ما تبعات الإطاحة بخالد المشري من رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا؟

تبعات الإطاحة بخالد المشري من رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا

ما تبعات الإطاحة بخالد المشري من رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا؟


13/08/2023

بينما يخوض مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة مشاورات حول الإطار التنفيذي للقوانين الانتخابية، اختارت أغلبية أعضاء المجلس الأعلى للدولة في ليبيا محمد تكالة رئيساً جديداً للمجلس خلفاً لخالد المشري. وجاء انتخاب تكالة بعد حصوله على (67) صوتاً، مقابل (62) صوتاً لخالد المشري في الجولة الثانية، وامتنع عضوان عن التصويت.

جاءت الانتخابات وسط جهود دولية وإقليمية للدفع تجاه إجراء انتخابات وطنية، والتوافق حول قواعد من شأنها إنهاء حالة الانقسام في الحكومة التنفيذية، وبعض المناصب السيادية.

من هو محمد تكالة؟

يمثل فوز الأكاديمي والسياسي الليبي محمد تكالة برئاسة المجلس الأعلى للدولة تطوراً لافتاً، بعد سيطرة خالد المشري لمدة (5) أعوام قضاها الأخير في رئاسة المجلس الأعلى للدولة.

محمد تكالة الذي ولد العام 1966 يحمل درجة الدكتوراه في هندسة الشبكات، وهو أحد خريجي المعهد العالي للإلكترونيات ببني وليد، وعمل معلماً في كلية الهندسة بجامعة المرقب، التي تولى عمادتها في أيلول (سبتمبر) العام 2011، مستثمراً انضمامه لحراك شباط (فبراير)، ثمّ تجاوز الجامعة ليصبح عضواً بالمجلس المحلي بمدينة الخمس في تشرين الأول (أكتوبر) من السنة نفسها.

تقلّد تكالة رئاسة لجنة تنمية وتطوير المشروعات الاقتصادية والاجتماعية في مجلس الدولة، وكان عضواً في فريق الحوار كممثل لمجلس الدولة

بدأ نشاطه السياسي المعلن في آب (أغسطس) 2012، عندما أصبح عضواً في مكتب رئاسة المؤتمر الوطني العام بصفة مراقب، ونظراً لانتمائه لتيار الإخوان، تمّ ضمه إلى مجلس الدولة منذ تأسيسه العام 2016، عقب اتفاق الصخيرات.

عبد الحميد الدبيبة

تقلّد تكالة رئاسة لجنة تنمية وتطوير المشروعات الاقتصادية والاجتماعية في مجلس الدولة، وكان عضواً في فريق الحوار، كممثل لمجلس الدولة، وعضواً في منتدى الحوار السياسي الذي فاز فيه عبد الحميد الدبيبة برئاسة حكومة الوحدة.

تبعات إزاحة خالد المشري

يذهب بعض المتابعين إلى أنّ الخلاف الحاد بين المشري، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، عبد الحميد الدبيبة، كان عاملاً رئيسيّاً في فوز تكالة بالمنصب؛ إذ حظي بدعمه وتأييده في الانتخابات.

وقد هنأ رئيس حكومة الوحدة الوطنية محمد تكالة بفوزه برئاسة المجلس الأعلى للدولة، وحصده ثقة أعضاء المجلس، معرباً عن أمله أن يكون للمجلس دور منحاز لإرادة الليبيين؛ بإجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية في بلاده.

وقال الدبيبة في تدوينه عبر موقع (إكس- تويتر سابقاً): "أهنّئ السيد محمد تكالة بنيله ثقة أعضاء المجلس الأعلى للدولة في انتخابات رئاسة المجلس، وأشُدّ على يده أن يكون للمجلس دورٌ منحاز لإرادة الليبيين؛ بإجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية"، وتمنى له التوفيق في مهامه.

عز الدين عقيل على التباين في مسار دعم وتهنئة الحزب الديمقراطي وحزب العدالة والبناء بنتائج انتخابات المجلس الأعلى للدولة، حيث أكد أنّ كل تيار الإسلام السياسي تعود مرجعيته الرئيسية إلى بعض العواصم الفاعلة إقليمياً ودولياً، وبالتالي لا يوجد تباين يذكر بمواقفهم

يصطف تكالة، الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة، ضمن التيار الرافض للتعديل الدستوري الـ (13)، الذي أصدره مجلس النواب. وعلى خلفية ذلك، تذهب بعض المصادر إلى أنّ حزب العدالة والبناء ورئيسه عماد البناني دعم كثيراً ترشيح تكالة لقيادة المجلس الأعلى للدولة، والإطاحة بخالد المشري، وذلك بعد الخلافات العنيفة التي دبت فيما بين أجنحة تيار الإسلام السياسي في ليبيا، خاصّة بين تياري الحزب الديمقراطي والعدالة والبناء.

نحو ذلك، هنأ حزب العدالة والبناء، برئاسة عماد البناني، محمد تكالة بفوزه برئاسة المجلس، متمنياً له النجاح في الانتقال لمرحلة الاستقرار، من خلال عقد عملية انتخابية تقوم على أساس دستوري توافقي، وذلك بحسب بيان التهنئة.

في هذا السياق، أشار السياسي الليبي عز الدين عقيل إلى أنّ حزب العدالة والبناء وقيادته الجديدة برئاسة عماد البناني عملا بقوة ضد خالد المشري. واستعرض في تصريحاته لـ (حفريات) الخلافات العميقة ما بين قيادة الحزب، وما بين المشري، وجميعهم محسوبون على تنظيم الإخوان.

وتابع عقيل: "من الواضح  أنّ خالد المشري قد بات يشكل تهديداً خطيراً على سياسات الحزب ونفوذه، حتى داخل مجلس الدولة، خاصّة أنّ المجلس الأعلى للدولة يضم عدداً من المنتسبين لحزب العدالة والبناء، الأمر الذي جاء من خلاله مسار الإطاحة بخالد المشري، وتنصيب محمد تكالة رئيساً للمجلس الأعلى للدولة".

اتفاق بين الدبيبة والبناني

أضاف عز الدين عقيل في تصريحاته قائلاً: إنّ ثمّة سياقاً ينبغي الالتفات إليه عند التفكير في مسار اختيار محمد تكالة، وذلك يستقر في تقديره نحو توافق واتفاق جرى فيما بين حزب العدالة والبناء، وعبد الحميد الدبيبة، في الداخل، ومع الأتراك وربما الإنجليز والأمريكان، وربما أطراف أخرى، حيث أصبح محمد تكالة الشخصية التي اتفق الجميع حولها، على أن تكون بديلاً لخالد المشري. ويلفت عقيل إلى أنّ الأوضاع في ليبيا حالياً تحتم التوافق مع الخارج، وبعض القوى الإقليمية، حول تسمية القيادات المهمة في الدولة، سواء رئيس الحكومة، أو رئيس البرلمان، وكذا رئيس مجلس الدولة.

وفي سياق متصل، جاءت تهنئة الحزب الديمقراطي، برئاسة محمد صوان، بروتوكولية دون تضمين التهنئة أيّ مضامين سياسية أو إجرائية تخص العملية السياسية، فضلاً عن الإشارة إلى توجيه الشكر للسيد خالد المشري، على ما قدّمه من جهود خلال فترة توليه المجلس، وذلك بحسب البيان.

ويعلق عز الدين عقيل على التباين في مسار دعم وتهنئة الحزب الديمقراطي وحزب العدالة والبناء بنتائج انتخابات المجلس الأعلى للدولة، حيث أكد أنّ كل تيار الإسلام السياسي تعود مرجعيته الرئيسية إلى بعض العواصم الفاعلة إقليمياً ودولياً، وبالتالي لا يوجد تباين يذكر بمواقفهم، فغالباً ما تصاغ السياسات التي يتبنونها بتلك الدوائر، ومن خلال ذلك يأتي تنفيذ كل تيار ما عليه من مهام، بقدر حظه من السلطة وتأثيره السياسي.

مسار العلاقات بين ذراعي الإخوان

بالنسبة إلى وضعية محمد صوان، وعماد البناني، ومسار العلاقات فيما بينهما على مستوى بنية العمل الحزبي ومستقبل الاستحقاق الانتخابي والدستوري في ليبيا، يرى عز الدين عقيل أنّ صوان والبناني يتنافسان على زعامة التيار نفسه، الأمر الذي ولّد نوعاً من الغيرة الشخصية فيما بينهما، ورفض أحدهما للآخر، خاصّة أنّ أحدهما جاء على أنقاض الآخر بالمؤسسة السياسية الأم الخاصة بتيارهما، والتي يرى الراحل عنها أنّه من الآباء المؤسسين لها.

إنّ الخلافات والتباينات الشخصية التي تتصل بطموح كلٍّ منهما، لا يعتقد عقيل أنّها ستترك مجالاً لظهور أيّ توافق أو انسجام في المواقف من شأنه أن ينتج مخرجات متجانسة أو صناعة علاقات تعاون قوية فيما بينهما.

أمّا فيما يتعلق بدورهما في تحقيق السياسات الاستراتيجية التي تضعها القوى الإقليمية والدولية المحركة لتيار الإسلام السياسي،  فلا يعتقد أنّه من المسموح لأيٍّ منهما إظهار خلافات جوهرية تجاهها، ولذا فإنّ كلّاً من صوان والبناني سيعملان من أجل خلق المساحة الضرورية اللازمة  للحدّ الممكن من التعاون الضروري الضامن لتنفيذ هذه السياسات.

تحضيرات مسبقة

من جانبه، يذهب حسين مفتاح، نائب رئيس تحرير "بوابة أفريقيا" الإخبارية، إلى أنّ فوز محمد تكالة  في انتخابات المجلس الأعلى للدولة جاء بعد جملة من  التحضيرات التي سبقت هذه الجلسة، والتي عقدت الأحد الماضي، وشهدت حضور عدد كبير من أعضاء مجلس الدولة، إذ بلغ الحضور نحو (131) عضواً.

وتابع مفتاح تصريحاته لـ (حفريات) مؤكداً أنّ ذلك بمثابة مؤشر قوي على وجود تحضيرات سبقت هذه الجلسة، خاصّة والجميع يدرك عدد المرات التي أخفق فيها مجلس الدولة في عقد جلسة مكتملة النصاب.

عز الدين عقيل: خالد المشري بات يشكّل تهديداً خطيراً على سياسات حزب العدالة والبناء ونفوذه داخل مجلس الدولة

ويشير نائب رئيس تحرير "بوابة أفريقيا" الإخبارية إلى أنّ انتخاب محمد تكالة جاء بتوافق ودعم مباشر من كلٍّ من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس حزب العدالة والبناء عماد البناني. ويستطرد مفتاح قائلاً: إنّ تكالة هو أحد المقربين من عماد البناني، فضلاً عن كون الأول عضواً في حزب العدالة والبناء، وهو مرشح الحزب منذ العام 2012 في المؤتمر الوطني.

ويضيف الكاتب الصحفي حسين مفتاح أنّ عبد الحميد الدبيبة، بعد أن تعمقت دائرة الخلافات بينه وبين خالد المشري، أصبح مهتماً بالبحث داخل مجلس الدولة عن بديل لخالد المشري. ويرى أنّ التوافق تمّ على أن يكون محمد تكالة هو البديل المنافس  لخالد المشري، على خلفية أنّ الأخير يصر خلال الفترة الأخيرة على تنفيذ ما سمّاه خارطة طريق، والتي من بين بنودها تغيير السلطة التنفيذية المتمثلة في حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ويختتم حسين مفتاح تصريحاته لـ (حفريات) بقوله: إنّه يعتقد أنّ فوز محمد تكالة بمنصب رئيس المجلس الأعلى للدولة سيعطل الكثير من التوافقات التي حدثت بين  مجلس النواب ومجلس الدولة، في ضوء أنّ هذه التوافقات كانت تحت إشراف مباشر من خالد المشري، وبتوافق خاص فيما بينه وبين المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، فضلاً عن كون تكالة يمثل تياراً يعبّر عن رفضه لهذه التوافقات، ولما نتج عنها، لا سيّما التعديل الدستوري الـ (13) للإعلان الدستوري.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية