أزمة خاشقجي تكشف حقيقة تحالفات أردوغان

أزمة خاشقجي تكشف حقيقة تحالفات أردوغان


26/10/2018

أثار الصمت النسبي لقيادة دولة قطر في مواجهة الأزمة السياسية التركية مع المملكة العربية السعودية، الكثير من الكتاب والصحفيين الأتراك لما فيه من دلائل وبراهين تشكك بجدوى تحالفات تركيا.

وأكد الكاتب والصحفي التركي، مارك بنتلي، إنّ الصمت النسبي لقيادة دولة قطر في مواجهة الأزمة السياسية التركية مع المملكة العربية السعودية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي يؤكد على نقطة ضعف أساسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ألا وهي اقتصاد البلد الهش والعملة المحاصرة.

وأضاف بنتلي، في مقالته التي نشرت عبر صحيفة أحوال تركية، أنه في آب (أغسطس) الماضي، وعد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الحليف الإقليمي الأقرب لأردوغان، باستثمار 15 مليار دولار، بما في ذلك ثلاثة مليارات دولار في مقايضات العملة، للمساعدة في استقرار الاقتصاد التركي بعدما هوت الليرة إلى مستويات قياسية خلال الأزمة مع واشنطن بشأن القس المسجون.

وتابع بنتلي "لكن على الرغم من صرف مقايضات العملة في أيلول (سبتمبر) الماضي، والتعهد بتقديم الدعم المالي لأردوغان، إذا لزم الأمر، أثناء خلافه مع السعودية، إلا أنّ القيادة العليا في قطر لم تذكر الكثير علانية منذ اندلاع عاصفة سياسية بسبب مقتل خاشقجي في إسطنبول في الثاني من تشرين الثاني (أكتوبر) الجاري. وقد فضلت الدولة الخليجية التعبير عن انتقادها عبر مسؤولين متحدثين باسم وزارة الشؤون الخارجية القطرية".

وتساءل بنتلي "أين هو أقرب حليف لتركيا في المنطقة عندما تكون هناك حاجة ماسة إليه؟".

وقال "تمتعت تركيا وقطر بعودة متانة العلاقات تحت حكم أردوغان، إذ دعمتا معاً جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء المنطقة في تحدٍ للسعودية. وقدم البلدان دعماً قوياً لمحمد مرسي، السياسي الإخواني الذي انتخب رئيساً لمصر في عام 2012 وأطيح به في عام 2013. كما شرعتا سوياً في رعاية الجماعات المتشددة في سوريا التي تقاتل للإطاحة بالرئيس بشار الأسد بعد أن بدأ تمرد مسلح في عام 2011".

وتابع بنتلي "لكن في السنوات التي تلت ذلك، أصبح البلدان أكثر تهميشاً على المستوى الدولي؛ إذ أصبحت تركيا دولة منبوذة تقريباً بسبب تزايد استبداد أردوغان وانتهاكات حقوق الإنسان، بينما انعزلت قطر بفعل مقاطعة جيرانها، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية ومصر؛ بسبب دعمها للجماعات المتطرفة"، موضحاً أن العزلة السياسية والاقتصادية لقطر تعني أنها بحاجة إلى التحرك بحذر عندما يتعلق الأمر بقضية خاشقجي. وبدلاً من إثارة التوتر السياسي مع الرياض بإلقاء ثقلها السياسي الكامل وراء تركيا، فضلت استخدام عدد أقل من المسؤولين ووسائل الإعلام مثل قناة الجزيرة لتقويض مكانة السعودية كحليف عالمي يمكن الوثوق به.

وأضاف بنتلي:"أنّ إيران، التي ربما تكون ثاني أقرب حليف إقليمي إلى أردوغان، والمصدر الرئيسي لإمدادات النفط إلى أنقرة، كانت أيضاً تتصرف بحذر شديد مع اندلاع الأزمة السياسية. ومر 20 يوماً على مقتل خاشقجي قبل أن يتحدث مسؤول إيراني كبير. وفي نهاية المطاف قام رئيس السلطة القضائية الإيرانية، صادق أمولي لاريجاني، بكسر الصمت وأعلن على نحو متوقع أن المملكة العربية السعودية كانت تسعى للتستر على الجريمة بمساعدة الغرب".

علاوة على ذلك، يعلّق بنتلي، فإنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سعى إلى دق إسفين في العلاقات المحفوفة بالمخاطر بشكل متزايد بين أردوغان وحلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كان أيضاً يتحرك بحذر شديد عندما يتعلق الأمر بانتقاد الرياض ودعم أردوغان بشأن وفاة خاشقجي. وقال بوتين في الأسبوع الماضي إن الأدلة يجب أن تقدم أولاً.

لذلك ربما لم يكن من المفاجئ أن يمتنع أردوغان، في خطاب نقلته قنوات التلفزيون على نطاق واسع لحزبه الحاكم في أنقرة الثلاثاء الماضي، عن توجيه اللوم مباشرة إلى القيادة السعودية في مقتل خاشقجي، بمن فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو ربما منافسه السياسي الأكبر في المنطقة. وبدلاً من ذلك، دعا إلى إجراء تحقيق كامل وشفاف وإلى تقديم الجناة إلى العدالة ومحاكمتهم في تركيا، بحسب بنتلي؛ حيث أشار أردوغان إلى أنّه يثق بالعاهل السعودي الملك سلمان.

 تردد أردوغان في تعزيز العلاقات بالمملكة العربية السعودية، ومن ثم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي حث على الحذر السياسي مع استمرار التحقيق في مقتل خاشقجي، أدى إلى دفع خصمه السياسي الرئيس إلى اتهامه بمساومة الرياض؛ حيث أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي كمال كليجدار أوغلو، الاثنين الماضي أنّ تركيا سمحت لخمسة عشر مشتبهاً به من المتورطين في القضية بمغادرة البلاد، وأجرت تفتيشاً متأخراً للقنصلية السعودية في إسطنبول، حيث يُزعم أنّ عملية القتل قد وقعت.

 

 

الصفحة الرئيسية