تشوهات خلقية تطال المواليد الجدد في غزة جراء مخلفات القصف الإسرائيلي

تشوهات خلقية تطال المواليد الجدد في غزة جراء مخلفات القصف الإسرائيلي

تشوهات خلقية تطال المواليد الجدد في غزة جراء مخلفات القصف الإسرائيلي


كاتب ومترجم فلسطيني‎
29/02/2024

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ودخولها الشهر الخامس على التوالي، يواجه السكان مخاطر كبيرة ومدمرة على صحتهم نتيجة مخلفات الصواريخ والقنابل المحملة بمواد سامة وخطيرة، والتي يتم استنشاقها عن طريق الهواء، بعد القصف المتواصل للمباني السكنية وانتشار الغبار السام بكثافة في الجو، إلى جانب تعرض المزروعات في المساحات الزراعية الواسعة للقصف المتواصل، حيث يعرض هذا القصف التربة والمياه الجوفية لخطر ترسب المواد السامة فيها، وبالتالي يؤثر ذلك سلباً على صحة الإنسان.  

ويشهد قطاع غزة إلقاء كميات هائلة من المتفجرات بشكل مستمر على المناطق المأهولة بالسكان، في حين بعض مخلفات هذه المتفجرات أصبح معلوماً كقذائف الفسفور الأبيض المحرمة دولياً، لكنّ التخوف هو أنّ هناك مواد خطيرة وسامة باتت عالقة في أجواء القطاع، ولا يمكن معرفة طبيعة هذه المواد التي تؤثر على صحة الإنسان، وتهدد بالمقام الأول الجهاز التنفسي.

محرّم وقاتل

ويعتبر الفسفور الأبيض جزءاً من الأسلحة الحارقة والمحظورة دولياً، ويتميز هذا النوع من الفسفور بكونه مادة كيميائية تشبه الشمع وتكون عادة صفراء اللون وتظهر بلون أبيض كثيف، وعندما يتفاعل الفسفور مع الأكسجين يشتعل ويحترق ممّا ينتج عنه دخان ضار، وهذا النوع من السلاح تم حظره بموجب اتفاقية جنيف عام 1980، وتنص هذه الاتفاقية على تحريم استخدام الفسفور الأبيض كسلاح حارق ضد البشر والبيئة، لكنّ إسرائيل لم تلتزم بهذه الاتفاقية، وتتعمد إلحاق الأذى بالمواطنين في قطاع غزة، من خلال الإطلاق المتكرر للقذائف باتجاه المناطق السكنية والأراضي الزراعية.

يعتبر الفسفور الأبيض جزءاً من الأسلحة الحارقة والمحظورة دولياً

ويقول مرصد (الصراع والبيئة): إنّ استمرار القصف والتدمير للمباني خلال الحروب والصراعات يحدث أمراضاً خطيرة على صحة الإنسان، من جراء خليط الغبار المتجانس من الإسمنت والمعادن ومركبات الصواريخ والقذائف والتي تكون سامة، ويؤدي التعرض لهذه الأتربة إلى تأثيرات فيزيائية وكيميائية على الصحة من خلال استنشاقها عن طريق الجهاز التنفسي، والذي ينقل خطر التعرض لهذه الغبار إلى باقي أعضاء الجسم، مخلفاً أمراضاً خطيرة تؤدي إلى الوفاة.

حالات متزايدة

وتسجل أقسام النساء والتوليد في مستشفيات قطاع غزة التي ما تزال تعمل بظروف صعبة  تزايداً ملحوظاً في أعداد المواليد الجدد الذين يعانون من تشوهات خلقية خطيرة تؤدي إلى فقدان حياتهم، وذلك نتيجة تعرض الأمهات الحوامل للغازات السامة المنبعثة من القذائف والصواريخ المحرمة، التي يواصل الجيش الإسرائيلي قصف الأحياء السكنية والأراضي الزراعية بها، عدا عن الخطورة التي تلحق بالأمهات من جراء تراكم السموم داخل أجسادهن بفعل هذه القذائف، وتزايد احتمالية إصابتهن بأمراض خطيرة أخرى، وخلال فحوصات أجرتها أقسام النساء والتوليد في مختلف مستشفيات قطاع غزة للوقوف على أسباب تشوه المواليد الجدد، تبين أنّ هناك مستويات عالية جداً من الديوكسينات في دم الأمهات الحوامل وحليب الثدي، وهذا يتم نقله إلى الأمهات عن طريق الهواء الملوث وتناول الخضروات الملوثة برماد الصواريخ، حيث تحتوي الصواريخ والقذائف على مادتي البارود والألمونيوم السامتين، وتنتقل إلى الجسم عند طريق الجهاز التنفسي، ومن ثم تنتشر عن طريق الدم محدثة أمراضاً خطيرة. 

ووفق مختصين، فإنّ النساء في قطاع غزة بحاجة إلى رعاية ما قبل الحمل خلال الفترة المقبلة، نتيجة تعرض الآلاف من الأمهات لدخان القذائف السامة والمحرمة دولياً، والتي تترك آثاراً خطيرة على الرحم وتؤثر على عملية تكوين الأجنة التي تخرج مشوهة، ويزداد الخوف من تعرض النساء الحوامل خاصة في الأشهر الأخيرة لتلك المواد السامة، ويصعب خلال تلك المرحلة تزويد الأمهات الحوامل بأدوية لأسباب عدة؛ أولاً عدم توفر الأدوية الخاصة بحالات تشوه الأجنة داخل مستشفيات القطاع ومستودعات وزارة الصحة، ثانياً إن توفرت الأدوية، فقد لا تنقذ الجنين في بعض الأحيان نتيجة الإصابة بالتشوهات والاكتشاف المتأخر لها.  

تسجل أقسام النساء والتوليد في مستشفيات قطاع غزة  تزايداً ملحوظاً في أعداد المواليد الجدد الذين يعانون من تشوهات

السيدة أم يزن تحدثت لـ (حفريات) عن "المخاطر الكبيرة المترتبة على القصف والحروب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، حيث وضعت طفلة قبل شهرين ولم تكن تعلم أنّ الطفلة مصابة بتشوهات ومرض خطير وهو ارتفاع معدل المعادن الثقيلة في الدم والذي يسبب خللاً في النمو، في حين كانت تتابع بشكل دوري طوال فترة حملها عند طبيبة مختصة بالنساء وكانت الفحوصات الدورية إيجابية، لكن تبين لاحقاً أنّ السّيدة تعرضت لاستنشاق دخان قذائف الفسفور الأبيض في أشهرها الأخيرة من الحمل، وعلى إثر ذلك تعرض جنينها للإصابة بالمرض الخطير، نتيجة السموم التي تم استنشاقها من دخان القذائف السّامة والمحرمة دولياً".

مخاطر تطال النساء

بدوره يقول الطبيب محمد أبو سلمى: "إنّ هناك تصاعداً في معدلات المواليد المصابين بتشوهات خلقية خطيرة، جراء تعرض الأمهات في الأشهر الأخيرة من الحمل لاستنشاق الغبار والأتربة المحملة بمواد سامة وخطيرة من مخلفات القذائف والصواريخ الإسرائيلية، ولا سيّما قذائف الفسفور التي صعد الجيش الإسرائيلي خلال الأشهر الأولى من الحرب من قصف المناطق والاحياء السكنية بها، من أجل الضغط على السكان ودفعهم إلى النزوح نحو مناطق جنوب قطاع غزة قسراً".

ويشير في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "هناك مخاطر كبيرة ويصعب السيطرة عليها على النساء الحوامل في قطاع غزة، اللواتي يتعرضن للقصف واستنشاق الغبار السام في ظل انهيار المنظومة الصحية وتوقف عمل العديد من الأقسام، وعدم وجود مواد مخبرية لإجراء التحاليل المتعلقة بالأمراض الخطيرة، إلى جانب نفاد الأدوية من مستودعات وزارة الصحة، ممّا يؤدي إلى تفاقم الأعراض التي تظهر على الحالات المرضية".

ويطالب الطبيب جميع الأمهات المقبلات على الحمل بضرورة التوجه إلى أطباء مختصين لعمل فحوصات شاملة لضمان حماية الأجنة من أيّ تشوهات خلقية، خاصة أنّ الحرب الدائرة على قطاع غزة تعتبر من أبشع الحروب على مر التاريخ، لأنّ إسرائيل تستخدم كافة أنواع الأسلحة ومنها المحرمة دولياً التي تم التعرف عليها، وأنواع أخرى لم تتمّ معرفتها.

ويستمر الجيش الإسرائيلي في شن عدوان مدمر على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول  (أكتوبر) الماضي، ويلقي بآلاف الأطنان من الصواريخ والقذائف المحرمة دولياً، خاصة قذائف الفسفور الأبيض الدخانية التي تحدث مخاطر جسيمة، وتترك آثاراً سلبية على حياة كل من يتعرض لها عن طريق الاستنشاق، وهذا ما بدأ يظهر واضحاً في أجساد الأمهات الحوامل، إلى جانب تعرض الكثير من المواطنين للإصابة بأنواع مختلفة من السرطانات، نتيجة التعرض لهذه القذائف بشكل مباشر.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية