"البرج".. فيلم كرتون نرويجي يجسد النكبة الفلسطينية

"البرج".. فيلم كرتون نرويجي يجسد النكبة الفلسطينية


27/11/2018

ليليان وجدي

يخلع الرجل العجوز سلسلة ذهبية يتدلى منها مفتاح.. يتأمله لبرهة قبل أن يعطيه لطفلة صغيرة طالبا منها أن تعتني به من أجله.

العجوز هو الجد الأكبر وابن أسرة أجبرت مع ثلثي سكان فلسطين على النزوح عن أرضها مع قيام دولة إسرائيل عام 1948، والطفلة هي ابنة حفيد الجد الأكبر وتمثّل الجيل الرابع من الفلسطينيين الذين لا يعرفون وطنا لهم سوى المخيّمات، أما المفتاح فهو للدار التي تركها الجد مع أسرته خلفه والتي ظل يتمنى أن يعود إليها في يوم من الأيام.

هذا ما يتناوله فيلم “البرج” للمخرج النرويجي ماتس جرورد الذي عرض الأحد ضمن المسابقة الرسمية للدورة الأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي.

والفيلم هو الروائي الطويل الأول لمخرجه وإنتاج فرنسي سويدي نرويجي مشترك، وبدأ المخرج العمل عليه بعد أن عاش لمدة عام في مخيم برج البراجنة على مشارف العاصمة اللبنانية بيروت وسمع قصصا مختلفة من أجيال متعاقبة من اللاجئين.

ويحكي الفيلم قصة الطفلة وردة التي تخشى أن يكون جدها الأكبر منحها مفتاح الدار لأنه فقد الأمل في العودة لوطنه، تحاول وردة أن تعيد له ما تعتقد أنه أمل مفقود فتتسلق البرج الذي تقيم فيه أجيال مختلفة من أسرتها في مخيم برج البراجنة على مشارف العاصمة اللبنانية بيروت، لتتحدث مع أفراد مختلفين وتتعرف من خلال ذلك على أهم المحطات في تاريخ اللاجئين الفلسطينيين.

وينقسم الفيلم إلى جزأين، جزء يتناول الحاضر وتم تصويره بتقنية إيقاف الحركة أو تحريك الرسوم بشكل يجعلها تظهر وكأنها تتحرك من تلقاء نفسها، وآخر يتطرّق إلى الماضي وتم تصميمه على نسق الرسوم المتحركة ثنائية الأبعاد، وكأن المخرج قرر أن ينزع عن الشخصيات البعد الثالث ليكرّس انتماءها إلى الماضي.

وفي المحطة الأولى تقف وردة مع الجد الأكبر الذي يروي لها كيف أجبر مع أسرته على النزوح عن أرضه في اليوم الذي بات الفلسطينيون يعرفونه باسم يوم النكبة، وكيف استقر به الحال مع أسرته في أرض على مشارف بيروت تحوّلت في ما بعد إلى مخيم برج البراجنة، وكيف ورث مفتاح الدار عن الأب في رمز للأمل الدائم بأن حق العودة سيصبح ممكنا ذات يوم.

وتواصل وردة صعود البرج ومع كل بيت تتوقف فيه تقابل شخصا يفتح أمامها صفحات جديدة من تاريخ لم تكن كطفلة تعرف عنه شيئا، فهناك الجد لطفي الذي كان جزءا من المقاومة المسلحة، وهناك الخالة حنان التي كانت تخشى ظلام الملاجئ أثناء الغارات وفضلت بدلا من ذلك أن تواجه القصف، ثم هناك رجل الحمام الذي أصيب بصدمة نفسية عندما قتل صديق طفولته أمام عينه برصاص قناص.

ورغم أن الأمل الذي كانت تبحث عنه وردة ظل يتناقص مع كل محطة توقفت فيها، فقد زادها هذا تشبثا بحلم العودة وتصميما على أن ينال الجد الأكبر الراحة من يقينه بأنها ستحمل معها المفتاح والأمل.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية