندية.

أهمّ المُنظّمات الإرهابية التي نجحت في البقاء هي "شبكة حقاني"؛ التي أضحت مكوّناً رئيساً بين الجماعات الأفغانية المُسلّحة، وتصل طالبان بالقيادة المركزية للقاعدة

4- توافر مساحة آمنة للقاعدة والجماعات الموالية لها في أفغانستان وباكستان لشنّ هجمات خارج المنطقة.

يختلف المشهد الداخلي والدولي لفترة حُكم طالبان الثانية في أفغانستان عن المرحلة الأولى قبل نحو رُبع قرن؛ فليس من المعلوم بعد ما إذا كانت قطاعات من المُجتمع الأفغاني الرافضة لطالبان ستستطيع التأثير على قرارات الأخيرة بشأن القاعدة وروافدها في المنطقة. على الرُغم أنّ المنافسة مع التّنظيم الغريم الدولة الإسلامية، الذي يتركّز نشاطه من الهجمات الدامية في أفغانستان على كابول وجلال أباد، لا تبدو متكافئة؛ نظراً لأنّ عدد عناصر طالبان أكبر بما يتراوح بين 40 إلى 50 ضعفاً.

وإضافة إلى ما سبق، فإنّ الوقت وحده سيكشف عمّا إذا كان وصول طالبان للُحكم سينتج عنه تدهور في علاقاتها مع القاعدة بغية الحصول على الاعتراف الدولي وإبرام اتفاقات مع دول ذات تأثير جيوسياسي في جنوب آسيا وجذب المُساعدات الاقتصادية من الخارج لتسهيل إدارة دولة فقيرة مثل أفغانستان.

بيد أنّه لا توجد مؤشّرات على تصدّع في العلاقة بين طالبان والقاعدة، خاصّة مع منح التنظيم الإرهاب أولويته منذ 2013، لإعادة بناء نفسه على أساس لا مركزي بحيث يُعزّز وجوده ونفوذه في مناطق من العالم تسكُنها أغلبية من المسلمين وتُعاني من انعدام الاستقرار، وهي الإستراتيجية التي أدّت لدعم طالبان وأتت بثمارها، رُغم أنّ ذلك أدّى لتأجيل القاعدة لأهدافها بشنّ هجمات في دول غربية.

وحتّى مع صعوبة حصول القاعدة على مأوى مشابه لما قبل 11 سبتمبر، يظلّ من المتوقّع، مع عودة طالبان للحُكم واستمرار الأواصر مع طالبان باكستان، استمرار وجود قيادات القاعدة البارزين في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان، وفي بيئة مواتية للتخطيط لهجمات خارج الإقليم، سواء عن طريق أعضاء القاعدة نفسها أو فروعها الإقليمية، وفق المنطقة التي تقع بها أهداف التنظيم الذي أسّسه أسامة بن لادن، وبالتعاون مع مُنظّمات حليفة مُتخصّصة في تهريب المُعدّات والأفراد بين الدول.

التدبير لهجمات في غرب أوروبا

5- تورّط القاعدة والتنظيمات الموالية لها المنتشرة بجنوب آسيا بالفعل في التدبير لهجمات في غرب أوروبا.

قبل 11 سبتمبر، ومنذ معقلها في أفغانستان، أطلق زعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، عام 1996، تهديداته ضدّ الولايات المتحدة وحلفائها، وأمر بن لادن بشنّ هجمات في مدن أوروبية، مثل ستراسبورج وباريس، لكن تمّ وأد هذه الاعتداءات في الوقت المناسب بفضل جهود أجهزة مُكافحة الإرهاب.

اقرأ أيضاً: طالبان توجه رسالة إلى العالم حول نساء أفغانستان... فماذا قالت؟

إلّا أنّ القائمين على العمليات الخارجية في القاعدة، خلال العقد التالي لـ 11 سبتمبر، نجحوا في تنفيذ مذابح 11 آذار (مارس) 2004 بمدريد، والسابع من تموز (يوليو) 2005 في لندن، وقد أمكن التخطيط للهجوم الأول بالتعاون مع الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية، والثاني بالتعاون مع تنظيم حركة المجاهدين الإرهابي الباكستاني.

لاحقاً، وبالتعاون مع تنظيم جيش محمد الجهادي الباكستاني وحركة الاتحاد من أجل الجهاد الإسلامي، ذات الأصول الأوزبكية، وطالبان الباكستانية، شنّت القاعدة عدّة محاولات فاشلة لتنفيذ هجمات في 2006 ضدّ طائرات أثناء إقلاعها من مطار هيثرو نحو مطارات أمريكية، وفي 2007 حاولت ضرب أهداف مدنية وعسكرية بألمانيا، ثم مترو أنفاق برشلونة في 2008.

التجنيد ونشر الفكر الأصولي في الغرب

6- تأثير بؤرة تهديد إرهابي جديدة في أفغانستان من حيث التجنيد ونشر الفكر الأصولي في الغرب.

إثر اندحار تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، عام 2019ـ بعد خمسة أعوام من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق، من شأن عودة طالبان للحكم في أفغانستان أن تعطي قُبلة الحياة من جديد للحركات الجهادية العالمية، خاصّة القاعدة، ورُغم أنّ دعاية الدولة الإسلامية تتّهم طالبان الأفغانية وحلفاءها بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية كما يجب، وبالابتعاد عن أُمّة الإسلام، نتيجة السعي وراء السلطة داخل أراضٍ رسم الغرب حدودها، إلّا أنّ نجاح طالبان سيضيف زخماً جديداً، وربّما يكون حُجّة لشباب مُسلمين يعتنقون الفكر الجهادي حول جدوى الجهاد العالمي والنّصر الموعود من الله لمن يُقاتلون في سبيله.

ومن المُحتمل أن تستفيد القاعدة، على المدى القريب، من تغيّر الولاء من قبل بعض الأفراد المؤمنين بفكر السلفية الجهادية لكنّهم ينخرطون في صفوف الدولة الإسلامية، كما يُمكن التنبّؤ بعودة القاعدة للهيكل المركزي كتنظيم، بحيث تتحوّل إلى مرجعية لعمليات نشر الأفكار الأصولية وتجنيد المجاهدين خاصّة في أوروبا الغربية، وقد كانت الأخيرة مصدراً للمقاتلين الأجانب من الشباب الذين ينحدرون من أصول مهاجرة من بُلدان إسلامية والذين انضمّوا لتنظيم الدولة الإسلامية على مدار الأعوام الماضية، وبشكل يفوق هؤلاء الذين وفدوا من الولايات المتحدة.

7- مخاوف من تسارع وتيرة الهجمات الإرهابية المُدبّرة من أفغانستان على غرب أوروبا خصوصاً.

اقرأ أيضاً: هل سيطرت طالبان على آخر معاقل المعارضة في أفغانستان؟

من المُحتمل أن يكون الأمر مسألة وقت فحسب، قبل أن تتعرّض دولة في غرب أوروبا لضربة إرهابية تُنفّذ من أفغانستان أو المنطقة الحدودية بين الأخيرة وباكستان، والتي ستكون أكثر ملاءمة لأنشطة القاعدة، مع وجود طالبان في الحكم واهتمام قيادات القاعدة باستهداف الغرب، بعد إعطائهم الأولوية على مدار تسعة أعوام لإعادة تنظيم صفوف الحركة كبنية تحتية للجهاد العالمي والتوسّع في أقاليم مختلفة، مثل: أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.

بالتالي، ستضطّر الدول الغربية بشكل عام، وبُلدان غرب أوروبا بشكل خاص، خلال العقد المقبل، إلى التعاطي مع تهديد مزدوج؛ الدولة الإسلامية المتهاوية والقاعدة الصاعدة من جديد، وسيحثّ التنظيمان أنصارهما على شنّ هجمات في الدول المذكورة بطريقة الذئاب المنفردة، أو حتى الخلايا المتأثّرة بالسلفية الجهادية؛ الفكر المُشترك بين الدولة الإسلامية والقاعدة.

اقرأ أيضاً: أمريكا و"طالبان" والإرهاب ... مواجهة أم شراكة

أمّا حين يتعلّق الأمر بهجمات مُعقّدة أو نوعية أو شديدة الفتك، فستكون القاعدة في وضعية أفضل مقارنة بالدولة الإسلامية، نظراً لوجود طالبان في سُدّة الحكم بأفغانستان، وتبدو أوروبا فريسة أسهل للهجمات المُحتملة، بسبب قًربها الجُغرافي حتى مع تركيز خطاب القاعدة دائماً على معاداة الولايات المتحدة الأبعد مكانياً.

ويُدرك زعماء القاعدة أنّ منافذ الدخول إلى الأراضي الأمريكية أصعب بكثير من نظيرتها الأوروبية، لا سيما مع وجود تنسيق وتكامل بين أجهزة مكافحة الإرهاب المختلفة في الولايات المتحدة، علاوة على القُدرات العسكرية الهائلة لواشنطن، في المقابل؛ يغيب التنسيق بين أجهزة مكافحة الإرهاب في الدول الأوروبية، فضلاً عن عدم وجود آلية تحرّك عسكري أوروبي سريعة وناجزة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

https://bit.ly/3tbReSV



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية