لماذا عاد تحريض حماس ضد الأردن؟

لماذا عاد تحريض حماس ضد الأردن؟

لماذا عاد تحريض حماس ضد الأردن؟


25/04/2024

يشكك كثيرون من تيار الممانعة العربية والإسلامية باستهداف حماس للأردن، بتبرير لا تؤيده الوقائع على الأرض ولا خطابات قادة حماس وتصريحاتهم، التي تؤكد أن استنهاض همم الأردنيين لمواصلة التضامن مع حماس ليس معزولاً عن استنهاض الشعوب العربية والإسلامية. ففي خطابه الأخير، يعود الناطق الرسمي في تسجيل صوتي جديد لتحريض الأردنيين، في حين لم يدع الجماهير الفلسطينية، لا في الضفة الغربية ولا داخل الخط الأخضر للتحرك للتضامن مع المقاومة، ولم يدع الشعب العراقي ولا السوري ولا اللبناني ولا الشعب التركي للتضامن مع المقاومة.

وبالإضافة لما تضمنه خطاب أبي عبيدة من تناقضات على صعيد التطورات الميدانية في الحرب الإسرائيلية على حماس والحديث عن "ورطة" إسرائيل في غزة، وخساراتها العسكرية، أكد ولاكثر من مرة، أن "نتنياهو" هو الذي يضع العراقيل أمام التوصل إلى صفقة بخصوص الأسرى، وإذا كانت حماس تحقق كل تلك الانتصارات، لماذا تطلب الهدن؟  ولماذا لا تذهب لتعميق جراح العدو، الذي يشكل الخطاب دافعا له لاجتياح رفح، بحجة وجود خمسة ألوية لحماس فيها؟ متناسيا أن الرهانات على ارتكاب اسرائيل جرائم ابادة في رفح لم تعد تستفز الرأي العام العالمي، بعد الضربة الإيرانية، التي أعادت لنتياهو تسويغ روياته حول حماس وتنفيذها للمشروع الإيراني.

ثنائية الربط في خطاب أبي عبيدة بين الإشادة بإيران وضربتها لإسرائيل التي "وضعت قواعد جديدة وأربكت حسابات العدو" ، مع تخصيص الأردنيين في دعوته "إن أهم الساحات العربية -ومن أهمها شعبيا وجماهيريا وأكثرها إشغالا لبال العدو- هي الجماهير الأردنية العزيزة التي نوجه لها التحية، وندعوها لتصعيد فعلها، فالأردن منا ونحن منه"، لم تكن عبثا، بل تكشف أن الدعوات السابقة والمتكررة لجماهير الأردن تكشف أن مشروع حماس والإخوان لا يتقاطع فقط مع المشروع الإيراني، بل إنه جزء أصيل منه ولا يخدم إلا الإخوان وإيران، وبعيدا عن مزاعم انشغال إسرائيل وخوفها من الجماهير الأردنية، فإن إعادة التركيز على الأردن بهذه الصورة يرتبط بعدة عوامل لعل أبرزها:

أولا: ان تحريض الجماهير الأردنية يتزامن مع خسائر ميدانية فادحة لحركة حماس وتفشي المزيد من المخاوف والهواجس ،كما تزامن مع  خسائر لا تعلن عنها حماس ولا اعلام الممانعة، وهو غير بعيد عن تطورات جديدة حول "مقر اقامة قيادة حماس الخارج"، بعد تسريبات حول قرار قطري بانهاء وجود حماس لديها، ورفض الكثير من الدول استقبال قادة حماس لديها ، بما فيها ايران الداعم الرئيس لحماس، فيما هناك شكوك عميقة بان زيارة اسماعيل هنية لتركيا اسفرت عن اتفاق لاعادة قيادة حماس الى تركيا، وهو ما يفسر ما تردد عن تنازلات بامكانية قبول حماس بتفكيك وانهاء جناحها العسكري  وهي مقاربة تتبناها تركيا"، فيما ترددت تسريبات اخرى غير موثوقة، حول امكانية انتقال قادة حماس الى العراق، بتوجيهات ايرانية، غير ان الاهم ان حماس الداخل والخارج، اصبحت على يقين بان بقاءها في غزة وخارجها اصبح امرا غير مؤكد.

 ثانيا: في ظل هذا اليقين لدى حماس بأن وجودها أصبح غير مؤكد، وبعد فشل حماس في تحريك الضفة الغربية أو فلسطيني الداخل،  مع الفشل ايضا في جر لبنان عبر حزب الله ليكون ساحة بديلة، وإغلاق سوريا لملف اقامة قيادة حماس فيها، والكلفة العالية لاقامة قادة حماس في تركيا، في ظل المواقف الجديدة للقيادة التركية من الإسلام السياسي وجماعة الإخوان، تعتقد حماس ان الاردن يمكن ان الساحة البديلة لحماس، وهو ما يفسر دعوات علنية ومبطنة من تيار الممانعة للأردن للتحالف مع حماس، بدلا من التنسيق مع السلطة الفلسطينية "عنوان الشرعية الفلسطينية المعترف بها عربيا ودوليا".

ثالثا: لعل ما يؤكد الاتفاق " وليس التوافق" بين ايران وقيادة حماس وتنظيم الإخوان في الأردن  على "خلق" فوضى امنية في الاردن، تستثمر بالمشاعر الاردنية المتضامنة مع اهالي قطاع غزة، فمن جهتهم ركب الاخوان المسلمون موجات الغضب الأردني وخاضوا صراعا مع قوى قومية ويسارية تتضامن مع اهالي غزة،، وقد تكشف ذلك بوضوح في مسيرات محيط السفارة الاسرائيلية في عمان، ومسيرات وسط البلد "عمان"، وربما من غير المنطقي اليوم الفصل بين تحريض حماس والانتهازية الاخوانية، واصرار ايران على اختراق الاجواء الاردنية، بحجة ضرب اسرائيل، في وقت تتوفر فيها امكانية عدم مواجهة المسيرات والصواريخ الايرانية من خلال الاجواء السورية واللبنانية.

رابعا: تلقف الاخوان المسلمون في الاردن طوفان الاقصى منذ السابع من اكتوبر لاهداف مرتبطة باستعادة الشعبية، ورهانات على ان انتصار حماس وصمودها مع التحريض الاخواني في الاردن، يوفر فرصة غير مسبوقة للانتخابات النيابية القادمة في الاردن ، والمقرر ان تجري في نهاية صيف العام الحالي، لا سيما بعد خفوت بريق الاخوان المسلمين في الاردن وخساراتهم المتتالية في السنوات الاخيرة، ليس في البرلمان فقط، بل وفي النقابات المهنية والاتحادات الطلابية.

وفي الخلاصة، ربما تدرك حماس بعد فوات الأوان، خطيئة استفزاز الأردن والانخراط بمشروع ايراني تدركه قبل غيرها، خاصة اذا ما انتهت هذه الحرب بنتائج ى تتوافق مع تطلعات حماس وعبثيتها، وربما يدرك معها "عقلاء الاخوان في الاردن" خطيئة الاستقواء على الدولة الاردنية، التي رفضت رغم الضغوط والاغراءات لشرعنة الوضع القانوني للاخوان باعتبارهم تنظيما ارهابيا.
 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية