زيارة أردوغان المرتقبة إلى ليبيا بين تطلعات التوسع وحتمية تسوية الأزمة

زيارة أردوغان المرتقبة إلى ليبيا بين تطلعات التوسع وحتمية تسوية الأزمة

زيارة أردوغان المرتقبة إلى ليبيا بين تطلعات التوسع وحتمية تسوية الأزمة


26/07/2023

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّه سيقوم بزيارة إلى ليبيا وبعض دول شمال أفريقيا خلال الفترة المقبلة. وأضاف الرئيس التركي في تصريحات صحفية، عقب عودته من جولة خليجية، أنّ بلاده تسعى لتطوير علاقاتها مع مصر على المستويين السياسي والاقتصادي.

وأعرب الرئيس التركي عن اتجاه بلاده نحو "تعزيز التعاون مع دول الخليج؛ عبر مشاريع ملموسة في الفترة المقبلة"، آملاً بأن "ينعكس ذلك على اقتصاد تركيا بشكل إيجابي، بأقرب وقت"، بحسب ما نقلته وكالة (الأنباء) التركية.

يأتي الإعلان عن تلك الزيارة المرتقبة للرئيس التركي إلى ليبيا، وسط مشاورات مكثفة لتشكيل حكومة جديدة مصغرة، بديلاً عن حكومتي طرابلس وبنغازي؛ لتتولى إدارة الاستحقاق الانتخابي، والإشراف اللوجستي والأمني وتوحيد المؤسسات.

في سياق متصل، أجرى الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون، والتركي رجب طيب أردوغان، محادثات حول الملف الليبي في قصر الرئاسة بإسطنبول.

نحو ذلك، تذهب مصادر عديدة إلى أنّ الجزائر وتركيا تعملان على دعم الشرعية الدولية، ممثلة في حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على الرغم من انفتاح أنقرة على الحوار مع القوى الفاعلة في شرق ليبيا، فيما تشدّد الجزائر على ضرورة إنجاز ملف المصالحة الوطنية قبل إجراء الانتخابات.

أثر التقارب مع مصر على الملف الليبي

في هذا الإطار، يشير الكاتب التركي إسلام أوزكان، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إلى أنّ  تركيا على اتصال مع جميع الأطراف بشأن الوضع في ليبيا، لبحث مسارات تنفيذ الاستحقاق الانتخابي، ويستطرد أوزكان قائلاً: "لا أعتقد أنّ تركيا ستصر على بقاء عبد الحميد الدبيبة على رأس الحكومة". وتابع: "الموقف النهائي لأنقرة سوف يعتمد بشكل رئيس على اتفاق الأطراف المعنية، وموقف مصر من هذه القضية".

ويرى الكاتب التركي أنّ دلالات زيارة أردوغان لدول الخليج، وقرار ترفيع العلاقات مع مصر نحو مستوى السفراء، أمر يدفع تجاه وقف الصراعات في ليبيا، وكذا الأمر في بعض الدول الأفريقية، فضلاً عن كون ذلك الحراك الدبلوماسي مع العواصم العربية الكبرى سيعمل يقيناً على تهدئة التوترات في الشرق الأوسط وأفريقيا.

 عبد الحميد الدبيبة

ويؤكد أوزكان أنّ التقارب بين أنقرة والقاهرة قد يكون مفيداً في إيجاد حل للقضية في ليبيا، الأمر الذي يؤدي إلى سرعة تقارب الأطراف المختلفة في الداخل الليبي؛ ممّا يسفر عن مخرج آمن لتعقيدات الأزمة السياسية.

ثمّة احتمال، في تقدير الكاتب التركي إسلام أوزكان، أن يلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمسؤولين في شرق ليبيا، لكن لا توجد معلومات مؤكدة حول هذا الأمر حتى الآن.

إسلام أوزكان: تركيا على اتصال مع جميع الأطراف بشأن الوضع في ليبيا، لبحث مسارات تنفيذ الاستحقاق الانتخابي

من جهة أخرى، يستقر تقدير السياسي الليبي عبد المنعم اليسير عند الاعتقاد بألّا تشمل زيارة الرئيس التركي إلى ليبيا أيّ لقاءات بالمشير خليفة حفتر، أو بالمرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي. ويشير اليسير، في إطار تصريحاته لـ "حفريات"، إلى أنّ قدوم الرئيس أردوغان إلى ليبيا في هذا التوقيت، ولديه قوات على الأراضي الليبية، فضلاً عن قيام  الطائرات المسيّرة التابعة له بقتل عشرات الليبين، يُعتبر حدثاً مشيناً ومهيناً في تاريخ ليبيا.

أمّا بالنسبة إلى موقف تركيا من الاستحقاق الانتخابي، والمسار الذي ينبغي أن تتبعه القوى الفاعلة للوصول إلى ذلك، فيرى السياسي الليبي عبد المنعم اليسير أنّ الانتخابات ليست من مصلحة أنقرة، إلّا بحدوث ضمانات من شأنها أن تكفل لأنقرة تحالف من يستطيع النجاح في تلك الانتخابات معها، وبالتالي التماهي مع مصالحها.

بدوره، يرى الدكتور سامح الجارحي، أستاذ الشؤون التركية والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أنّ هناك العديد من الملفات المشتركة بين تركيا ومصر، وكانت هذه الملفات سبباً في مسار الخلافات بينهما، كما أنّ المباحثات بشأنها شكلت الطريق نحو إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

ويتابع أستاذ العلاقات الدولية في تصريحاته لـ "حفريات"، لافتاً إلى أنّ تركيا عملت على تسوية ملف الإخوان الموجودين على أراضيها، وكذا المنصات الإعلامية التي تعمل هناك، وتحجيم مجموعة العاملين بها، وإجبار عدد كبير منهم على الخروج من البلاد.

وضع معقد ومتناقض

أمّا بخصوص الملف  الليبي، فيذهب سامح الجارحي إلى التأكيد على أنّ ليبيا تُعدّ ملفاً متشابكاً إلى حدّ كبير، وبه الكثير من التعقيد، إذ جرى التداخل والتناقض بين الفاعلين المحليين نحو خلق هذا الوضع المركب والمتناقض؛ لذا ثمّة قناعة أنّ تجاوز الأزمة الليبية ينبغي أن يكون من خلال الليبيين أنفسهم.

على أيّ حال؛ والحديث ما زال لخبير الشؤون التركية بجامعة القاهرة سامح الجارحي، فإنّ كلاً من القاهرة وأنقرة تتمتعان بعلاقات مميزة وقدرة على التواصل مع عدد من القوى المحلية، الأمر الذي ربما يضع مسار الحلّ في الأزمة الليبية على الطريق الآمنة.

كما لا ينبغي تجاوز الوضع الاقتصادي، ومشروعات إعادة الإعمار في ليبيا، وحرص الجميع على أن يكون مشاركاً بنسبة في تلك المشروعات، فضلاً عن ملف ترسيم الحدود في شرق المتوسط، وضرورة تجاوز ذلك الملف برؤى تفاوضية تسمح بحدوث انفراجة كبيرة، خصوصاً مع اليونان.

ويختتم الجارحي تصريحاته لـ "حفريات" بقوله: إنّه يتوقع حدوث تطور إيجابي على صعيد الملف الليبي، بعد زيارة أردوغان المرتقبة لليبيا، في سياق العلاقات الجيدة التي يسعى إليها أردوغان مع القوى العربية الفاعلة، سواء في مصر أو في دول الخليج، الأمر الذي يعود على كافة دول المنطقة بالعديد من المكاسب الاستراتيجية، الخاصّة بضرورة تبريد مساحات التوتر الساخنة في المنطقة، وبروز دور القوى الإقليمية في تهدئة الأجواء، وتصفير المشاكل والأزمات، لا سيّما بعد عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، والاتفاق السعودي الإيراني.

تطلعات تركية

من جانبها، تذهب نادية الراشد، عضو المؤتمر الوطني العام السابق، إلى التأكيد على أنّ زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لن تقدّم أو تأخر في شيء بالنسبة إلى الملف الليبي.

وتضيف الراشد، في سياق تصريحاتها لـ "حفريات"، أنّ زيارة الرئيس التركي لليبيا تذهب نحو محاولة دعم رئيس الحكومة وبعض الشخصيات الأخرى، الفاعلة في إطار دعم المصالح التركية، فضلاً عن سعيه لتوقيع بعض الاتفاقيات؛ سواء أمنية، أو عسكرية، أو اقتصادية.

عبد المنعم اليسير: الانتخابات ليست من مصلحة أنقرة، إلّا بحدوث ضمانات من شأنها أن تكفل لأنقرة تحالف من يستطيع النجاح في تلك الانتخابات معها، وبالتالي التماهي مع مصالحها

وتتابع نادية الراشد تصريحاتها، لتؤكد أنّ الملف الليبي الآن يُعتبر دولياً بامتياز، وتقوده الولايات المتحدة الأمريكية، في مقابل أدوار محدودة للقوى الإقليمية، على حدّ قولها. وتلفت إلى أنّ التواجد العسكري التركي في ليبيا مخالف للقانون الدولي وللقرارات الدولية، ويعتبره الشعب الليبي احتلالاً للبلاد؛ ولذلك ينبغي على جميع القوات الأجنبية المتواجدة على الأراضي الليبية الخروج من البلاد، واحترام قرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً القرار (2656)، الذي يدعو جميع القوات الأجنبية إلى الخروج من ليبيا.

أمّا بخصوص تشكيل حكومة جديدة لإدارة الاستحقاق الانتخابي، فلا تعتقد نادية الراشد  أن يكون لتركيا دور فاعل في هذا الأمر.

مواضيع ذات صلة:

قصة الإسلاميين في تركيا.. أردوغان في مواجهة غولن

كيف سيواجه أردوغان التحديات الداخلية والخارجية في الأعوام الـ 5 القادمة؟

كيف سيتعامل أردوغان مع تنظيم الإخوان خلال ولايته الجديدة؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية