التشيع في المغرب: وهم يراهن عليه الولي الفقيه كطابور خامس

التشيع في المغرب: وهم يراهن عليه الولي الفقيه كطابور خامس


06/05/2018

صرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الثلاثاء 1 مايو، بأن إيران تعمل على زعزعة أمن الدول العربية والإسلامية عن طريق إثارة الفتن الطائفية.

وجاءت تصريحات الجبير في تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر قال فيها “تعمل إيران على زعزعة أمن الدول العربية والإسلامية من خلال إشعال الفتن الطائفية وتدخلها في شؤونها الداخلية ودعمها للإرهاب، وما فعلته إيران في المملكة المغربية الشقيقة عبر أداتها تنظيم حزب الله الإرهابي بتدريب ما يسمى بجماعة البوليساريو خير دليل على ذلك”.

وبعيدا عن الخوض في القراءات السياسية لموضوع إقدام المغرب على قطع علاقاته منذ يومين مع نظام طهران على خلفية دعم إيران لمتمردي البوليساريو، ونشاطها الاستفزازي في الجزائر كرد على موقف المغرب من الانقلاب الحوثي في اليمن، فإن الصحف المغربية تداولت في الأشهر الأخيرة عددا من التقارير المنسوبة لوزارة الداخلية بالرباط، تفيد بنشاط يقوم به ضباط استخبارات بمساعدة رجال دين، لنشر المذهب الشيعي في البلاد.

وحذرت تلك التقارير من تغلغل الاستخبارات الشيعية في الأوساط الشعبية، وخطورة النفوذ الإيراني بالمغرب، بالإضافة إلى دور طهران في بعض الاحتجاجات التي شهدتها المملكة مؤخرا.

ويذكر أن المغرب كان قد قطع علاقاته مع إيران، عام 2009 وأعادها سنة 2016، وكان سبب الغضب المغربي هو ذلك النشاط المحموم لنظام طهران في الكسب المذهبي، وسعيه لوجود كتلة شيعية سياسية تكون طوع الولي الفقيه.

ويبدو واضحا أن المنفذ الذي يريد نظام ولاية الفقيه في طهران أن يتسرب منه يتمثل في بعض الهوامش التي تخص الثقافة الاجتماعية في المغرب، والتي قد يظنها الناظر من بعيد سببا وجيها، وأرضية مناسبة لنشر حالة من التشيع وفق النموذج الإيراني، في حين أن المتأمل في حقيقتها يجدها بعيدة كل البعد عن الوهم الإيراني في هذا البلد الذي يتبنى رسميا المذهب المالكي المعروف باعتداله وفق علماء ورجال دين.

ووفقا لكتاب ‘إيران ودول المغرب: المسألة الشيعية’ الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي، فإن المغرب خضع تاريخيا لسيطرة المذهب الشيعي الإسماعيلي مع حكم الدولة الفاطمية، حيث وجدت الدعوة الفاطمية مستقرا لها بمنطقة المغرب بفعل التخطيط المحكم والطبيعة التسامحية الرحبة لدى أهالي المغرب، وكذلك بسبب توالي التحولات العقدية بفعل الحركات المشرقية التي استقرت فيه بعد صراعها مع الخلافة في المشرق، حيث استطاع الفاطميون إسقاط الدولة الإدريسية، وبدأوا بنشر مذهبهم الإسماعيلي.

وتؤكد دراسات تضمنها الكتاب، أن الفاطميين عملوا على محاربة المخالفين لهم فكريا، وكان من نتائجها جموع من الضحايا من أهل المغرب. ولعدم طول فترة حكم الفاطميين للمغرب، وعدم قبول الأهالي والعلماء لمذهبهم، لم تترك هذه الحقبة أثرا كبيرا كالذي خلفته مرحلة حكم الدولة الإدريسية الزيدية.

والباحثون والمتخصصون في المجال الأنثروبولوجي يقرّون بأن الثقافة المغربية، وخصوصا في المجال الشعبي، تلتقي مع ثقافات شيعية مشرقية في مظاهر مثل اختيار اسمي الحسن والحسين كأفضل الأسماء التي تطلق على التوأم، وكذلك يفضل المغاربة إطلاق اسم فاطمة الزهراء على مولوداتهم. بالإضافة إلى هذا نجد في الأدب والشعر والملحون بالمغرب، الكثير من الحديث عن واقعة كربلاء ومأساة الحسين بصفة عامة.

وتسود كذلك في يوم عاشوراء لدى بعض المناطق المغربية، مظاهر إشعال النيران بشكل شبه كبير، يحيل إلى حدث إضرام النار في خيام معسكر الإمام الحسين.

ووفقا لما تقدم تتجه الدولة المغربية للتعامل مع المتشيعين ووضعيتهم بالمغرب، فقد ورد في التقرير الذي نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط سنة 2014 حول الحريات الدينية في العالم، أن الحكومة المغربية تتجه إلى “التمييز بين الشيعة الذين اعتنقوا المذهب الشيعي بدافع الشعور بقناعة دينية، وأولئك الشيعة الذين يعتنقون هذا المذهب دعما لقضايا الشيعة الدولية”.

وبفعل ضخ الأموال الإيرانية تزايد خلال سنة 2012 نشاط القنوات الفضائية كحالة قناتين في إسبانيا تروجان للفكر الطائفي، تحمل الأولى اسم “تي في بريس” وهي قناة تبث برامجها باللغة الإنكليزية، فيما تحمل الثانية اسم “هيسبان تي في” وتبث برامجها باللغة الإسبانية، وتتلقيان دعما مباشرا من طرف نظام إيران، وتتولي مهمة نشر الفكر الطائفي. وقد قامت إسبانيا وأميركا اللاتينية تطبيقا لعقوبات دولية على إيران بإغلاق هذه القنوات.

وأسهمت هذه القنوات بشكل كبير في حركة التشيع بالمغرب. وفي المقابل، ورد في تقرير صادر عن المركز الأميركي “بيو للأبحاث” سنة 2012 حمل عنوان “العالم الإسلامي: الوحدة والتنوع”، أن 50 بالمئة من المغاربة لا يعتبرون الشيعة مسلمين، إلا أن بعضهم يشكك في هذا الرقم ويتحفظ عليه.

أما بخصوص نشاط حركة التشيع على مواقع شبكة الإنترنت والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، فتشكل القناة الرئيسية في الدعوة الشيعية واستقطاب المغاربة إلى المذهب الشيعي، وتعد الوسيلة الأكثر تعبيرا عن مختلف الحساسيات المتشيعة في المغرب. فبالإضافة إلى مواقع الدردشة الصوتية التي تضم غرفة خاصة بمتشيعي المغرب، والتي تمتاز بحدة النقاش، نجد المواقع الإلكترونية وصفحات الفيسبوك التي نشطت بقوة في بداية حراك سنة 2011.

ويضاف إلى هذه الجيوب الشيعية التي صرف عليها نظام طهران أموالا طائلة، نشاط موقع “هيئة طنجة” المعروف بدفاعه عن طروحات الشيعي الكويتي ياسر الحبيب، حيث أصدر الموقع العديد من البيانات، كالبيان الذي يطالبون فيه الحكومة المغربية “بحماية الشيعة المغاربة ببروكسل” على خلفية مقتل عبدالله الدهدوه.

كما يسجل في هذا الصدد أيضا، استمرار نشاط موقع “الخط الرسالي” الذي يديره عصام إحميدان، إذ يشكل هذا الموقع القناة الأساسية التي تعبر عن المواقف الرسمية “للخط الرسالي” تجاه الأحداث المحلية والدولية.

واقتصر التحرك الشيعي في هذا المجال على الأعمال التي يقوم بها بعض الرموز المتشيعين؛ من خلال المقالات والحوارات التي تنشر بين الفينة والأخرى، والتي تسعى إلى التقعيد والتكريس للفكر الشيعي بالمغرب.

ويمكن تلخيصها في كتابات كل من إدريس هاني، حيث اتجهت كتاباته إلى المجال الفكري والثقافي، إذ اعتبر المغرب بلدا شيعيا من حيث ثقافته وهويته، لأن تاريخه يدل على ذلك، وأعطى مثالا التعبيرات الاحتفالية بـ”بعاشوراء”، لكن منتقدين كثيرين يردون على زعمه قائلين إن أهل السنة عموما يحيون ذكرى عاشوراء، ويرثون لهذه الواقعة المؤلمة ذات الأسباب السياسية المحضة، وذلك على عكس ما يعتقد ويروج غلاة الشيعة في زعمهم بأن أهل السنة يشتمون رموز أهل البيت.

وورد في أحد مقالات هذا الكاتب المتشيع، والمعنون بـ”التشيع كمكون سوسيو-ثقافي مغربي” المنشور في “موقع هيسبريس” قوله “إن المغرب في تقديري سني في النظر، شيعي في العمل، سني في الترسيمة المذهبية، شيعي في التعبير عنها، سني في الصورة، شيعي في الجوهر، سني في المذهب، شيعي في الثقافة، سني في الجغرافيا، شيعي في التاريخ، سني في الأحكام، شيعي في الامتثال، سني في الوعي، شيعي في اللاوعي، سني المدعى، شيعي المتخيّل”.

ووصف نقاد وكتاب مغاربة ما ورد في مقال إدريس هاني، بأنه  “محض بلاغة لغوية، وتزويق بياني لا أساس له من الصحة”.

أما الخط الشيعي المسمى بالرسالي فينطلق في أطروحته السياسية والثقافية، من اعتبار الحركة الثقافية مدخلا أساسيا  لبناء الحركة السياسية، وأن هذه الأخيرة أداة للتغيير. ومن ثم فإن الحركة الثقافية هي المرحلة الأولى والأساس في عملية البناء الرسالي.

وإدراكا من الرساليين لطبيعة العلاقة القائمة بين الثقافي والسياسي، فإن التيار الرسالي يرى أنه لا بد من الاشتغال بمنطق الثقافة السياسية، أي مقاربة القضايا السياسية من زاوية ثقافية، وكذلك بطريقة عملية في الميدان عن طريق الاشتغال في المواقع السياسية، بهدف اكتساب التجربة التي تخول لأفراد التيار القدرة على الفعل في عمق المجتمع المدني والسياسي.

وفي واقع التشيع بالمغرب حاليا، يرى التيار الرسالي أنه يجب التمييز بين التشيع السياسي والتشيع المذهبي، والتعاطي مع النموذجين المختلفين: سياسي يتعاطى مع التشيع السياسي، وآخر ثقافي واجتماعي لنموذج التشيع المذهبي.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية