الإخوان والحوثي وتغذية الانقسام والتشرذم في اليمن

الإخوان والحوثي وتغذية الانقسام والتشرذم في اليمن

الإخوان والحوثي وتغذية الانقسام والتشرذم في اليمن


31/12/2023

تشهد محافظة مأرب بشرق اليمن بوادر انتفاضة قبلية على السلطات المحلّية التي يقودها حزب الإصلاح، ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وذلك في تجسيد لحالة الاحتقان والغضب السائدة في اليمن؛ جرّاء سوء إدارة السلطات لثرواتها وتجاوزات قادة الحزب المدنيين والعسكريين على المال العام وابتزازهم للتجار وأصحاب المشاريع عبر استخدام نفوذهم السياسي والأمني.

ورغم اشتعال الجبهة فعلياً في مأرب، إلا أنّ سلطة الأمر الواقع في مأرب التابعة لجماعة الإخوان المسلمين فرضت الجرعة السعرية ‏على الوقود بالقوة في ظل تصاعد الاحتجاجات القبلية لإسقاطها وإلغائها‎.‎

ووفق ما نقل موقع السلطة المحلية عن مصادر، فإنّ لقاء ترأسه مجلس القيادة الرئاسي ‏محافظ المحافظة سلطان بن علي العرادة مع عدد من أهالي مديرية مأرب الوادي من ‏المعترضين على قرار الزيادة السعرية ناقش فرض الجرعة بدون تأجيل‎.‎

واستعرض العرادة خلال اللقاء التحديات التي تواجه المحافظة في مختلف المجالات، مشدداً ‏على ضرورة تضافر الجهود للحفاظ على وحدة الصف وتغليب المصلحة الوطنية، وتجنيب ‏المحافظة كافة الأعمال التي تخدم ميليشيات الحوثي الإرهابية‎.

‎وخلال اللقاء تم التأكيد على إنفاذ القرار الخاص بالزيادة السعرية بدون تأجيل، والاتفاق ‏على رفع التجمع تحت هذه الذريعة.‎‎

ووجّه اللواء سلطان العرادة بتموين محطات مديرية مأرب الوادي بمخصصاتها من ‏المحروقات، ويتحمل عضو مجلس القيادة محافظ المحافظة الفوارق المالية بين السعر ‏القديم والجديد لمدة (10) أيام، لسدّ الذرائع وحفاظاً على المصلحة العامة.‏

تشهد محافظة مأرب بشرق اليمن بوادر انتفاضة قبلية على السلطات المحلّية التي يقودها حزب الإصلاح

وقد شهدت المحافظة الأسبوع الماضي مواجهات عنيفة بين الجيش وقبائل عبيدة بالمحافظة، التي ترفض قرار السلطات برفع سعر مادة البترول المنتجة محلياً من مصافي صافر، بواقع (8) آلاف ريال للدبة سعة (20) لتراً، بدلاً من (3500) ريال. 

وأقامت القبائل ما يُسمّى بالمطارح القبلية بمنطقة العرقين، ومنعت من خلالها خروج أيّ كميات من المشتقات النفطية المنتجة من المصافي، للضغط على السلطات بالعودة إلى التسعيرة السابقة، مع تخصيص (300) ألف لتر بترول يومياً لمحطات مديرية الوادي.

وكانت قبائل مأرب قد هددت سلطات المحافظة بقيادة العضو البارز في حزب الإصلاح سلطان العرّادة بالمزيد من التصعيد، في حال لم يستجب المحافظ لمطالبها بإلغاء الزيادة في أسعار الوقود.

 

هددت قبائل مأرب سلطات المحافظة بقيادة العضو البارز في حزب الإصلاح سلطان العرّادة بالمزيد من التصعيد في حال لم يستجب لمطالبها

 

وقالت في بيان نقله موقع (يمن نيوز): إنّها لن تتراجع عن تحركاتها إلى أن تُلغى الزيادة في الأسعار التي وصفتها بـ "الظالمة" دون قيد أو شرط.

وفي سياق متصل حذّر محافظ أمانة العاصمة اليمنية اللواء عبد الغني جميل من خطورة الوضع في محافظة مأرب، آخر معاقل الشرعية في اليمن؛ بسبب فوضى الإخوان.

وقال جميل في تغريدة على حسابه بموقع (إكس): "مأرب في خطر، والأمور ليست عفوية، إن كنتم تظنون ذلك، وإن حصلت تهدئة بسيطة"، وفق ما نقل موقع (العين الثالثة).

وأوضح جميل أنّ الفوضى التي تشهدها مأرب هي نتيجة تراكم العديد من المشاكل والاشتباكات المستمرة بين جماعات الإخوان وبين قبائل المحافظة وسكانها الرافضين لسيطرة الإخوان المتنازعين مع ميليشيات الحوثي.

وفي سياق متصل، اتهم ناشطون في مأرب جماعة حزب الإصلاح المتواجدة بالمحافظة عسكرياً، وفي السلطة المحلية، بالعمل على خدمة ميليشيات الحوثي الموالية لإيران، خاصة بعد إقصاء أبناء مأرب، والسيطرة على المحافظة من قبل قيادات ينتمي جميعهم لخارج المحافظة، وخاصة محافظات صنعاء وعمران وصعدة التي تنتمي إليها ميليشيات الحوثي.

هذا، وتشتكي قبائل مأرب منذ إحكام حزب الإصلاح لسيطرته على المحافظة الغنية بالنفط من عدم استفادتها من عوائده، وتتّهم قادة الحزب بالاستيلاء على الجزء الأكبر من تلك العوائد تحت يافطة خضوع الثروة النفطية للسلطة المعترف بها دولياً.

يُذكر أنّ قضايا فساد واستغلال للسلطة ما فتئت تتفجّر في وجه العديد من القيادات الإخوانية المهيمنة على أهم مراكز السلطة ودوائر القرار السياسي والأمني والاقتصادي في مأرب.

وطفت مؤخّراً على السطح قضية ابتزاز شخصيات نافذة في السلطة المحلية بمأرب لأصحاب المشاريع ورؤوس الأموال في المحافظة، وذلك من خلال دعوى قضائية أقامتها مؤسسة تجارية عاملة في مجال الطباعة ضد قيادي في حزب الإصلاح طالبته من خلالها بتسديد ديون مترتّبة عليه تبلغ قيمتها حوالي (100) ألف دولار، وتعرّضت بسبب ذلك لوقف نشاطها في المحافظة بشكل تعسّفي أضرّ بوضعها المالي، وانعكس على الوضع الاجتماعي للعاملين فيها، الأمر الذي استدعى تدخّل هيئات حقوقية وتوجيهها نداء للمحافظ وعضو المجلس الرئاسي سلطان العرادة لوقف هذا التعسف، معتبرة أنّ "عمليات الاستقواء بالسلطات ردّاً على مطالبات قانونية بسداد ديون تعكس صورة مسيئة عن حال العدالة في محافظة مأرب".

وبالعودة إلى العلاقات بين جماعة الإخوان والحوثيين، فقد كثف حزب التجمّع اليمني للإصلاح بشكل ملحوظ من تحرّكه صوب جماعة الحوثي تحت ذريعة دعم المقاومة في فلسطين.

‏والتقى ممثّلون عن حزب الإصلاح بممثلين عن جماعة الحوثي في مكتب حركة حماس بصنعاء، في اجتماع حضره ممثل الحركة في اليمن معاذ أبو شمالة، وفق ما نقل موقع (عدن تايم).

ويُعتبر حزب الإصلاح عملياً في حالة حرب ضدّ الحوثيين، باعتباره كان جزءاً من السلطة التي أزاحها هؤلاء من حكم اليمن عام 2014، وباعتباره أيضاً جزءاً من السلطة الحالية التي يقودها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.

وللحزب أيضاً قوات تابعة له منضوية تحت لواء الجيش التابع للسلطة المعترف بها دولياً، وقد شاركت في عدّة معارك ضدّ قوات الحوثيين، من بينها معركة مأرب، المحافظة التي تعتبر من أهم معاقل حزب الإصلاح في اليمن.

ومع ذلك، تقول أطراف يمنية منتمية إلى المعسكر المضاد للحوثيين: إنّ الإخوان في اليمن لم يقطعوا تواصلهم مع الحوثيين طوال أعوام الحرب، وإنّ الطرفين عقدا عدّة صفقات في ما بينهم.

وفي أوائل تشرين الأول (أكتوبر) الماضي كشف المجلس الانتقالي الجنوبي تفاصيل صفقة عقدها حزب الإصلاح مع الحوثيين؛ تضمنت تبادلاً للأسرى في محافظة البيضاء، مشيراً إلى أنّ الحزب قدّم قائمة بنحو (13) قيادياً، غالبيتهم من تنظيم (القاعدة)، مقابل إطلاق سراح أسرى من جماعة الحوثي.

هذا، وظهر القيادي الإصلاحي فتحي العزب في مناسبات سابقة مع قيادات الحوثيين في صنعاء، حيث ما يزال يقيم منذ بداية الحرب، ويعتبره المهتمون بالشأن اليمني جسر تواصل بين الإخوان والحوثيين.

ولاحقاً حاول العزب تبرئة حزبه من الالتقاء بالحوثيين، قائلاً: إنّ زيارته إلى مقر حماس تمّت بصفته الشخصية تلبية لواجب الدعم والنصرة لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. لكنّ أوساطاً سياسية يمنية اعتبرت اللقاء المشترك في مقر حماس مظهراً لتطور علاقة الإخوان بالحوثيين وبلوغها مرحلة متقدمة.

ويرى مراقبون أنّ ظهور قيادات مهمة من حزب الإصلاح في صنعاء إلى جانب قيادات حوثية يمثّل تحولاً مهماً في خارطة التوازنات السياسية باليمن، ويكشف عن وجود خطة تعاون بين الطرفين في سياق العمل على إيجاد برنامج تحالف سياسي بينهما. 

 

اللواء عبد الغني جميل يحذّر من خطورة الوضع في محافظة مأرب، آخر معاقل الشرعية في اليمن؛ بسبب فوضى الإخوان

 

ورأى نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح، في تصريح أورده موقع (المشهد العربي)، أنّ ما يجري في صنعاء يؤكد ما سبق طرحه حول التنسيق الخفي بين جماعتي الحوثيين والإخوان المسلمين.

وقال يجب ألّا ننسى أّن حزب الإصلاح أوّل من ذهب إلى كهف مرّان، والتقى عبد الملك الحوثي، كما قرر الحزب عدم المقاومة بعد دخول الحوثيين إلى صنعاء، وقام بتسليم الفرقة الأولى مدرع، ودخلت قيادات الإصلاح في حوار مباشر مع الحوثيين.

وفي 7 تشرين الثاني (نوفمبر)، دعا عضو المكتب السياسي في حركة أنصار الله الحوثية محمد البخيتي جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وتحديداً حزب الإصلاح، إلى وحدة الصف وإنهاء الصراع بينهما.

وفي المقابل، تتحدّث مصادر يمنية عن عدم وجود إجماع داخل حزب الإصلاح حول طبيعة العلاقة مع الحوثيين، متوقّعة أن يفضي ذلك إلى حصول انشقاق في الحزب بين المتبنين لفكرة المصالحة والتعاون مع جماعة الحوثي، والمناهضين لها، وذلك على غرار ما حصل لحزب المؤتمر الشعبي العام.

مواضيع ذات صلة:

إيران وأمن البحر الأحمر... ما أهداف استعراض القوة؟

هل يعطل إرهاب الحوثيين في البحر الأحمر عملية السلام؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية