إخوان ليبيا ومحاولات تأزيم المشهد السياسي.. قراءة في البيان الأخير لحزب العدالة والبناء

إخوان ليبيا ومحاولات تأزيم المشهد السياسي.. قراءة في البيان الأخير لحزب العدالة والبناء

إخوان ليبيا ومحاولات تأزيم المشهد السياسي.. قراءة في البيان الأخير لحزب العدالة والبناء


06/07/2023

ثمّة حقيقة مفادها أنّ تجدد محطات الصراع، وتراكم التوترات ودوران المراحل الانتقالية في ليبيا، أنتج عدداً من القوى الفاعلة في المشهد السياسي، والذي نما على أطرافه أصحاب المصلحة وأرباب النفوذ، الأمر الذي رفع شعار المصالح الضيقة في مجملها على حساب الدولة الوطنية واستقرارها؛ ممّا أفضى إلى استقطاب حاد، يبحث من خلاله كل طرف عن فرض هيمنته وشروطه.

كان تيار الإسلام السياسي وتنظيماته والأحزاب الممثلة عنه نموذجاً في تطبيق ذلك، والعمل مع قوى وأطراف داخلية وخارجية لعرقلة أيّ تطور يمس العملية السياسية، والانتقال خطوة نحو استقرار الدولة الليبية.

حزب الإخوان يرفض خارطة طريق جديدة

أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري أنّ مجلسي الدولة والنواب سيصدران خارطة طريق لإجراء الانتخابات الأسبوع المقبل. وأضاف في تصريحات صحفية أنّ خارطة طريق إجراء الانتخابات سينبثق عنها حكومة جديدة وقوانين انتخابية، مشيراً إلى أنّ أقصى موعد لإجراء الانتخابات سيكون خلال منتصف  شهر آذار (مارس) القادم.

إلى ذلك؛ أصدر حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية للإخوان، بياناً بشأن مقترح خارطة طريق المسار التنفيذي للقوانين الانتخابية، وأشار في مقدمة البيان إلى أنّه تابع ما تمّ تداوله من مقترح لخارطة طريق للمسار التنفيذي للقوانين الانتخابية، المذيل باسمي رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة، وأنّه يرفض التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري، وما ينبثق عنه من إجراءات ويترتب عليه من قرارات، بداعي فقدانهم للتوافق الوطني.

 رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري

البيان لفت إلى أنّ حزب العدالة والبناء يحذّر من مغبة المضي قُدماً في محاولة إجراء عملية انتخابية على أساسات لجنة (6+6) غير المرضية ولا التوافقية.

وتابع البيان في نقطة تالية قوله: إنّ حزب العدالة والبناء لا يرى جدوى للاستمرار في مسار استفراد المجلسين بإصدار التشريعات والقوانين المفضية إلى العملية الانتخابية، وكذلك إشرافهما على الانتقال إلى مرحلة الاستقرار الدائمة، نظراً لإخفاقهما المتكرر في هذا الملف، ولقناعة الحزب بأحقية كل الأجسام المنبثقة عن اتفاق الصخيرات في المشاركة في هذه المهمة المرحلية، قبل رحيلها جميعاً بشكل متزامن، وطي المرحلة الانتقالية.

شدّد الحزب في بيانه على الحاجة الماسة إلى إيجاد آلية تضمن مشاركة واسعة لإصدار تشريعات وقوانين توافقية، وإشرافها على المرحلة التي تفضي إلى استقرار دائم، مراعاة للحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد، والتي تتطلب توافقاً أوسع

وشدّد الحزب في بيانه على الحاجة الماسة إلى إيجاد آلية تضمن مشاركة واسعة لإصدار تشريعات وقوانين توافقية، وإشرافها على المرحلة التي تفضي إلى استقرار دائم، مراعاة للحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد، والتي تتطلب توافقاً أوسع.

ومضى البيان في تنظيم أهدافه وجدول أعماله داخل أنساق القوى الفاعلة الليبية، بدعم حكومة عبد الحميد الدبيبة، ومعارضة تشكيل حكومة مصغرة لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي. وذلك يبدو حين أشار البيان في نقطة منفصلة إلى أنّ معالجة الأزمة السياسية بالبدء بإيجاد سلطة تنفيذية جديدة، هو أمر تكرر تناوله كثيراً من قِبَل رئيسي المجلسين، الأمر الذي يراه الحزب تدويراً للأزمة، والإبقاء على الوضع الراهن، وتمديداً للمرحلة الانتقالية.

حزب العدالة والبناء جدّد تأكيده على أنّ البداية المثلى لمعالجة الأزمة هي بانتخابات برلمانية وفق أساس دستوري توافقي؛ لتوحيد السلطة التشريعية التي أدّى انقسامها إلى انقسام الحكومات والمؤسسات فيما بعد.

قراءة في بيان الذراع الإخوانية

في هذا السياق، يشير الكاتب الليبي هيثم الورفلي إلى أنّ بيان حزب العدالة والبناء، الذي تسيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين المتشددة، برئاسة عماد  البناني، يمكن قراءته من خلال فهم حالة الانقسام التي تعاني منها الجماعة في ليبيا بشأن أمور عدة؛ خاصّة ما يتعلق بمن يؤمن بمشاركة الجميع في السلطة، مثلما هو حال محمد صوان وحلفائه، وبين من يتحدث ويقول إنّه يجب ألّا يكون هناك أيّ حوار، خاصّة مع أطراف وقوى محددة مثل الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.

هيثم الورفلي: هذا البيان يثبت صحة الخلاف وانقسام الجماعة

ويتابع الورفلي حديثه لـ "حفريات"، لافتاً إلى أنّ هذا البيان يثبت صحة الخلاف وانقسام الجماعة، بين ذراع تؤيد الحوار ومشاركة الجميع، وأخرى مثل العدالة والبناء تريد إقصاء الكل، إلّا أعضاء الجماعة فقط، بعد السيطرة الكليّة من جماعة الاخوان المسلمين على رئاسته وهيئته السياسية، حيث رفض الحزب القوانين التي خرجت بها لجنة (6+6)، وتحدّث عن عدم دستورية التعديل الدستوري الثالث عشر، الذي أقره البرلمان ومجلس الدولة.

ويشير هيثم الورفلي إلى أنّ جماعة الإخوان وحزب العدالة والبناء، بطبعهم جماعة إقصائية تريد تفصيل مواد الترشح على هواها، وإبعاد خصومها عن الترشح، وهذا ما تسبب في تأجيل الانتخابات حتى اللحظة.

فتحي المريمي: إنّ التوافق بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان، بشأن آليات إجراء الانتخابات، يسير ضمن الإطار المتفق عليه

ويذهب الكاتب الليبي إلى التأكيد على أنّ هذا البيان لا يسمن ولا يغني من جوع، كون حزب العدالة والبناء لا يمتلك أيّ حاضنة اجتماعية في ليبيا، وعدد أعضائه لا يتجاوز الـ (5) آلاف في جميع المدن، وهو يرسخ فكرة أنّ الحزب لا يؤمن بشرعية الأجسام التشريعية الموجودة.

ويضيف هيثم الورفلي، في تعليقه على بيان حزب العدالة والبناء، أنّ الحزب يعمل على  دعم حكومة الدبيبة التي لا تسيطر إلّا على 15% من الأراضي الليبية، والكل يعلم أنّ البلاد تحتاج لحكومة توافقية؛ تفرض سيطرتها على كل المدن، ويستطيع رئيسها أن يزور كل منطقة، وإنهاء كافة أشكال الانقسام المؤسساتي الذي أضرّ بالمواطن والدولة بشكل كبير.

واختتم الكاتب الليبي تصريحاته قائلاً: إنّ "حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة قد انتهت، والحديث الآن يدور حول تكليف حكومة جديدة، يتفق عليها كلّ الأطراف، وتكون مهمتها تنفيذ خارطة طريق واضحة المعالم، وبتواريخ معينة؛ لتشرف على الانتخابات القادمة.

آليات إجراء الانتخابات

من جهته، قال فتحي المريمي، المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي: إنّ التوافق بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان، بشأن آليات إجراء الانتخابات، يسير ضمن الإطار المتفق عليه. وأضاف المريمي في تصريحات صحفية أنّ عملية اختيار الحكومة الموحدة الجديدة، يجب أن تحظى بتوافق داخلي بين الأطراف الداخلية الليبية، وكذلك إطلاع البعثة الأممية التي تمثل الطرف الدولي في الأزمة الليبية على العملية، وذلك من أجل الاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة والتعامل معها.

فتحي المريمي: الخطوات التي اتفق عليها بين البرلمان والأعلى للدولة تسير حسب الترتيبات

وأشار المريمي إلى أنّ الخطوات التي اتفق عليها بين البرلمان والأعلى للدولة تسير حسب الترتيبات، والتي بدأت بتشكيل لجنة (6+6) لإعداد القوانين الانتخابية، فيما تأتي لاحقاً الخطوات الأخرى المتمثلة في إصدار القوانين واعتمادها من البرلمان، ومن ثمّ تشكيل الحكومة وإعلان الجدول الزمني لإجراء الانتخابات.

ولفت إلى أنّ إشراك المجتمع الدولي، وإطلاعه على العملية السياسية، والتوافق بين المجلسين؛ يهدف لعدم تكرار ما حدث مع حكومة "الاستقرار" التي كُلفت من البرلمان الشرعي، ولم يتعامل معها المجتمع الدولي.

تيار التأزيم

من جانبه، يرى الناشط الليبي عبد الله الغرياني، في سياق تعليقه على بيان حزب العدالة والبناء، أنّه بصفة عامّة، لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال التعامل مع حزب العدالة والبناء، بقيادته الحالية، بشكل منعزل عن تيار التأزيم الذي يقوده جناح دار الإفتاء، وهذا التيار يقف خلف تحقيق رغبات أسرة الدبيبة؛ نحو العمل على  إطالة عمر حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، والتي وصفها بالفاسدة.

عبد الله الغرياني: حزب العدالة والبناء، وطوال الأعوام الماضية، لا يتعامل مع الأزمة السياسية إلّا من خلال منطق العرقلة مقابل التمكين

ويتابع الغرياني تصريحاته التي خصّ بها "حفريات"، لافتاً إلى أنّ حزب العدالة والبناء، وطوال الأعوام الماضية، لا يتعامل مع الأزمة السياسية إلّا من خلال منطق العرقلة مقابل التمكين، وهذا البيان يؤكد على منهجية الحزب المعروفة منذ أعوام.

وبخصوص تأكيد حزب العدالة والبناء، من خلال بيانه الأخير، على ضرورة تفعيل الانتخابات البرلمانية، كأولوية عن الاستحقاق الرئاسي، يصف الناشط الليبي عبد الله الغرياني ذلك بـ "الهروب"، وهو ما أعلنه تنظيم الإخوان سابقاً، وعبّر عنه في ملتقى الحوار السياسي، مؤكداً أنّه لا يمكن تجاوز وثيقة برلين الأولى وخارطة الطريق، فالانتخابات أساسها الرئاسية، وبالتزامن تأتي الانتخابات البرلمانية.

مواضيع ذات صلة:

لماذا يرفض إخوان ليبيا تنظيم الانتخابات الرئاسية؟

بعد بيان القيادة العامة للجيش الليبي... هل يسلم الدبيبة السلطة؟

رئيس الأعلى للدولة في ليبيا يستخدم الميليشيات الإخوانية لتمرير التعديل الـ (13)



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية