كل شيء عن اللجان النوعية الإخوانية منذ تأسيسها إلى اليوم

كل شيء عن اللجان النوعية الإخوانية منذ تأسيسها إلى اليوم

كل شيء عن اللجان النوعية الإخوانية منذ تأسيسها إلى اليوم


29/08/2023

بعد الأخبار التي انتشرت مؤخراً عن إعادة تشكيل جماعة الإخوان للجانها النوعية التي تلقت ‏ضربات أمنية متلاحقة على مدار الأعوام الماضية، برز الكثير من التساؤلات حول من ‏يدير تلك اللجان؟ وما مهامها وأهدافها؟ وأين تمارس أعمالها؟ ‏

المركز العربي لدراسات التطرف أعاد فتح ملف "اللجان النوعية"، وهو مصطلح ظهر في أدبيات الإخوان مع الانعطافة التاريخية في مسار ‏التنظيم المصنف في الكثير من الدول جماعة إرهابية، في أعقاب إزاحتهم عن الحكم في ‏مصر بثورة  شعبية في منتصف 2013‏.‎

وأطلق المصطلح على الخلية القيادية التي تسلّلت من اعتصام رابعة قبل الفض الأمني من أجل إدارة العمليات المسلحة ضد نظام "ثورة 30 تموز (يوليو)"، أسّسها القيادي محمد كمال، ثم أطلق بعد ذلك على مجموع الهياكل المسلحة التي شكلتها الجماعة لاستهداف قوات الجيش والشرطة في مختلف محافظات ومدن مصر، وفقاً للخطة التي وضعتها آنذاك، والقائمة على ثلاثية: الإرباك، الإنهاك، الحسم. 

ووفقاً للمركز العربي، فقد عملت الجماعة على التأصيل الديني الإسلامي لتوجهها العنفي ضد الدولة، من خلال تشكيل "هيئة شرعية" مصغرة لتحرير البحوث الشرعية التي تجيز ممارسة العنف الممنهج ضد مؤسسات الدولة وقوات الشرطة والجيش، ومن أهم البحوث التي صدرت في هذا الصدد، كتاب "كشف الشبهات عمّا وقع فيه الناس من اختلافات" لأبي عبد الله مسلم بن محمد الأزهري (اسم مستعار)، وقد صدر في أواخر عام 2014 عن دار الأزاهرة الجديدة للتراث (دار نشر وهمية)، وكتاب "فقه المقاومة الشعبية للانقلاب" لأبي العز ضياء الدين أسد (اسم مستعار أيضاً)، وقد صدر في 25 كانون الثاني (يناير) 2015.

حملت "اللجان النوعية" المسلحة التي أنشأها الإخوان عام 2013 أسماء متعددة للتمويه

وحملت "اللجان النوعية" المسلحة التي أنشأها الإخوان عام 2013 أسماء متعددة للتمويه، وحتى لا يؤثر العنف على علاقتهم بالشارع، مثل "كتائب حلوان" التي تأسست في 2013، وأعلنت عن نفسها من خلال مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه عدد من الملثمين يرفعون أسلحة نارية ويتوعدون رجال الأمن، و"حركة المقاومة الشعبية" التي أعلنت عن نفسها في 2014، في الذكرى الأولى لفض اعتصاميْ رابعة والنهضة، و"حركة العقاب الثوري" التي أعلنت عن نفسها في 24 كانون الثاني (يناير) 2015 من خلال مقطع فيديو نشر على موقع (يوتيوب)، و"حركة سواعد مصر حسم" التي تأسست في أواخر عام 2015، وأصدرت في 16 تموز (يوليو) 2016 بلاغها العسكري رقم (1) معلنة انطلاق عملياتها ضد ما وصفته بـ "الاحتلال العسكري والميليشيات التابعة له"، وكانت توقع بلاغاتها العسكرية بالآية (14) من سورة التوبة: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفِ صدور قوم مؤمنين)، و"لواء الثورة" الذي أعلن عن نفسه في 2016 من خلال بيان تبنّى فيه الهجوم على كمين للشرطة بمدينة السادات بمحافظة المنوفية.   

الخلية القيادية التي تسلّلت من اعتصام رابعة قبل الفضّ الأمني لإدارة العمليات المسلحة ضد نظام "ثورة 30 تموز"، أسّسها القيادي محمد كمال

وأضاف المركز أنّه تم بناء مجموعات "العمل النوعي" على نظام الخلايا العنقودية، حيث تتولّى كل خلية مهمة محددة في منطقة معينة، دون أن يكون لها تواصل مع الخلايا الأخرى، تجنباً لسقوط كل البناء في حال سقطت إحدى لبناته. وتتكون كل خلية من كادر قيادي و(4) مجموعات: مجموعة الاستطلاع والرصد، ومهمتها التحري وجمع المعلومات عن محيط "الهدف" وتحركاته، ومجموعة الدعم اللوجستي، ومهمتها توفير احتياجات العملية من الأسلحة والذخائر، ومجموعة التنفيذ، وأخيراً مجموعة التأمين التي تتولّى تغطية انسحاب منفذي العملية من منطقة العمليات دون خسائر أو بأقلّ خسائر ممكنة.   

ونفذت "اللجان النوعية" خلال الأعوام من 2014 إلى 2017 المئات من العمليات المسلحة (تفجيرات واغتيالات) التي استهدفت منشآت وأفراد الجيش والشرطة.

وانتشرت "اللجان النوعية" للإخوان في مختلف المحافظات والمدن المصرية، وكانت لها خلايا في كل مكان، حيث يصعب حصرها بشكل دقيق. وبمتابعة المجموعات التي تم ضبط أفرادها وتقديمهم إلى القضاء، يتبين أنّ توزيعها الجغرافي كان يتركز بشكل أساسي في القاهرة، الجيزة، حلوان، دمياط، الفيوم، البحيرة، الإسكندرية، الزقازيق، طنطا، بني سويف، الإسماعيلية، بورسعيد، أسيوط، قنا، وفق ما أورد المركز العربي.

وبالنسبة إلى أعضائها، يتضح من مراجعة بياناتهم أنّ معظمهم من الشباب ما بين الـ (20) والـ (30) عاماً، ويبلغ أصغرهم (14) عاماً، وهو طالب إعدادي، كان عضواً بإحدى خلايا الإسكندرية، مع وجود بعض كبار السن الذين يتجاوزون الـ (60) عاماً، لكنّهم أقلية. أمّا مهنياً، فالنسبة الأكبر منهم من طلاب الجامعات الحكومية (بما فيها الأزهر) والمعاهد الفنية المتوسطة، يليهم الموظفون (قطاع عام وخاص)، ثم أصحاب المهن الحرة.   

نفذت "اللجان النوعية" خلال الأعوام من 2014 إلى 2017 المئات من العمليات المسلحة

وعلى مستوى القيادة، ارتبطت "اللجان النوعية" بشكل مباشر بمؤسسها وقائدها الميداني عضو مكتب الإرشاد ورئيس لجنة إدارة الأزمة (اللجنة الإدارية العليا) محمد كمال، التي تم تشكيلها لتسيير شؤون الجماعة بعد عزل مرسي، وتحديداً بعد فض اعتصاميْ رابعة والنهضة، حيث كان هو المسؤول الأول عن إدارة وتوجيه استراتيجية المواجهة المسلحة ضد الدولة التي تتفق في كثير من عناصرها مع أفكار وتوجهات المجموعات الجهادية.

واستخدم (الكماليون) كافة وسائل العنف من أسلحة ومفرقعات وقنابل ومتفجرات بأنواعها، مستهدفين ضرب المؤسسات الحكومية والخدمية بعبوات ناسفة لتعطيل الخدمة، مثل مرفق السكة الحديدية، وأبراج ومحولات الكهرباء، واستهداف مباني ذات دلالة سيادية مثل أقسام الشرطة، ومديريات الأمن أو دواوين المحافظات.

واستهدفت اللجان النوعية شخصيات عامة، مثل النائب العام المصري، والشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، وعدداً من رجال القوات المسلحة، وقادة الكتائب والأفرع الرئيسية أو رجال الشرطة، ورجال القضاء، مع استهداف دور العبادة المسيحية، في محاولة لجر البلاد إلى حالة احتراب أهلي.

شكلت الجماعة "هيئة شرعية" مصغرة لتحرير البحوث الشرعية التي تجيز ممارسة العنف الممنهج ضد مؤسسات الدولة وقوات الشرطة والجيش

ويُعدّ كمال أحد أهم الأصوات الداعية لاستخدام العنف الممنهج ضد الدولة لتغيير النظام والانتقام للإخوان الذين سقطوا في فض اعتصاميْ رابعة والنهضة، وكان من أشد الرافضين لمبدأ المصالحة أو حتى التهدئة مع الدولة، واستطاع أن يجمع حوله عدداً كبيراً من شباب الإخوان الغاضبين الذين يشاركونه توجهه الصدامي والعنفي تجاه الدولة، إلى أن قُتل في مداهمة أمنية لمكان اختبائه بإحدى الشقق بمنطقة البساتين (جنوب القاهرة) في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، حسبما نقلت صحيفة اليوم السابع في تقرير لها.

وتشير المصادر التي نقلت عنها صحيفة "العين" الإخبارية إلى أنّ الهدف من بعث اللجان النوعية لم يعد إسقاط الدولة المصرية، وإنّما الضغط على السلطات من أجل قبول تسوية أوضاع الجماعة والحصول على عفو رئاسي عن مرشد الجماعة محمد بديع، وأعضاء مكتبه، المدانين في جرائم إرهابية.

وأوضح المركز المتخصص بدراسات التطرف أنّه بعد مقتل كمال، بدأ العد العكسي لسقوط العمل التنظيمي المسلح للإخوان، واشتدت الملاحقة الأمنية للجان النوعية التي أصبحت هياكلها شبه مكشوفة للسلطات، وتراجعت عملياتها بالتدريج، وأخذت تتفكك تباعاً، وسقط الكثير من أفرادها في قبضة الأجهزة الأمنية أو قتلى في مواجهات مسلحة معها، في حين نجح عدد من كوادرها في الفرار إلى خارج البلاد، إلى تركيا بالتحديد، حيث استقروا في مدينة إسطنبول، وما زالوا يقيمون بها إلى الآن، ويشكلون نواة ما يعرف بـ "تيار التغيير" أو (الكماليون)، الذي يمثل اليوم، إلى جانب جبهتيْ إسطنبول ولندن، الطرف الثالث على خارطة الانقسام الفكري والتنظيمي الحاد الذي يضرب الإخوان المسلمين منذ خسارتهم للحكم وفشل كل محاولاتهم بعد ذلك للخروج من عنق "الأزمة" والعودة مجدداً إلى صدارة المشهد.

الهدف من بعث اللجان النوعية لم يعد إسقاط الدولة المصرية، وإنّما الضغط على السلطات من أجل قبول تسوية أوضاع الجماعة

وبحسب مصادر مطلعة، نقل عنها موقع (القاهرة 24)، فقد عمدت قيادات الخارج أحياناً، خاصة في أنقرة، إلى إبلاغ السلطات التركية بأماكن اختباء "الكماليين؛ الأمر الذي أدى في النهاية إلى إضعاف الجبهة.

غير أنّ الوضع تغير فجأة، على وقع الصراع المتنامي بين منير وحسين، وعادت جبهة الكماليين للعمل في إسطنبول لتكشف أنشطتها عن قدرات تنظيمية ومالية لم تكن متوفرة لهم من قبل.

يُذكر أنّ اللجان النوعية التي تخفت خلف أسماء وهمية بعيداً عن مرجعيتهم الإخوانية، أصبحت مرفوضة بشكل قطعي شعبياً، ولم يبقَ لها أيّ حاضنة، بعد أن تكشفت أهدافهم الحقيقية ومساعيهم لتدمير البلاد وإراقة دماء العباد.

مواضيع ذات صلة:

إخوان مصر المنقسمون ونقاط الخلاف الأساسية والفرعية

الإخوان المسلمون: حصار في تركيا ومسيرة للعنف في ماليزيا ومناوشات في المغرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية