الإخوان المسلمون إذ يسقطون قداستهم المزعومة بأيديهم

الإخوان المسلمون إذ يسقطون قداستهم المزعومة بأيديهم


07/03/2018

كرّس الإخواني، على مدى عشرات الأعوام، صورته كرجل الدين ذي اللحية الكثة، والخطاب المتّزن، وظِلّ الربّ وخليفته على الأرض، المنزّه عن الوقوع في المعاصي والخطايا، نموذجاً يحتذى في الخلق، المعلم الأول في التربية، جامع الأخلاق العظيمة، وإلى جانب هذا كلّه؛ يحظى بريادة اجتماعية، يعيشها الكادر والعضو الإخواني في محيطه ودائرته الاجتماعية، مجسداً شخصية "المصلح" الاجتماعي حيناً، و"المختار" حيناً آخر، يعطف على الفقراء، لا تدري شماله ما أنفقت يمينه، نصير الأيتام والفقراء والمحتاجين.

هذه الصور، وغيرها من الصور المثالية للشخصية الإخوانية، بهيئتها وخطابها وسلوكها، المرتبطة بمرجعية أخلاقية عالية، مستمدَّة من المقدس الديني، حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من هذا المقدس، غير القابل لوضعه على مشرحة الفحص، أضحت اليوم في ظلّ انكشاف الإسلام السياسي وأطروحاته ومقارباته، تتعرض بأمثلة واقعية على أيدي قادة وكوادر الإخوان المسلمين أنفسهم للتهشيم، ونزع تلك القداسة، ولسان حالهم يقول إنّهم ينزلون، رويداً رويداً، عن الشجرة، تاركين القداسة للنص المقدس، معلنين أنّهم منفصلون عنه، لسان حالهم يقول إنّنا بشر ولسنا منزّهين، نرتكب الأخطاء، ونقترف الجرائم التي تتعارض مع ما نقوله وما نردده؛ من اغتصاب النساء، وتجارة وتهريب المخدرات، تلك التي نقول إنّها الآفة التي تدمّر المجتمعات والأفراد، وربما نتوقف عن اتهام الكفار بأنّهم سبب يفشون المخدرات بين مجتمعات المسلمين، لتخريب الأمة وحرفها عن ثوابتها وأخلاقها الحميدة، وأنّ هؤلاء الكفار يتعاونون مع السلطات الحاكمة بغير ما أنزل الله.

كرّس الإخواني على مدى عشرات الأعوام صورته كرجل الدين المنزّه عن الوقوع في المعاصي والخطايا

دفق من القضايا الصادمة حملتها وسائل إعلامية خلال الأسابيع الماضية، تلك الوسائل ذاتها التي تحمل أفكار الإخوان المتطرفة، وصورهم، المختلطة عن قصد مع قداسة النصوص الدينية، في إطار تنافس أحياناً مع داعش والقاعدة، وتعاون في أحيان كثيرة؛ حيث تم الكشف عن قضايا عدة صدمت عوام المسلمين، المصدّقين بأنّ شيوخ الإخوان لا يأتيهم الباطل من الاتجاهات الستّ، ولا يلامون في ذلك، فمن يصدّق أنّ داعية إخواني يصعد المنابر ليحذّر المسلمين من الزنا، يمارس الاغتصاب، وداعية آخر يحدثهم عن المخدرات وحرمة تعاطيها والتجارة بها، يلقى القبض عليه مهرباً للمخدرات، وثالثة تدعو المسلمات للالتزام بالعفة وطاعة الوالدين وحرمة الخروج على ولي الأمر. وشيخ جليل يصدح بصوت جهوري، ممزوج بدموع الإيمان ليل نهار، أنّ جسدك أمانة ستحاسب عليه، وحرمة الانتحار وإلقاء النفس إلى التهلكة، خلافاً لما أمر الله، وبعد أيام يظهر ابنه الإخواني في فيديو لداعش، مهدداً أرواح وأعراض المسلمين.

هشم الإسلام السياسي صورة الإخواني الذي حاول إضفاء قداسة عليها باعتباره ظِلّ الربّ وخليفة الله في الأرض

ففي الوقت الذي ينظر فيه اليوم القضاء الفرنسي في قضايا "اغتصاب" جذبت "أوروبا والمسلمين في الشرق، المتهم فيها قيادي من الإخوان المسلمين، وداعية إسلامي، طارق رمضان، حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين "الشيخ حسن ألبنا"؛ حيث تشير الدلائل التي تمّ الإعلان عن جزء من جوانبها، أنّها تكاد تكون مؤكدة، وليس فيها ما يمكن أن يقال إنّها "مؤامرة " ضدّ الرجل؛ إذ إنّ المغتصبات ليست امرأة واحدة؛ بل عدة نساء، ثم تناقض أقواله في التحقيقات بين أماكن ومواقيت تنقّله في المدن الأوروبية، وبالتزامن يظهر عضو إخواني في فيديو بثّه تنظيم داعش "عمر الديب"، وهو ابن أحد قادة الإخوان المسلمين في مصر.

ولم يفت الإخوان تفتيت وكسر صورهم المقدسة؛ حيث تمّ إلقاء القبض على أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، بحوزته حبوب مخدرة، حاول تهريبها إلى مصر.

انضمام كوادر من الإخوان المسلمين إلى داعش والقاعدة، تبدو واقعية في ظلّ انشقاقات الجماعة وخلافاتهم

ربّما يجادل كثيرون حول أنّ الحوادث المذكورة فردية، ولا تشكل ظاهرة بالمفهوم العلمي للظاهرة، غير أنّ مؤشرات كثيرة تقول إنّ القصص المذكورة ما هي إلّا رأس جبل الجليد، وأنّ المخفيَّ في سلوكيات الإخوان أكثر من ذلك بكثير، فتهريب المخدرات، وفق الخبراء، لا يكون بحالات فردية، وربما فيما تكشفه وسائل إعلام حول إمبراطورية المخدرات لدى حزب الله ما يؤكّد ذلك. كما أنّ انضمام كوادر وقواعد من الإخوان المسلمين إلى داعش والقاعدة، تبدو واقعية في ظلّ انشقاقات الإخوان المسلمين، وخلافاتهم حول استخدام السلاح ووجود تيارات تكفيرية في أوساطهم، غير أنّ الأهم من هذا كلّه، التساؤلات التي تطرح اليوم على نطاق واسع حول العناصر، والقيادات المختفية من الإخوان المسلمين، والمؤكّد أنّها ليست معتقلة لدى السلطات المصرية، وهل دخل الإخوان في الجريمة المنظمة العالمية، وربّما لا نفاجأ بانضمام إخوان مسلمين جدد إلى داعش والقاعدة؛ بل بالانضمام إلى عصابات المخدرات والقتل في كولومبيا.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية