أردوغان يوقّع نهاية "النموذج التركي"

أردوغان يوقّع نهاية "النموذج التركي"


كاتب ومترجم جزائري
24/04/2018

بين جِدالين مع القادة الأوروبيين، يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يسعى إلى تعزيز سلطته محلياً، التقرّب من المملكة العربية السعودية وروسيا.

إعادة التركيز والتوجيه السياسي تشهد على الوضع الحساس الذي تعيشه تركيا في بيئتها الإقليمية؛ فالزمن الذي كانت فيه كواحدة من أكبر المستفيدين من "الربيع العربي" قد انتهى.

تعديل السياسة الخارجية بمقتضى تطور الصراع

منذ عام 2014، تحاول تركيا، بقيادة رجب طيب أردوغان، تعديل سياستها الخارجية في ضوء تطور الصراع السوري، لكن أيضاً بسبب وضعها الداخلي؛ ففي زمن "الربيع العربي"، عام 2011، كانت التجربة غير المسبوقة لحزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP)، وهو تشكلية من المحافظين الإسلاميين في السلطة منذ عام 2002، مثالاً ديمقراطياً للمنطقة، وقد ساعدت سياسة حسن الجوار التي نفّذها وزير الخارجية، أحمد داود أوغلو، وديناميكية الاقتصاد الناشئ، في إعطاء صورة إيجابية عن هذا البلد الشرق أوسطي.

منذ عام 2014 تحاول تركيا، بقيادة أردوغان تعديل سياستها الخارجية في ضوء تطور الصراع السوري

قربها من الإسلاميين يشوّهها

لكنّ وضع أنقرة الغامض تجاه الحركات الجهادية في الأزمة السورية، وقربها من الحكومات الإسلامية التي ولدت من التحولات السياسية -المتنازَع عليها- في مصر وتونس، وأخيراً القمع العنيف، في ربيع عام 2013، للاحتجاجات الشعبية المعارضة لتدميرِ حديقة جيزي في إسطنبول، سرعان ما شوّه نجمها الساطع، واعتباراً من عام 2015 ، وجدت تركيا نفسها في مواجهة التدخّل الروسي المباشر في الصراع السوري، في الوقت الذي كانت فيه قوات حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وهي تشكيلة كرديّة سورية تنتمي إلى حزب العمال الكردستاني، تحتل بامتياز وبدعم من الغربيين، مكانة مفضلة كعدوّ مميّز لتنظيم داعش، وقد ظهرت مضاعفة الهجمات – من الجهاديين والأكراد - على أراضيها، كثمن لالتزاماتها الطائشة على حدودها الجنوبية، ونكران تطلّعات سكّانها الأكراد.

الدبلوماسية التركية الجديدة تريد أن تكون براغماتية، ومع ذلك، تظلّ سياسة مشوبة بالشكوك

براغماتية مشبوهة

كلّ هذه العوامل تدفع أنقرة إلى إعادة النظر في موقعها الدبلوماسي والجيوإستراتيجي، وهذا في سياق التحوّل الداخلي الذي يسعى فيه أردوغان إلى تأكيد صلاحياته وسلطته الرئاسية، وهوس السعي الهائل إلى سلطة قوية.

الدبلوماسية التركية الجديدة التي وصفها رئيس الوزراء السيد بن علي يلدريم بـ "سياسة أصدقاء أكثر وأعداء أقلّ"، تريد أن تكون سياسة براغماتية، ومع ذلك، تظلّ سياسة مشوبة بالشكوك، في وقت يعرّض فيه الرئيس دونالد ترامب، المنطقة إلى مزيد من زعزعة التوازنات الهشّة.

1. التقارب مع السعوديين

هذا التغيير في موطئ القدم الدبلوماسي ينطوي على تقارب مع المملكة العربية السعودية، وعلى خلق مسافة بينها وبين إيران، لقد ظهرت واحدة من أولى إشاراته واضحة، في كانون الثاني (يناير) عام 2015، عندما قطع أردوغان جولة إفريقية لحضور جنازة الملك عبد الله في الرياض، وأعلن بالمناسبة يوم حداد وطني، هذا الانعطاف الذي لم يحظ بشعبية في بلاده، لا سيما من قبل المعارضة العلمانية، ومن قِبل حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) سرعان ما تأكّد فيما بعد؛ ففي ربيع عام 2015،  قدّم الرئيس التركي دعماً قوياً للتدخل العسكري السعودي في اليمن، مُتّهماً إيران بأنّها تريد "السيطرة" على الشرق الأوسط. وفي كانون الثاني (يناير) عام 2016، أثناء عودته من رحلة إلى المملكة العربية السعودية رفض التنديد بإعدام آية الله، والمعارض الشيعي نمر باقر النمر، من قِبل السلطات السعودية، وهو الإعدام الذي تسبّب في قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران.

أردوغان يقيم الصلاة في النجف في ضريح علي

هذا التقارب التركي- السعودي أثار الدهشة؛ لأنّ الحكومة التركية لم تكن تؤيد حتى ذلك الحين، منطق المواجهة بين الشيعة والسنة؛ ففي آذار (مارس) 2011، انتقد أردوغان قمْعَ الانتفاضة في البحرين (بقيادة الشيعة، ولكن ليس الشيعة فقط) من قِبل قوات مجلس التعاون الخليجي (GCC)، وبعد ذلك بوقت قصير، خلال رحلة إلى العراق، أثار أردوغان ضجة كبيرة، من خلال إقامته الصلاة في النجف في ضريح علي، صهر النبي محمّد، عليه السلام، ورمز شيعي مبجّل، ومن خلال تحذير العالم الإسلامي من الانقسامات الطائفية.

الانقسامات تشجّع عودة أنقرة إلى الأزمة السورية

هذا التحوّل الجديد إزاء التنافس السعودي الإيراني الصاعد لم تمله الاهتمامات الطائفية وحدها؛ بل يهدف إلى تشجيع عودة أنقرة إلى الأزمة السورية؛ لأنّ الدعم الذي يجب تقديمه لبعض القوى السورية المتمرّدة هو على الخصوص الموضوع الذي يناقشه القادة الأتراك والسعوديون عندما يجتمعون، هذا في الوقت الذي يحاول فيه الأتراك إقناع الأمريكيين بمواصلة دعم الجيش السوري الحر، الذي يقاتل نظام الأسد، منذ تموز (يوليو) 2011، ويحاول أن يميّز نفسه عن القوى الجهادية التكفيرية.

كان على تركيا التخلص من صورة الحليف لداعش التي لازمتها منذ حصار كوباني السورية من قبل الجهاديين

الجيش التركي ينقلب ضدّ تنظيم داعش

وحتى يكون ذا مصداقية كاملة في إعادة التوجه السياسي هذا، كان على الحكومة التركية أيضاً التخلص من صورة الحليف لتنظيم داعش، الذي يجرّها خلفه منذ حصار مدينة كوباني السورية من قبل الجهاديين، في أيلول (سبتمبر) 2014؛ ففي هذه المعركة، بينما كانت القوات الكردية لوحدات حماية الشعب (الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي) وحزب العمال الكردستاني تدافع عن المدينة بدعم من الطيران الغربي، لم يسمح الجيش التركي بمرور إلّا قافلة صغيرة من البشمركة الذين جاؤوا لتعزيز العراق، ومع ذلك، فبعد الهجوم (المنسوب إلى تنظيم داعش) في بلدة سوروك الحدودية، في 20 تموز (يوليو) 2015، سمحت تركيا باستخدام قاعدة أنجرليك من قبل التحالف الدولي في حربها ضدّ قوات "الخلافة"، وكانت عملية إعادة التموقع هذه نقطة البداية لعملية سعى الجيش التركي من خلالها، إلى أن يُثبت نفسه كعدوّ أكثر تصميماً أمام تنظيم داعش.

2. هوس نجاح الأكراد وحجّة توغّل تركيا في الأراضي السورية

في البداية، وجد هذا التحوّل الجديد صعوبة في الإقناع؛ لأنّ ضربات القوات التركية ضدّ قوات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، أو حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا (ابتداء من الخريف)، صارت أقوى وأشدّ بكثير من ضرباتها الموجهة للقوات التابعة لتنظيم داعش، ومع ذلك، فقد أصبحت تركيا في نهاية عام 2015، خاصة في عام 2016، واحدة من الأهداف الأولى لتنظيم داعش، وقد قادها هذا إلى الردّ على الصعيد الداخلي، مع تفكيك الخلايا الجهادية على نطاق واسع من قبل الشرطة، ولكن على الصعيد الخارجي أيضاً. وقد أعطت عدة أشهر من إطلاق صواريخ الكاتيوشا المتفرقة من قبل مدفعية داعش على مقاطعة كيليس "Kilis" الحدودية التركية، لأنقرة في أوائل أيار (مايو) 2016، الحجّةَ الأولى لتوغّل مدرعاتها في الأراضي السورية.

وقد أخذت القضية بعداً جديداً تماماً؛ عندما قام الجيش التركي، في 24 آب (أغسطس) 2016، دعماً منه للمتمردين العرب السوريين الذين كانت تدرّبهم منذ العام السابق، بعبور الحدود مرّة أخرى بمناسبة عملية "درع الفرات"، واستولت على مدينة جرابلس على الضفة الغربية للنهر، هذه المرة تمّ إعلان الحرب ضدّ تنظيم داعش، لكنّ موقف أنقرة المناهض للجهادية ظلّ يعاني من أجل الإقناع، لأنّ الهدف من هذا التوغّل كان أيضاً من أجل منع حدوث تحالف بين القوات الكردية المتواجدة في كلٍّ من مدينة منبِج (في الشرق) وفي جيب عفرين (إلى الغرب).

الانقلاب ضد الأكراد

تركيا المتحالفة، منذ عام 2007، مع إقليم كردستان العراق، كانت قد تلقّت، بكثير من القلق، ظهور منطقة كردية مماثلة في شمال سوريا (روج آفا/ (Rojav)، سيما أنّ هذه المنطقة تقع تحت إشراف حزب الاتحاد الديمقراطي، المقرّب من حزب العمال الكردستاني ((PKK.

ومع ذلك، فإنّ فكرةَ إقامةِ علاقات مع روج آفا مشابهة لتلك الموجودة مع حكومة إقليم كردستان، كانت على جدول الأعمال عام 2013، عندما كانت الحكومة تتفاوض، على المستوى المحلي، حول اتفاق سلام مع حزب العمال الكردستاني؛ فلمرّتين في صيف عام 2013، ذهب صالح مسلم، زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي، بشكل غير رسمي، إلى تركيا؛ بل وتحدّث عن افتتاح تمثيل لمنظمته في أنقرة.

كانت إستراتيجية حزب العدالة والتنمية تهدف إلى إدراج أكراد الداخل في النظام السياسي الوطني، وتنفيذ سياسة حسن الجوار مع أولئك المتواجدين في الخارج، في العراق وحتى في سوريا، لكنّ تطوّر الوضع السياسي الداخلي قوّض هذا المشروع، ودفع بالسلطة إلى تغيير مقاربتها حول القضية الكردية.

غموض المواقف التركية

في ربيع عام 2013، تمّت إحالة عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني إلى خلفية الأخبار السياسية، نتيجة حركة الاحتجاج حول حديقة جيزي، ثم تعثّرت العملية، وكانت ضحية على وجه الخصوص، لروزنامة انتخابية مزدحمة عام 2014 (الانتخابات المحلية والرئاسية)، وعام 2015 (الانتخابات التشريعية)، وفي العراق وسوريا أدّى هجوم تنظيم داعش إلى خلط الأوراق، والكشف عن غموض المواقف التركية. وفي سياق الاستعدادات التشريعية، فاتت فرصة جديدة للتقارب مع حزب الاتحاد الديمقراطي في شباط (فبراير) 2015، وكان يمكن لتأمين القوات الكردية السورية لإجلاء الجيش التركي، المحاصر آنذاك من قبل داعش، في سليمان شاه، أن يسمح بالعودة إلى الحوار، لكن في الوقت نفسه، أوقف أردوغان محاولة إحياء عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني، التي بدأها رئيس وزرائه داود أوغلو، وكان النجاح الانتخابي لحزب الشعوب الديمقراطي في حزيران (يونيو) 2015، قد ضمن له تمثيلاً برلمانياً مريحاً، ومنع حزب العدالة والتنمية من استعادة أغلبيته المطلقة، وهو ما أقنع الرئيس التركي في النهاية بتبنّي إستراتيجية لاحتواء التوجه الكردي. ورغم أنّ حزب الشعوب الديموقراطي قد تمكّن من الحفاظ على وجوده في البرلمان في الانتخابات المبكّرة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، إلّا أنّه سرعان ما أضحى ضحية للتهميش والقمع بشكل منهجي.

كانت الحكومة التركية تتفاوض، على المستوى المحلي، حول اتفاق سلام مع حزب العمال الكردستاني

الانقلاب الفاشل والتطهير

في سياق عمليات التطهير التي أعقبت الانقلاب الفاشل، في 15 تموز (يوليو) 2016، وجد عدد كبير جداً من الأعضاء المنتخَبين في هذا الحزب التقدمي، بما في ذلك الرئيسان المشاركان، السيد صلاح الدين ديميرتاس والسيدة فيغن يوكسكداك، أنفسهم خلف القضبان وصاروا مهدّدين بالسجن المؤبد بتهمة "التواطؤ مع منظمة إرهابية".

3. التقارب مع روسيا

في أيلول (سبتمبر) 2015، أصاب الدعم الهائل للقوات الجوية الروسية لقوات النظام السوري وإيران، على جانبها الجنوبي، أنقرة بالذعر، في وقت كان حلفاؤها الغربيون، الذين تأثر بعضهم تأثراً شديدًا (مثل فرنسا)، يتحدّثون عن تقارب مع موسكو لمحاربة الإرهاب الجهادي. وفي 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، جاء تدمير طائرة روسية، من طراز (Su-24)، بواسطة طائرات (F-16) تركية، والدعم الذي تلقّته أنقرة أخيراً من واشنطن، ليكسر هذه العزلة المتنامية، وقد مهّدت المناوشة لستّة أشهر من المتاعب مع روسيا، ولا شكّ في أنّ خطورة العواقب الاقتصادية لهذا النزاع هي التي تفسّر اهتمام تركيا بتطبيع العلاقات مع روسيا على وجه السرعة.

بوتين يقبل ندم تركيا

لكنّ تهدئة الأجواء ما بين الجارتين ساعد عليه أيضاً تدهور العلاقات مع إدارة باراك أوباما، كان الأتراك يلقون اللوم على الأمريكيين لإزالتهم حزب الاتحاد الديمقراطي من قائمة المنظمات الإرهابية، وجعلهم "شركاء مسؤولين"، وفي وقت مبكر من نهاية حزيران (يونيو) 2016، اندفع فلاديمير بوتين في هذه الثغرة، بقبوله "ندَم" تركيا. وبعد مرور خمسة عشر يوماً على محاولة الانقلاب، كان بوتين أوّل من قدّم دعمه لنظيره التركي.

تحالف مشبوه

على النقيض من ذلك؛ بدا الحليف الأمريكي، الذي كان ردّ فعله متأخراً، والذي رفض تسليم فتح الله غولن، الذي وصفه أردوغان بـالعقل المدبر المزعوم للانقلاب، حليفاً مشبوهاً أكثر فأكثر.

"نشكر السلطات الروسية، خاصّة الرئيس بوتين"، هكذا قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، وأضاف "لقد منحتنا روسيا دعماً غير مشروط، على عكس الدول الأخرى".

في آب (أغسطس) 2016، ذهب أردوغان إلى موسكو لتوطيد المصالحة، وتوّجت عملية التقارب في كانون الثاني (يناير) 2017، عندما قام الروس والأتراك، بعد أن تمكّنوا من فرض وقف إطلاق النار في حلب، بتنظيم مؤتمر مع إيران في أستانة بكازاخستان. ويبدو أنّ تسوية الأزمة السورية، التي وُضعت تحت رعاية كونسورتيوم أوروآسيوي، قد أفلتت لفترة من الزمن من أيدي الغربيين.

فتح الله غولن، الذي وصفه أردوغان بـالعقل المدبر المزعوم للانقلاب

روسيا تعرقل تقدّم تركيا نحو الرقة

هذه العلاقة الروسية التركية المستعادة علاقة غير موثوقة إلى حدٍّ كبير، عملية أستانة لم تتجاوز الصراع التركي-الإيراني، ولا النزاع الروسي-التركي حول الأزمة السورية؛ إذ سرعان ما أصبح واضحاً أنّه بينما كانت موسكو تسعى، في البداية، إلى إيجاد حلّ للصراع، كانت أنقرة تعتزم الالتزام في مرحلة أولى، باحترام وقف الأعمال العدائية بين الأطراف، وعلاوة على ذلك، ورغم أنّ روسيا وافقت على عملية "درع الفرات"؛ فقد تمثلت إستراتيجيتها بالكامل في عرقلة استمرار التدخل التركي إلى الجنوب وإلى مدينة الرقة، "عاصمة داعش" المعلَن عنها، ومن ثم تفادي خطر المواجهة التركية – الكردية.

فشل محاولات أردوغان لدى ترامب

في غضون ذلك، ما انفكّت الحكومة التركية تعبّر باستمرار عن تعاطفها مع التغيير الذي حدث عبر المحيط الأطلسي، ومع ذلك فإنّ الاتصالات الأولية مع السيد ترامب لم تؤدِّ إلى أيّة نتائج ملموسة فيما يتعلق بتسليم غولن، أو بتفكيك العلاقات الأمريكية مع حزب الاتحاد الديمقراطي، وفي ضوء الهجوم على الرقّة؛ حاولت أنقرة إقناع واشنطن بالتخلي عن الأكراد السوريين، واستبدالهم بالمتمردين الذين تدعمهم، والحال أنّه يبدو أنّ حلقة الاستيلاء على مدينة الباب من قبل هؤلاء المتمردين، لم تقنع الإدارة الأمريكية بفعالية هذا الخيار، لا سيما أنّ هذا الخيار لا طائل من ورائه في الجنوب، بعد التقارب بين قوات دمشق وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تدعمه موسكو.

الأمريكيون يسعون إلى التوفيق بين حلفائهم

في كلّ الأحوال، ستظلّ الولايات المتحدة ملتزمةً بالدور الذي يمكن أن تلعبه القوى الديمقراطية السورية (تحالف حزب الاتحاد الديمقراطي مع قوات التمرد السورية "العلمانية" الأخرى)، في الهجوم النهائي ضدّ داعش.

من هذا المنظور، من المرجّح، أنّه على غرار أسلافهم، يسعى القادة الأمريكيون الجدد إلى التوفيق بين طموحات حلفائهم، المتصارعة في بعض الأحيان (الأكراد والأتراك والجيش السوري الحر)، مع الحيلولة دون مواجهتهم مع قوات النظام السوري المدعومة من قبل روسيا.

التقارب الروسي الأمريكي بسوريا قد يُعزّز الاستقلالية الذاتية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني

التقارب الروسي الأمريكي عبءٌ ثقيل على تركيا

من ناحيته، في الوقت الذي تعتزم فيه منظمة حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، تجاوز التغيير السياسي في واشنطن؛ حيث أظهرت عملية أستانة حدودها، فسيكون من الصعب على تركيا الاستمرار في تقييم وتقويم علاقتها مع جارتها الروسية لممارسة الضغط على حليفتها الأمريكية، كما أمكنها القيام به في نهاية ولاية أوباما.

إنّ التقارب الروسي الأمريكي في سوريا قد يُعزّز الاستقلالية الذاتية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، ومن هنا فإنّ هذه العلاقة المشتركة بين موسكو وواشنطن، بدلاً من أن تكون ورقة رابحة بين أيدي تركيا، قد تصبح على العكس عبئاً ثقيلاً على أنقرة، وفي هذه الأثناء، يبقى أن نعرف إن كان للخلاف الأخير بين تركيا وبعض شركائها الأوروبيين، بما في ذلك ألمانيا، ستكون له تداعيات طويلة الأمد.

عن LE MONDE DIPLOMATIQUE




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية